قصص فشل يتبعها إحباط نفسي نلتقيها ونتجرعها كل يوم مع إدارة هذه الدولة، فنحن نُحبَط يومياً مع كارثة المرور حين نخرج من بيوتنا للعمل أو لـ"التسكع" هرباً من روتين الفراغ القاتل بالدولة وغياب أبسط أماكن الترويح.
نتكدر، تكراراً ومراراً، حين نزمع إنهاء أي معاملة في دائرة حكومية رثة بشكلها وجوهرها، إذ بداخلها يغيب أو يتأخر الموظف المسؤول، أو يطلب منك كومة أكبر من التوقيعات من مسؤولين أعلى منه، هم بدورهم غائبون في اجتماع وزاري (غياب مصطنع يمثل حقيقة ظاهرة تُخفي كذباً وتهرباً من المسؤولية).
ونحن نتألم حين نبحث عن قطعة أرض صغيرة في صحارى الأتربة، ولو كانت في قلعة وادرين، من أجل سكن الأبناء وعائلاتهم الصغيرة، فالإيجار ينهش لحم رواتبهم، فتجدها بأسعار فلكية، لا يقدر عليها غير "بارونات" الدولة، فالأراضي الممتدة محتكرة منهم ومن أبناء السلطة قبلهم.
ونتكدر حين نطالع الغث في الخطاب الرسمي للسلطة، حين يتحدث للناس كأن أحوال الدولة كاملة، وكأنها جنة الله على الأرض، ولا شيء يمكن أن يقدمه ذلك الخطاب المشيخي غير الوعود والمزيد من الوعود، من دون نهاية، تعد بحل أزماتنا المستعصية من المرور إلى الصحة إلى التعليم إلى السكن، كأنه يخاطب مجاميع من "العبط" لا يدركون من واقعهم شيئاً، ويتناسى أصحاب هذا الخطاب أنهم هم، ولا أحد غيرهم، المشكلة، هم العجز، هم الفشل الدائم ليس في خطط التنمية الهزيلة فقط، التي يروجون لها بين كل فترة وأخرى، بل فشلهم في إدراك عجزهم، ومحدودية قدراتهم الثقافية والعلمية على مواجهة تحديات اليوم، في الداخل والخارج.
لننسَ المطالبة بالديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان كما تريدون وتفرضون علينا، فهذا "الترف" السياسي الذين تعتقدون أنكم تصدقتم به على أهل الكويت في لحظة "خطأ" عام 1962 لم يعد مناسباً في موسوعاتكم الفكرية، نسألكم: ماذا أنجزتم حتى الآن، ماذا قدمتم في بناء التنمية، وليس أمامكم أحمد السعدون، ولا مسلم البراك ولا فيصل مسلم ولا أي صوت من المزعجين من مجلس 2012 الأول؟!
من جديد، أسأل هل تقدمتم، ولو خطوة واحدة، نحو حلم دولة سننغافورة، الله لا يغير علينا؟ هل بنيتم مشروعاً حضارياً واحداً كدار أوبرا، أو وضعتم حجر الأساس لمسرح متواضع أو أقمتم معارض فنية؟ هل دعمتم حركة الثقافة والتنوير في مجتمع يضج بحزم هائلة من الجهل والخواء والتواكلية ببركة حضارتكم الريعية؟!
ماذا قدمتم غير الزج بالشباب في السجون، وقوانين تلاحق الأحرار، وتطارد الكلمة؟ ماذا طرحتم غير تلك "الصور الشكلية" عن مشاريع قوانين تسوقونها على أنها تخدم دولة سيادة القانون والشرعية الدستورية، مع أنهما غائبتان، وكأننا لا ندرك أن العبرة ليست بالنصوص وتشريع القوانين، بل بالوعي بمضامين النصوص، وإيمان وثقافة القائمين على تطبيقها.
نفضت يدي منكم ومن مستشاريكم الواقفين في طوابير الانتظار لمدحكم وتدبيج آيات الإطراء لكم وتعليق لافتات الولاء والنفاق بشوارع الدولة… مصيبتنا بهم قبل أن تكون معكم.