ما جدوى الحديث عن دولة المؤسسات ودولة حكم القانون، وكل الكلمات المنمقة عن الضمانات التي كفلتها التشريعات الجزائية للمتهمين، إن كان النص القانوني في وادٍ والنهج الذي تسير عليه السلطات في وادٍ آخر، أو حين تُستغَل ثغرات في النص لإعمال عقوبات تصادر حقوق المتهمين وتُخرِج النصوص القانونية عن غاياتها التشريعية؟
الممارسة التي تحدث الآن من عدم إحضار المتهم المقبوض عليه من السجن للمحاكمة، ثم تأجيل نظر القضية مرات عدة حتى "يصحو الضمير الغائب" أياً كان صاحبه، ويتم إحضار المتهم للمحاكمة وسماع أقواله، يجب أن يوضع لها حد، لأنها ممارسة تنتهك الدستور الذي يعتبر المتهم بريئاً حتى تثبت إدانته بحكم نهائي، وهذا (تمديد السجن الاحتياطي) عقوبة دون نصٍ من القانون، لأن السجن الاحتياطي يُفترَض أن يكون إجراءً احترازياً لا يجوز إعماله إلا بشروط استثنائية محددة، ليصبح عقوبة تامة دون مقتض.
من المسؤول عن الإهمال في إحضار السجناء إلى جلسة المحاكمة أو تجديد الحبس من المحقق أو المحكمة؟. إدارة السجون، في أكثر من مناسبة، ردّت بأن "العلم" أو الكتاب المرسل من المحكمة عن موعد الجلسة أو التحقيق لم يصل إليها، بينما قلم الكتاب أو الإدارة المختصة "أياً كان وصفها" يقرر أنه تم إبلاغ إدارة السجن عن موعد الجلسة مسبقاً، وبين الفريقين "الإداريين" تضيع حقوق المتهمين وتُصادَر حرياتهم، وندرك عندها حجم التسيب واللامبالاة في الجهاز الإداري البيروقراطي بالدولة وعدم كفاءته.
وإذا حُكِم علينا أن نتقبل بمضض مثل هذه الممارسة اللامسؤولة في تهم معظم الجرائم، فكيف يمكن أن نتجرعها اليوم حين يصير الحديث عن قضايا الرأي، وحرية التعبير، وحين تتمثل هذه بتغريدة عابرة أو بمقال ناقد لوضع سياسي أعوج؟!
قضايا الرأي والحريات تمر اليوم، بأسوأ أحوالها، وإذا كان عدد من النصوص التشريعية ضربت بدستور الدولة وحقوق الأفراد عرض الحائط، ولم يعد لدينا من يحمي هذا النص الدستوري أو ذاك، فهل ترى السلطة أن التشريعات غير كافية لتدجين الشباب، فأعملت بهم، عن عمد، لا عن إهمال، عقوبات دون سند من العدل، من المسؤول عن هذا الظلم؟!
الشهر: أكتوبر 2014
خطيئة محمد إقبال!
يقول عالم الأحياء رتشارد داوكنز إن من أكثر الأمور إثارة للاهتمام ليس وجود خالق، بل وجود كل هذا العدد من المؤمنين. فهناك أكثر من 10000 دين، وأتباع كل منها يعتقدون بأنهم على حق، ويبدو أن كره هؤلاء بعضهم بعضاً هو جزء من الإيمان. وقبل 500 عام تقريبا قام مارتن لوثر، وهو من أكبر المصلحين الكنسيين، بوصف اليهود بأنهم «عائلة من الأفاعي». وطوال قرون كنّ المسيحيون عداءً شديدًا لليهود، وأدت تلك الكراهية فى نهاية الأمر لمذابح الهولوكوست. وفي 1947 لقي أكثر من مليون شخص حتفهم، وغالبيتهم، ذبحاً، عندما قسمت الهند لدولة للهندوس، وأخرى للمسلمين. شاع اسم «إقبال» في باكستان، ليس لدور صاحبه محمد إقبال كمفكّر وشاعر، بل غالبا لدوره في تحقيق انفصال بلاده عن الهند. ولد إقبال في سيالكوت بولاية البنجاب عام 1877، وانحدر من أسرة كانت تدين بالهندوسية، ولكن أجداده اعتنقوا الإسلام في عهد السلطان زين العابدين عام 1473. بفضل وضع اسرته المميز تمكّن إقبال من تعلم الفارسية والعربية في صغره، إلى جانب اللغة الأوردية، والأوردية هي اللغة الهندية نفسها، ولكنها تكتب بالأحرف العربية والفارسية، بينما الهندية تكتب بالأحرف السنسكريتية. وبينما نجد الأوردية متأثرة بالعربية وألفاظ القرآن الكريم، نجد الهندية متأثرة أكثر بالإنكليزية. ارسل إقبال إلى أوروبا للدراسة، وحصل على الدكتوراه من جامعة ميونخ، ولكن شغفه بالأدب، واهتمامه بأحداث بلاده السياسية في ذروة الصراع الهندوسي المسلم، أبعداه عن مجال دراسته، حيث أصبح من كبار المنادين بانفصال مسلمي الهند في دولة مستقلة، وهو الذي اقترح لها اسم باكستان، أي الأرض الطاهرة (!!). لم يطل العمر بإقبال، حيث توفي عن 60 عاما في 1938 بعد أن اشتهر شاعراً وملهماً لفكرة الانفصال. وعلى الرغم من أنه يوصف بالمفكر، فإن اللقب كبير عليه، فقد كان سياسيا، ومحاميا ضليعا، ولكن تأييده لفكرة تقسيم الهند لدولتين، التي أصبحت ثلاثاً بعدها، لم تتسم بالحصافة، فقد تبين تاليا أن الانفصال تسبب في قتل الملايين وتشريد الأكثر، ولا تزال شبه القارة الهندية تشكو من ذلك القرار الأهوج والعنصري، برأيي. غنت أم كلثوم من شعر إقبال «حديث الروح»، وهي جزء من قصيدة «شكوى وجواب شكوى»، التي نشرت في ديوان صلصلة الجرس، ونقلها للعربية من الأوردية، الشاعر الصاوي شعلان، علما أن غالبية اشعار إقبال، إن لم تكن كلها، كتبت بالفارسية، إلا قصيدتي شكوى (1909) وقصيدة جواب شكوى (1913)، والتي كتبت بالأوردية، التي يعتبرها بعض الباحثين بين روائع الأدب العالمي، وسبق أن أثارت لغطا كبيرا بين مواطني الشاعر في حينه. يقول في بعض أبياتها: حديث الروح للأرواح يسري وتدركه القلوب بلا عنـاء. هتفت به فطار بلا جناح وشق أنينه صدر الفضـاء ومعدنه ترابي ولكن جرت في لفظه لغة السماء. لقد فاضت دموع العشق مني حديثاً كان علوي النداء. فحلّق في رُبَى الأفلاك حتى أهاج العالم الأعلى بكائـي. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
عدالة الثورة.. و«غرف الجنة»!!
اسمه «صادق غيوي» واشتهر بلقب «خلخالي» واسمه الكامل الذي تداولته الصحافة في العالم طويلا هو : «آية الله صادق خلخالي» مولود في قرية صغيرة اسمها «غيو» قريبة من مدينة «خلخال» بولاية «أذربيجان» عام 1926 في بيت فلاح فقير أرسل ولده «صادق» للدراسة الابتدائية في مدينة اسمها «زنجان» وبعدها إلى «قم» لينهل من العلم الديني الشيء الكثير والذي أوصله إلى مرتبة «آية الله»! بعد يوم واحد فقط من بداية ثورة «آية الله روح الله الخميني» أمر بتعيينه رئيسا لمحكمة الثورة وقاضيا شرعيا فأصدر أحكاما بالإعدام على أكثر من 2000 من رجالات الشاه من بينهم «أمير عباس هويدا» رئيس الوزراء في عهد «بهلوي»! متابعة قراءة عدالة الثورة.. و«غرف الجنة»!!
حقائق حرب أكتوبر المجيدة
في عام 1956 قامت حرب السويس التي نتج عنها موافقة مصر على فتح مضائق تيران للسفن الإسرائيلية، وفي ربيع 1967 تم نصب فخ لمصر من قبل أنظمة ثورية عربية لتوريطها في حرب استعدت لها إسرائيل جيدا، ووقعت القيادة المصرية في الفخ وأعلنت إغلاق مضائق تيران، فبدأت الحرب واستطاع سلاح الطيران الإسرائيلي الانتصار على 3 دول عربية خلال ساعات قليلة (ردا على من يدعي أن الحملة الجوية على داعش لا تستطيع حسم الحرب) تلا ذلك بدء حرب الاستنزاف التي استنزفت مصر وأوقفت عملية إعادة بناء قواتها ولم تستنزف إسرائيل على الاطلاق، وفي عام 1970 أعلن عبدالناصر قبوله بوقف إطلاق النار وتعامله الايجابي مع مبادرة «روجرز» السلمية وبدأ معها الاستعداد لحرب أكتوبر المجيدة. متابعة قراءة حقائق حرب أكتوبر المجيدة
حكومة التان تان
تقول الأستاذة اللبنانية إلهام حلو إن للتربية، وعلى الصغار بالذات، تأثيراً رهيباً! تقول ذلك من واقع تجربتها العملية الطويلة. وان شركة أمازون مثلا قررت أن يسبق عرض كل حلقة من حلقات الرسوم المتحركة، كـ«توم وجيري»، تنبيه يفيد بأن ما في الحلقة من مفاهيم وعبر تعبّر عن أحكام مسبقة، قد تكون عرقية إثنية خاصة بالمجتمع الأميركي، وان على من لا يرغب من الوالدين في تعريض اطفالهم لمثل تلك المفاهيم منعهم من مشاهدة الحلقة. وقد اضيف هذا التحذير بعد شكوى الممثلة الأميركية، من أصل أفريقي، ووبي غولدبرغ من الصورة السيئة التي تظهر فيها صاحبة البيت «السوداء» في الصور المتحركة. هذا غير بقية مشاهد حلقات هذه المسلسلات من أمور لا تقرها قوانين أميركا نفسها، دع عنك بقية دول العالم المتحضر. ما يسري على «توم وجيري» يسري على غيرها، كحلقات «تان تان» المصورة، التي تتضمن أمورا عنصرية بإظهارها أهل الكونغو وكأنهم أغبياء، وكيف أن «تان تان» الأبيض هو المتحضر والعصري. كما أن كتب الدول التي لا تزال تتمسك بنوع أو آخر من الشيوعية أو الاشتراكية تظهر الجميع بمستوى اجتماعي واحد، وبرداء أو زي أزرق أو أحمر مماثل، وهذه الصورة عن «الآخر المختلف» تستقر، مع الوقت، في أدمغة الصغار وتتسرب لخلايا أدمغتهم، من دون أن يشعروا أو يشعر ذووهم بما لها من تأثير سيئ، يصعب مع الوقت مسحه أو التخلص منه بسهولة. (انتهى الاقتباس). ولو نظرنا الى مناهج مدارسنا، وما تتضمنه من رسائل عن الآخر، لما وجدناها تختلف كثيرا عن رسائل «تان تان» أو «توم وجيري» السلبية، وإن بصورة أكثر عنصرية واكثر تطرفا. فلا يوجد في أي من هذه المناهج مثلا ذكر أن لهذه الدولة أو تلك فضل في اكتشاف دواء أو غذاء أو مادة مهمة ما، كما لا يوجد فيها ما يعني أن كل ما نرتديه أو نأكله أو نستخدمه هو في الحقيقة من صنع وإنتاج وتعب الغير، أو أن علينا أن نغير من أنفسنا ونصبح شعوبا منتجة، وليس عالة على العالم. بل ما نجده هو التركيز الشديد على «فضلنا» على العالم، وصحة جميع مواقفنا، وسلامة رسالتنا، والتركيز، وإن بطريقة غير مباشرة، على أن بإمكاننا الحصول على ما نريد بفضل نعم الله علينا بما نملك من ثروة وثراء لا ينضبان، والذي سخر لكي نشتري من الغير (الغرب) ما نريد، ولكي ندفع رواتب من يقوم على خدمتنا! والغريب، أو ربما من الطبيعي، أن ايا من مناهج مدارسنا لم تتطرق كذلك للطريقة الخاطئة التي نحيا بها، ولا لاسلوب الإسراف المتبع في كل بيت، وضرورة ترشيد إنفاقنا. فمن وضع المناهج، أو راجعها وأقرها كان يعيش في عالم آخر، وبالتالي كان الهبوط الكبير الأخير في أسعار النفط مفاجئا للكثيرين، وكأن لا أحد حذر من وقوع هذا الأمر يوما. إن الوضع خطير والطوفان قادم، ورفع الدعم عن المواد الأولية والبترول سيخلق نقمة، ولو عالجنا الأمر قبل سنوات بالرفع التدريجي سنة بعد أخرى لما حصل ما سيحصل من رفض واحتجاج، ولكن «وين اللي يفهم؟» مثل هذه الأمور، وهم الذين أنفقوا الملايين على شراء أصوات واقلام عشرات المرتزقة، ليأتوا اليوم ويسحبوا بساط الجنسية من تحتهم؟ أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
إشكالية كلفة النفط والحروب!
أمران أعتقد أن على الاقتصاديين شرحهما بشكل صحيح للساسة والإعلاميين والمواطنين في منطقتنا كونهما من الأمور التي تفهم بشكل خطأ تماما حتى من قبل كثير من المختصين، ونعني كلفة الحملات العسكرية الغربية وكلفة انتاج النفط في الغرب، فكثيرا ما نسمع على سبيل المثال ان كلفة حرب الخليج الثانية او تحرير العراق عام 2003 او الحملة على «داعش» بمئات مليارات الدولارات، فنذهل ونعجب ونقول إن ذلك كفيل وحده بإفلاس التحالف الغربي، وهو ما يجعل بعض المدافعين عن الطغاة والمتطرفين المستهدفين بتلك الحروب يفخرون بتلك الارقام ويدعون انهم يتسببون في الإضرار بالاقتصاد الغربي، وتلك كذبة اخرى سائدة، بينما الحقيقة هي على العكس من ذلك. متابعة قراءة إشكالية كلفة النفط والحروب!
نواخذة «الإعلام»
لا ينكر النقلة النوعية والنجاحات المتتالية لوزارة الإعلام إلا الذين يكرهون النجاح ويحاولون التقليل منه، وهم من تنطبق عليهم مقولة «مكسر مجاديف» لأنهم لا يريدون لسفينة النجاح أن تستمر، وربما حاول بعضهم خرقها بمهاجمة الإعلام الرسمي.
أتحدث عن الملتقى الخليجي ونجاحه الذي شهد له جميع من حضره أو تابعه من خلال التلفزيون أو الإذاعة، فقد كان وكيل الإعلام الخارجي طارق المزرم شعلة من النشاط و محمد البداح وموظفو الإعلام الخارجي تجدهم أمامك في كل لحظة وكانوا أحد أسباب النجاح. متابعة قراءة نواخذة «الإعلام»
مواجهة التحدي اليوم!
ختم محمد البغلي مانشيت الجريدة عن تراجع النفط بفقرة تشخص حال الدولة تماماً، فعند الكاتب "… أنه كلما انخفضت أسعار النفط كانت خيارات الإصلاح أصعب لدولة تأخرت أكثر من ٢٠ عاماً في اتخاذها رغم الفرص المتكررة والسهلة"، الإصلاح الاقتصادي يعني أن تخبئ القرش الأبيض لليوم الأسود، وأن تستثمر الدولة بالإنسان وتعليمه الجيد، وأن تضع حداً للشخصية الريعية الاتكالية، وهي الذات التي اعتادت أن تأخد دون مقابل عمل منتج، وأن تبادر السلطة لتنويع مصادر الدخل، وقبل أي من هذه الأمور يعني الإصلاح إعمال دولة حكم القانون، وأقصد بذلك تحقيق المساواة بين الناس حسب إنتاجهم وكفاءاتهم، لا حسب قربهم من مراكز القرار، وحكم القانون يعني مكافحة الواسطة والمحسوبية والرشوة، وكل أمراض الريع التي نقابلها كل يوم، من أبسط معاملة تريد أن تقضيها في دائرة حكومية إلى أكبر وأهم الأمور.
فوتت السلطة فرصة الإصلاح حين انخفضت أسعار النفط في نهاية التسعينيات، مثلما ذكر الزميل محمد البغلي، بل هي فوتت فرصاً كثيرة قبلها، أهمها المرحلة المباشرة بعد التحرير، فقد كانت الدولة المحررة بكراً وكان أغلب الناس مستعدين للعطاء والبذل، لكن حين عادت السلطة للحكم عادت بفكرها القديم وعللها المزمنة وبيروقراطيتها المريضة وغير المنتجة، والتي تضج بالفساد، وحدث أن "تيتي تيتي لا رحتي ولا جيتي".
لنقر بأن أسس ممارسة السلطة بالكويت ومن على شاكلتها يقوم على مبدأ سياسة الدينار، فكما يوجد هناك دبلوماسية الدينار في علاقة الدولة بالخارج، كي تكسب عبر هذا "الدينار" شرعية القبول والرضاء عنها من الدول الأخرى، أيضاً هنا كان الدينار يحكم العلاقة بين السلطة والأفراد، فأي أزمة سياسية كانت تعبر سماء البلاد كان حلها سهلاً، ادفع من المال العام، ادفع من دون حساب حتى يصمت الجميع، بهذه السياسة تم هدر مقدرات الدولة، وتم تقنين الفساد المالي، وما هو أخطر تم عبر هذه الممارسة طمس وعي المواطن وأهمية أن يكون منتجاً معتمداً على ذاته، إن لم يتم تسطيح هذا الوعي بتقييده بالاستهلاك المرضي.
الآن تبدو لنا السلطة، وأمامها أزمة اقتصادية خانقة، مثل "المشتهية والمستحية"، تود أن ترفع سعر جميع المحروقات، وأن تحاسب الماء والكهرباء بسعر التكلفة -على الأقل يفترض أن يعمل بهذا لأصحاب المجمعات والمولات، والشرائح ذات الاستهلاك العالي- إلا أن السلطة تراجعت، فهي تخشى بهذا أن تقوض شرعيتها، وهي شرعية الدينار، وشرعية تجنب أي تذمر أو استياء شعبي، فمادام هناك غياب حقيقي للإرادة الشعبية يصبح البيت الحكومي من زجاج يخشى أن ينكسر من أي حصاة عابرة، من هنا يصبح الحديث عن أي إصلاح اقتصادي جدي، دون الشروع في إصلاح سياسي، ضرباً من الخيال.
المؤامرة على النرويج
تقع النرويج أو Norge ضمن الدول الاسكندنافية، ولم تتضرر كثيرا نتيجة الحرب العالمية الثانية، إضافة لموقعها النائي نسبيا، بل وشهد اقتصادها رواجا بعد الحرب بفضل أسطول شحنها الضخم. وبالرغم من فقر النرويج النسبي فإن وضعها تغير في السبعينات مع اكتشاف كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي فيها، وتعد اليوم ثالث أغنى بلد في العالم من حيث القيمة النقدية، وثاني أكبر مصدر للثروة السمكية، بعد الصين ويتمتع مواطنوها بنموذج رعاية وتأمين صحي عالمي ونظام تعليم متقدم، وجهاز حكومي يخلو من الفساد. وضع النرويج يطرح السؤال عن سبب عدم طمع البلدان الاستعمارية الكبيرة بها، فهي غنية وجميلة وصغيرة، وبها ثروات طبيعية هائلة، فمساحتها تبلغ 400 الف كيلومتر تقريبا، وعدد سكانها بالكاد يتجاوز خمسة ملايين؟ فلم تركتها الدول الاستعمارية لحالها واتجهت لدول الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأفريقيا لتحتلها، والنرويج أقرب منها بكثير؟ ولماذا لم تتآمر عليها الإمبرياليات العالمية، وتسلبها ثرواتها وتبيعها أسلح «خردة»، كما نجحت معنا، وبقيت النرويج دولة مستقلة؟ أسباب ذلك لا تعود فقط لقوة شكيمة مواطنيها، وتمتعهم بنظام ديموقراطي وحرية تعبير وتنقل وحرية اعتناق أي عقيدة يشاؤون، بل لأنها أيضا احترمت نفسها، وقضت على البطالة فيها واحترمت مواطنيها، وهذه جميعها دفعت بقية دول العالم لاحترام سيادتها واستقلالها. كما أنها، بالرغم من صغر عدد سكانها فإنها كانت دائما تمتلك جيشا قويا واحتياطيا عسكريا مميزا، ولم تعاد في تاريخها الحديث أي دولة. ما نود قوله هنا، هو كما قال الشاعر المتنبي (!) «من يهن يسهل الهوان عليه»، فمن دولنا دول كثيرة قبلت بالهوان وقبلت بالمذلة وقبلت بالتبعية، وبالتالي لم يكن صعبا استعمارها واستغلال ثرواتها، وعليه فإن اتجاه الاستعمار لدولنا، وليس لدول كالنرويج، لم يكن فقط بسبب سوء نوايا الدول الاستعمارية، وطمعها في ثروات الدول الأضعف، بل والأهم من ذلك بسبب تفرق رأي دولنا، وتطاحننا في حروب دينية وقبلية وطائفية، بدأت بـ «داحس» ووصلت لـ «داعش»، وبينها فترة لم تتوقف فيها تلك الحروب الأهلية إلا مع قدوم الاستعمار، لتعود وتشتعل مع مغادرته، ولا يبدو أنها ستنتهي في القريب العاجل! وفي مبادرة تدل على مدى احترام النرويج لعقول مواطنيها، ومن منطلق الشفافية المطلقة، قامت، من خلال موقع http://t.co/Jc8W5UUQPy الإلكتروني بوضع عداد يبين، بالثانية، رصيد صندوق أجيالها القادمة، والذي أخذت فكرته من الكويت ومن تجربتها الرائدة مع صندوق الأجيال. ولكن النرويج سرعان ما سبقتنا في الاستفادة من الفكرة، حيث أصبحت تمتلك أكبر احتياطي نقدي في العالم. علما أن إجمالي احتياطيات الصندوق كان في بداية السنة خمسة تريليونات و346 مليار كرونا، وأصبح لحظة كتابة المقال خمسة تريليونات و558 مليارا. نعم قلدتنا النرويج، ولكنها تفوقت علينا، ونحن لا نزال نحاول تعلم كيف نعطي أولوية المرور في الدوار للقادم من اليسار! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
بين «أممية عبد الناصر» و«حوثية الولي»!
في عام 1848 أصدر الرفيق «كارل ماركس وفريدريك إنجلز» بيانهما الشيوعي الشهير وبه الجملة الخالدة :«يا بروليتاريين العالم .. اتحدوا» والتي تحولت لاحقا في الترجمة لتصبح «يا عمال العالم .. اتحدوا »! كم عدد عمال العالم في ذلك الزمن؟! في واقع الحال كانت الكرة الأرضية بأسرها تضج بالعمال وبحسبة أدق فإن 80% من سكان العالم كانوا عمالا و10% طبقة متوسطة والعشرة الأخيرة من أهل الثراء الفاحش! لهذا السبب لم يقل الرفيقان «ماركس وإنجلز» في بيانهما الشهير : «يا طبقة متوسطة العالم اتحدوا » وبالطبع لا يمكن لهما أن يقولا ..«يا مليونيرات العالم .. اتحدوا »!! .
في شهر إبريل من عام 1960 وصلت باخرة شحن مصرية اسمها «كليوباترا» عليها حمولة 2000 طن من القطن المصري طويل التيلة إلى ميناء نيويورك لكن اتحاد بحارة أميركا وعمالهم كانوا قد أصدورا بيانا رفضوا فيه «تفريغ حمولة الباخرة أو حتى تزويدها بالماء والطعام والأدوية » وظل أكثر من 100 بحار مصري على متنها وكأنهم في صحراء قاحلة لا يجدون قطعة خبز أوشربة ..ماء !
إسرائيل كانت وراء ذلك إذ حركت اللوبي اليهودي الضاغط ضد مصر وأي سفينة عربية جاءت من بلد تقاطع تل أبيب والسبب أن جمال عبد الناصر قد منع مرور أي سفينة إسرائيلية من قناة السويس بل وقامت مصر بمصادرة بضائع كانت تحملها سفن إسرائيلية!.
وعندما هددت تل أبيب باستصدار قرار من الأمم المتحدة ردت القاهرة بأنها لن تنفذ أي قرار أممي حتى تنفذ إسرائيل قرار التقسيم وعودة اللاجئين وكل رغبة دولية تجاهلتها في الشرق الأوسط..! عندها كان ضغط اللوبي اليهودي وتحريك اتحاد البحارة ومنع تفريغ السفينة «كليوباترا» في ميناء نيويورك وترك بحارتها بلا أي زاد أو ..تموين!! عندها ألقى الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر خطابا طلب فيه من .. «كل العمال العرب في كل الوطن العربي مقاطعة تفريغ السفن الأميركية ومعاملتها بالمثل»! استجاب ملايين العمال العرب للنداء وربضت سفن الشحن ببضائعها على أرصفة الموانئ العربية كأسراب البط المكسورة الأجنحة «فتحركت المصالح الأميركية وشركاتها العملاقة وضغطت على البيت الأبيض»! فأمر الرئيس كنيدي عناصر من الجيش بالدخول إلى ميناء نيويورك وتفريغ الشحنة وتزويد بحارتها المصريين بالطعام و..الشراب وانتهت الأزمة!.
قرأت ثلاثة كتب عن مؤسس المملكة العربية السعودية الراحل الكبير الملك عبد العزيز رحمه الله وفي أحدها أعتقد أنه كان بعنوان «نشأة مملكة» لمستشرق روسي اسمه «باسالييف» إن لم تخني الذاكرة ينقل رأيا لأحد مستشاري بن سعود وهو بريطاني اسمه «فليبي» رافقه في رحلة توحيد الجزيرة العربية ويقترح عليه أن يكمل مشروعه العملاق باتجاه اليمن ويحتلها ويضمها إلى مملكته فيرد عليه «عبد العزيز» غاضبا : «اليمن أرض صعبة من أين لي بعدد كاف من الرجال ليتولوا شؤونها» ؟! لو كان الملك الراحل يملك أعداد عمال العالم وقتها – أوعمال العرب أيام عبد الناصر لكانت اليمن الآن واحة أمن وأمان ورخاء ولا يختفي خلف كل حجر فيها شيطان.. أمرد!!
انتشى ملالي طهران بسقوط العاصمة اليمنية صنعاء وقبلها انتشوا حين أسقط لهم الأميركيون بغداد وقبلها انتشوا عندما حارب المارينز حكم «طالبان» في أفغانستان وأزاحوا لهم «الملا عمر» وقبل كل ذلك حصلوا على نصف لبنان ونصف سكانها ونصف سياسييها ونصف قرارها وكل دماء ..شعبها ثم جاؤوا إلى جنوب شبه الجزيرة العربية حيث «القات» «أرخص من الخبز» والرصاصة أغلى من الإنسان والقبيلة أهم من المعتقد والحجر «أنشف» من .. الدماغ!!
رفع ملالي طهران شعار «يا حوثيو العالم ..»اتحدوا لكن كم «حوثيا» سيكمل المشوار في ..موريتانيا والسودان وجبيوتي والجزائر وليبيا والمغرب وتونس و..رام الله ونابلس والخليل و..و.. امتدادا للعالم الإسلامي الكبير من «داكار» حتى «جاكرتا» !!
طهران تريد وحدة «حوثية» يحكمها الولي الفقيه سيقابلها وحدة «بهائية» وأخرى «أشاعرية » وثالثة «شافعية» ورابعة «مالكية» وخامسة «بهرية» و«زيدية» حتى تصل عدد الفرق إلى الرقم السحري القديم 73 فرقة»!!
«كارل ماركس ورفيقه» حكمت نظريتهما نصف الكرة الأرضية لثمانين سنة لأنها كانت «أممية» وعبد الناصر وقوميته جعلت للعرب هيبة لأنها «أممية» فهل يعتقد الملالي أن ..«الحوثية الأممية» ستغطي «على شعوبهم الفارسية » الممزقة إلى عشرات القوميات و«الأثنيات»؟!
إن «الفرقة الناجية» الوحيدة من حرب «المسلمين ضد الإسلام» هذه ستكون .. إسرائيل ولا أحد غيرها.