لم أكن يوماً من المعجبين باتجاهات صحيفة الوطن، السياسية والاقتصادية بالذات، وحتى من قرّائها الدائمين، ولولا حرصي على متابعة ما يكتبه كاتب او اثنان فيها، لهما معزة شخصية ومكانة في قلبي، لما حرصت عليها، ولكن لا يعني هذا موافقتي أو سروري لتوقّفها عن الإصدار. فهي، على الرغم من كل ما لي عليها وعلى سياستها من تحفّظات، تبقى صوتاً يتطلب الأمر الإنصات اليه، وإن لم أقف معها اليوم فلن أجد من سيقف معي غداً، إن تم كتم صوتي، فقضايا الحرية لا يمكن أن تتجزأ.
الغرابة لم تقتصر فقط على عملية إيقاف صدور «الوطن» وإلغاء تصاريحها، ووقف طباعة أي مطبوعة فيها، بكل ما يعنيه ذلك من ضرر لمئات العاملين فيها، ووقف تنفيذ مئات العقود التجارية وغيرها، بل في سرعة اتخاذ قرار الإيقاف، الذي أشبه ما يكون بالطوفان، وفي حركة غير مسبوقة، جاوزت كل تقليد أو عرف، حيث كان بالإمكان مساءلة رئيس واعضاء مجلس إدارة الصحيفة عن سبب خسارة الدار لكل رأسمالها تقريبا، ومطالبتهم بتغطية الخسارة فوراً، بدلا من إغلاق الدار بأكملها، وبدا كأن في الأمر كيدية، أو ربما نية مبيتة!
لقد كان من الأفضل استمرار الجريدة في الصدور، وإحالة الموضوع الى القضاء للبت فيه، فالمسألة هنا تتعلق بمطبوعة شهيرة وعدد من المجلات الأخرى، ولا يتعلق بمحل بقالة أو بيع خضار.