نشرت الصحف قبل أيام خبرا من السعودية حول صدور قرارات بالعفو عن السجناء الذين قضوا نصف مدتهم إذا قاموا بحفظ القرآن الكريم، وذلك في بادرة جديدة تسمح لهم بتكملة مشوار حياتهم من جديد.
الفكرة جيدة وتستحق الاهتمام، ونتمنى تجربتها في الكويت وتوسيع قاعدتها في البلدان العربية، كأن نشترط على أصحاب الوظائف القيادية كوكلاء الوزارات، مثلا، أن يقوموا بحفظ القرآن كاملا قبل أن يتبوأ أحدهم هذا المنصب، فإن عجزوا، وهذا ما نتوقعه، يحالون إلى التقاعد أو يتم نصحهم بتقديم استقالاتهم وإفساح المجال لحفظة القرآن الذي يهذب النفوس ويلمع الضمائر وينقي القلوب.
أيضا يمكن تطبيق الفكرة على الشعب، فتقوم مثلا، وزارة الإسكان، بتسليم البيت الحكومي إلى كل مواطن قضى “نصف المدة” في انتظار منزله، والتي هي أصلا حوالي ثماني سنوات من أجل تسهيل تكملة مشوار حياتهم من جديد، إذا قام بالعمل ذاته، حينئذ، تتحسن نفسيته، وسلوكياته فلا يجأر بالشكوى للصحف وصناديق المظالم.
نحن شخصيا نحفظ نصف القرآن، ولله الحمد نتيجة للدراسة الدينية المكثفة التي أسعدنا الحظ بتلقيها وتلك ميزة جعلتنا نمتص الإساءات ممن يلقيهم القدر في طريقنا، حيث نردد هذا الدعاء “اللهم أطل أعمارهم إن كان بهم صلاح، وإلا.. فخذهم إلى حيث ألقت أم قشعم”.
إننا ندعو الجميع إلى حفظ كامل القرآن الكريم، أو نصفه، فحين تفعل ذلك وتسقط سيارتك في حفرة فادع الله أن ينير الطريق أمام وزير الأشغال ليراها ويصلحها، وإن شاهدت أعمدة النور مطفأة في الشارع، فادع الله أن يقود وزير الكهرباء إليها ليأمر بإصلاحها، إن عاد إليك ولدك راسبا في صفه، فلا تدع على وزير التربية بالسوء، بل ادع لولدك بالنجاح، إياك أن تدعو على أحد بغير الصلاح، مثنى وثلاث ورباع.
ولأن الله هو الخير، فلا يستجيب إلا للخير، وإياك أن تكون لحوحا كثير الشكوى، أما إن شعرت بحاجتك الشديدة للدعاء على أحد فقل: “إلى حيث القت” وتصمت. لأن من تلوثه لسانه ضعف إيمانه، ومن ضعف إيمانه أضاع قلبه، ولأن قلب المؤمن دليله، فمن أضاعه ضل طريقه، لا أضل الله طريقا لأحد.
الحياة الدنيا “سجن كبير” والأخيار يموتون مبكرا لأن الله يختارهم إلى جواره، أما الأشرار فهم يعمرون كثيرا، كن صالحا حتى تخرج منها.. بنصف المدة!