منذ ثورات ٢٠١٠-٢٠١١ لازال التحول العربي مستمراً بما يثيره من انتفاضات وحركات شعبية وردود فعل أنظمة وانتشار عنف وغضب وفوضى وسفك دماء وصدامات طائفية. المشهد منذ الثورات يحمل مشاهد سلبية وإيجابية، لكنها في جلها جزء من تحول وحرق لمراحل تسبر غور أعماق بلادنا ومجتمعاتنا العربية. لهذا تشهد منطقتنا كل يوم مزيداً من التعقيدات الفاصلة والجامعة بين رغبات الشعوب واحتياجات الدول وواقع الانقسام وتبدو الكثير من الدول والأنظمة أشبه بمن يحاول إطفاء حريق دون النجاح في منع انتقاله إلى مكان آخر أو الحد من إعادة انبثاقه بسبب عدم التعامل مع الأسباب التي أدت اليه. الحالة العربية الآن تتعلم إطفاء النار بالنار، لكنها لم تجرب بعد إطفاء النار بالمشاركة والأنسنة واحترام الحريات وحسن الإدارة والتشارك. لازالت المرحلة مفتوحة على مختلف الاحتمالات. متابعة قراءة إصلاح وأنسنة وانفتاح: خيارنا الوحيد
اليوم: 11 سبتمبر، 2014
انكشاف المعارضة!
أين كنا وأين صرنا؟ راحت المعارضة التي كانت بحق وحقيقة، وجاءت معارضة لا فرق بينها وبين الموالاة وأتباع الحكومة.
معارضة هذا الوقت البائس تشرب الكابتشينو مع الچيز كيك في المقاهي، كحال بقية البشر، والعياذ بالله. بل شوهد بعضهم يتناول الوجبات السريعة، أي والله. وشوهدت أنا مصطحباً أولادي لقسم الألعاب في “الأفنيوز”. ولولا الصور التي التقطت لي بالجرم المشهود في قسم الألعاب، والتي تم تداولها على نطاق واسع، لأنكرت. والحمد لله أن أحداً لم يلتقط لي صورة وأنا أحمل ابنتي “ليان” على كتفي وأغني لها قصيدتي النونية التي نظمتها فيها: “يا لونا يا لونا/ دقي على كونا/ قولي نبي تونا/ وقطيعة ليمونا”… الحمد لله الذي صم آذانهم فلم يسمعوني وأنا أغني لها، وهي تلعب في شعرات شاربي. ربك ستر. متابعة قراءة انكشاف المعارضة!
إلى أين انتهينا بالمقاطعة؟!
يردد بعض أهل الحكم، بين بعضهم ومع المقربين منهم، خطاباً سطحياً يعيّر المواطنين المتذمرين من ركود المستنقع السياسي الحالي، برغد حياتهم، ونعيمها، وكمالها، فهؤلاء من أهل الحكم يشكون مستغربين، مرددين عبارات متعالية ومتغطرسة، من صنف "… شنو يبون هالكويتيين… هم بخير ونعمة، ياكلون ويشربون، وعندهم بيوت وسيارات مكيفة، وعلاج ببلاش، ويسافرون بالإجازات أوروبا وأميركا… شنو يبون بعد… الحكومة تدعمهم بالأكل والماء والكهرباء، وتوفر لهم الوظيفة براتب جيد، ولو كانت من غير عمل حقيقي".
ويمضي هذا الخطاب المعاير بمنّة الحكم على الناس والمُستغرِب من تذمر المعارضين دون توقف عارضاً القوائم الطويلة للكرم المشيخي… ليصل في نهايته إلى عبارات كالصفعات المهينة تبغي لجم "المتحلطمين": "شوفوا غيركم… شلون عايشين… حمدوا ربكم…"! هكذا تختصر الحياة والوجود الإنساني بـ"الصدقات" المادية التي توفرها السلطة للمواطنين، وطبعاً الدولة هنا مختصرة بأشخاص الحكم لاغير، وما توفره الدولة من بقالة النفط الاقتصادية هو "إكراميات" من أهل الحكم للناس، وكأن أهل السلطة يدفعون من "جيبهم" الخاص، لذا فليخرس الجميع ويقبلوا أكفهم بالمقلوب.
أما القضايا الحياتية "المادية" الأخرى التي يعانيها المواطن، مثل ارتفاع إجارات السكن، ومشاكل المرور، وسوء الخدمات الطبية والتعليمية، وسلطوية دولة الموظف العام وغير ذلك من شؤون تتكرر في المقالات اليومية وعلى مسامع المسؤولين، فلا قيمة لها، لأنها تتضاءل وتنكمش في ثقافة أهل الحكم أمام حكمة "شوفوا غيرنا…" كلما أثير الحديث عن قضايا، مثل خنق الحريات، وانتهاك حقوق الإنسان، وفرض صور لديمقراطية شكلية على مقاس الحكم.
ثم هناك الصمت المُخجِل عن قضايا الفساد الكبرى والالتفات عنها، والاستسهال والتعامي عن الفساد اليومي في دوائر الدولة المتجسد بالرشا وتكريس المحسوبيات والواسطة، ولنمض، بعد ذلك، ونتذكر أوضاع "البدون" المنسية، وغياب التشريعات للعمالة المنزلية الخاصة (على سبيل المثال)، والممارسة البالغة التعسف في قمع المعارضين عبر تشريعات وممارسات لا تتناسب مع الحد الأدنى لما استقرت عليه الأمم المتحضرة في أحكام العدالة، كل ما سبق يعد ترفاً زائداً عندهم، ولا حاجة إليه.
كيف يمكن مواجهة مثل تلك القناعات السابقة المستقرة عند فئات من أهل الحكم، التي أوصدت الأبواب من خلفها، ولم تعد تنصت لأحد، ولا تمد النظر إلى الغد وما بعد الغد…؟ هل يفترض أن يترك الواعون الأمور على حالها، وينتظروا مترقبين لحظة انفجار الصمت، وهي رجم بالغيب… وليحدث ما لا أحد يريده لهذا الوطن؟ وهل سيبقون أسرى المراهنة على الزمن والقدر؟!
طرق أبواب أهل الحكم لن يضير أحداً، ولا يعني ذلك، التخلي عن كرامة ما ولا التضحية بشيء، الخسارة اليوم ألا نجد بضعة أصوات من أهل الحق المعارضين يقرعون أجراس الإنذار حين تنحرف السلطة في قراراتها السياسية أو تتخبط في إدارة الحياة العامة، وتخضع لأصوات "عوير وزوير" النشاز المتحلقين حولها، بعد أن فرضوا رؤيتهم وحققوا مصالحهم الذاتية، وأخذوا يصولون ويجولون وحدهم على خشبة المسرح الحكومي، وكأن الكويت عزبتهم الخاصة.
كم نائباً صدح بالحق حين حُبِس المغردون وأصحاب الرأي؟! وكم نائباً امتعض – غير راكان النصف – عندما أوقف ضاربو الدفوف تعيين سعد العتيبي في منصب رُشِّح له بعد أن قرر مجلس الوزراء مباركة تعيينه، ثم فجأة "تنحرت" الحكومة في مكانها، وجمدت تعيينه خشية ضجيج أبطال الورق، أو حين تم تخطي حق مواطن ما في سلم الترقية، أو ظُلِم غيره، أو فُصِّلت مناقصة أو مزايدة على مقاس زيد وعبيد…؟ أعلم أن المخلصين للوطن والقلقين على مستقبل أجياله، وما أكثرهم، لهم موقف مبدئي من عدم الحوار مع السلطة أو مشاركتها، وهذا مستحق، لكن نسأل إلى أين وصلنا بعد ذلك…؟ فنحن نسير من سيئ إلى أسوأ.
التحذير من التخدير
ذكر رئيس جمعية تتبع للتنظيم الدولي للإخوان أنهم قرروا إغلاق لجنتي الدعية والنزهة للزكاة بسبب ضعف الإيرادات! ولكنه تناسى ذلك واكمل تصريحه بأنه من أهداف الجمعية تعزيز التواصل بين افراد المجتمع واحتواء الشباب وتعليمهم العادات والتقاليد الأصيلة! فكيف يتفق سبب الإغلاق مع ما سبق أن ذكره عن ضعف إيرادات الفرعين؟ فهل هدف الجمعية جمع المال أم التواصل مع شباب المنطقة؟ ان سبب الإغلاق الحقيقي سرعان ما ظهر على السطح، وكان بطلب حكومي لا علاقة له بتزايد مخالفات الجمعية، فهذه كانت معروفة وكانت تتكرر عاما بعد آخر، بل بسبب ضغوط وزارة الخزانة الأميركية، والأهم وقوف هذه الجمعيات، المسماة ب«الخيرية»، إلى جانب المعارضة! فبالرغم من كل ما اغدقته الحكومة عليها من نعم ومناصب حكومية فانها لم تتردد في عض اليد التي «أعطتها»، وبالتالي وجدت الحكومة منفذا عليها من خلال أطنان مخالفاتها، فتدخلت وأوقفت بعض انشطتها، وهذه الاجراءات لم تنطلق من واقع تنامي خطر الإخوان والسلف، وضرورة كبح جماحهم، بل لخطئها السياسي بالوقوف مع المعارضة، وبالتالي مؤسف أن تأتي الاجراءات الأخيرة، والخجولة غالبا، من هذا المنطلق وليس من واقع ما تسببت فيه من خراب سياسي وتربوي يصعب جدا إصلاحه. وبالرغم من ان الحكومة قامت حتى الآن بإغلاق أكثر من 30 لجنة «خيرية» تابعة للإخوان والسلف، فان ايا من هذه الأطراف لم تبد أي اعتراض أو احتجاج على تهم التلاعب، وما يعنيه قرار إغلاق جمعية دينية من إهانة وطعن في المصداقية، وسبب السكوت معروف، وهو الخوف على ما تبقى لها، وما لا يزال تحت يدها، من أموال طائلة. ومعروف ان هذه الأموال السهلة الجمع سبق أن دفعت أطرافا عدة لدخول ميدان الجمعيات، ومنها شخصية سياسية متنفذة، وافقت لها الحكومة على ترخيص لجمعية «إنسانية»، ولكنها كرست لجمع التبرعات، وقامت الحكومة مؤخرا بإغلاقها أيضا ليس لمخالفاتها فقط، بل وأيضا في الغالب لعدم رضاها عن رئيسها. والدليل الآخر على أن عدم جدية الحكومة في محاربة التطرف وجمع المال لتمويل أنشطة خارجية، هو موافقتها مؤخرا على ترخيص جمعية لتعزيز القيم، يشرف عليها من يعرف عنهم التطرف الديني، وهذه الجمعية ستكون ربما نواة لجمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! وبالتالي فإن عملية ضربة على الحافر وضربة على المسمار مستمرة، من دون وجود سياسة واضحة أو نظرة بعيدة، وهذا يعني أن التخبط الحكومي مستمر. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com