خلاصة المقال الذي لن أسهب فيه لأن الكلام ضايع مع ثقافة الانتحار الاختياري، من سيفتح فمه خارج الخطاب الرسمي فسيسجن، بالقانون وبدونه سيسجن، احتياطياً أولياً نهائياً، ستتم مراسم الضيافة رغما عن الضيف لأن الوضع يسير هكذا.
ثقافة الانتحار لا أعنى فيها من يتعمد مخالفة الخطوط المرسومة وعندما يقع نقول أين حرية التعبير، ثقافة الانتحار هي التأييد والقبول والتصفيق إذا لزم الأمر للمستوى التالي من مستويات “تحريم” الخطاب المحلي وهو “تحريم” الخارجي، ممنوع الكلام عن الخارج حتى لو كان يخصنا، وممنوع نقل “تحلطم” الدواوين عن أموالنا التي تصرف في الخارج إلى أي وسيلة إعلامية أو تواصل اجتماعي؛ لذلك ليس مستغرباً حجم التعاطف مع النائب السابق صالح الملا عندما “تحلطم” كأي مواطن عادي في شأن داخلي وخارجي في آن واحد.
ولأننا غارقون في بحر من التناقضات، لا تزال فرق “الساموراي” الكويتية تمارس الانتحار المؤجل عندما يقع خصمها في شرك المحظورات الرسمية، وعندما يأتي دورها في ممارسة حرية التعبير المكفولة في نظرهم تطبق عليهم مصيدة الانتقائية وهم يصيحون “باعونا… باعونا”.
لقد ضاقت على الجميع مساحة الكلمة لأن الجميع ضيقها من زاويته بكل رحابة صدر، وضاقت بشكل أكبر على الجمهور صاحب المبدأ الثابت تجاه حرية التعبير، إذ نجده، في كل قضية رأي، لا هو بالفزاع ولا هو بالشمّات ولا هو بالمحرّض، هؤلاء يعيشون أتعس أيامهم لأن الجميع اتفق عليهم.
ولكن “هيهات” أن نصمت وإن كان الكلام “ضايع”، لقد وصلنا منذ فترة قصيرة إلى المستوى التالي الذي تسجننا فيه الدول الشقيقة في سجوننا وفرق “الساموراي” تتدافع عند حافة الهاوية، كل منها يظن أن مصيره منفصل عن الآخر، ولا يدري أن خيط السلطة ربط الجميع.
افرحوا اليوم بغيركم وغداً ستشربون من نفس الكأس.