إذا كنا خلصنا يوم امس الى ان هناك ضرورة قومية لمواجهة انخفاض اسعار النفط بشكل جماعي ووطني، لان لا احد – وبالذات الحكومة – قادر بحكم صعوبة المواجهة وعدائية الظروف الموضوعية على ان يتصدى لعمليات الاصلاح الضرورية وحيدا، ومن دون تعاون ودعم بقية المعنيين من الاطراف والقوى الاجتماعية، اذا كنا خلصنا الى ذلك، فاننا اليوم نرى ان امكانية عقد مثل هذا المؤتمر اصبحت امرا ممكنا بل واقعا بفعل رغبة واتجاه اغلب المعنيين بالشأن العام الى المصالحة والى محاولة الالتقاء الوطني عند الحدود الدنيا.
جماعة الاغلبية او السيد احمد السعدون، ان كان لا يزال الى اليوم يمثلهم، اعلن استعداده للتواجد في مؤتمر وطني معني بطرح الحلول واستكشاف العلاجات الناجحة لاوضاعنا المتأزمة وان كان لم يبد المرونة الكافية تجاه من سيحضر او يشارك في هذا المؤتمر. لكن يبقى، ان النية واحدة والهدف واحد وليس من المفروض، تبعا لهذا، ان يتم الاختلاف على التفاصيل.
جماعة الشباب المشاركين في اتجاه وتيار الاغلبية هم ايضا أبدوا استعدادهم للتعاون والالتقاء مع الآخرين. ولديهم، كما وضح احد البيانات الاخيرة المنسوبة الى اتحاد شباب الحراك، مرونة اكثر من الاغلبية النيابية والسيد السعدون للالتقاء بالآخرين والاستماع الى وجهة نظرهم. ومن جماعة «المعارضة» ايضا الحركة الدستورية، التي ابدت دعما واضحا لفكرة المصالحة والنقاش حول سبل الخروج من مأزقها هي والمأزق العام الحالي الذي يخضع له الجميع.
هذا، كما هو واضح، يؤكد ان الجميع يعيش ظروفه السياسية «الصعبة» الخاصة. ويتلمس في المقابل الظروف والتحديات الاصعب التي يواجهها المجتمع. اي ان المصالح الذاتية لجميع الاطراف تدعو الى الالتقاء والتعاون. فيما الوضع العام يفرض وبقوة مسألة الاتحاد ومواجهة تحديات انخفاض اسعار النفط.
اي اننا لسنا في مواجهة عقدة «من يدق الجرس». فالجرس معلق وخالص. لكن المطلوب طرف شجاع او بالاحرى مبادرة شجاعة لدق هذا الجرس. اعلم ان الكثيرين محبطون، وان الاغلبية فقدت الثقة بالمجاميع والقوى وحتى الشخصيات السياسية التي كانت تائهة طوال السنوات السابقة وعاجزة عن مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية. هذا صحيح.. لكن ربما يكون سبب العجز عدم وجود التحدي الحقيقي او ربما عدم وضوحه. اليوم التحدي يفرض نفسه والمواجهة لا خيار فيها.. والكل معني ومتأثر بها.