كتب طارق عثمان في دورية "فورن أفيرز"، العدد الأخير، مقالاً موجهاً إلى الطبقة الوسطى في العالم العربي، مخاطباً إياها (ربما يقصد الفئات الواعية المثقفة من تلك الطبقة) بأنه لا يوجد طريق وسط أمامها، فالأنظمة العربية ومع بدايات الربيع العربي ثم الانقلابات المضادة عليه، بدأت سياسات رفع الدعم عن سلع وخدمات، وبدأت فرض الرسوم والضرائب المباشرة وغير المباشرة، وطرحت مشروعات للبنية التحتية التي تستفيد منها القلة التي تدور في فلك السلطات الحاكمة، وصاحَب تلك التغيرات جهد كبير من السلطات الحاكمة لتقليص حقوق وحريات الأفراد وقمع كل صوت معارض لها، رافقه تدهور في وضع الفقراء، أمام ذلك ستجد الطبقة الوسطى أنه لا خيار أمامها سوى الاصطفاف مع المحرومين، ومواجهة جماعات الفساد المتحلقة حول الأنظمة، وأهم من كل ذلك عليها تقبُّل تضحيات اقتصادية حين يبدأ مشوار الإصلاح الاقتصادي.
ويضرب الكاتب مثلاً بدول شرق أوروبا في التسعينيات من القرن الماضي، حين قدمت الطبقة الوسطى فيها تضحيات كبيرة من أجل الإصلاحات الاقتصادية، وبدأت الآن في قطف ثمار التضحية.
أياً كان موقف الكاتب طارق عثمان في طرحه الضمني بأن الإصلاحات الاقتصادية تعني إطلاق قوى القطاع الخاص، وتقليص الهيمنة الاقتصادية للدولة، يبقى القول بأن الكاتب يشخص، واقع دولنا العربية، ويحدّد مرضها المزمن بأنظمتها المحتكرة للقرار السياسي واستشراء قوى الفساد المتنفذة فيها.
واقعنا يشي بأن الفوضى المدمرة (لا الخلاقة) ستكون مصير دولنا، بعد أن تركزت فيها الاستقطابات الطائفية الدينية وتقاطعت مع النعرات القبلية، مع انحياز السلطة الحاكمة إلى طائفة وقمعها للأخرى، وغذت بحماقة، روح العصبية لهذه الطائفة أو تلك كي تلتصق كلتاهما بنظام الحكم حين ترى فيه حبل نجاتها الوحيد، ولو أنه حقيقة حبل سيلتف حول رقبتها ورقبة مستقبل الدولة.
نشهد اليوم، في عدد من الأقطار العربية انتكاساتها عن مسار الربيع، لتقع في خريف وجودها ببركة تحالف أنظمة حكم الثورة المضادة، ودفعها إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 2011، إن لم يكن أسوأ، والنتيجة الحتمية هو ما نشاهده اليوم في العراق وسورية، وفي الطريق دول أخرى إن ظلت الأمور على حالها، حين اختلطت بذور الجهل والتخلف الفكري والنعرات الطائفية بأنظمة حكم جاهلة ومستبدة في وعاء واحد، فتمخَّض الرحم العربي ليلد لنا مسخ العصابات الداعشية وما سبقها في مضمار الرعب الإجرامي، وكلها نتاج التهميش الطائفي، وقبل ذلك نتاج أنظمة الحكم التسلطي، وغياب المشروع الحضاري التقدمي عن فكر تلك الأنظمة، التي هي أقرب ما يكون إلى قطاع الطرق، وقبائل تغزو وتسلب غيرها من القبائل، من أن تكون سلطات حاكمة.
أين موقع الكويت مما حدث وسيحدث؟ وهل ستبقى حالة الصمت واللامبالاة والخدر من "طبقتنا الوسطى" إلى أن ينزل الفاس بالراس.. لا قدر الله؟!
الشهر: أغسطس 2014
البعبع الإيراني ومذكرات العدساني 3/3
الغرض من المقالين السابقين التعرض لما كتبه الأكاديمي المغربي أحمد موسى في مجلة كلية الآداب، بجامعة شعيب الدكالي في المغرب، وبأسلوب رائع نقتطع منه الفقرات التالية، ونضع النص الكامل، والطويل، لما كتب بتصرف من يطلبه منا، حيث يقول: لا شك أن شهرة الشاعر الإيراني سعدي الشيرازي في العالم أمر لا يختلف عليه، فقد عُرف منذ قرون لدى الغربيين، والفرنسيين بالذات، بالمفكر الحكيم والشاعر الإنساني الذي ترك بصمات كبيرة على الأدب والفكر. وهذه الشهرة التي نالها لم تكن وليدة الحالة الإبداعية والموهبة الشعرية فحسب، بل نتيجة شخصيته الكبيرة التي توالدت عبر جهد كبير وترحال طويل وعناء متواصل من أجل الكشف والاستنتاج والكدح الإنساني. فهو أديب ومفكر ملتزم وإنسان مرهف الحس وشاعر كسّر طوق الحصار المذهبي والقومي واللغوي، فأنشد للإنسانية جمعاء وناجاها بهمومها وأحزانها! والسؤال هو: لماذا لم اسمع أنا، ومئات الآلاف غيري، من جيلي ومن بعدي بهذا الشاعر؟ وما الذي استفدناه من التعتيم على النتاج الفكري والثقافي لدولة مثل إيران بكل ما كان لها من تأثير هائل في لغتنا العربية والثقافة والتاريخ العربي؟ أليس مؤسفا أن نرى هذا التجهيل المتعمد، والذي لا يخدم غير اصحاب النفوس الضعيفة، ولا نستطيع فعل شيء ازاءه. وما الذي يمكن أن نستفيده من التعتيم على وضع الطرف الآخر، حتى لو كان من ألد أعدائنا؟ أليس من المنطقي دراسة الطرف الآخر، وبالذات لو كان عدوا أو يشكل وضعه خطرا علينا؟ ألم نفاجأ جميعا في حرب 1967 بمدى قوة إسرائيل عسكريا وتقدمها علميا علينا جميعا، وخواء كل ادعاءاتنا؟ فهل تعلمنا من تلك التجربة المؤلمة شيئا؟ الأسئلة كثيرة والأجوبة شحيحة والجهل مستمر؟ أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
ظاهرة الملحدين العرب!
هناك ظاهرة باتت ملحوظة على الساحة العربية وبشكل غير مسبوق هي ظاهرة الإلحاد ومعها ظاهرة الارتداد عن الاسلام الى ديانات أخرى، أشهرها المسيحية في بلدان كالجزائر التي فشل الاستعمار الفرنسي في تنصيرها حتى انه حاول في اوائل سنوات احتلاله جلب موارنة لبنانيين لمساعدته في اللغة والتبشير إلا أن الموارنة خذلوه ورفضوا الهجرة الى الشمال الافريقي وفي المقابل كان هناك جزائريون ضمن جيش الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام وقد شاركوا قائده الجنرال هنري غورو في الانتصار على القائد يوسف العظمة في موقعة ميسلون في 24 /7 /1920.
***
وظاهرة الإلحاد العربي ليست جديدة وأشهر من جاهر بها في العصر الحديث هو د.اسماعيل أدهم صاحب كتاب «لماذا أنا ملحد» المكون من 14 صفحة حاول من خلال المعادلات الرياضية اثبات الحاده وقد سبق ان طالبت في مقال نشرته في 21 /11 /2010 بجريدة «الأنباء» بالتحقيق فيما قيل انه عملية انتحار بعد ان وجدت جثته طافية على ساحل جليم بالاسكندرية في 23 /7 /1940 التي انتقل لها من القاهرة كي ينضم كما قيل لجيش روميل الزاحف للانتقال لبرلين لمساعدة المانيا في ابحاثها النووية المتزامنة مع بدء الولايات المتحدة مشروع «منهاتن» لتصنيع القنبلة النووية.
***
وقد تابعت مقالات د.إسماعيل ادهم المختصة بالنقد الادبي بمجلة الرسالة والتي امتدت لسنوات حتى كتب في 8 /7 /1940 مقاله «الذرة وبناؤها الكهربائي» وتحدث فيه عن تجاربه الذرية في معامل موسكو عام 1933 والتي حصل منها وهو في العشرين من عمره على شهادة الدكتوراه في الفيزياء النووية، والغريب انه بعد كتابته هذا المقال وجد منتحرا او مقتولا على ساحل البحر، وقد ارسل شقيقه د.ابراهيم ادهم يكذب عملية الانتحار ويقول ان جميع كتب وابحاث ودراسات د.اسماعيل قد اختفت بشكل غامض ولم يعثر لها على اثر.
***
آخر محطة: (1) لا يأتي من التطرف والتشدد والارهاب الا كل الضرر على الاسلام، فالإلحاد والارتداد هما رد فعل في الاتجاه المضاد لذلك الغلو غير المبرر.
(2) د.اسماعيل أدهم ولديه مؤلفات تاريخية وأدبية في الاسلام هو اول عالم ذرة مصري وعربي ومسلم «ان جازت التسمية»، وقد قتل في ظروف غامضة تستحق التحقيق فيها وقبل د.سميرة موسى التي قتلت في حادث سيارة باميركا في 15 /8 /1952 ولم تكن للعلم عالمة ذرة بل مختصة بالاشعة.
(3) من العوامل التي ساعدت في عدم التحقيق بحادث موت د.اسماعيل ادهم انه وقع قبل القاء القنبلة النووية على اليابان عام 1945 حيث لم يكن احد منتبها – عدا المختصين – لاهمية علوم الذرة في ذلك الوقت المبكر كما ان اجهاره بالإلحاد ربما يكون قد سبب حرجا لمن يفترض ان يطالب بالتحقيق في مقتله.
@salnesf
البعبع الإيراني ومذكرات العدساني 2/3
وهكذا تأسس أول مجلس تشريعي في الكويت في 29 يونيو 1938، وكانت المآخد عليه اقتصاره، انتخابا وترشيحا، على فئة قليلة، ومن التجار غالبا، حيث بلغ المرشحون 20 شخصا تقريباً، والناخبون 320 شخصا، ويقال ان العدد بلغ 500. ويكفي للدلالة على أهمية مجلس 1938 الذي اختير الشيخ عبدالله السالم رئيسا له، دوره في اقتناع الشيخ عبد الله السالم، بعد سنوات قليلة من توليه الحكم، بضرورة تبني هذا النظام بصورة سلمية، وهكذا ولد النظام النيابي الحالي. كان لكبار قادة الشيعة موقف من مجلس 1938، مماثل لموقفهم من مجلس 1921، حيث اختاروا الوقوف بجانب الحاكم، مع شخصيات عربية وسنية أخرى. ولم يرض ذلك، إضافة لما قيل عن سعيهم للحصول على حماية المقيم البريطاني في الكويت أثناء حرب الجهراء، لم يرض المناوئين لهم! ولكن من المهم هنا توضيح أنه لم يكن من السهل في تلك الفترة تحديد المواطن من غيره، في غياب أي تعريف لمن هو المواطن، وغياب الجهة الراعية لهذه المسألة، فقد صدر أول قانون يتعلق بتحديد الكويتي من غيره بعد 21 سنة من تلك الأحداث، اي عام 1959. وبالتالي من الإنصاف القول ان فئة محددة من قاطني الكويت في تلك الفترة، الذين تأثرت مصالحهم التجارية، بسبب سوء الإدارة الحكومية، طالبوا الحاكم بضرورة مشاركته في بعض من صلاحياته، ورأى آخرون عدم جدوى ذلك، وكان من ضمن هؤلاء غالبية قادة أو ممثلي الأقلية الشيعية حينها. ثم جاء الاستقلال عن بريطانيا، إبان حكم الشيخ عبد الله السالم، وجاءت الديموقراطية، وانتخب أول مجلس نيابي «حقيقي» في تاريخ الكويت عام 1963، ولكن بالرغم من أن النفوس صفت، تقريبا، مما علق بها من تجربة مجلسي 1921 و1938، وتناسى الناس مواقف مختلف الأطراف من تينك التجربتين، فإن ذلك «التناسي» لم يشمل الشيعة، وبالذات الذين تعود أصولهم الى إيران. حيث كان للإدارات الحكومية المتتالية، أو من شغلوا المناصب التعليمية والثقافية فيها، مواقف حادة منهم، انعكست بالتالي على العلاقة مع إيران، وهناك مسؤولون تغاضوا عن تلك المواقف من منطلق «فرق تسد». وهكذا أصبحت معرفة أو تدريس اي شيء يتعلق بالثقافة الإيرانية، من منطق عرقي أو مذهبي، أمرا غير مرغوب فيه. ونتجت عن هذا النأي او الجهل بالآخر هوة بين البلدين لم تستطع مختلف التصريحات والزيارات السياسية ردمها. ثم جاءت الحرب العراقية الإيرانية لتعمق من تجذير الحذر من إيران، التي كانت، حسب اعتقادي، أقل عدوانية وشكا في نظرتها الينا من نظرتنا اليها. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
مسلمون تحت الصيانة
جميلة تلك الصور التي تنتشر في وسائل إعلامنا، ويظهر فيها مجموعة من الدعاة، وإلى جانبهم يقف آسيوي بائس، بنظرات مرتبكة، تحت لوحة كُتب عليها “المهتدون الجدد”.
طبعاً لا حاجة إلى التنويه إلى أن دعاتنا الأفاضل وعدوا الآسيوي المهتدي بمبلغ مالي حال نطق الشهادتين. ولا حاجة إلى التذكير بأنه في حاجة مسيسة، كما يبدو من مظهره، إلى هذا المال. لكن الأكثر أهمية هنا هو خوفه من هؤلاء الخليجيين إن هو لم يعلن إسلامه، مع أنهم لم يهددوه. لكن حظه الفقير في التعليم، وعقله الباطن الذي يصور له هؤلاء الدعاة بأنهم من أهل الحظوة والسطوة، إضافة إلى تفكيره الدائم بأهله وحاجتهم إلى الأموال التي يرسلها إليهم كل شهر، ووو… كل هذه الأمور تخيف بعضهم وتدفعهم إلى “الموافقة” على تغيير دينهم. متابعة قراءة مسلمون تحت الصيانة
الثقب الأسود ومستقبل العرب!
يحتفل العالم هذا العام بمرور 100 عام على بدء الحرب الكونية الاولى، ولو تمعنا في ماضي اوروبا لوجدناه قريبا من حاضر وحتى مستقبل العرب، حيث امتلأت القارة القديمة بالحروب الاهلية والخارجية والاغتيالات وعمليات الارهاب، واستخدمت في حروبها اسلحة الدمار الشامل مثل الغازات السامة التي قتلت الملايين قبل ان تُحرَّم دوليا، وان استخدمها لاحقا الاسبان في حربهم ضد قوات الامير عبدالكريم الخطابي، كما استخدمها الرئيس عبدالناصر في حرب اليمن، وصدام ضد الاكراد والايرانيين.
***
ويصاحب الحروب التي حدثت في اوروبا وغيرها كما هو معروف هجرات ولاجئون ومجاعات وفقر شديد، حتى ان الاوروبيين كانوا هم من يتركون بلدانهم للعمل في الدول العربية والافريقية. وضمن مذكرات ضابط بريطاني شارك في حملة القائد الانجليزي «كيتشنر» على السودان اواخر القرن التاسع عشر يطلب من زوجته في حال وفاته البقاء في مصر والعمل بها، حيث لا مستقبل لها في بريطانيا، وتظهر صور للدكتور الفلسطيني هشام الشرابي في كتاب ذكرياته المسمى «الجمر والرماد» وهو محاط في منزلهم بفلسطين بمربيات ومدبرات منزل سويسريات وألمانيات، وهي ظاهرة بقيت متفشية حتى الستينيات.
***
ان ما نراه من جنون وقتل ودمار وتناحر يمتد من الصومال والسودان واليمن وسورية والعراق وليبيا، وما يمكن ان يمتد لدول اخرى في المنطقة كما حدث في عرسال بلبنان التي منع انتشار شرارتها التدخل الهادئ والحكيم للملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، قد يصبح حالة دائمة وستتحول موارد الامة الطبيعية الناضبة وعلى رأسها النفط من البناء والتعمير القائم الى الحرب والتدمير لاقتسام تلك الموارد، وستدخل دول اخرى للثقب الاسود العربي الآخذ في الاتساع، وقد تمتد الحروب الاهلية التي بدأت خلال الاعوام القليلة الماضية الى عقود طويلة قادمة ليتحول السلام في المنطقة الى هدنات مؤقتة بين الحروب، ونشهد على اثرها عمليات بلقنة اشد واقسى من البلقنة الاوروبية التي انتهت منتصف التسعينيات.
***
آخر محطة: (1) كيف استطعنا تحويل التنوع الديني والمذهبي والعرقي الجميل في وطننا العربي من نعمة الى نقمة على يد المتطرفين والمتشددين؟!
(2) ولمن يحتج بتنوع الاديان والطوائف والاعراق كسبب للحروب القائمة بالمنطقة، نقول: اعطونا دولة واحدة في هذا العالم مكونة من دين وطائفة وعرق واحد!
البعبع الإيراني ومذكرات العدساني (3/1)
لسبب أو لآخر استوطن البعض الكويت منذ قرون، وكانت لهم ملاذا ومصدر رزق. وعلى الرغم مما يقوله بعض «الأكاديميين»، وهواة كتابة التاريخ، من أن تاريخ الكويت الحديث يعود لأكثر من 300 سنة، فإن من الأدق القول إن وجود الكويت، ككيان حقيقي، لم يبدأ إلا منذ أكثر من مئة وخمسين عاماً بقليل. والسبب أن العبرة ليست بعدد من سكن أي أرض أو من اتخذها مكاناً لإقامته، بل بمدى أهمية ذلك المكان وعلاقته بالكيانات الأخرى المحيطة به، أو اعترافهم به، أو على الأقل إقرارهم بوجوده ومدى قدرته على عقد الاتفاقيات «الدولية»، من نوع أو آخر، واستقرار الحكم فيه. وكل هذا ما لم يتوافر للكيان الكويتي إلا في أواخر القرن الثامن عشر، واستقرار وتوطيد وضعه مع بداية القرن العشرين. وبالتالي يمكن القول إن هجرة غالبية مكونات الشعب الكويتي بدأت قبل 150 عاما تقريبا، وتسارعت هذه الهجرة مع استقرار الدولة في ذروة عهد الشيخ مبارك الصباح (1840 – 1915). وقد هاجر سكان الكويت اليها من خمس مناطق رئيسية: هضبة نجد، بادية الجزيرة العربية، السواحل الجنوبية الشرقية من فارس (إيران)، القرى والسواحل الشرقية من الجزيرة العربية (الأحساء والقطيف) وأخيراً العراق، بما فيها مدينة الزبير. كما قدم اليها آخرون، وإن بأعداد أقل، من البحرين والإمارات وقطر وتركيا. كما حصل على حق حمل جنسيتها تاليا، وان بنسبة صغيرة، من تعود اصولهم الى فلسطين ومصر والأردن ولبنان، من مسلمين ومسيحيين. وجاء شيعة الكويت في غالبيتهم من ثلاث مناطق: السواحل والمدن الجنوبية من إيران (بر فارس)، الأحساء، ومن العراق ونسبة أقل بكثير من البحرين. بدا التوجس، او التحسس من وضع الشيعة في الكويت، وبالذات الذين تعود أصولهم لإيران والأحساء مع التجربة الديموقراطية البدائية في عام 1921. فبعد وفاة الشيخ سالم المبارك الصباح في 1921، أدركت الطبقة التجارية أن استمرار سياسة الحكم المنفرد ستؤدي إلى خسارتهم للأموال والأرواح، وبالتالي قاموا بإبلاغ الحاكم بأن يكون لهم دور وكلمة في شؤون البلد (مذكرات خالد العدساني). وهكذا جاء مجلس 1921، والذي تعين فيه على الحاكم استشارة اثني عشر شخصا يمثلون وجوه وتجار الكويت وأصحاب الرأي، ستة من منطقة الشرق ومن يماثلهم من منطقة القبلة، وجميعهم جاءوا إلى المجلس عن طريق الاختيار وليس الانتخاب. ولكن سرعان ما كثر الشجار بينهم، مما دعا الحاكم الى حل المجلس بعد شهرين. ثم جاء عام 1938، واشتدت مطالبة «الأطراف الوطنية»، وغالبيتهم من البيوتات التجارية، بضرورة مشاركة الحاكم في الحكم، وتنظيف الإدارة الحكومية من البطانة الفاسدة (مذكرات العدساني). وقد تعاطفت شخصيات مؤثرة داخل أسرة الحكم مع مطالب هؤلاء، وبالتالي كان لا بد من الإنصات إليهم. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
زيارة جديدة لـ «سايكس بيكو»!
لو تم سؤال أي مفكر أو مواطن عربي من المحيط إلى الخليج عن سبب تقسيم الأوطان العربية وعدم توحدها كحال الولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبي لكانت الإجابة هي بإلقاء اللوم على معاهدة «سايكس بيكو» السرية التي عقدت عام 1916، والحقيقة هي كالعادة غير ذلك إلا اننا نبحث دائما عن شماعة لإخفاقاتنا المتكررة في تحقيق أحلامنا بالوحدة العربية، فلا نجد إلا تلك المعاهدة التي تحتاج الى زيارة جديدة لها.
***
ولو رجعنا للحقائق لا الأوهام والكلام المطلق لعرفنا ان تلك الاتفاقية اختصت بأقل من 10% من مساحة وسكان الوطن العربي، وانها وحدت ولم تقسم تلك المساحة، فدول الشمال الأفريقي كانت محتلة من قبل فرنسا وإيطاليا قبل تلك الاتفاقية، والحال كذلك مع مصر والسودان اللتين احتلتا بسبب هوجة عرابي 1882، ولم تكن الجزيرة العربية التي كان الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، يقوم بتوحيدها ضمن تلك المعاهدة، والحال كذلك مع اليمن ودول الخليج العربي، لذا اقتصر تأثير تلك الاتفاقية على دولة الشام والعراق التي تعمل القوى المتطرفة هذه الأيام على تقسيمها وتشطير ما وحدته تلك الاتفاقية!
***
لقد قامت تلك الاتفاقية «بتوحيد» ألوية وقضاءات بلاد العراق والشام، ولو تركوا لحالهم لانقسموا الى عشرات الدول والدويلات، وإذا كان لواء الإسكندرونة (4600كم2) قد اقتطع من سورية عام 1938، أي بعد تلك الاتفاقية، فقد قام الإنجليز بضم لواء الموصل (91000كم2) للعراق الموحد رغم ان اللواء تم احتلاله من قبل الانجليز بعد اتفاقية الهدنة مع تركيا لا قبلها، ولولا احتلال الإنجليز لما حصل العراق على الموصل ولبقي تركياً. أما فلسطين (27 ألف كم2) فلم ينشئها وعد بلفور، بل تكفل بخلقها أخطاء العرب وجهد اليهود وفظائع حبيب بعض العرب «هتلر»، ولو كانت وعود وزراء الخارجية الإنجليز تعني شيئا بذاتها لتمت وحدة بلدان العرب بعد وعد وزير الخارجية البريطاني انتوني ايدن عام 1942 للعرب بتشجيع وحدة أوطانهم، والذي حرص على ان تكون كلماته وعباراته مطابقة لوعد بلفور الذي كان بإمكانه ان يسقط سهوا من التاريخ ولا يتذكره أحد كوعد إيدن!
***
أخيرا.. ما يظهر ظلمنا لـ «سايكس ـ بيكو» في ادعاء انهم من قسمنا ومنع وحدة دولنا حقيقة ان دولنا حصلت على استقلالها منذ نصف قرن وأكثر، فلماذا لم تتحد؟! وهل كان الاثنان مسؤولين عن تسليم ملف السودان لضابط نصف مجنون منتصف الخمسينيات مما تسبب في انفصالها عن مصر وانقسامها اللاحق؟! وهل الاثنان مسؤولان عن تسليم ملف الوحدة المصرية ـ السورية أوائل الستينيات لشاويش برتبة مشير، ما نتج عنه فصم عراها؟! وهل كان الاثنان مسؤولين عن تسليم غزة وهي الجزء الفلسطيني المتحد مع مصر لإسرائيل مرتين (56 و67) دون حرب، ما جعلها تنفصل عنها لاحقا بشكل دائم؟! لنترحم على اتفاقية «سايكس ـ بيكو» فهي خير ألف مرة من البلقنة القادمة لا محالة لدول المنطقة بسبب الثوريات الماضية والحاضرة التي ترفع شعار وحدة الأوطان وهي تعمل جاهدة على.. تقسيمها!
مشايخ الكروش الكبيرة
على المزاج والهوى، يحدد مشايخ الطائفية والتشدد والفتنة في الخليج والوطن العربي حسب «الموضة»، بين الحين والحين، عدواً للإسلام والمسلمين، كما يحلو لهم. ففي حقبة زمنية، طال أمد تحديد «طائفة كبيرة من المسلمين» بأنهم العدو الأول، وأنهم «أشد خطراً من اليهود»! وموضة اليوم، تحولت تجاه «خوارج العصر»، «داعش» والإرهابيين، الذي عاثوا فساداً منذ سنين، ولم يصبحوا عدواً للإسلام إلا أول أمس.
لنعترف، بأن مشايخ الفتنة والتكفير والتشدد الذين فُتحت لهم الفضائيات والصحف والمساحات الإعلامية العابرة للقارات هم السبب الأول والأكبر في تلويث فكر المجتمع، وخصوصاً العبث بفكر الشباب والناشئة، ولكنهم لن يتمكنوا اليوم من وضع حد لهيجان ذلك الغول الجاهلي الفتاك. وأجزم بأنهم لن يتمكنوا، ولهذا يتوجب على الحكومات الخليجية والعربية والإسلامية أن يكون لها استراتيجيات عاملة، وطنية في بعضها ومشتركة في بعضها الآخر، للتصدي لموجة النحر والقتل والدمار التي صنعها مشايخ الفتنة وسيفشل في صدها مشايخ الفتنة. وليت آثارها وانعكاساتها تقع فقط على رأس مشايخ الفتنة ذوي الكروش الكبيرة والعقول المبرمجة لتدمير كل شيء جميل في سماحة الإسلام.
ويمكن رؤية الأتون الطائفي المقيت الذي سيأتي على منطقة الخليج بأسرها ما لم تبادر الحكومات إلى منع أسباب استمراره، كونه سيؤدي دون شك إلى خلخلة النسيج الاجتماعي والوطني في دولنا، فالغول الطائفي لن يتجاوز أحداً في هجومه بشراسة، ولن ينفع وقت هجومه التندم على خطابات مشايخ الفتنة وإعلام التدمير ومصالح الفئات ذات الوطنية الزائفة! فكلما امتد الزمن وازدادت الطائفية ضراوةً، أصبح مجال التطويق والحل ضيقاً جداً جداً.
وفق قراءة الكثير من الباحثين المهتمين بشئون الخليج العربي، فإن «الغول الطائفي» يمثل واحداً من أكبر وأخطر التحديات الكارثية على حكومات وشعوب المنطقة حاضراً ومستقبلاً. وهذه المخاطر تزداد وتتضاعف يوماً بعد يوم في ظل تصاعد المد الطائفي في الإقليم قادماً من العراق وسورية ولبنان واليمن وتركيا، وفي الوقت ذاته، الغياب الواضح لمسار تعزيز قيم الوحدة الوطنية واعتماد مبدأ المواطنة والمساواة التزاماً بالدساتير والقوانين، أي تأثر مظلة الضمانات الأساسية حقوقاً وواجبات. (انظر مقال «الخليج أمام الغول الطائفي»، الوسط، 20 يناير 2013).
تخطئ القيادات والحكومات حين تستغيث بمشايخ «الكارثة» ظنّاً منها أنها ستعينهم وستنفعهم! ذلك خطأ استراتيجي فادح، فأولئك يصنعون الدمار والكراهية، لكنهم لا يمتلكون القدرة على البناء ونشر التسامح أبداً، فليس يقبلهم لا من يحبهم (حين يرونهم وقد تغير خطابهم) ولا من يكرههم (حين يدرك أنهم سبب في الكارثة)، ولهذا، فلو اتجهنا إلى الفئات المعتدلة من المفكرين والمثقفين والباحثين، وعلماء الدين المعتدلين في العالم العربي والإسلامي، ولاسيما في منطقتنا الخليجية، ففيها الكثير من الأسماء المحترمة، سنقف أمام عدة محاور للتصدي للخطر القادم، بدءًا من تحديد الثقافة والتنشئة الدينية المتطرفة وعلاج أسبابها، ثم تحليل وتفكيك أيديولجية الخطاب الديني المتطرف، وبعد ذلك يتسنى الانطلاق نحو معالجة الأسباب التي ترتبط بواقع معيشة المواطن اقتصادياً واجتماعياً.
وبالطبع من العبث إغفال معالجة المشكلات السياسية التي تعج بها المنطقة العربية، وعدم الاكتفاء بالتنظير فيما إذا كان ربيعاً أم خريفاً أم مؤامرة عربية، فأسوأ ما يفعله الإعلام العربي الهزيل هو إعادة وجوه التنظير الصفيقة التي طالما تلاعبت وتتلاعب بعقل المشاهد العربي.
بالطبع، لا يمكن إطلاقاً إغفال المخاطر الكبيرة المحيطة بمنطقة الخليج إثر التطورات الجارية في منطقة الشرق الأوسط وانعكاساتها عليها، ولا يمكن التغاضي عن مجموعة من مثيرات الخطر التي تشهدها العديد من دول الخليج، إلا أنه بالإمكان السيطرة على هذه المخاطر والحد منها، حينما تتصدى الحكومات بالدرجة الأولى، وقبل غيرها، للجهات التي تلعب على الوتر الطائفي داخلياً أولاً. فمتى ما سلمت الساحة الداخلية من هذه المعاول وأوقفت عند حدها، وشعر كل مواطن بأن حقوقه مصانة، فإن هذه الجبهة تقوى وتستقر وتكون قادرةً على صد أي اضطراب سلبي يهدد استقرار الوطن.
كما أن هناك ظاهرة واضحة مبنية على المصالح الفئوية والشخصية، وهي تلك التي تنضوي تحت عنوان «القرب من السلطة»، فمن الواضح أن هناك أطرافاً في منطقة الخليج تتلبس هذا القرب لتلعب على الوتر الطائفي وتثير المشاحنات والتناحر في وسائل الإعلام وفي سلوكياتها اليومية بهيئة لا يمكن أبداً أن يتم التغاضي والسكوت عنها، لكن هذا حاصل، ومع العلم اليقين بسوء ما يفعل هؤلاء، إلا أنهم يسرحون ويمرحون في منهج تدميري سيئ للغاية.
اليوم، لا يمكن إغفال أدوار قوى إقليمية تسعى إلى تأجيج الطائفية في المنطقة، تمهيداً لما تريد القيام به من سيطرة، ولعل أول أهداف هذه السيطرة ضمان أمن الكيان الصهيوني، وهذا يوجب قطعاً تنشيط الوعي الوطني، وقراءة الأوضاع بصورة حقيقية والتركيز على التعليم والإعلام. وهذه مسئولية الدولة بالدرجة الأولى، إلى جانب تنشيط مؤسسات المجتمع المدني والرموز السياسية والاجتماعية الذين سيكونون سداً منيعاً في وجه الطائفية، وسلاحاً بإمكانه الحد من مخاطرها ومنع أي تحرك طائفي مستقبلاً.
لكن بالنسبة لي شخصياً، فإن السهل جداً والصعب للغاية معاً، هو أن تتجه الحكومات إلى احترام مواطنيها، من خلال مفهوم «الوطن الجامع»، الذي يستوعب كل مكوناته، ويحترم كل أطيافه وتعبيراته المجتمعية، وليس بمنهج ومنطق الحكومات التي تعتبر الأوطان «شركات تملكها»، والشعوب «عمالاً لديها».
مسلم البراك.. انتهى!
بالامس أبلغني الأخ المحامي مشاري العنزي عن قضيتين جديدتين رفعتا ضدي من الاخ (ضمير الامة) مسلم البراك بتهمة المساس بكرامته وسمعته على حد قوله: مُسَّت كرامته؟! كيف ذلك؟ واين؟ ومتى! فلا اتذكر يوما اني «سَبيت» احداً في مقالاتي او اتهمته زوراً في شيء لا املكه! ربما فقط ذلك المقال الاثير الذي كتبته ايام تفكك الحراك وقد اخترت له عنوانا (انه زمن عبيد الوسمي!) وكان مفاده ان مسلم البراك انتهى، وان الحقبة القادمة للمعارضة سيقودها عبيد الوسمي بعقلية جديدة واسلوب جديد: فانهالت بعدها قضايا مسلم البراك بتهمة المساس بكرامته: فكيف مُست كرامتك؟ واين حرية التعبير يا ضمير؟ اين الديموقراطية يا مناضل! وكيف تفسّر مؤامرة تكميم الافواه التي كنت تصدح بها في ساحة الارادة؟ وتبون حكومة منتخبة بعد؟ هيّن!
المهم.. اسمعني زين يا «بوحمود»: نحن مواطنون نحترم القانون، ونحترم القضاء، ونحترم دولة المؤسسات، ونحترم السيادة والدستور، وسنحضر باذن الله للنيابة برأس مرفوع، ولن نتعذر بكتاب أصلي ولا هم يحزنون.. وبلغ محامينك بدلا من القضيتين يرفعون مليون: واطيب مافي خيلك اركبه.. انتهى المقال.