سامي النصف

دفاعاً عن نيوتن!

ونيوتن المقصود ليس الإنجليزي صاحب التفاحة بل هو أحد أشهر كتّاب الأعمدة المصريين هذه الأيام، والذي كتب في 10/ 10/ 2014 مقالا أسماه «جمال عبدالناصر رضي الله عنه»، استغرب فيه المبالغة في الثناء على إنجازات عبدالناصر متناسين حقبة الهزائم العسكرية والقمع والظلم والفقر والجوع، ومتجاهلين أن هناك بطلا حقيقيا للحرب والسلام حسب قوله يصارع المرض في المستشفى العسكري (يقصد الرئيس حسني مبارك) وأن تزييف التاريخ المصري أصبح الأصل وخلاف ذلك هو الاستثناء. متابعة قراءة دفاعاً عن نيوتن!

علي محمود خاجه

«شي واحد»

نعتمد على النفط، ولا نملك التحكم في سعره، وكل الكويت تعمل لهدف واحد فقط هو إنتاج النفط وبيعه وتحصيل أمواله؛ لصرفها على الرواتب بالمقام الأول والبنية التحتية وغيرها من تفاصيل تسهل عمل استخراج النفط وبيعه، إلى أن ينتهي النفط ونبدأ بصرف مدخرات الكويت طوال الخمسين عاما فتنتهي وننتهي كبلد معها.
تلك حقائق لن يتمكن أي متفائل من دحضها اليوم، بل أي محاولة لتجميلها لن تنجح أيضاً، فهي مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.
قد يبدأ العد التنازلي من اليوم أو قد يؤجل لعام أو عامين لا نعلم، فالأمر ليس بأيدينا، ولكن هزة انخفاض سعر البرميل بنسبة تفوق الـ ٢٠٪ خلال أيام قليلة وتعليق إنتاج منطقة الخفجي المشتركة بشكل يؤدي إلى خسارة ٤ مليارات دولار سنويا ينبئان بقرب الكارثة، ونحن لم نعمل شيئا إلى الآن، فلا مصدر رزق بديلا ولا كوادر بشرية قادرة على إدارة الأزمات والكوارث.
لم يبق سوى شيء واحد من الممكن عمله اليوم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأعني هنا إنقاذ الشعب الكويتي أو على الأقل من ستقع على رؤوسهم الكارثة بعد سنوات ليست بطويلة وهو التأهيل المناسب.
فلو افترضنا أن الكويت أشهرت إفلاسها اليوم فكم كويتياً سيتمكن من العيش بمهنة توفر له مردوداً جيداً خارج الكويت؟ وكم كويتياً يمتلك الكفاءة الفعلية لتحديات العمل في الخارج أصلا؟ وكم كويتياً يستطيع التعايش مع الظروف داخل الكويت من دون نفط؟
أعتقد أن النسبة ضئيلة جدا اليوم لأن معظمنا وباختصار لا يملك الحد الأدنى من الحاصل العلمي أو الخبرات المهنية التي تمكنه من العيش الكريم، والسبب بالطبع هو تردي التعليم طوال العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية والعملية مستمرة إلى اليوم، فعلى الرغم من زيادة ما يصرف على التعليم في السنوات الأخيرة فإن مستوى التعليم في الكويت يزداد تراجعاً وفق التصنيفات الدولية، وهو ما يثبت قطعاً أن العلة في الرؤية والتخطيط والإدارة لا في المال أبداً، فالكويت ترفع ميزانية التعليم وما زالت تقبل الطلبة الحاصلين على أدنى النسب في الثانوية العامة للعمل في سلك التعليم!! وما زلنا نملأ المناهج بالتكفير والحفظ، بل إن أحد المناهج الأساسية في المدارس ينص بصراحة على أن العقل محدود ولا يشجع على استخدامه!!
لذلك لا بد على الأقل اليوم من تأهيل الأجيال، فالسنوات القادمة لن تكون سنوات رخاء يضمن فيها الكويتي الوظيفة دون عمل، والعلاج دون تكلفة، والكهرباء والماء دون فاتورة، كل هذا سينتهي قريبا، وما دمنا نمتلك الأموال اليوم فلا بد من مراعاة السنوات العجاف القادمة، حتى إن تطلب الأمر استيراد قطاع تعليمي متكامل بمناهجه ومعلميه وإدارته من الدول المتقدمة في مجال التعليم.
دعونا نقرأ المستقبل بشكل جيد ولو لمرة واحدة، ونتخذ إجراءاتنا بناء على تلك القراءة، فاللاحقون سيلعنوننا بلا أدنى شك إن استمر الوضع كما هو عليه، فدعونا نقدم ولو شيئاً واحداً يشكروننا عليه مستقبلاً، ولنتجه إلى تعليمنا المهجور منذ عقود.

احمد الصراف

جريمة التصوير.. والرجل الأحمر

سبق أن صدرت فتاوى من معظم كبار «علماء» العالم الإسلامي، تحرم تصوير الإنسان بأي صورة كانت، تمثالا، لوحة، صورة فوتوغرافية، أو فيلما. وعندما قررت مجموعة من الفنانين ورجال الأعمال إنتاج فيلم «الرسالة»، اضطروا لطلب موافقة رجل دين «كفيف» على ذلك، وذهبوا بالفعل لمقابلته وأخذ «بركته»! حدث كل ذلك قبل فترة ليست بالبعيدة، ولكن صنوف الدهر ومجريات الزمان أجبرت هؤلاء الحواة نفسهم، أو الدعاة الى تغيير نظرتهم وتبديل مفاهيمهم، والقول ان التصوير ليس حراما ولا يؤدي بصاحبه الى النار، وحدث ذلك بعد أن اكتشف هؤلاء الدعاة كيف حقق من اختلف معهم في حرمة التصوير الملايين من خلال مقابلات صحافية وتلفزيونية، والمشاركة في تقديم البرامج في القنوات الفضائية «السخية»، وكيف روجوا كتبهم، وفي أكثر المواضيع سطحية و«إثارة»! وهكذا انهارت، بين عصرية وعشاها، جبال فتاوى منع التصوير أمام ضغوط خراطيم مياه البترودولار، كما انهار خط بارليف، وقبلها خط دفاع ماجينو الفرنسي الشهير أمام جيوش مصر وألمانيا! ولكن الخاسر الأكبر كان كل أولئك الذين صدقوا تلك الفتاوى في حينها، وحرقوا جميع صورهم العائلية الحميمة، واتلفوا ذكريات صباهم التي لا يمكن استرجاعها أو تعويضها، وفعلوا ذلك خوفا من عقاب السماء، ثم تبين تاليا أنهم كانوا من الخاسرين! وغني عن القول ان هذا النهي، والنهي المضاد، تكرر مع عشرات القضايا والمسائل الأخرى، وتكرر معها «ضحك» او تغرير بعض رجال دين بعقول مواطنيهم، الذين قبلوا منهم «أي كلام» من دون تفكير. ولا ننسى هنا التطرق للفتوى المضحكة التي سبق أن اصدرها أحد اقوى المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية في مصر، بعد الإطاحة بنظام مبارك، الذي كاد أن ينجح في الانتخابات، لولا الكشف في آخر لحظة عن كذبه في مستندات ترشحه، وهي الفتوى التي حرم فيها تناول مرطب شهير بحجة أن اسمه هو اختصار لجملة «ادفع كل سنت لتحمي إسرائيل»، غير مدرك أن تاريخ تسمية ذلك المرطب سابق لتأسيس إسرائيل بنصف قرن تقريبا! ولكنه تنازل عن فتواه بعدها، بعد قبض المقسوم! والطريف أيضا في الموضوع الابتكار الجديد المتعلق بإشارة مرور راقصة وموسيقية، حيث قامت شركة أوروبية بإنتاج إشارة عبور مشاة تبين رجلا يرقص على أنغام موسيقية، عندما تكون إشارة العبور حمراء، وتتوقف الموسيقى ومعها الرقص، عندما يصبح اللون أخضر، ويسمح بعبور الشارع. والغرض هنا هو تسلية المشاة، وهم بانتظار ظهور الإشارة الخضراء، واشغالهم عن العبور الخاطئ. وأكاد اجزم بأن هذه الفكرة الذكية ستلقى معارضة شديدة من بعض الدعاة لدينا، بحجة أنها تحتوي على موسيقى ورجل راقص، وهذه وتلك حرام! وبالتالي ما على من يرغب في تسويق مثل هذه الإشارات في دولنا إلا إغراء من «في بالي وبالك»، ليصبح شريكا معه، وبقليل من «دهن السير» لغيرهم، سيجد سوقا رائجة لهذا الابتكار، وقد ينجح في إصدار فتوى مضادة تجيز المصلحة العامة فيها استخدام هذه الإشارة. هكذا تتم الصفقات التجارية في الدول المتخلفة! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com