قام الاتحاد الأوروبي بتوقيع عقد مع دول شمال أفريقيا (المغرب، تونس، موريتانيا، ليبيا والجزائر) يعتبر الأضخم في تاريخ العقود بين الدول إذ تبلغ قيمته أربعمئة مليار يورو. من أجل ماذا؟ من أجل استيراد الطاقة الشمسية من هذه الدول الحارة لتدفئة الدول الباردة في أوروبا.
الصفقة تشمل بناء ملايين الخلايا الشمسية التي ستغطي صحاري الجزائر وموريتانيا وليبيا وتونس والمغرب والموصولة بشبكة من الألياف الزجاجية ستغوص في قاع البحر المتوسط وتصل إلى أقرب أرض أوروبية، وبعدها، تتجه إلى كل منزل في هذا الاتحاد الكبير.
طاقة نظيفة وصديقة للبيئة، والأهم من ذلك، أنها تفك “الحبل النفطي من على رقبة دول الاتحاد الأوروبي” فلا يستطيع العرب أن يهددوهم بقطع النفط، وتتوقف إيران عن ابتزازهم باستخدام الورقة ذاتها.
صحيح أن الطاقة الشمسية لن تجعلهم يعتمدون عليها بنسبة مئة بالمئة، لكن يكفي أن تجعلهم يشعرون بالارتياح بنسبة خمسين بالمئة فقط لأن لديهم، البديل الضروري لتدفئة منازلهم وتشغيل مصانعهم وتسيير سياراتهم إن أرادوا تحويلها كلها إلى كهربائية.
لا توجد شموس ساطعة لمدة عشرة أشهر في العالم، وتشوي الضب وهو في حجره، وتقلي البيضة وهي في جوف أمها الدجاجة مثل الموجودة في صحاري دول مجلس التعاون الخليجي الست، لذلك أتمنى على الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أن تدرس، جديا، اقتباس فكرة المشروع الأوروبي وتطبيقها في بلداننا.
ويمكن، بداية، أن نزود كل منازل المواطنين بهذه الطاقة الرخيصة قبل أن نتوسع بها لتشمل الوزارات الحكومية والهيئات الرسمية والشركات الخاصة ومحطات تحلية المياه حتى ننتهي بالسيارات الكهربائية، بإذن واحد أحد.
نستطيع أيضا أن نصدر هذه الطاقة إلى أوروبا، إذا لم يكفها طاقة شمس دول شمال أفريقيا، ويمكن توصيلها، عبر الألياف الزجاجية تحت مياه البحار، إلى دول “مثلجة على مدار العام” مثل غرينلاند ونيوزليندا، لنكون أول أمة في التاريخ تقوم بتصدير أشعة الشمس الخليجية الحارقة لتسطع فوق جبال الجليد في النصف الثاني من الكرة الأرضية.
إذا كانت كل الدراسات النفطية، المتفائلة، تقول إن بترولنا الخليجي سينضب خلال مئة عام أو 150 عاما على أكثر تقدير، فإن ثروتنا الشمسية مستمرة إلى يوم القيامة! فقط، علينا أن نفكر ثم نقرر ثم.. نبدأ.