مع رحيل سيدة الشاشة العربية أميرة القلوب فاتن حمامة فقدت الأجيال العربية خاصة المخضرمة منها كما كبيرا من الرومانسية التي غرستها الراحلة الكبيرة في وجدان العرب، فمن ينسى لها أفلامها الخالدة أمثال دعاء الكروان وبين الأطلال وسيدة القصر ولن أبكي أبدا، ولحن الخلود، وموعد مع الحياة، ووداعا يا غرامي، وارحم دموعي والخيط الرفيع، وأريد حلا والحرام وأفواه وأرانب وليلة القبض على فاطمة؟
***
ومن أفلامها التي تمس شغاف القلوب فيلم «أيامنا الحلوة» مع الثلاثي عمر الشريف وعبدالحليم حافظ وأحمد رمزي، حيث مثلت دور الفتاة الفقيرة التي تشاطرهم العيش فوق السطوح ليكتشفوا أنها مصابة بمرض خطير فيتسابقون لإنقاذ حياتها، ورائعة السينما العربية في كل العصور فيلم «لا أنام» الذي مثلته وهي في العشرينيات من عمرها وشاركها التمثيل عمالقة الشاشة العربية أمثال عماد حمدي ويحيى شاهين وعمر الشريف ورشدي أباظة ومريم فخر الدين وهند رستم وكانت رغم ذلك هي الأبرز.
***
كانت حقبة الخمسينيات والستينيات التي برزت فيها السيدة فاتن حمامة هي بحق «الأيام الحلوة» للعرب، ففي السياسة تحققت الأحلام فشهدنا أول وحدة عربية بين مصر وسورية وانضمت لهما السعودية واليمن، كما أعلن اتحاد العراق والأردن وحاولا ضم الكويت، وكانت الآمال كبارا وتناطح السحاب، فتحرير فلسطين آنذاك بات على الأبواب بعد أن انصهرت أعراق وديانات وطوائف الشعب العربي، وكان زمنا جميلا بالفعل تطربه سيدة الغناء العربي أم كلثوم وينقسم شبابه بين مؤيد للمطرب المصري عبدالحليم حافظ والسوري فريد الأطرش وتسعده أفلام سيدة الشاشة فاتن حمامة، وتضحكه وترسم البسمة على الشفاه أفلام إسماعيل ياسين وعبدالفتاح القصري وزينات صدقي رحمهم الله جميعا.
***
آخر محطة: أتت «الصحوة» في السبعينيات فذهبت الفكرة والرومانسية معها وحلت الكراهية والقسوة وانقسمنا إلى شيع وطوائف وبدأت حروبنا الأهلية التي لم تتوقف قط، ومازلنا ندفع حتى يومنا هذا ثمن صحوتنا وليتنا بقينا في أحلامنا الجميلة بدلا من سفك دمائنا ودماء الآخرين على يد شباب صحواتنا!