سامي النصف

مخيمات اللاجئين اللبنانيين!

بدأت تنتشر على الارض العربية ظاهرة مدمرة هي مخيمات اللاجئين العرب التي لا ينتج عنها، كما هو معروف، اي امور موجبة، حيث لا يصنع ولا يزرع ولا يتدرب رجالها ونساؤها ولا يذهب اطفالها وشبابها في الاغلب لمعاهد العلم، بل يعيش الجميع على ما تقدمه لهم منظمات الاعاشة الدولية من غذاء ودواء، لذا سهل عبر تاريخنا الحديث استخدام شباب المخيمات في عمليات الخطف والارهاب والترويع واشعال الحروب الاهلية في البلدان التي يعيشون بها كما حدث في الاردن ولبنان الذي قيل ذات مرة ان من احرق لبنان هم.. باعة العلكة.

***

ورغم تعرض لبنان لحرب اهلية لمدة 15 عاما، الا ان العالم لم يشهد مخيمات للاجئين اللبنانيين في الدول المجاورة، بل اعتمد اللبنانيون على انفسهم، فمنهم من بقي في مناطقهم رافضين تركها، ومنهم من هاجر وعمل وانتج ونجح وعاد لاحقا لتعمير بلده، مما يثبت ان الحروب لا تنتج بالضرورة.. مخيمات لاجئين!

***

وفي مصر، تسببت حرب الاستنزاف في تهجير رسمي لسكان مدن القناة، الا ان الامر لم ينتج عنه مخيمات لاجئين مصريين، كما لم يتسبب الغزو الصدامي للكويت في خلق مخيمات لاجئين كويتيين، واذكر انني وغيري كثير من الكويتيين واصلت ممارسة عملي التخصصي في الخارج وادخلنا ابناءنا المدارس ولم نتصور انفسنا نسكن في مخيمات تتكفل المنظمات الدولية بإطعامنا.

***

ان خلق مخيمات للاجئين الفلسطينيين بعد عام 1948 بحجة ضمان عدم ضياع قضيتهم كانت فكرة كوارثية وغير انسانية ساهم في خلقها لاسباب شريرة الامين على القضية الفلسطينية آنذاك المفتي امين الحسيني، بدلالة انه لم يعش بها بل امضى حياته في مدينة القاهرة، وكان يفترض عمل العكس اي التأكد من تحول الشعب الفلسطيني الى شعب مثقف منتج كما عملت الكويت مع نصف مليون فلسطيني استقبلتهم على ارضها ولم تجعلهم يعيشون في مخيمات بل منحتهم فرصة العمل والدراسة في اجل صورها، لذا لا عجب ان تكون اغلب القيادات الفلسطينية المبرزة بمختلف توجهاتها من خريجي الكويت.

***

آخر محطة: 1 ـ في منطقة الشرق الاوسط، شعوب اخرى تعرضت للقمع والقتل والابادة والتهجير من اراضيهم كحال الاكراد والارمن والشركس.. الخ، الا انهم لم يخلقوا مخيمات لاجئين يعيشون فيها بل اصبحوا جاليات منتجة تحظى بعيش كريم في القرية الكونية الصغيرة التي نعيش جميعا فيها.

2 ـ بعد الحرب المدمرة الحالية في غزة، نرجو البدء في تحويلها من مخيم لاجئين كبير يعيش على المساعدات الى هونغ كونغ او دبي او سنغافورة جديدة والتحول من حالة سياسية وامنية غير مستقرة وبيدق شطرنج يتم اللعب به الى شأن اقتصادي متميز منزوع السلاح حفاظا على كرامة وعيش اهله.

حسن العيسى

نضحك أم نبكي على الخيبة؟

هل هي "جناسي" أم أكياس "قرقيعان" رمضانية وُزِّعت على أطفال في منتصف الشهر الكريم… التعليق هنا يخص تصريح النائب صالح عاشور عن قيام الحكومة بتجنيس 200 ألف مواطن منذ التحرير، والذي تصدَّر "مانشيتات" صحيفتي القبس والوطن أمس، هل مثل هذا الرقم المخيف (أو ما يقاربه) صحيح أم أنه من وحي خيالات وأوهام النائب؟! وأين نحن اليوم، هل نستظل بطمأنينة ويقين أكيدين تحت غطاء راسخ لدولة تحتكم إلى سيادة القانون، أم أننا في جاخور أغنام يتاجر أربابه بقطعان الغنم كما يحلو لهم؟!
تصريح خطير، يفترض أن يُحاسَب عليه سياسياً كل المسؤولين السابقين والحاليين، في ما لو صحت معلوماته، دون أن ننسى المساءلة القانونية، هذا إذا كان لدينا قانون ومؤسسات!
ما مناسبة مثل هذا التصريح الفضيحة؟ وإلامَ يرمي من ورائه النائب عاشور؟ ربما وُفِّق في تصريحه، عند أصحاب القرار، إذا كان يقصد أن "يبرد" للسلطة، ويسوِّغ ما يجري الآن في "شو" حفلات سحب "الجناسي" من معارضيها، وكأنه يقول إن آلاف الجناسي مُنِحت لمن ليس له حق فيها، وهذا ليس بأمر جديد في الثقافة السياسية، وما يتم هذه الأيام من عمليات السحب هو "تصحيح" لوضع قديم منحرف، كانت الحكومات السابقة ووزراء الداخلية المتعاقبون تسببوا فيه، والآن يتم تعديل المعوج، بسحب "الجناسي" من مواطنين اغتصبوها على خلاف القانون، لذلك يطلب (عاشور) الصمت وغلق الأفواه من جميع المعترضين على أفعال السلطة، حين تسحب جناسي البعض، أم يريد النائب، "القريب" من مؤسسة الحكم، أن يضع الأمور في نصابها الصحيح، وبالفعل يريد كشف حقائق مؤلمة كي تتم محاسبة مَن تسبب في تلك الجريمة، ويصعب عليّ أن أبتلع مثل تلك "النخوة" المفاجئة لحكم القانون من حضرة النائب، ويا ليتني على خطأ في تقديري.
مهما كانت مرامي النائب، فسنجد أنفسنا مفجوعين بما حدث ويحدث، فإذا صحت معلومات النائب، فهذه جريمة كبرى تضرب خاصرة "المصالح العليا" للدولة، كما تتكرر تلك العبارة، دون كلل، في الخطاب السلطوي حين يبطش أصحابه بحريات الناس وحقوقهم تحت أي ذريعة يجدونها في نصوص قانون يتوسع ويضيق في تفسيره كما يريد فقهاء السلطة، وإن لم تكن تلك المعلومات صحيحة، بل كانت مختلقة، أو مبالغاً فيها، فهذه مسؤولية النائب وناخبيه.
ما مشاعر آلاف "البدون" من المنسيين والمستحقين للجنسية وهم يطالعون مثل هذا الخبر عن الاتجار الحقيقي أو الوهمي بوثائق الانتماء إلى الوطن؟ وكيف لنا أن نطمئن إلى مستقبلنا ومصير أبنائنا، في ظل هذا الفكر السائد في الدولة.

احمد الصراف

سلطة الخلافة المطلقة

يقول الزميل السعودي أحمد عدنان: «..كلما أراد مستبد تشريع استبداده، أو أراد مجرم تبييض صحيفته، أو رغب مختل في فرض جنونه، نادى لنفسه بالخلافة، أو أعلن تطبيق الشريعة، وآخر هؤلاء أبو بكر البغدادي»! كلام الزميل صحيح، والسبب يعود إلى قلة القيود، أو انعدامها، في طريقة الحكم بموجب نظام الخلافة، فالسلطة مطلقة ولا تحدها حدود، وهذا ما رأيناه في نظام حكم المرشد في إيران، وما رغب الإخوان المسلمون، المغرمون بتطبيق نظام الخلافة، في رؤيته، وهم على رأس السلطة. ولكن الداعين لعودة نظام الخلافة يتناسون عمدا ان ما كان يصلح لما قبل ألف أو الفي عام لا يصلح بتاتا لعصرنا هذا، بكل ما فيه من تعقيدات والتزامات دولية وارتباطات اقليمية، لا يمكن القفز عليها من دون الدخول في حروب وصراعات دامية وخسائر ستنتهي بفناء الطرف الأضعف. يعود الزميل ليقول «إن حكم الخلفاء الراشدين لم يصمد لأكثر من ثلاثين سنة، رغم انهم كانوا أفضل العرب والمسلمين صلاحا وخلقا، ومع ذلك اغتيل ثلاثة خلفاء من أصل أربعة»! (انتهى الاقتباس والتعليق). ولو حدث واغتالت جهة ما الخليفة العراقي المزعوم، فمن الذي سيحل محله؟ ألن يكون اقوى أعوانه بأسا وقدرة على سفك دماء رفاقه وإخوته في الحركة والحكم؟ وهل هذا هو النظام الذي يطالب الإخوان المسلمون، منذ أكثر من ثمانين عاما، بتطبيقه؟ ألم تخرج حركات داعش والنصرة والقاعدة وكتائب الزفت والقطران والبؤس والخراب من تحت عباءة الإخوان؟ لقد بذلت شعوب كثيرة أرواح الملايين للتخلص من حكم الفرد، ونأتي اليوم لنطالب بعودة الدكتاتورية، وفي أكثر تطبيقاتها ظلامية وظلما، فالحاكم الجديد هو لا يأتي ليحكم بموجب منافيست شيوعي أو فاشي، ولا على أساس مبادئ اشتراكية، بل سيأتي ليحكم باسم الله باعتقاده، وحسب تفسيره، فمن الذي سيجرؤ حينها على أن يقول له انه على خطأ؟ إن المشكلة لا تكمن في إيجاد الحاكم، ولو كان مستبدا وعادلا، فهناك الكثير من أمثال هؤلاء، ولكن الاستبداد العادل لا يكفي أحيانا كثيرة لإدارة شركة تجارية، أو مدرسة، فما بالك بحكم دولة معقدة، وأين النص الديني الذي ينادي بفصل السلطات، أو إجراءات محاكمة الرئيس، أو الخليفة إن أخطأ او خان وطنه، او ما يجب اتباعه في حال اصابته بالخرف أو العجز التام؟ أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

سامي النصف

المسألة الدينية في الأوطان العربية وخارجها!

هناك إشكال إنساني حقيقي ومأساوي يتعرض له أتباع الدين الإسلامي خارج الوطن العربي ويحتاج الى حل ناجع وسريع له، حيث انفرد المسلمون دون غيرهم من أتباع الأديان الأخرى المتفاهمة بعضها مع بعض، بتعرضهم لأعمال عنف من قبل المنضوين لتلك الأديان بجميع أشكالها وطوائفها، وجزء مهم من الإشكال المتكرر هو محاولة بعض المسلمين خلق دويلات لهم والانفصال عن أوطانهم القومية بحجة أنهم لا يحكمون بالإسلام وان ديارهم ديار كفر وحرب تحتاج إما الى تغييرها وإما الى الهجرة والانفصال عنها، والحل بداهة يوجب قيام المرجعيات السياسية والدينية العربية والإسلامية بالطلب من الأقليات المسلمة القبول بأوطانهم التي يعيشون فيها كحل نهائي لإشكالاتهم، فلن يأتيهم فتح إسلامي أو دولة خلافة حقيقية ينضمون اليها، وضرورة العمل عبر القدوة الحسنة، فإندونيسيا ونيجيريا- أكبر بلدين إسلاميين في آسيا وأفريقيا- لم تفتحا بالسيف بل بالرفق والموعظة الحسنة.

* * *

في المقابل هناك إشكالات الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية التي تعيش في أوطاننا العربية، والتي يلاحظ أن أغلبيتها لجأت تاريخيا الى قمم الجبال لحماية أنفسها من تعسف العثمانيين وغيرهم حتى ارتبطت أسماء الأقليات بالجبال، فهناك جبال الأكراد والدروز والعلويين والموارنة والصابئة والأرمن والأمازيغ والبربر.. إلخ، والواجب يدعو ضمن المخاض العربي الحالي وكوسيلة لمنع انفصالهم القادم لا محالة، الى الاعتراف بالمظالم التاريخية التي تعرضوا لها والوعد بعدم تكرارها وإقناعهم بأن مصالحهم تتم عبر البقاء ضمن الدولة القطرية القائمة بدلا من الانفصال اعتمادا على كسب مؤقت كوجود آبار النفط على أراضيهم والتي ستنتهي فائدتها آجلا أو عاجلا.. خيار بقاء الأقليات يحوج أن تكون الدولة العربية مزدهرة وآمنة، لا مليئة بأعمال العنف والحروب والتدمير الاقتصادي.

* * *

آخر محطة: (1) أحد إشكالات بعض المذاهب المتفرعة من الدين الإسلامي محاولة الأكثرية إرغامهم على تغيير معتقدهم كي يتماشى مع معتقد الأغلبية، قد يكون مناسبا ضمن الفهم الجديد للدولة الوطنية المتعددة الأعراق والديانات والمذاهب إعطاؤهم الحق الكامل في ممارسة عقائدهم بالطريق الذي يرونه أو حتى القبول بتسمية تلك العقائد والمذاهب بديانات منفصلة كي يتوقف الخلاف.

(2) ويمكن ان يكون حصول بعض الأقليات على المناصب القيادية العليا في الدولة كوسيلة للطمأنة جزءا من الحل لبعض الدول العربية، وهو أمر مطبق في لبنان والعراق وحتى سورية، ولو طبق في السودان لما انفصل الجنوب، على ألا يعني ذلك ظلم وتعسف تلك الأقليات تجاه الأكثرية.

احمد الصراف

المزيد من المدنية.. والأقل من الدينية

سبق أن نقلنا عن المفكر العراقي علي الوردي قوله إن المسلمين، والعرب بالذات، لو خيروا بين الدولة الدينية والدولة العلمانية لما تردد غالبيتهم في اختيار الدولة الدينية، وليذهبوا بعدها ليعيشوا في الدولة العلمانية المدنية. ولو كانت البحرين مثلا، والأمثلة كثيرة، دولة علمانية، لما وقعت فيها اي أحداث طائفية، أو على الأقل لما نحت الى منحاها الخطير. والأمر ينطبق، وإن بدرجات أقل او أكثر، على إيران وسوريا وغيرهما. والعلمانية ليست نظاما لدولة كافرة، بل هي الضمان للجميع للعيش بمساواة وسلام تحت ظل القانون، والعبرة في الدول الغربية التي نادرا ما وقعت فيها، في العصر الحديث أحداث مذهبية خطيرة، مع استثناءات قليلة كايرلندا، وقضيتها سياسية أساسا، وتتعلق برغبة كاثوليك ايرلندا الشمالية في الاستقلال ببلادهم، وطرد الإنكليز البروتستانت منها. وحتى لو نجح هؤلاء في مسعاهم، واستقلوا ببلادهم لما ترددوا في جعلها علمانية، حسب النمط السائد في الغرب. إن فكرة حيادية الحكومة وعدم اصطفافها مع فئة ضد أخرى كانت من الممكن أن تكون المنقذ للعراق ووضعه على جادة التقدم، ولكن شيعة العراق، أو الفئة التي تولت الحكم منها، بعد سقوط صدام، لم تصدق أنها أصبحت في القيادة ففعلت بغيرها ما فعله صدام بها، علما بأن الدور السياسي المتواضع للمكون الشيعي في العراق كان، تاريخيا، بخيار الشيعة أنفسهم، أو بإيعاز من قيادتهم الدينية، ولم ينتبهوا لضرورة الانخراط في «اللعبة السياسية» إلا بعد فوات الأوان. بدأت الكويت عصرها الحديث مع حركة التنوير التي قادها الشيخ عبدالله السالم في بداية ستينات القرن الماضي. ويمكن القول ان شخصية «الشيخ» العلمانية، المدركة جيدا لمتطلبات العصر، كانت أبعد ما تكون عن التقليدية أو القبلية، بل كانت سابقة لعصرها، وبالتالي يمكن اعتبارها، من دون تردد، الشخصية السياسية الأهم في تاريخ المنطقة، والأكثر تأثيرا في محيطها. ولم يكن ليصل لهذه المكانة لولا عميق إيمانه بالدولة المدنية، التي يمكن حتى لشديدي الإيمان والمتدينين وغيرهم العيش فيها بسلام وأمان تحت مظلة قانون عادل وواحد، يكون للجميع فيه حق أداء شعائرهم بحرية، ويستتبع ذلك نيلهم لحقوقهم السياسية كاملة، في ظل دستور لا يخفى نفسه العلماني. وقد بدأت مشاكل الكويت السياسية منذ أن قررت الحكومات المتعاقبة التخلي عن علمانيتها في سبيل إرضاء بعض الفئات المتشددة من المجتمع، وبدأ العد التنازلي، الذي أوصلنا لوضعنا السيئ الحالي، والذي كانت بداياته في مجموعة القوانين والأنظمة التي نزعت عن الدستور طابعه المدني العلماني، وما تميز به من تقدمية، وجيرت الصلاحيات بكاملها تقريبا للحكومة التي قامت بدورها بالتنازل عن جزء منها للجهات التي رأت أنها الأكثر ولاء لها، ألا وهي الجهات الدينية، التي كانت في وقت ما الأقوى سياسيا على الساحة والأكثر ثراء وتغلغلا في مفاصل الدولة. وهكذا رأينا سلسلة قرارات المنع والتحريم التي حولت الكويت خلال أربعين عاما الى دولة دينية لفئة واحدة، الأمر الذي دفع الفئة أو الفئات الأخرى، الأصغر والأكثر ضعفا، الى أن تتقوقع بدورها، وتميل أكثر للتطرف، رافضة الدولة المدنية. وبالتالي فإن الخلاص في العلمانية، وليس في المزيد من السلطات للدولة الدينية. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

أدونيس… دجاجة الأعذار البياضة

كان عملاقاً فتقزّم. أتحدث هنا عن أدونيس، الشاعر السوري المعروف (اسمه الحقيقي علي أحمد). ولإنصافه، لم يكن أدونيس هو المتقزم الوحيد، فقد زاحمته، على لوحة “شرف” التقزم، أسماء عديدة، لعل مواطنه دريد لحام من أبرزها.
هي موجة تقزم، أو موجة تعرية، كشفت لنا المعادن من الداخل. ولو لم يكن للربيع العربي من فائدة سوى كشف حقيقة معادن الناس لكفاه. متابعة قراءة أدونيس… دجاجة الأعذار البياضة

عادل عبدالله المطيري

التجنيد الإلزامي وجيش الاحتياط

مرة أخرى يعود الحديث عن التجنيد الالزامي وضرورة تطبيقه في الكويت، ويبدو ان الحكومة والبرلمان متحمسان لاقرار القانون الجديد للتجنيد والذي سيشمل الجنسين (الذكور ـ الاناث) على السواء.

يعتبر التجنيد الالزامي من الضرورات الامنية للدول وخاصة قليلة السكان كالكويت من اجل تعزيز قدراتها الدفاعية، فالتحالفات الدولية تتغير حسب المصالح ولا يعتمد عليها طويلا.

يمكن للتجنيد الالزامي ان ينجح في الكويت حيث تتناسب التركيبة السكانية ومع وجود اكثر ٦٠% من المجتمع الكويتي من فئة الشباب التي يمكن ان تزود القوات المسلحة بكل احتياجاتها من الطاقة البشرية، وخصوصا مع عزوف الشباب عن التوظف بالقطاعات العسكرية.

من المهم جدا ان يتجنب قانون التجنيد الجديد سلبيات القانون القديم الذي اثبت فشله، والاكثر اهمية ان تكون فكرة التجنيد ضمن رؤية استراتيجية شاملة.

كان التجنيد في السابق ورغم الصعوبة والمشقة التي يكابدها الشباب فيه الا ان الجيش لم يستفد منهم كثيرا ـ ليس لقصور بالمجندين بل لعدم توافر سلاح كاف لهم.

في الدول التي تعتمد في سياساتها الدفاعية علي المجندين كعدوتنا (اسرائيل) تقوم بإنشاء معسكرات كاملة مجهزة بأحدث الاسلحة وأثقلها مخصصة فقط للمجندين لتشكل جيشا من الاحتياط يكون رديفا للجيش النظامي ولا يقل جاهزية عنه (ملحوظة: في حرب ٦٧ وخلال ساعتين من استدعاء الجيش الاحتياطي الاسرائيلي كان قد انتشر وبكامل معداته على طول جبهة القتال).

ليس المهم تجنيد وتدريب الشباب بل الاكثر اهمية هو توفير معدات وآليات دفاعية وقتالية لهم ليشكلوا قيمة عسكرية مضافة، ويجب ان تفصل معسكرات وقيادات وآليات المجندين عن القوات النظامية.

اما التجنيد بالطريقة القديمة فما هو إلا اهدار للمال والطاقات ـ ان لم يكن الهدف من قانون التجنيد الجديد انشاء جيش احتياط كويتي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

الدفاع عن النفس والوطن من الواجبات الشرعية قبل ان تكون من الوطنية، فالشرع يحث على حفظ الكليات الخمس ومنها النفس والمال، وعلى ان يكونوا على استعداد دائم لقتال الاعداء والدفاع عن أنفسهم فقد أمرنا الله سبحانه بكتابه (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم …) الأنفال ٦٠.

فعند النفير يجب على المؤمنين القتال ومن يتخلف يكون قد ارتكب إثما، وفي عصرنا هذا لا يمكن للمدنيين القتال واستخدام معدات الحرب وآلياته ما لم يتدربوا عليها، لذلك يرى الكثيرون ان من الواجب الشرعي التحاق الرجال بالتجنيد.

اما التجنيد الالزامي للنساء فلا أصل له في الشرع ولا يتناسب مع عاداتنا وتقالدينا، اما تطوعهن الاختياري في التجنيد للمساعدة في تقديم الخدمات الصحية والامداد فبكل تأكيد لا أحد يعارضه، فسبق للصحابيات رضوان الله عليهن الخروج في الغزوات للتطبيب ونحو ذلك.

ختاما ـ لا تنمية ولا ديموقراطية ولا حرية بلا أمن ـ ولكل دولة ظروفها الامنية واحتياجاتها الدفاعية ـ اتمنى ان يعالج قانون التجنيد الجديد سلبيات القانون القديم ـ ليعالج مشكلاتنا الامنية ويخدم مصالحنا الوطنية وفق استراتيجية دفاعية شاملة.

 

سامي النصف

غزة بين الأرغون والهاغانا!

منذ بدء المسألة الصهيونية اقتسمها نهجان يمكن اختزالهما في نهج «الهاغانا» وهو الأقرب للعقلانية والاعتدال وكان على رأس قيادتها حاييم وايزمان وبن غوريون وأشكول وغولدا مائير ممن تحولوا بعد عام 1948 الى حزب العمل وتحولت منظومتهم العسكرية الى جيش الدفاع الإسرائيلي، وخلقوا نظام المزارع الجماعية (الكيبوتس) لتعزيز مدنية الدولة، وكان قادتها قد قبلوا عام 1937 بمشروع «لجنة بيل» البريطانية المتضمن قيام دولة يهودية على 10% من أرض فلسطين، وعربية على 90% من الأرض، كما قبلوا مشروع التقسيم ولم يحاول العرب بدء عملية سلام جادة معهم وفضلوا المعادلة الصفرية أي كل شيء أو لا شيء.

***

قابلت سياسة الهاغانا سياسة «الأرغون» المتشددة التي كان أول من ابتدعها ونادى بها المتشدد الديني والقومي الروسي فلاديمير جابونسكي (1880 ـ 1944) وسار على نهجها بيغن وشامير وشارون وغيرهم من المؤمنين بحق إسرائيل في التوسع غير المحدود وطرد الفلسطينيين من ارض اسرائيل، ويهودية الدولة وقد فاز بيغن عام 1977 برئاسة الوزراء، والغريب ان عملية السلام وأول اعتراف عربي بوجود اسرائيل بدآ في عهده.

***

ويروي عازار وايزمان في مذكراته ما حدث في كامب ديفيد والذي يختلف تماما عما يعتقده العرب، حيث أعلن المتشدد بيغن عدم رغبة إسرائيل في الانسحاب من سيناء التي يعتبرها ارضا تاريخية لإسرائيل وتشكل بجبالها وممراتها ارض دفاع مثالية عنها، ناهيك عن ثروات النفط والغاز فيها، كما رأى بيغن ان اسرائيل عاشت 30 عاما دون اتفاقية سلام وتستطيع العيش 300 عام أخرى دون تلك الاتفاقية والتي يمكن ان تمزق في أي لحظة، ولم يرضخ بيغن إلا بعد تدخل الرئيس كارتر شخصيا فجر يوم المغادرة وإصراره على نجاح اتفاقية السلام، وان عدم تحقيق اتفاقية سلام مع اكبر بلد عربي رغم زيارة زعيمها للقدس يعني ألا يكون هناك سلام أبدا بين العرب وإسرائيل.

***

آخر محطة: على مائدة عشاء أقامها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله أخبرني المفاوض الفلسطيني د.صائب عريقات وهو صديق شخصي للرئيس كارتر قصة كامب ديفيد حيث أخبره الرئيس الأميركي ان أوضاع أميركا لم تكن جيدة في عهده، حيث تعرضت لمشاكل اقتصادية وإخفاقات سياسية وأمنية لذا بحث ومستشاروه عن قضية دولية شائكة يقوم بحلها ومن ثم تعتبر إنجازا تاريخيا له وهذا ما صنع مشروع اتفاقية كامب ديفيد التي وكالعادة سبها العرب و… بكوا عليها..!

 

حسن العيسى

العقل زين

يكفي الكويت في هذه الأيام البغيضة سياسة العقاب اللاإنساني من السلطة بسحب الجناسي عن غير المرضي عنهم سياسياً من المواطنين وبحجج العبارات المطاطة التي يضج بها قانون الجنسية، والتي تخرق الشرعية الدستورية، يكفي الكويت مثل تلك الممارسة التي يجب أن يوضع حد لها، فلا يصح أن تكون تلك السياسة العقابية باباً للاستثمار الطائفي من قبل بعض النواب أو السياسيين المنزوين تحت ستار المذهب، حين ينفخون في جمر الطائفية تشفياً وتحريضاً للسلطة على الغير، ولا يشفع لهؤلاء المتحمسين لسياسة سحب الجناسي أن يكون هذا "الغير" من المواطنين كانت له مواقف، هي بدورها، طائفية، فحين يمتعض شيعة الكويت من خطب المواطن نبيل العوضي على سبيل المثال، التي، تدور، عادة، في فلك إدانة "الصفوية" وأتباع الصفوية، وكأن شيعة الكويت يتحملون وزر جرائم بشار الأسد، أو كأنهم فقط جماهير متحمسة لحسن نصر الله، لا يصح أن تكون واقعة سحب جنسية نبيل، الذي يمكن وصم عقوبة السحب عليه باللامشروعية، مناسبة للتذكير بسحب جنسية ياسر حبيب، أو يتم استحضار وقائع من سحبت جناسيهم في الثمانينيات من القرن الماضي من الشيعة، نتيجة مواقف سياسية من الثورة الإيرانية في ذلك التاريخ، فالمبدأ واحد هنا، هو إدانة عقوبة سحب الجنسية بالمطلق سواء كان موضوع العقاب ياسر حبيب أو سليمان بوغيث أو غيرهما، ولا يصح أن يستثنى من هذا المبدأ غير حالات "التزوير أو الغش" في الحصول على الجنسية، وحتى في هذا الاستثناء يجب أن يكون سحب الجنسية خلال زمن معقول من كسبها، فلا يصح أن يترك العلم بواقعة "الغش والتزوير" لزمن طويل، ويصبح أبناء وذرية من كسبها ضحايا لا ذنب لهم بما فعل الأب أو الجد منذ عقود طويلة، أو يكونون موضوعاً للابتزار السياسي من السلطة في حالة اعتراضهم على ممارساتها.
الكويت لا تتحمل اليوم هذا الاستقطاب المذهبي الذي يمارس من جماعات غير مسؤولة من بعض البارزين عند السنة والشيعة على حد سواء، فما يحدث حولنا خطير، فمع بداية الغزو الأميركي للعراق عام 2003، حين فتح صندوق "بندورا" لشرور الحرب الأهلية هناك، وما تبع ذلك من نتائج الربيع العربي، المتمثلة في تفجر الأورام العرقية والمذهبية في المنطقة، والتي لا يمكن إعفاء أنظمة الحكم من التلاعب بها واستغلالها تحقيقاً لمبدأ فرق تسد، أضحت المنطقة على كف عفريت. تعقلوا، وكونوا على مستوى المسؤولية في هذه المرحلة الحرجة.

احمد الصراف

أنا وهاتفي والعذاب..!

يعتبر العامل الياباني الأكثر إنتاجا في العالم، ولكنه كان قليلا ما يطالب بإجازات سنوية، وكونه سلعة جيدة، وخوفا عليه من الإصابة بالإرهاق أو المرض، أجبره رؤساؤه في العقود الأخيرة على التمتع بإجازات عمل أطول، وهكذا اصبحنا نرى السائح الياباني بكثرة في العالم، بعد أن كانوا سلعة نادرة! كنت في عام 1965 مشتركا، كزملاء عمل آخرين، في مجلة ناشيونال جيوغرافيك National Geographic. وفي أحد الأعداد استوقفتني صورة لعامل مصنع ألماني يعمل على آلة ضخمة، وبجانبها وضعت طاولة عليها مختلف علب الهدايا بربطاتها المميزة. ودون تحت الصورة ان ذلك الرجل رفض – في آخر يوم عمل له في المصنع – طلب زملائه الاحتفال بالمناسبة، قائلا إن الوقت الذي يطالبون به هو ملك للمصنع، الذي قضى فيه أربعين عاما. وإن عليهم – إن أرادوا الاحتفال – البقاء لبضع دقائق بعد ساعات العمل. وكان له ما أراد! في عالمنا الأمور مختلفة تماما، فإن كنا مقبلين على إجازة لشهر فإننا نتوقف عن العمل قبلها باسبوع، ولا نعمل شيئا بعد عودتنا من الإجازة بأسبوع، بحجة أو بأخرى. * * * بيّنت دراسة قام بها «بنك اوف أميركا» Bank of America أن %47 من مستخدمي الهواتف الذكية لا يستطيعون ان يقضوا يوماً واحدا من دون هواتفهم، وهذا الرقم يعتبر خطراً، خصوصا مع ازدياد تعلق المستخدمين بهواتفهم الذكية بشكل كبير، وبصورة مبالغ فيها، لدرجة انهم لا يمكنهم الاستغناء عنه، حتى ولو ليوم واحد. وبيّنت الدراسة – أيضاً – أن نسبة عالية لا يمكنها التخلي عن هواتفها لأكثر من ساعة، في حين ان نسبة أعلى (51 %) من مستخدمي الهواتف الذكية يفتحون هواتفهم للتحقق منها مرة واحدة على الاقل كل ساعة، و%35 يفحصون هواتفهم باستمرار، اي بمعدل مرة كل 10 دقائق. وعند سؤال المستطلعين عن الأشياء التي هم على استعداد للتخلي عنها، من «متع الحياة»، في حال سرق شخص هاتفهم الذكي، وقال لهم ان السبيل الوحيد للحصول عليه مرة اخرى هو من خلال التضحية بشيء واحد من متع الحياة، فأتت الاجابات كالآتي %45 قالوا انهم مستعدون للتخلّي عن الكحول. و%34 قالوا انهم مستعدون للتخلي عن الشوكولاتة، و%35 قالوا انهم مستعدون للتخلي عن الجنس. وبيّنت الدراسة أن الكثيرين، من الشباب بالذات، يصنّفون هواتفهم كأهم جزء من حياتهم اليومية. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com