راكمت الحرب على غزة، والتي بدأتها إسرائيل، المزيد من الظلم ضد ضحاياها وجعلت فرص بقاء إسرائيل بالشكل الذي نعرفه حتى الآن أكثر عسراً. يقع هذا على رغم عقود السلام وأشكال التطبيع. حرب غزة أكدت أن إسرائيل تدفع ثمناً سياسياً وعسكرياً وأمنياً من جراء صدامها مع قوى الشعوب: «حماس» و»الجهاد الإسلامي» الآن، وقبل ذلك «حزب الله» في جنوب لبنان وحركة «فتح» والمقاومة والانتفاضتان الفلسطينيتان الأولى والثانية. في الزمن القادم ستواجه إسرائيل مزيداً من المقاومة ذات البعد الشعبي. فالحركة الصهيونية لم تستوعب، حتى الآن، أن الآلام والمظالم التي يتعرض لها الشعب العربي الفلسطيني والمحيط العربي الإسلامي ستزيد من صلابة المقاومة بكل أبعادها الشعبية. متابعة قراءة غزة: تحرير الإرادة من قيود الانتظار
اليوم: 28 أغسطس، 2014
كلما كبرت ازدادت إثارة
هي إحدى هواياتي الغريبة، وإن سميتها “حماقاتي الغريبة” لم أكذب… ساعة وصولي إلى دولة ما، للسياحة طبعاً، أبحث عما يميزها عن غيرها من الدول، من ناحية الخدمات، والبنى التحتية، والحالة الاقتصادية للناس (أرصدها من خلال مظاهرهم الخارجية ومحلاتهم وسياراتهم ومأكولاتهم ووو…)، ومدى شعور الناس بالراحة أو بالغضب (من خلال وجوههم، وتعاملهم مع الآخرين، وتبادل الحديث معهم).
في إسطنبول، أو إسلامبول، أو الآستانة، أو القسطنطينية، سمها كما تشاء… تبادلت مع صديقي التركي الأحاديث. هو حاصل على شهادتي البكالوريوس والماستر من الولايات المتحدة، حيث كان يقيم وأهله، قبل أن يعودوا إلى تركيا ليقطفوا الفرص التجارية التي أثمرت بعد النهضة الأخيرة، أو “بعد أن تولى أردوغان وفريقه مهمة القيادة” كما ذكر حرفياً. متابعة قراءة كلما كبرت ازدادت إثارة
رجل الألفية
في أوائل رحلات «القطرية» من الكويت إلى الدوحة، قدّمت لي المضيفة الفلبينية صينية عليها عدد من كاسات العصير، فاعتذرت عن قبولها بحجة أنها تتعارض وديانتي، فتراجعت المضيفة مرتبكة وخجلة، وانسحبت من دون أن تنطق بكلمة! ويبدو أنها حكت لزميلتها الإنكليزية الموقف الغريب الذي تعرّضت له، فقامت هذه وأخذت الصينية منها، وتقدّمت نحوي عارضة عليّ أنواع العصير، فرفعت رأسي واعتذرت لها بكل لطف، قائلا إن ما تقدّمه يتعارض وعقيدتي الدينية، وهنا أصيبت المضيفة بالقدر نفسه من الدهشة، وتراجعت متلعثمة! لم تنته. القصة هنا، ولكن تكملتها ليست مهمة. بعدها بأسابيع كنت في رحلة داخلية في الهند، وكان معي صديق، فرويت له ما جرى معي على «القطرية»، وقلت له إنني سأجرب الأمر ذاته مع المضيفة الهندية، وراهنته بأنها ستتصرف بطريقة طبيعية، ولن تدهش لردي أو تتحرك عضلة استغراب في وجهها، وهذا ما حدث بالفعل، فلم تستنكر أو حتى تبتسم لقولي بأن تناول العصير يخالف عقيدتي، والسبب أن عقائد وديانات شعوب جنوب شرق آسيا عموماً والهند بالذات، تحرم الغريب من الأمور والطريف من التصرفات، وبالتالي لم يكن هناك ما يدهش أو يثير استنكار المضيفة الهندية في إجابتي، فغالبية سكان الهند وتايلند واليابان وغيرها يؤمنون بمئات أو بآلاف الآلهة، فلا إله يتميز عن غيره، أو على الأقل يستحق الموت في سبيله، بل هو مصدر سعادة وراحة نفسية، وخاصة في الخطوب والملمات! اعتدنا، وفي المجتمعات النفطية، والمتخمة بالأموال، التي لا يعرف أصحابها كيفية التصرف بها أو إنفاقها في المفيد من المشاريع، اعتدنا على اعتبار أنفسنا «كرماء»، والحقيقة ليست كذلك بصورة دقيقة، فالغالبية تنفق على المشاريع والأعمال الخيرية بغية اكتساب الأجر والثواب الأخروي، والأمر ليس كذلك في المجتمعات الأخرى، فلا أعتقد أن بيل غيتس أو وارن بافيت مثلا، واللذين وهبا مليارات الدولارات للأعمال الخيرية والأبحاث الطبية يسعيان للحصول على أجر. وورد في الأنباء مؤخرا أن مواطنا هنديا يدعى كالاياناسوندرام Mr.Kalayanasundaram يعمل بوظيفة بسيطة في مكتبة منذ 30 عاماً، كان يتبرع بكامل راتبه، طوال فترة عمله، للمحتاجين. وكان يعيش على ما كان يكسبه من العمل مساء كخادم في فندق صغير. وعند تقاعده قام بتوزيع نهاية خدمته على الفقراء. واعتبرته الحكومة الأميركية شخصاً فريداً من نوعه، وتقديراً لمواقفه قامت بمنحه لقب «رجل الألفية»، ومبلغاً كبيراً من المال، والذي لم يتردد في توزيع كل روبية منه على المعوزين! وقام ممثل هندي شهير «بتبنيه»، كوالد له، حيث إن كالاياناسودرام لم يسبق له أن تزوج، ولم يكن بالتالي لديه أبناء! فهل لدينا مثل كرمه؟ أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com