اصبر ترى الله يحب عباده الصابرين
لا شفت الايام مالت واختلف دلّها
وانظر حواليك في الدنيا شمال ويمين
كم مشكله عند غيرك عجْز ما حلّها
ترى الرضا بالقضا من شيمة الصالحين
عند الله اعمارنا وارزاقنا كلّها
اصبر ترى الله يحب عباده الصابرين
لا شفت الايام مالت واختلف دلّها
وانظر حواليك في الدنيا شمال ويمين
كم مشكله عند غيرك عجْز ما حلّها
ترى الرضا بالقضا من شيمة الصالحين
عند الله اعمارنا وارزاقنا كلّها
حوار دار بيني وبين أوروبي… بدأته أنا:
• ما هي وظيفة وزير الإعلام عندكم في دول أوروبا؟
• ما هي وزارة الإعلام أولاً، كي أعرف وظيفة وزيرها؟ متابعة قراءة سحقاً لأمك الفاضلة
حتى لا تقيّد حرب غزة الأخيرة ضد مجهول كالعادة وتذهب بالتبعية الدماء والأشلاء والبيوت المهدمة هباء دون الإجلاء عن حقيقة من بدأ الحرب وما الأهداف التي كان يأملها منها، وهل تحققت؟ نذكِّر بأن هناك من ادعى في البدء أن الشباب الثلاثة الإسرائيليين لم يقتلوا وان الأمر حجة تريدها إسرائيل لشن الحرب التي استعدت لها منذ زمن طويل، ثم قيل إن الشباب قتلوا في حادث سيارة في ايلات (لاحظ الدقة)، حتى أقر السيد خالد المشعل أخيرا بأن أجهزة تابعة لحماس هي التي قامت بتلك العملية، التي حققت أهداف الجماعات اليمينية المتطرفة في إسرائيل بغزو غزة، ولم يذكر المشعل إن كان هناك من حقق وحاسب من قام بذلك العمل الذي ذهب ضحيته ألفا قتيل فلسطيني وأحد عشر ألف جريح.
****
وشاهد العالم مقنعين من «حماس» يعدمون 18 شابا فلسطينيا بالشوارع دون محاكمات، في وضع أعاد للأذهان إعدامات «داعش»، والغريب جدا ان إسرائيل لم تطالب بمن قيل إنهم جواسيس لها أو حتى تندد بذلك الفعل، مما قد يعطي دلالة على أنهم ليسوا عملاء لها أو أن لديها آلاف العملاء، ما يجعل هذا العدد صغيرا بالنسبة لها، علما أن الدول تطالب في العادة بجواسيسها وتعرض مبادلتهم بمن لديها من أسرى، كما تندد بما يصيبهم كوسيلة لإبداء الامتنان لهؤلاء العملاء وكوسيلة لتسهيل تجنيد المزيد منهم.
****
وكل حروب ينتج عنها أمران يسهلان تجنيد العملاء، أولهما الأسرى الذين يصبحون في أوج ضعفهم وحنقهم، ما يسهل استخدام وسيلتي الترهيب والترغيب معهم، والأمر الثاني هم بعض أبناء الشهداء الذين يصبحون فجأة دون عائل ودون مرشد، فتصبح حاجتهم للخبز والوظيفة وسيلة لتجنيدهم، لذا فتخفيف عدد العملاء يلزم تخفيف عدد الحروب غير المتكافئة التي ينتج عنها مئات الأسرى وآلاف الشباب المشردين.
****
وأهم كتاب خط عن حماس وغزة والجواسيس هو كتاب الباحث الفلسطيني والإعلامي الدولي زكي شهاب المسمى «حماس من الداخل»، ويرى (صفحة 100) أن المواجهات العسكرية وخوف الفلسطينيين من قيام الجيش الإسرائيلي باعتقالهم «جعلهم لقمة سائغة للإسرائيليين» وسهلت عملية تجنيدهم كعملاء وجواسيس، ومن أمثلة العملاء وليد حمدية رئيس قسم الدعوة الدينية في حماس والقريب من الشيخ أحمد ياسين، والذي تم تجنيده بالمال، فتسبب في اغتيال العديد من قيادات حماس مثل ياسر النمروطي قائد الجناح العسكري ومروان الزايغ وياسر حسنات ومحمد قنديل، ثم زار القيادي الذي دوخ إسرائيل وأتى أمر اغتياله من شارون ومجلس الوزراء الإسرائيلي ونعني القيادي عماد عقل الذي أفطر معه حمدية وهو لابس سروال به جهاز تعقب ثم صليا المغرب في رمضان وسلمه للإسرائيليين، وكان الإسرائيليون يقومون بالقبض على جاسوسهم حمدية وسجنه وتقصد بيته بقذائف الطائرات لإعطائه المصداقية، وكان من جانبه يدعي التشدد والتطرف، وكانت حسرته الوحيدة قبل إعدامه أنه لم يسلم القيادي يحيى عياش للإسرائيليين الذي اغتيل لاحقا عن طريق هاتف ملغم وصله من صديق عميل، أما الدكتور فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد فقد سلمه القذافي لحتفه في مالطا وسط صمت مريب للقيادات الفلسطينية.
****
آخر محطة: كقاعدة سهلة وبسيطة.. يجب ألا تخشى الأمة قط من دعاة الحكمة والاعتدال فيها، الخشية هي دائما من دعاة التشدد والتطرف، فمن يجند شخصا لخدمته يطلب منه بداهة ادعاء العداء الشديد له.. لا الترويج لصداقته كي لا ينكشف!
صور الفنانة حورية سامي، الله يذكرها بالخير، على شاشة التلفزيون أيام الستينيات ماثلة أمامي، فهي "كومبارس ردادة" إذا كانت هناك وفرة في الصوت النسائي للأغاني الكويتية، ثم تصبح مغنية "سولو" إذا عانى التلفزيون ندرةَ المغنيات، ثم تعود، مرة أخرى "كومبارس" حسب الظروف، وتظل تتنقل بين مهام الكومبارس إلى وضع مطربة الشاشة المنفردة حسب الظروف.
وزراء الدولة، لا يختلفون عن وضع الفنانة حورية سامي، فالمرشحون للوزارات، يظلون في مستودع ذاكرة أهل القرار من شيوخنا دائماً، يتم اختيار بعضهم اليوم، ثم يُستغنَى عنهم في تشكيل وزاري آخر، ثم يعود هؤلاء إلى الواجهات الوزارية في تشكيل جديد، وتعاد دورة تبديل الكراسي من وزير احتياط يجلس بهدوء وترقُّب في صالة منزله منتظراً مكالمة تلفونية تستدعيه، مادام من فرقة المرضي عنهم، ولا يصدّع رؤوس الكبار، ولا يبارح منطقة "الموظف الكبير"، بمسمى وزير لينتقل في ما بعد، حسب حظه، من حالة الاحتياط إلى حالة الوزير الفاعل بسلطات الموظف الكبير المحدودة، وتظل حركة "ري سايكل" للوزراء (إعادة التدوير للمنتجات الصناعية) مهيمنة على عقيدة أصحاب القرار، ويبقى الوزراء، ومَن في حكمهم، يراوحون في مكانهم الثابت، دخولاً وخروجاً من الوزارة عبر بوابة "رفولفر" في قصور شيوخنا الكرام، بالوجوه ذاتها، وبالفكر السابق ذاته، لا يتغيرون، فمستودع الاختيار بنموذج قانون حورية سامي، يبقى على حاله مهما تغيرت الظروف وتحديات الدولة.
وعلى هذا لا نستغرب ذلك الإقرار من أهل التخطيط بأن خطة التنمية الأخيرة فشلت، ولا يقبل التعذر بطول الدورة المستندية مثلاً، أو غير ذلك من أسباب لا تشير بإصبع المسؤولية مباشرة إلى علة الديرة وداء الدولة المزمن منذ عقود طويلة، التي تقول إن الخطة فشلت لأن مَن أشرف على وضعها وعجز عن تحقيق أغراضها هو ذاته فاشل، وعاجز عن مواجهة الواقع وتحدياته، فمادام "قانون حورية سامي" لا يتمثل في اختيار الوزراء فقط، بل في اختيار معظم المسؤولين في مؤسسات الدولة كذلك، مع بقائه على وضع "يارب لا تغير علينا"، فلا جدوى من كل الأحاديث المنمقة عن خطط التنمية ووعود الغد، فليست تلك النهاية سوى أحلام يقظة عند الواهمين بقدرة الإدارات السياسية الحاكمة على نقل الدولة من هذا الحال المتردي.
لنقر بأن المصيبة تتجذر في أشخاص القياديين وفكرهم المفلس من الحدود الدنيا للثقافة والعلم الإنسانيين، وعجزهم عن المبادرة الخلاقة والتجديد الأصيل في الإدارة، هم، لا أحد غيرهم، مَن خلق هذا المرض المزمن في الدولة، بكل ما يمثله من رخاوة في تطبيق سيادة حكم القانون، وانتهاك حقوق الأفراد وحرياتهم، إلى تدهور مؤسسات الدولة وخدماتها في الصحة والتعليم، والأمن وغيرها.
ونتأمل بحسرة وحزن سوء الحال المتجسد في كل مرافق الدولة من مطار بشع وخدمة نقل تافهة، إلى مرور خانق، ومستشفيات ومراكز صحية في حالة يرثى لها في الإدارة، ولو وجد فيها أفضل الأطباء، إلى مدارس ومناهج تعليمية متكلسة تدار بفكر القرون الوسطى وتشكل وصفات ممتازة لتخريج كوادر "داعشية"، وجيل رخو متواكل على عمل الغير، هو جيل شبابي ضحل الوعي الاجتماعي والسياسي، وهو نتاج حتمي للحالة الريعية في الدولة، أما القلة الواعية منه فهي إما في السجون، أو مهدَّدة به، لأنها سرحت بتغريدة أو تظاهرت دون الموافقة المباركة من السلطة، وهناك "فيض من غيض" متمثل في أزمة مرور خانقة، إلى غلاء غير معقول للأراضي السكنية، وهناك المشروعات المتوقفة المنسية من استاد جابر إلى مستشفاه إلى جامعة الشدادية، وقوائم النسيان واللامبالاة السياسية طويلة ممتدة، تتوه في دهاليزها ذاكرة الحسرات، ويكاد يكون عدها وحسابها ضرباً من الخيال.
وتبقى أحوال الفشل والفساد على حالها، أبوابها مشرعة، للطامحين المقربين مع تهميش للغير وقضايا الغد، ويصبح المستقبل مجهولاً تغشاه وساوس القلق و"اللا يقين" والخوف على مستقبل وحلم الأجيال، مادامت تلك الجماعات المستفيدة تنظر إلى الدولة كما ينظر أصحاب المخيم إلى مخيمهم بعد انتهاء وقت التخييم الربيعي، فهذا له الثلاجة، وذاك سيأخذ خيمة الجلوس، بينما قبض الآخر الملايين واستثمرها في الخارج وضمن مستقبله ومستقبل سلالته من بعده قروناً قادمة، إن لم يكن حرز عليها في "كبت أمه"، وتُرِكت أرض المخيم يباباً مهجوراً، إلا من أكداس قمامة مهملة، يتحلق حولها أطفال الغد، يجلسون من غير غطاء خيمة يظلهم من وهج شمس الصيف الملتهبة، فقد طارت، بالأمس، الطيور بأرزاقها، فهذا هو قانون حورية سامي، وهذا دستور مخيمات ربيع القلة الشطار.
الظواهر التي سأتكلم عنها ليست مقتصرة على دولة بحد ذاتها، بل تشمل غالبية الدول العربية والإسلامية، ولكنها تبدو أكثر حدة في الدول النفطية الثرية، وأكثر مدعاة للاستغراب. فظاهرة الغش في الامتحانات الدراسية متفشية لدينا، والغش في الأغذية وتقديم وجبات مطاعم فاسدة أمر منتشر أيضا، ولا يكاد يمر يوم من دون أن نسمع بضبطية هنا أو «كبسة» هناك. والغش في شهادات خلو عمال المطاعم وشركات التغذية من الأمراض المعدية أمر عادي، بالرغم من تأكد إصابة الكثيرين منهم بأمراض خطيرة معدية، ونشوب الحرائق في المخازن الحكومية ومشاريعها الإنشائية اصبح موسمياً، والغش في منح إجازات قيادة المركبات، حتى الثقيلة والخطيرة منها، ليس بالامر المستغرب، وتزوير أذون الزيارة والعمل للعمالة الوافدة أصبح «روتينيا» أكثر كشرب الماء البارد، ومخالفة قوانين المرور أصبح القاعدة وليس الاستثناء. وشراء الحكومات الولاء من أموال الشعب، إما من خلال توزيع حيازات زراعية أو أموال نقدية أو رخص تجارية أو إرسال ناخبي النواب لتلقي علاج الزكام في دول أوروبا، هو السائد، واصبح الغش والتلاعب في الجمعيات التعاونية أمرا شبه مقبول، وكذلك الامر في الجمعيات والمبرات المسماة بالخيرية لنهب أموال التبرعات أو التساهل مع سارقيها. كما لا يتورع الكثير من المواطنين «الطيبين» المصلين الصائمين عن مخالفة كل قانون، والاستيلاء على أملاك الدولة أمام بيوتهم، وتأجير سراديبها للتخزين، وتكليف نواب مناطقهم للتوسط لهم في إتمام كل معاملة مخالفة للقانون. هذا غير عشرات آلاف مخالفات البناء السنوية، وبيع المواد الغذائية المدعومة والأعلاف المدعومة في السوق السوداء، وسرقة وقت الدولة بالحضور للعمل متأخرين، والمغادرة قبل انتهاء العمل بساعات من دون الشعور بأي تأنيب ضمير! ولكن، وآه من ولكن، قد يقول قائل ان هذه الظواهر لا تقتصر على الدول العربية والمسلمة فقط، بل تشمل غالبية دول العالم الكافرة والوثنية والمشركة، كالهند وتايلند والفلبين وغيرها. ولكن، مرة أخرى، هذه الدول لم تدع. يوما أن مواطنيها أفضل البشر، ولا يتكالب شعبها على بناء أفخم دور العبادة في كل متر وشبر، ولا تكتظ «تنابلهم»، جمع Temple، بالمصلين طوال العام، ولا تخلو أحياؤهم السكنية من البشر اثناء فترات إفطار رمضان والصلوات، كما يحدث في الدول الخليجية، ولا يتصارعون للحصول على كرسي فارغ على طائرة حجاج! وبالتالي من المستغرب جدا، أو العكس، أن نجد مساجدنا مكتظة، وخاصة في المناسبات الدينية، بملايين المصلين الخاشعين؟ والسؤال هو من الذي يرتكب كل هذه المخالفات والموبقات والسرقات؟ هذا سؤال نتركه لكم! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com