ماشي، كلنا متفقون على أن مطار الكويت أشبه بكراج في صناعية الفحيحيل، وأنه يطأطئ رأسه خجلاً عند مقارنته بمطار في منطقة نائية في بلد متوسط الثراء. وطبعاً من البجاحة مقارنته بالمطارات الرئيسية في الدول الأخرى… وكلنا متفقون أن طائراتنا “عزبة قوانيص”، ولن نندهش إن وجدنا في مقصورتها علبة ساردين، ودهن بريك منتهي الصلاحية، وعلبة معدنية تحوي مفكات و”لزّاقاً”، وقصافة أظافر، وعلبة كبريت، وبنادول نايت، وحبلاً أصفر مصنوعاً من النايلون، وطربالاً ووو…
أما شوارعنا فمازالت أفضل من شوارع السودان. الحق حق والإنصاف مطلوب. على الأقل، شوارعنا فيها أرصفة، أو بقايا أرصفة، في حين أنني صفقت فرحاً بعد أن رأيت شارعاً مرصوفاً في الخرطوم… وملاعبنا الرياضية تأنف الأغنام المحترمة من الرعي فيها، بعد أن تحولت إلى دورات مياه للكلاب الضالة والكلاب مجهولة الأبوين.
ومعاملات الحكومة عندنا مازالت على طريقة الموظف الجالس في غرفة رطبة، يضع منديله خلف رقبته، ويستخدم الدرج الخشبي للبحث عن ملف معاملتك، ويشتكي لك من عياله الشياطين وأم عياله التي تنسى الملح أثناء الطبخ…
وخدمات التكنولوجيا والإنترنت (أصبحت الآن من الأساسيات بعد أن كانت كماليات، فكم من وظيفة يعتمد صاحبها في رزقه على خدمات الإنترنت) كلها في يد مجموعة شركات تتبع النهج العثماني (لا تجوز محاسبتها، وإذا كانت الجريمة ثابتة والشهود كثراً فلا مانع من محاسبة ظلها، من باب العدالة).
عن ماذا أتحدث؟ وعن ماذا أسكت وأغض الطرف؟ عن المستشفيات التي تفوقت عليها مراكز الحجامة؟ أم عن المناهج التعليمية؟ أم الشأن الرياضي؟ أم الفن وأهله ومستوى ما يقدم ومستوى المسارح؟ أم عن طريقة تعامل وزارة الإعلام مع أهرامات الفن الكويتي؟ أم عن وعن وعن…
كل هذا تحت النظر واللمس، لا يحتاج إلى شهود عدول ثقات… فقط ثمة أسئلة تشغلني: كيف يفكر من يدافع عن حكوماتنا المتعاقبة؟ كيف يفتخر بأداء هذه الحكومات التي تتحكم بمليارات الدنانير، ثم تتبخر هذه المليارات في غمضة عين، إلى الدرجة التي وصلنا فيها، على ذمة الخبير الاقتصادي جاسم السعدون، إلى أن الفساد عندنا تجاوز فساد دول الاتحاد الأوروبي كلها مجتمعة؟ والأهم، على أي أساس يرفع البعض يديه بالدعاء: الله لا يغيّر علينا؟
هل سافر هؤلاء إلى دول أخرى أقل من الكويت قدرة مالية ورأوا كيف تنهض؟ طيب إن لم يكونوا قد سافروا، فهل شاهدوا الفضائيات؟ هل شاهدوا صور الدول الأخرى؟ طيب هل استمعوا إلى أحاديث أقربائهم وأصدقائهم الذين سافروا وشاهدوا دول العالم؟
صدقاً أسأل، فليس كل من يدافع عن الحكومة مرتزقاً ومستفيداً. بالتأكيد هناك من هو صادق ونقي، وهذا ما نحتاج إلى معرفة طريقة تفكيره وزاوية الرؤية.