في إبريل عام ١٩٧٥، كان أحد باصات النقل العام في لبنان يحمل عددا من العمال الفلسطينيين العائدين إلى منازلهم بعد انتهاء عملهم في إحدي البنايات، وحين اجتاز منطقة «عين الرمانه» انهمر الرصاص كالمطر على هؤلاء فقتل ستة عشر فلسطينيا وأصيب عدد من الماره اللبنانيين..كانت تلك الشرارة التي احرقت كل لبنان لتبدأ بعدها بساعات أشرس حرب أهلية في ذلك البلد الصغير استمرت خمسة عشر عاما سقط خلالها ربع مليون قتيل وتشرد أكثر من مليون وأصيب حوالي نصف مليون، مع تدمير كامل للبنية التحتية وخسارة اقتصادية تجاوزت المائة مليار دولار -بأسعار ذلك الزمان- زائد ضياع فرصة لبنان للإستفادة من فورة.
أسعار النفط عقب حرب أكتوبر عام ١٩٧٣ التي قفزت من ثلاث دولارات إلى أربعين دولارا واتجهت كل الأموال التي أطلق عليها «البترو- دولار» إلى دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية! خمسة عشر عاما من الحرب الأهلية، الشيعي اللبناني قتل الشيعي اللبناني، والسني قتل الفلسطيني، والفلسطيني قتل الدرزي، والدرزي قتل المسيحي، والمسيحي قتل الشيعي، والسني قتل السني..إلى آخره!، ثم تدخلت سوريا.. فمزقت الطائفة إلى طوائف، والمذهب الي مذاهب، والمعتقد إلى معتقدات!. استنزفت سوريا، واستنزف لبنان، واستنزف العالم العربي وصعدت أرواح بمئات الألاف الي بارئها تشكو إليه ظلم الإنسان – خليفة الله في الأرض من أخيه الإنسان..وخليفة الله في الأرض أيضا!.. في النهاية أراد من أشعل هذه الفتنة ألايخرج منها أحد منتصر أو آخر مهزوم! انتهت الحرب بلا «غالب ولامغلوب»!. إذن لماذا القتل والدم وازهاق الأرواح وفتح القبور ؟!.. أسألوا شياطين الإنس في واشنطن وتل أبيب ولندن..لعلكم تحصلون على إجابة!..الآن يتكرر سيناريو «لاغالب ولامغلوب».. لامنتصر ولا مهزوم، معارك وحروب مرسومة بالمسطرة والفرجار «فقد جربوها بعد ذلك في الحرب العراقية الإيرانية، ثمان سنوات من الحرب المدمرة وضحايا بالملايين والنتيجة.. لم ينتصر أحد ولم ينهزم أحد»!.
الإقتتال الحالي في العراق بين الطوائف هو الآخر نتيجته معروفه «الأمور لن تحسمها المسدسات والدبابات والطائرات..الإقتتال الحالي في سوريا: نتيجته معروفه – مسبقا»..الأمور لن تحسمها المسدسات والدبابات والطائرات والبراميل المتفجرة!، وكذلك في .. ليبيا واليمن وحتي في صحراء سيناء ومايفعله هؤلاء «الأخوان المجرمون – الساقطون» في حق بلدهم وشعبهم وناسهم وقبل كل ذلك، ربهم ونبيهم ودينهم .. إن كان لهم رب ونبي ودين!، ونحن أطفال، كانوا يعلموننا حديث خاتم الأنبياء والمرسلين الذي يقول «لايلدغ مؤمن من جحر .. مرتين»، ونحن نلدغ ونلدغ ونلدغ منذ سقوط آخر ملوك بني الأحمر في الأندلس قبل خمسمائة سنة إلى يومنا هذا دون كلل أو ملل مما جعلنا – ليس أن نخرج من دائرة الإيمان كما حذرنا من ذلك رسولنا وقدوتنا صلوات الله وسلم عليه بل دخلنا في دائرة الشرك والكفر والعياذ بالله.. فصرنا أمة مرتدة نست ربها فأنساها أنفسها، ولن ينفعها إلا أن يظلها الله بظله.. يوم لاظل إلا ظله!.