لم أخفِ يوما معارضتي للممارسات الدينية الخاطئة، ومنها التكالب، الذي كانت ولا تزال تبديه معظم الجمعيات التعاونية في إرسال المساهمين وأسرهم ومعارفهم، في رحلات عمرة مجانية على حساب بقية المساهمين. ومنطلق معارضتي يكمن في أن المستفيدين من هذه الرحلات هم، في غالبيتهم، من المنتمين لنفس المذهب الديني السياسي لاعضاء الجمعية، وما يعنيه ذلك من تجذير للشحن الطائفي. كما أن هذه الرحلات تقام غالبا لشراء أصوات سكان المنطقة الانتخابية. وعلى الرغم مما تظهره مثل هذه الرحلات من حرص أعضاء مجلس إدارة الجمعية على قيام المواطنين بواجباتهم الدينية، فإن حرصهم بعدها على نهب ممتلكات الجمعية وتفريغ خزائنها، لم يكن أقل من ذلك. ومعروف أن الصرف على رحلات العمرة يتم من المبالغ التي يتم استقطاعها من أرباح الجمعية، بحكم قانونها، للصرف على الأنشطة الاجتماعية وتحسين مستوى المنطقة، فتقوم مجالس إدارات هذه الجمعيات بصرفها على التكسب الشخصي، والفوز برضا اتباعهم، وخداع بقية المساهمين.
لقد عانى الكثيرون من أساليب النصب والاحتيال، التي كانت ولا تزال معظم الجمعيات تتبعها في تعاملها مع الموردين، وقد كتبت الكثير عن صور الاحتيال تلك، وكيف اجبرت في النهاية على وقف التعامل معها. وبين الحكم غير المسبوق المتعلق بحجز ومصادرة ممتلكات جمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية، وطرحها بالمزاد، لسداد ديون لشركة مقاولات بمبلغ 700 ألف دينار، مدى الدرك الأسفل الذي بلغته هذه التجربة التعاونية، التي تحولت مع الوقت لإثراء أعضاء مجالس إداراتها، والمشرفين عليها. فكيف يمكن لجمعية تعاونية مقامة على أرض ومبان مجانية مملوكة للدولة، وتحصل على حاجتها من الكهرباء «ببلاش» تقريبا، أن تخسر لو لم يكن في الأمر تحايل وفساد؟
إن سجلات وزارة الشؤون تبين أن الوزارة لم تترك تقريبا جمعية تعاونية من دون ان تحل مجلسها أو تحيل كامل أعضائه الى النيابة، وهذا دليل واضح على انعدام روح التعاون بيننا، علما بأن هذا التلاعب لا يمكن أن يتوقف يوما، فبذرة الخراب موجودة في الكثيرين بفضل البعض من «عاداتنا وتقاليدنا»، ولن ينقذ أموال المساهمين من السرقة ما قد تفرضه «الشؤون» من عقوبات او تقترحه من أنظمة رقابية. وبالتالي فإن الحل يكمن إما في خصخصة هذه الجمعيات ببيعها لصاحب أعلى سعر، وتوزيع الناتج على المساهمين، مع تأجير المباني والأراضي المقامة عليها للمستثمر نفسه بنظام البي أوتي، كونها أملاك دولة! وإما تحويل الجمعيات الى شركات مساهمة لأهالي المنطقة وتطبيق قوانين التجارة عليها.