سعيد محمد سعيد

«الجيش العربي»… وين؟

 

صورتان مدهشتان انتشرتا كثيراً، وربما شاهدهما القارئ الكريم، خلال الأعوام القليلة الماضية، الصورة الأولى لعناصر من جيش «عربي» ينكلون بالمواطنين ويقمعونهم حتى النزيف ثم يصعدون على تلك الأجساد من النساء والرجال والصبية بعد إرغامهم على الانبطاح أرضاً؛ أما الصورة الثانية، فهي لكتيبة من الجيش الياباني وهي تساعد المنكوبين المتضررين من إعصار «تسونامي»، ثم يجعل عناصر من ذلك الجيش أنفسهم جسراً ليتمكن الناس من المشي عليهم والوصول إلى الضفة الأخرى بأمان.

باستثناء الجيشين المصري والتونسي، وهناك من ينتقدهما قطعاً، واجهت الشعوب العربية في فترة الحراكات المطلبية، سمها ربيعاً عربياً إن شئت وأنا أسميها مرحلة المطالبة بالحقوق العربية، واجهت ممارسات مرعبة لا علاقة لها لا بالقيم الإنسانية ولا الدينية ولا الوطنية من بعض الجيوش العربية التي بدا واضحاً أن عقيدتها هي غرس منهج «العصابات المسلحة» وليس «حماة الأوطان». وبالتالي، كانت الصدمة وخيبة الأمل في الأمة كبيرة تجاه تلك الجيوش التي قال عنها المحامي والسياسي ووزير حقوق الإنسان في حكومة حمادي الجبالي بتونس سمير ديلو: «هي في الأغلب جيوش توجه ترسانتها العسكرية لشعوبها وليس لأعدائها».

خيبة الأمل في الأمة كبيرة دون شك، ولربما تتضاعف الآن، أكثر من أي وقت مضى، مع ضراوة أحداث غزة وبسالة المقاومة الفلسطينية في الصمود والتصدي، في حين أن كلمات عبارة أو أغنية من قبيل «الجيش العربي وين.. الشعب العربي وين… وين الملايين»، من الممكن أن تكون مدعاةً للبكاء بفجاعة.

لقد سلبت أحداث الوطن العربي وثوراته، وعلى الخصوص في سورية والعراق وأحداث لبنان، واستمرار الأوضاع القتالية في ليبيا واضطرابات مصر وتونس، سلبت النظر عن القضية الرئيسية (فلسطين)، ثم عادت اليوم من جديد إلى واجهة الأحداث والدماء تنزف في كل الوطن العربي والإسلامي.

إذاً، الولاء المبرمج لدى الجيوش العربية هو الولاء لأنظمة الحكم مهما كان منهج ذلك النظام، والتفاني في خدمته وسحق شعوبهم – الذين هم في الغالب أهلهم وذووهم – ليصبح جهادهم المعقوف هذا بعين الله ولأجل الثواب العظيم والمنزلة الرفيعة زعماً!

وليس غريبًا أن تجد عناصر من تلك الجيوش المبرمجة يتجاوزون حدودهم مع رب العالمين، في حين أنهم لا يرضون أبداً بأن يأتي ذكر سيادة الرئيس أو دولة فلان ومقام علان إلا بالتهليل والتكبير والتبجيل. فعلاً، تلك الفئة، هي منهج «العصابات المسلحة» وليس أبداً لهم علاقة بالفكر الإنساني والوطني والديني.

لكن، ما هي العقيدة العسكرية أو عقيدة الجيش؟ حسب الموسوعة الحرة «ويكيبيديا»، فإن الناتو (حلف شمال الأطلسي)، استخدم التعريف المستخدم بين دوله الأعضاء: «العقيدة العسكرية هي مُجمل المبادئ الأساسية التي تتخذها القوات العسكرية لإنجاز مهامها، وهي قواعد مُلزمة وإن ظلت المواقف القتالية المختلفة الحكم الأساسي لاتباع أي من قواعد العقيدة العسكرية»، وجاء في تعريف الشق الاجتماعي السياسي بجميع المسائل المتعلقة بطريقة الأداء والاقتصاديات والقواعد الاجتماعية والأهداف السياسية المتعلقة بالحرب، وهو بالتالي الجانب الأكثر تأثيراً وثباتاً خلال النزاع العسكري، وعليه يتعيّن على الجانب العسكري التقني الالتزام بتحقيق الأهداف السياسية المتوقعة من الحرب. ويتلخّص هذا الجانب في خلق تكوين عسكري وتسليح القوات المسلحة بأحدث الأساليب التقنية والالتزام بالأساليب العلمية الحديثة في تدريب القوات وتوصيف التشكيلات العسكرية وتوظيفها وإدارة العمليات العسكرية المختلفة والحرب بأكملها». انتهى الاقتباس بخلاصة أن العقيدة تتكامل في مواجهة الأعداء وليس الشعوب.

وفي ذلك المسار، خصص الكاتب والصحافي اللبناني زهير ماجد مساحة كبيرة من أطروحاته لهذا الموضوع المهم، فهو يرى أن الجيش ينتصر لعقيدته، ولكل جيش عقيدة قتالية، يواجه من أجلها كما يموت لأجلها، لكن الطامة الكبرى التي يحددها ماجد هي أن أكثر الجيوش العربية ترهلت، وبعضها أصابه نحس الهزائم أمام «إسرائيل»، فأصيبت بلعنة القتال ضدها. تحول الجيش الاسرائيلي عند البعض إلى بعبع مخيف مهاب قبل أن يتقدّم إلى قتاله أي كان، وهذه الفكرة كسرتها عقيدة «حزب الله» الذي انتصرت به قبل سلاح مقاتليه وصمودهم في أرض القتال مع الصهاينة، ومع الوقت، صار على تلك الجيوش العربية أن تستعد لتكون قوى أمن داخلية، من المؤسف أن عقيدتها العسكرية، صار مشكوكاً بأمرها بعد أن حوّلت سلاحها للداخل، عندما صار أعداء الداخل أشبه بأعداء الخارج لا بل أخطر منهم.

ثم يورد الكاتب جوانب من أوضاع الجيوش اللبنانية والسورية والمصرية والتونسية والليبية والعراقية واليمنية وما يحل عليها وفيها ومنها من بلاء وانكسار ومواجهة ضد أعداء الوطن الداخليين والخارجيين، ومن بينهم المجموعات الإرهابية والعصابات المسلحة، ليشدّد على أن «إسرائيل» هي المحرك الأول والمستفيد الأول والمتآمر الأول لتحطيم تلك الجيوش. وهذا أمر صلاح لها لإعادة تثبيت عقيدتها وإدارة بندقيتها من الشعوب إلى الصهاينة، رغم قوة ونفوذ وأموال أعوان الاستعمار.

احمد الصراف

داعش والمناهج

“>الدولة المسماة بالإسلامية في العراق والشام ليست المحاولة الأولى، ولن تكون حتما الأخيرة في مسلسل إقامة خلافة تهيمن على كل مسلمي العالم، أو العرب على الأقل. وهذه المحاولات لم تأت من فراغ، بل هي تحقيق لتنبؤات ونصوص دينية تبشر بقيام الخلافة يوما، ومن مات دون أن يبايع فقد مات موتة جاهلية، والبيعة لا تكون إلا للخليفة. ولو نظرنا لمناهج مئات آلاف المدارس، وفي أي دولة إسلامية كنت، لوجدناها تزخر بالمواد المتعلقة بالخلافة وتاريخها وضرورة قيامها. كما تدور في الوقت نفسه، ومنذ عقود عدة، مناقشات صاخبة في اروقة «كليات» الشريعة عن شكل دولة الخلافة وشروط قيامها وطريقة إدارتها، وبالتالي من السذاجة القول إن قيام دولة داعش كان مفاجئا للبعض!
لست معنيا هنا بمن يقف وراء هذه الدولة، وإن كانت صنيعة صهيونية إمبريالية تمولها «السي آي أيه»، أو «الكي جي بي»، أو حتى مخابرات جيبوتي، فهذا لن يغير من حقيقة أن الجهل الذي زرعناه في مناهجنا على مدى نصف قرن نحن الآن بصدد حصاد ثماره. فإن كانت داعش حركة نقية تنطلق من ذات القائمين عليها، أو كانت صنيعة دولة ما، فإن ذلك لا يغير من حقيقة أن هناك عشرات آلاف الشباب الجاهزين للقتال في صفوفها، واضعاف اضعافهم الذين لن يبخلوا بالمال في سبيل نجاحها في تطبيق منهاجها، كما يعتقدون!
وبالتالي على حكومات الدول العربية إما «مسايرة» داعش، والسير في ركابها، وبالتالي الاندماج الطوعي فيها، أو أن تباشر فورا بتعديل مناهج المدارس وإغلاق كليات الشريعة، فهي بدعة وتقليد لنظام تدريس اللاهوت، والعمل على جعل تدريس مادة الدين كعقيدة دينية، وليس كأداة لتكفير الآخر، وبث الرعب في النفوس، وتحضير الأمة ليوم الخلاص العظيم.
أقول ذلك وأنا على ثقة بأن دولة الخلافة الجديدة في الموصل إلى انهيار وفشل حتمي، وستكون نهايتها من داخلها أو على يد التنظيمات الدينية الأخرى المخالفة لها، والمشكلة هي في الثمن، المادي والمعنوي، الذي سيدفع لإنهاء هذا الوضع الشاذ. فكما هو معروف ليس هناك اتفاق بين رجال دين هذه التنظيمات الداعية لإقامة الخلافة، والتي تعود جميعها لحركة الإخوان، على تعريف محدد لما تعنيه الدولة الإسلامية، ولا على حدودها، ولا على موقفها من مواضع الشورى والاتفاقيات الدولية والعلاقة مع الدول العظمى وإسرائيل وإيران والعراق وغيرها، وهكذا، وما يعنيه ذلك من أن الدولة الجديدة عليها إما أن تتلون وتتغير وتهادن، وبالتالي تفقد كل ما يجعلها حركة «نقية» في عيون مناصريها، أو أن تبقى دون تغيير وتقضي ايامها في حرب مع كل من يعاديها.
المهم هنا أن السكوت عن هذه الدولة المسخ الجديدة يعني أن موقف الحكومات الإسلامية منها سيكون محل تساؤل.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

شخصية

أقصر مادة في الدستور وأكثر تلك المواد وضوحاً ومباشرة هي المادة 33 منه، حيث لم يتجاوز نصها كلمتين لا أكثر "العقوبة شخصية" نقطة انتهى النص. من هذه المادة نبدأ ونشرح على خلفية ما حدث في أواخر رمضان من إسقاط لـ"جناسي" بعض المواطنين، أحدهم لاعتبارات المصلحة العليا كما جاء في تعليق الحكومة على الموضوع، وآخرون لحصولهم عليها من دون وجه حق، طبعاً لا حاجة للقول وتحديداً في الحالة الأولى من إسقاط الجنسيات الأخيرة بأن قانون الجنسية منح الحكومة سلطة تقديرية في إسقاط الجنسية تحت شعارات فضفاضة دون أسباب واضحة أو أحكام قضائية نافذة، وهو أمر يعتبر بحد ذاته مصيبة مرت على جميع المجالس دون تعديل أو تقويم لهذا القانون، بالإضافة إلى بعض نصوص هذا القانون المتمثلة باشتراط ديانة واحدة للتجنيس وغيرها، وهو ما يستدعي حتماً المبادرة بتعديل قانون الجنسية أو اللجوء إلى المحكمة الدستورية للبتّ في دستورية بعض مواد القانون. أما الشق الآخر والمتعلق بإسقاط الجنسية عن مجموعة من المواطنين لأن أحدهم حصل عليها بغير حق، وتحصل البقية عليها بالتبعية، فهو الأمر الذي يستحق النظر والمراجعة بشكل أكبر، فلنفترض أنني قمت بتزوير النسب للحصول على الجنسية، وقد انطلى هذا التزوير على المعنيين بإدارة الجنسية، فمنحوني الجنسية وبالتبعية حصل عليها أبنائي من بعدي، ولم يكتشف أحد التزوير فكبر الأبناء وباتوا يعملون في مختلف قطاعات الدولة الحكومية والخاصة، بل إن أحدهم يبلغ من العمر 28 عاماً ومتزوج ويعمل في القطاع الخاص، ويتقاضى راتباً يصل إلى 1800 دينار تقريباً، بما فيها راتب دعم العمالة والعلاوات، وبعد قرار الحكومة أصبح بدون جنسية براتب وقدره 250 دينارا فقط لا غير، والسبب أن والده قام بتزوير نسبه قبل ثلاثين عاما تقريبا، أي قبل أن يولد أصلاً!! الخطأ مشترك حتما بين طرفين: من قام بتزوير بعض البيانات للحصول على الجنسية، ومن منح الجنسية له دون تدقيق عميق يعادل أهمية منح الجنسية، وعلى الرغم من كل ذلك يعاقب المخطئ ومن حصلوا عليها بالتبعية له دون أي أثر فعلي على الطرف الآخر المانح للجنسية من الأساس، وهذا ما يعيدنا إلى أول المقال بأن "العقوبة شخصية" كما نص الدستور، فالمزور يعاقب على تزويره على ألا يمس ذلك أهله وذويه حتى إن كانوا قد تحصلوا على الجنسية نتيجة لذلك التزوير، خصوصاً إن بلغوا سن الرشد، فمن غير المعقول أن يفاجأ الابن أو البنت بعد ثلاثين عاما على تزوير والده بأن يصبح بلا هوية ولا مسكن ولا راتب؛ لأن الدولة وبكل بساطة أخطأت قبل ثلاثين عاماً، وقررت تعديل الخطأ بعد كل تلك المدة… إن ما حدث يعتبر كارثة اجتماعية بكل المقاييس وهو أمر غير مقبول أبداً. أما الحل فيكمن بأن تكون هناك نصوص واضحة في حالات التزوير تحديداً تمنع أن يتأثر الأبناء بعد انقضاء مدة معينة على التزوير عشر سنوات أو أقل مثلاً، كما تمنع أن يتضرر من إسقاط الجنسية من بلغ سن الرشد من الأبناء. أنا من أشد المؤيدين لفتح ملف الجنسية وكم التلاعب الذي حصل فيه طوال السنوات، ولكن لا يكون ذلك على حساب من لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء شخص ارتكب جريمة التزوير والغش، القضية شائكة ومعقدة بلا أدنى شك، لكن العلاج لا يعني خلق كوارث اجتماعية لا تحلّ بحجة تعديل الأوضاع. ضمن نطاق التغطية: النص الحالي لقانون الجنسية فيما يتعلق بسحب الجنسية ينص على "إذا كان قد منح الجنسية الكويتية بطريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة، ويجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية"، كما هو واضح بأن النص يجوّز سحب الجنسية ممن كسبها بالتبعية، ولا يلزم بذلك، وهو ما يعني إمكانية تفادي الكوارث الاجتماعية لذوي من غش، إلا أني أعتقد أن قانون الجنسية برمته يجب أن يعاد النظر فيه كاملاً.

سامي النصف

محاربة الإرهاب بالإرهاب!

مع إنهاء الحرب الكونية الثانية، سقطت دول شرق اوروبا تحت اقدام الدب السوفييتي، وتشكلت معها احزاب شيوعية قوية في فرنسا وايطاليا واليونان كانت قاب قوسين او ادنى من الوصول للحكم في تلك البلدان عن طريق الانتخابات، ومن ثم اختراق الناتو والمعسكر الغربي وخلق «حصان طروادة» بينهم تعمل لمصلحة السوفييت.

****

توازى مع ذلك التمدد الشيوعي ظهور مفاجئ لمنظمات ارهابية ماركسية جند قادتها عندما كانوا في السجون مثل بادر ماينهوف الالمانية والألوية الحمراء الايطالية، وقاموا بجرائم ارهابية كبرى كالقتل البارد لرئيس الوزراء الايطالي المعتدل الدو مورو، مما خلق ردود فعل شعبية ضد الاحزاب الشيوعية الكبرى، ولم ينفع انكارها واعتراضها على تلك التنظيمات الارهابية التي لا يعلم احد من يقف خلفها، فانحسر التأييد عن الاحزاب الشيوعية ولم تعد لها فرصة في تشكيل الحكومات في فرنسا وايطاليا، اما اليونان فقد تكفل انقلاب عسكري بمحاربة وتحجيم حزبها الشيوعي.

****

ومع هزيمة الجيوش العربية في حرب 1967، سادت على الساحة العربية والفلسطينية فكرة الحرب الشعبية لتحرير فلسطين، تشكلت العديد من المنظمات الفلسطينية «الشعبية» الداعية لتلك الحرب، وتم لاحقا تدمير تلك الفكرة عبر ظهور منظمات ارهابية كحال منظمة ابو نضال وابو العباس والجبهة العربية لتحرير فلسطين وغيرها ممن ادعوا تبني شعبية حرب التحرير، الا انهم تخصصوا في الأعمال الاجرامية التي نفرت العالم من نصرة القضية الفلسطينية واختفت تلك التنظيمات الغامضة كما ظهرت.

****

هذا الامر او الظاهرة تكررت مع الحركات الاسلامية وتنظيمات المجاهدين التي انتصرت على السوفييت في حرب افغانستان، حيث رأينا ظهور القاعدة والزرقاوي وداعش وجميعها تطبيقات مكررة ناجحة لمحاربة الارهاب بالارهاب والعمل من خلال خطة العدو وقد بدأ انحسار التأييد الشعبي لتلك التنظيمات التي ستختفي فجأة كما ظهرت، وما تنظيم فتح الاسلام وقائده شاكر العبسي ببعيد عنا وستلحقه قريبا داعش وسيختفي البغدادي كما ظهر.

****

آخر محطة: يتبقى تساؤل قائم هو من اين للتنظيمات المتطرفة في اليمن والصومال والعراق وسورية وليبيا الاسلحة والاموال اللازمة لمواصلة تدمير البلدان العربية حتى اصبحت تهزم الجيوش النظامية؟! واضح ان هناك خيطا متصلا يربط بين التنظيمات الارهابية الماركسية والفلسطينية بالامس والاسلامية المتشددة الحالية اليوم!

احمد الصراف

نعم.. نحن «داعش»!

“>لم أتوقف يوما عن التحذير من قدوم «داعش»، أو ما يماثلها، فعلت ذلك لعشرين عاما، وطالبت بحظر الجمعيات المسماة بالخيرية، وبتعديل المناهج وإسكات المتطرفين من الدعاة، وبمراقبة مدارس التحفيظ وتجريم من يحارب في الخارج وغير ذلك، ولكن لم يستمع أو يلتفت أحد الى ما كتبت، فقد كانت الأمة بكاملها، إلا بضعة مستنيرين، ضد ما كتبت، او على الأقل على غير اتفاق مع «مبالغاتي»، فالدعاة لا يريدون غير الخير للمسلمين، وماذا عن غيرهم؟ وبالتالي استمرت الحكومة، ومعها الشعب المغلوب على أمره، وحتى لحظة كتابة هذا المقال، بالتغاضي عن حقيقة خطورة الحركات الدينية على النسيج الاجتماعي وعلى أمن الوطن ككل. ولم تكتف الحكومة بذلك، بل استمرت في غض النظر عن كل مخالفات الجمعيات في جمع الأموال. وبالتالي يحق لنا القول إن من خلق «داعش» ليست المخابرات الغربية، بل سذاجة الأمة وجهل معظم حكوماتها، فمجرمو «داعش»، بعيدا عن قضية المؤامرة، يتصرفون وفقا لفهمهم للدين، الذي كان ضمن ما درس لهم في مدارسنا على مدى عقود، والذي لم يكن يسمى إرهابا، والدليل أنه، حتى اقل القوى الدينية السياسية تطرفا، لم تستنكر أفعال «داعش» من منطلق عدم صحتها، بل من طريقتها وتوقيتها.
وكتب الزميل سعد بن طفلة، وهو ما سبق أن رددناه على مدى عقدين، قائلا: إن «داعش» تعلمت في مدارسنا وصلّت في مساجدنا، واستمعت لإعلامنا، وتسمّرت أمام فضائياتنا، وأنصتت لمنابرنا، ونهلت من كتبنا، وأصغت لمراجعنا، وأطاعوا أمراءهم بيننا، واتبعوا فتاوى من لدنا. هذه الحقيقة التي لا نستطيع إنكارها، وهي لم تأت من كوكب آخر، ولا هي بخريجة مدارس الغرب الكافر أو الشرق الغابر، وإن كان بعضهم يحمل جنسية كافرة، ولكن تعبئتهم الفكرية والدموية أتت من بعض مشايخنا وأغلب مناهجنا ومناهلنا الدينية السياسية. وجغرافية مناهجنا ترسم لهم خرائط الوهم عن أمة كانت لا تعترف بحدود جغرافية ولا واقعية سياسية، فلماذا نستغرب إزالتهم للحدود وعدم اعترافهم بها؟
لا يهمهم المستقبل ولا يستقرئون خرائطه وتوقعاته بشكل علمي، فلقد اختصر له بعض أصحاب الفتاوى أن تفجير نفسه بالكفار سوف تختزل له المستقبل وتطير به في أحضان الحور. فلماذا نتعجب من معاملتهم للمسيحيين وفرض الجزية عليهم؟ أوليس هذا قانون البعض؟ وهل هناك بين وسطيينا من ينكر ما قاموا بفعله ضد مسيحيي الموصل من حيث المبدأ؟ أم أنهم ينكرون ذلك من حيث التوقيت؟
ان «داعش» هي إعلان إفلاسنا كفكر وساسة ومثقفين ورجال دين وإعلام ومناهج ومدارس وتعليم، هي إعلان شهادة وفاة كل محاولات إقامة الدولة المدنية العصرية التي يختلط فيها الدين مع السياسة، هي الدليل القاطع على أننا سنراوح في مكاننا ولن نلحق بالأمم ما دمنا نعلم أطفالنا في المدارس الغيبيات والطبيعيات في آن واحد، لنخلق جيلا منفصم الشخصية معزولا عن الواقع ومبهورا بتقدم الأمم.
باختصار، نحن جميعا «داعش»، نحن الذين خلقناها وصنعناها وربيناها وعلمناها وجندناها وشحناها وعبأناها ثم وقفنا حيارى أمام أهوالها التي صنعناها بأيدينا!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

د. أحمد الخطيب

غزة… المقاومة الشعبية تمرغ هيبة إسرائيل بالتراب

اعتقد الصهاينة أن تحويل غزة إلى سجن كبير، كما سماه رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، كفيل بدفع الفلسطينيين إلى النزوح إلى مصر أو الأردن، بعد أن صعب نقلهم جماعياً إلى خارج القطاع دولياً، ولم يدركوا أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يتخلى عن وطنه. متابعة قراءة غزة… المقاومة الشعبية تمرغ هيبة إسرائيل بالتراب

محمد الوشيحي

وهكذا… وهكذا

وليش كل هذه اللفة الطويلة؟ تتغرب وتترك أهلك لتلتحق بإحدى جامعات العالم، أو تدرس في هذه الجامعة التي بلغت سن اليأس، وتتمدد عيناك لطول السهر، ويزداد طول حنكك لفرط التعب، وتعتزل العالم، كالأجرب، فترة الاختبارات، ووو… ثم تحصل على شهادتك الجامعية.
وتبدأ حياتك العملية بعد طول صبر، وترى الأعجَبَيْن من رئيسك في العمل، ومديرك، والوكيل، والوزير، وتخرج من اجتماع لتدخل إلى اجتماع، وتضع يداً على قلبك، والأخرى على بطنك، في انتظار تقريرك السنوي، وتقييمهم لأدائك… متابعة قراءة وهكذا… وهكذا

سامي النصف

لو كنت من قادة «حماس»!

لو كنت من قادة «حماس» الأفاضل لما ارتضيت ان احول عملية «إبادة جماعية» كالحال القائمة في غزة حيث لا مقارنة بين جيش يعتبر أحد الأقوى في العالم باسلحته المتطورة واعداده الوافرة، وتنظيمات صغيرة افضل أسلحتها صواريخ محدودة الضرر، إلى ادعاء قيام «حرب» متكافئة الأطراف استعد لإعلان الانتصار فيها مما يخفي حقيقة ما يحدث وأنه إبادة للمدنيين وليس حربا بين عسكريين.

***

ولو كنت من قادة «حماس» لتعلمت من التجارب الكوارثية المتكررة التي نتجت من تدخل الفلسطينيين كاطراف في الشأن العربي كما حدث في الاردن 70 ولبنان 75 والكويت 90 ولرفضت التدخل في الشأن المصري الحالي ورفضت معها تغليب الايديولوجية الخاصة بي على المصلحة الوطنية الفلسطينية العامة ولقبلت بالمبادرة المصرية لحظة الإعلان عنها في اليوم الثالث للحرب ولم يكن عدد الضحايا يفوق 150 شهيدا بدلا من العرقلة عبر تقديم طلبات استحالة كالتعديلات التي قدمت والتي تمس سيادة الدول المعتادة على معابرها عبر نزعها منها وتقديمها لقوات دولية.

***

ولو كنت من قادة «حماس» ومنعا لتكرار الدمار وسفك الدم الفلسطيني لرفضت التعريف الفريد للانتصار الذي يمهد لتكرار تلك الإبادة تحت تسميتها بالحروب التي يعلن الانتصار فيها مع لحظة توقفها، ولعلمت ان «الانتصار الإعلامي» الحالي هو ذو نفس قصير وذاكرة اقصر حيث ما ان تحدث عملية ارهابية مستقبلية في اسرائيل «وهي قادمة لا محالة» حتى ينسى العالم تعاطفه الحالي وتحول الدعاية الاسرائيلية المعروفة بكفأتها الحدث الى تعاطف معاكس بينما تبقى الخسائر الفلسطينية في الأرواح والمباني قائمة ودائمة.

***

ولو كنت من قادة «حماس» لما سمحت بتحويل الغضب الفلسطيني من إسرائيل الى الدول العربية بقصد تثوير شعوبها وهي التي لم تسأل او تشاور في قرار الحرب حتى تلام عليه، وهو للعلم ثقافة ضارة متكررة منذ عام 48 حيث سادت بعدها مقولة «العرب ضيعوا فلسطين» والتي كانت الارضية التي قامت عليها الانقلابات العسكرية التي مهدت للهزائم وخسارة المزيد من الأراضي وكأن أهل فلسطين قادرون على تحرير بلدهم عام 48 لولا تدخل الجيوش العربية، ولا يتحدث أحد عن ان ميزان القوى المختل بشدة لصالح القوى الصهيونية، وان الانكسار بوجود الجيوش العربية يعني انكسارا اكبر في عدم وجودها، ومن ثم لا يجوز لوم العرب ان ارسلوا جيوشهم ولومهم لو لم يرسلوا.

***

آخر محطة: (1) جلست أكثر من مرة مع الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض ولم اسمع كلمة سوء واحدة بحق قادة حركة «حماس» وهو أمر ابلغتهم به، إلا أنني سمعت بالمقابل نقدا شديدا لقيادة السلطة بحجة ان من يديرهم هو الجنرال دايتون الأميركي وانه كحال الجنرال غلوب باشا في السابق، وهي تهمة تأكدت انها ليست حقيقية على الاطلاق ولم يقل بها أحد وتسمم الأجواء بين الطرفين وتضر بالتبعية بمصالح الشعب الفلسطيني!

(2) صرح قيادي وإعلامي إسلامي فلسطيني بأن بعض الدول الخليجية طلبت من إسرائيل هدم غزة بالكامل وتعهدت ببنائها!.. هل هذا كلام يصدق يا دكتور عزام؟ الآن اي تعمير متوقع للقطاع من قبل الدول الخليجية سيقابل بدلا من الامتنان للأشقاء بالقول ان ما يحدث يثبت مصداقية تلك المقولة القميئة!

@salnesf

احمد الصراف

«داعش» والفكر الأصولي

“>بعيداً عن كلمات الإدانة والتكفير والشتم، يجب أن نعترف بأن كل ما يشاع ويقال ويكتب ويصرح به من أن حركة أو دولة أو إمارة داعش لا تمثل الإسلام الأصولي، وبعيدة عنه، كلام مرسل وغير صحيح. فمن منطلق تاريخي تمثل داعش المنهج الأصولي إلى حد كبير. والأصولية، بكل أدبياتها، هي المنبع الذي تنهل منه داعش، وغيرها من الحركات الدينية الراديكالية، كالإخوان والنصرة والقاعدة، أفكارها، والطريف أن هذه الأفكار بالذات هي سبب تفرقها في المقام الأول، بسبب تعدد تأويلات نصوصها تبعا لتغير مزاج وخلفية الأطراف المتنفذة في هذه التنظيمات، وخلفياتهم الدينية والتعليمية، ومصالحهم الشخصية وارتباطاتهم الدولية.
فالعنف الذي يمارسه قادة «داعش»، والإرهاب الذي يسبقهم قبل فتح أي مدينة، والمتمثل في حرق كل شيء وقتل حتى الحيوانات، لإلقاء الرعب في النفوس، هو من صميم الفكر المتطرف. كما أن تخيير مسيحيي المناطق التي تسيطر عليها «داعش» وغيرها في سوريا والعراق بين دفع الجزية أو التحول للدين ليس بدعة ولا هو بالأمر الجديد، وليس جريمة، كما يصف الأمر بعض «الاعتذاريين»، فهو أيضا من نتاج المنهج الأصولي، وليس فيه أي تعارض مع تعاليمهم. ولا يجوز هنا التعلل بأن الزمن قد تغير، فإن قبلنا بذلك فعلينا بنسف كل شيء له علاقة بالمنهج القديم.
والدليل على صحة تصرفات «داعش»، من منطلقات دينية بحتة، أن أياً من التنظيمات بغطاء ديني لم تقم بإدانة أي من أعمالها وتصرفاتها بشكل واضح وصريح، والاختلاف، إن وجد بينها وبين «داعش»، فهو في «التكتيك والتوقيت»، وليس في صحة التصرف. أو قد يكون التنديد، إن صح وصدر، من منطلق الخوف أكثر من اعتراضها من سوء التصرف أو التطبيق.
وبالتالي لا معنى للقول ان «داعش» تعمل لهذه الدولة أو تلك المنظمة السرية أو جهاز الموساد، فالحقيقة أن ما تنادي به «داعش» هو ما سبق أن نادت به، وفرضت على مناهج بعض الدول الإسلامية، وعلى مدى عقود طويلة من الزمن. وإن ذهبت «داعش» اليوم فسيكون هناك آخرون ستداعب فكرة تطبيق الدولة الإسلامية مخيلتهم، وسيبذلون جهدا هائلا لأن ترى النور. فالقضاء على «داعش» لا يكون فقط باستخدام السلاح، فهي إلى فناء وزوال حتمي، ولكن يجب أن يصاحب ذلك تغيير في بعض المناهج وتعديل العقليات وتهذيب النفوس وتقبل الآخر وفكرة العيش معه بسلام، فلسنا افضل من غيرنا في شيء، إن لم يكن العكس أقرب للصحة!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com