يوما عن يوم، يتبين أن الفترة الزمنية التي وضعتها أميركا للقضاء على تنظيم داعش لم تكن مزحة ثقيلة او «مؤامرة»،
وأن التنظيم صامد والقضاء عليه قد يستغرق سنوات، وليس في الأمر مبالغة! فوجود عشرات آلاف المقاتلين الشرسين، الذين خلت قلوبهم «المؤمنة» تماما من أي رحمة أو إنسانية، في وسط اضعاف أعدادهم من المدنيين، جعل امر القضاء عليهم بسلاح الطيران، دون وقوع ضحايا أبرياء، أمرا مستحيلا. كما أن الإدارة الأميركية ترفض إرسال جنودها الى سوريا او إعادتهم الى العراق لمحاربة «التنظيم» نيابة عن بقية دول العالم، فهل لدى فطاحلة السياسة من المحللين العرب، والكويتيين، الذين سخروا أشد السخرية من التقديرات الأميركية، أي اقتراحات في ما يتعلق بالاستراتيجية المطلوب اتباعها للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بأقل قدر من الخسائر؟ وإن كان لا بد من خسائر بشرية فما هي الجهة او الجهات التي يقترحون ان تضحي بأرواح ابنائها في معركة القضاء على داعش؟
نعود ونقول إن «داعش» ليس صنيعة صهيونية ولا أميركية أو روسية أو إسرائيلية، بل حركة دينية متطرفة، قد تجد تمويلا هنا أو هناك، إلا أن افرادها ليسوا بمرتزقة، فالمرتزقة هدفهم المال، أما مقاتلو «الدولة» فهدفهم السبايا والغنائم، أو الحور العين إن قتلوا، فالموت بالنسبة اليهم شهادة، والدليل أن بينهم من ترك عمله وأهله وجامعته ليقاتل أو يقتل. ولو نظرنا للشحن الديني، الذي قامت به عشرات آلاف المدارس والكتاتيب الدينية في دولنا وحتى في مدارس المسلمين في الدول الغربية، على مدى نصف قرن تقريبا التي سبق أن تسببت في ظهور طالبان والقاعدة والتنظيمات المتطرفة الأخرى في باكستان وافغانستان وسوريا والعراق وغيرها، لما استغربنا أبدا ظهور داعش بيننا، فهؤلاء هم ثمار ذلك الغرس الطائفي المتطرف.
الغريب، أو ربما من الطبيعي ان أفعال «داعش» لم ينلها، حتى الآن، ما تستحق من تنديد، دع عنك التجريم، من رجال الدين والمؤسسات الدينية الكثيرة، حتى تلك التي طالما وصفت بالمعتدلة، لأنهم لم يروا من المنتمين اليها ما يخالف ما يؤمنون به. كما أن «داعش» لم يصدر منها أي رأي أو فتوى شاذة أو غريبة، والأزهر بكل جلاله رفض تكفيرهم، فهم، برأي مشيخته، مسلمون، وبالتالي من السذاجة تكفيرهم ووصف افعالهم بأنها بعيدة عن الأفكار المستمدة من كتب دينية معروفة، وهذه يمكن أن نسلم بها أو نتركها، والخيار مستحيل في الحالتين!