عند البحث عن الأسباب التي تجعل عربيا مسلما يقوم بالتكبير والتهليل ثم نحر عربي مسلم آخر، نجد أن ذلك الأمر لم يتم إلا بعد أن تفشت واستقرت في العقول والضمائر والنفوس مبادئ التكفير، فلو لم يكفره لما حل له نحره والمؤلم أن في بعض الحالات لو انقلب الأمر وانعكس لما تردد المنحور في نحر قاتله، كون التكفير عملية متبادلة بين الجماعات. متابعة قراءة التكفير المؤدي للتكبير والنحر!
اليوم: 10 سبتمبر، 2014
أسلوب (1)
هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها مقالاً على جزأين، وإن لم أكن أحبذ أن أكتب بهذه الطريقة لضمان وصول الفكرة من مقال واحد إلا أن عدم رغبتي في كتابة مقال طويل جداً هي ما يجعلني ألجأ إلى هذا الأسلوب اليوم، لذا فأنا أستميحكم العذر في ذلك. أن توفر الدولة الوظائف للمواطنين هو واجب دستوري عليها للأسف، ورغم تفهمي لأسباب النص الدستوري الملزم للتوظيف حين كتابة الدستور فإني أؤمن بأن هذا الإلزام ساهم في قتل طموح الكثير من المواطنين، وما في داخلهم من طاقة من أجل الاجتهاد والتعب في سبيل الحصول على وظيفة جيدة يبنون فيها حياتهم. فأن يولد الإنسان بضمانة التعليم دون النظر إلى جودته، وضمانة الوظيفة دون النظر إلى قدرات الإنسان، وضمان المساعدة عند الزواج، وضمان تقديم الأموال عن كل طفل يولد، أنهت معظم سبل الإبداع لدى هذا الإنسان، فالأمر أشبه بأن نقول للاعب كرة: لا يهم أن تتمرن أو تحافظ على وزنك أو تبدع في أدائك، ولا يهمّ أن تفوز أو تخسر فأنت ستكون لاعباً بكل الأحوال، وستحصل على راتب شهري دون النظر لما تقدمه لفريقك. كل تلك الضمانات أوصلتنا إلى النتيجة الحتمية التي نعيشها اليوم موظفين بساعات عمل قليلة يملؤون مختلف قطاعات الدولة، ومستوى إنتاجية قد يتمكن ربع موظفي الدولة من إنجازه دون عناء أو جهد يذكران، بل إن وجود هذا الكم من الموظفين يشكل عبئاً مالياً لن نستطيع في السنوات القليلة القادمة سداده من منتجنا الرئيسي والوحيد البترول. نعم قد يكون هناك بعض المتفوقين والمبدعين في قطاعات الدولة إلا أنهم النسبة القليلة التي كافحت لتخرج عن المألوف وتتميز، وقد لا يتحقق لها ذلك أحيانا لانتشار أمراض "الواسطة" والمحسوبية. وطبعا فإن عدم الاستمرار في هذا الوضع يعد ثامن المستحيلات، فلا الحكومة ولا المجلس قادران على تعديل الدستور بشكل يقلل مما يعتقده المواطنون رفاهية أصيلة لا يجوز التنازل عنها، ولا هما راغبان أيضا في تفعيل المادة الدستورية المتعلقة بأداء الضرائب على المواطنين بشكل يضمن حرصاً أكبر من الناس على مصالحهم لأنهم يقدمون الأموال للدولة، وهو ما سيدخلنا في حتمية الإفلاس القريب أو، إن صح التعبير، حتمية اللجوء إلى مدخرات الكويت طوال العقود الماضية من أجل سداد رواتب من لا ينتج أصلاً. لابد من أسلوب مختلف ينقذ ما يمكن إنقاذه ويحسن الوضع دون استفزاز من تربى على الرفاهية دون عمل أو إنتاج حقيقي. نتحدث عن هذا الأسلوب في المقال القادم. خارج نطاق التغطية: حجة اتحاد كرة القدم بقيادة طلال الفهد ومن معه بأن عدم وجود الدعم المادي هو سبب التراجع تدحضها قصة نجاح رياضية جميلة تسمى دورة الروضان الرمضانية التي لا تحظى بأي دعم مادي عدا مكان إقامة الدورة، المسألة مسألة إدارة لا يملكها الشيخ الدكتور ولا من معه فقط لا غير.
الفارس والجنة
“>كان رجل يمتطي حصانه في وسط طريق غير مألوفة، وكلبه الوفي يجري بجانبه. كانت مناظر الطريق خلابة، وفجأة شعر بأنه غادر الحياة، وان كلبه وحصانه ميتان بجانبه، فاصيب بحيرة شديدة فيما يحدث من حوله وإلى اين يقوده القدر، وفجأة وجد نفسه أمام حائط من الرخام، وعليه لوحة مدون عليها حرف «ن»، مضاءة بفعل اشعة الشمس، وفي الوسط بوابة ضخمة أمامها ساحة مكسوة بماء الذهب. وعندما اقترب اكثر وجد رجلا يقف أمام البوابة، وبصوت منهك سأله: أين هو؟ فقال له الرجل انه يقف أمام مدخل الجنة، فقال الفارس: هذا رائع، ولكن هل لي ببعض الماء؟ فرد هذا قائلا: ادخل وسأوفر لك ماء باردا، وما ان بدأت البوابة بالانفراج حتى سأل الفارس الرجل: هل بإمكاني اصطحاب رفيقي معي؟ فقال الرجل، معذرة يا سيدي فالحيوانات الأليفة غير مسموح لها بالدخول، فسكت الفارس لحظة ثم استدار على عقبيه، قائلا انه لا يود ترك رفيقيه، فهو عطش كما هما. حاول الرجل ثنيه عن ذلك، واصفا له ما سيجده في الداخل من طعام وفير وشهي وماء بارد وكل ما تشتهيه نفسه، إلا أن الفارس أصر على مواصلة سيره. وبعد مسيرة غير طويلة شاهد رجلا يتكئ على شجرة، وهو يطالع في كتاب، فسأله إن كان بإمكانه الحصول على بعض الماء، فرد هذا قائلا: طبعا، اذهب إلى ما بعد البوابة وستجد كفايتك مما تريد، فقال الفارس وماذا عن رفيقي، مشيرا إلى كلبه وحصانه، فقال الرجل بإمكانك اصطحابهما معك، فالعطش باد عليهما. وهكذا دخل الرجل ووجد الماء وسطلا وكوبا، فسقى رفيقي طريقه وشرب حتى ارتوى الجميع. عاد الفارس إلى الرجل وسأله عن المكان، فرد هذا قائلا بأنه في الجنة، فاصيب الفارس بالحيرة، وقال له إن من كان يقف أمام البوابة الأولى ادعى أنه يحرس باب الجنة! فرد الرجل قائلا، آه، أنت تقصد البوابة الرخام والساحة الذهبية، لا لا، هناك النار! فقال الفارس ألا تشعر بالضيق لما يدعيه؟ فقال الرجل: لا مطلقا، فأنا ممتن له، فهو يقوم بمساعدتي في التخلص ممن لا أريد، خاصة أولئك الذين يتخلون عن أفضل اصدقائهم، مقابل قليل من الماء!
رمزية القصة واضحة، وتأثيرها هائل، خاصة في عقول الناشئة، ويمكن استخلاص كثير من العبر منها في محبة الأصدقاء، وعدم التخلي عنهم والرفق بالحيوان، والرحمة، والانسجام مع البيئة، ولا أدري حقا لماذا لا تدرس في مدارسنا مثل هذه القصص، بدلا من الروايات التي تمتلئ بحوادث مرعبة وسفك دماء وتعذيب وقتل، والنتيجة نراها فيما يحدث من حولنا من طالبان وداعش وإخوان.
ملاحظة: بين تقرير الشفافية العالمي لعام 2014 في مدى كفاءة الحكومة في إنفاق الموارد العامة أن الكويت تأتي في المرتبة الأخيرة «جدا» بين دول مجلس التعاون، وفي المرتبة 92 عالميا!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com