التحذير الذي أطلقته هيئة الزراعة والمنشور في كل الصحف أمس ويهدد بسحب القسائم والجواخير المخالفة مع بدء حملة تفتيشية جادة على الحيازات اعتباراً من اليوم الأحد هو إجراء مستحق ومطلوب فعلاً للتأكد من سلامة استغلال هذه الحيازات وانها مستخدمة كما يجب قانونياً وتلعب دوراً في توفير الأمن الغذائي حيوانياً كان أو نباتياً.
وجاء التحذير من الهيئة بأن المخالفات الأخطر هي تحويل الحيازات أو أجزاء منها إلى مخازن او ورش او استراحات للتأجير او لتربية حيوانات غير منصوص عليها (غالباً الحيوانات المفترسة التي ازدادت في البلاد بشكل مثير للقلق مؤخراً).
وإذا كان هذا التحذير من الهيئة مستحقاً ومن حقها تماماً، فإن الجانب غير الموفق فيه القول إن هذه الحيازات سوف تسحب فوراً ومن دون إنذار كما قرأنا في الزميلة «القبس». وهو اجراء حتى لو كان قانونياً فإنه لو حدث فعلاً سوف يدخل الهيئة وأصحاب هذه الحيازات في اشكالات قانونية طويلة ويوقع ظلماً كبيراً على الناس، بينما المنطق السليم والذي أظن أن الهيئة سوف تقوم باتباعه هو توجيه إنذارات الى اصحاب هذه الحيازات مع اعطائهم فرصة كافية لتعديل أوضاعهم، ووضع الحيازات المخالفة تحت الرقابة المشددة والزيارات التفتيشية المتعددة لضمان الالتزام بإزالة المخالفات وعدم التلاعب والعودة الى الأوضاع السابقة غير القانونية بعد تسوية الأمر مع الهيئة.
ان الحزم الحكومي أمر مطلوب، ولكن العدالة والهدوء والرزانة في الاجراءات الحكومية والتزام القانون وعدم غبن حقوق الناس ايضاً امر بالغ الأهمية.. ويعفي الحكومة (وهي الطرف الأقوى في المعادلة) من الاتهامات بالظلم والتطاول على حقوق الناس مثلما يعفيها من دخول خصومات قانونية طويلة هي واصحاب الحيازات في غنى عنها.
عموماً.. في العالم كله إذا أردت ان يلتزم الجميع بالقانون طبقه على الكبار أولاً، وهناك حيازات معروفة تحولت الى ما يشبه المستعمرات العسكرية في تحصيناتها الخارجية وأسوارها العالية، والله وحده يعلم ما يجري في داخلها.. والسؤال: هل هذه الحيازات مرصودة ايضاً من قبل الهيئة؟؟.. وهل ستكون هذه الحيازات مشمولة بالجولات التفتيشية؟؟ وهل إذا وجدوا في هذه الحيازات اذا فرضنا «جدلاً أو دجلاً» أنهم سيخضعونها الى التفتيش؟؟.. وهل إذا وجدوا فيها مخالفات سيتم سحبها من أصحابها (الكبار) على الفور.. ومن دون إنذار حالهم حال الصغار؟!