جميلة تلك الصور التي تنتشر في وسائل إعلامنا، ويظهر فيها مجموعة من الدعاة، وإلى جانبهم يقف آسيوي بائس، بنظرات مرتبكة، تحت لوحة كُتب عليها “المهتدون الجدد”.
طبعاً لا حاجة إلى التنويه إلى أن دعاتنا الأفاضل وعدوا الآسيوي المهتدي بمبلغ مالي حال نطق الشهادتين. ولا حاجة إلى التذكير بأنه في حاجة مسيسة، كما يبدو من مظهره، إلى هذا المال. لكن الأكثر أهمية هنا هو خوفه من هؤلاء الخليجيين إن هو لم يعلن إسلامه، مع أنهم لم يهددوه. لكن حظه الفقير في التعليم، وعقله الباطن الذي يصور له هؤلاء الدعاة بأنهم من أهل الحظوة والسطوة، إضافة إلى تفكيره الدائم بأهله وحاجتهم إلى الأموال التي يرسلها إليهم كل شهر، ووو… كل هذه الأمور تخيف بعضهم وتدفعهم إلى “الموافقة” على تغيير دينهم. متابعة قراءة مسلمون تحت الصيانة
اليوم: 24 أغسطس، 2014
الثقب الأسود ومستقبل العرب!
يحتفل العالم هذا العام بمرور 100 عام على بدء الحرب الكونية الاولى، ولو تمعنا في ماضي اوروبا لوجدناه قريبا من حاضر وحتى مستقبل العرب، حيث امتلأت القارة القديمة بالحروب الاهلية والخارجية والاغتيالات وعمليات الارهاب، واستخدمت في حروبها اسلحة الدمار الشامل مثل الغازات السامة التي قتلت الملايين قبل ان تُحرَّم دوليا، وان استخدمها لاحقا الاسبان في حربهم ضد قوات الامير عبدالكريم الخطابي، كما استخدمها الرئيس عبدالناصر في حرب اليمن، وصدام ضد الاكراد والايرانيين.
***
ويصاحب الحروب التي حدثت في اوروبا وغيرها كما هو معروف هجرات ولاجئون ومجاعات وفقر شديد، حتى ان الاوروبيين كانوا هم من يتركون بلدانهم للعمل في الدول العربية والافريقية. وضمن مذكرات ضابط بريطاني شارك في حملة القائد الانجليزي «كيتشنر» على السودان اواخر القرن التاسع عشر يطلب من زوجته في حال وفاته البقاء في مصر والعمل بها، حيث لا مستقبل لها في بريطانيا، وتظهر صور للدكتور الفلسطيني هشام الشرابي في كتاب ذكرياته المسمى «الجمر والرماد» وهو محاط في منزلهم بفلسطين بمربيات ومدبرات منزل سويسريات وألمانيات، وهي ظاهرة بقيت متفشية حتى الستينيات.
***
ان ما نراه من جنون وقتل ودمار وتناحر يمتد من الصومال والسودان واليمن وسورية والعراق وليبيا، وما يمكن ان يمتد لدول اخرى في المنطقة كما حدث في عرسال بلبنان التي منع انتشار شرارتها التدخل الهادئ والحكيم للملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، قد يصبح حالة دائمة وستتحول موارد الامة الطبيعية الناضبة وعلى رأسها النفط من البناء والتعمير القائم الى الحرب والتدمير لاقتسام تلك الموارد، وستدخل دول اخرى للثقب الاسود العربي الآخذ في الاتساع، وقد تمتد الحروب الاهلية التي بدأت خلال الاعوام القليلة الماضية الى عقود طويلة قادمة ليتحول السلام في المنطقة الى هدنات مؤقتة بين الحروب، ونشهد على اثرها عمليات بلقنة اشد واقسى من البلقنة الاوروبية التي انتهت منتصف التسعينيات.
***
آخر محطة: (1) كيف استطعنا تحويل التنوع الديني والمذهبي والعرقي الجميل في وطننا العربي من نعمة الى نقمة على يد المتطرفين والمتشددين؟!
(2) ولمن يحتج بتنوع الاديان والطوائف والاعراق كسبب للحروب القائمة بالمنطقة، نقول: اعطونا دولة واحدة في هذا العالم مكونة من دين وطائفة وعرق واحد!
البعبع الإيراني ومذكرات العدساني (3/1)
لسبب أو لآخر استوطن البعض الكويت منذ قرون، وكانت لهم ملاذا ومصدر رزق. وعلى الرغم مما يقوله بعض «الأكاديميين»، وهواة كتابة التاريخ، من أن تاريخ الكويت الحديث يعود لأكثر من 300 سنة، فإن من الأدق القول إن وجود الكويت، ككيان حقيقي، لم يبدأ إلا منذ أكثر من مئة وخمسين عاماً بقليل. والسبب أن العبرة ليست بعدد من سكن أي أرض أو من اتخذها مكاناً لإقامته، بل بمدى أهمية ذلك المكان وعلاقته بالكيانات الأخرى المحيطة به، أو اعترافهم به، أو على الأقل إقرارهم بوجوده ومدى قدرته على عقد الاتفاقيات «الدولية»، من نوع أو آخر، واستقرار الحكم فيه. وكل هذا ما لم يتوافر للكيان الكويتي إلا في أواخر القرن الثامن عشر، واستقرار وتوطيد وضعه مع بداية القرن العشرين. وبالتالي يمكن القول إن هجرة غالبية مكونات الشعب الكويتي بدأت قبل 150 عاما تقريبا، وتسارعت هذه الهجرة مع استقرار الدولة في ذروة عهد الشيخ مبارك الصباح (1840 – 1915). وقد هاجر سكان الكويت اليها من خمس مناطق رئيسية: هضبة نجد، بادية الجزيرة العربية، السواحل الجنوبية الشرقية من فارس (إيران)، القرى والسواحل الشرقية من الجزيرة العربية (الأحساء والقطيف) وأخيراً العراق، بما فيها مدينة الزبير. كما قدم اليها آخرون، وإن بأعداد أقل، من البحرين والإمارات وقطر وتركيا. كما حصل على حق حمل جنسيتها تاليا، وان بنسبة صغيرة، من تعود اصولهم الى فلسطين ومصر والأردن ولبنان، من مسلمين ومسيحيين. وجاء شيعة الكويت في غالبيتهم من ثلاث مناطق: السواحل والمدن الجنوبية من إيران (بر فارس)، الأحساء، ومن العراق ونسبة أقل بكثير من البحرين. بدا التوجس، او التحسس من وضع الشيعة في الكويت، وبالذات الذين تعود أصولهم لإيران والأحساء مع التجربة الديموقراطية البدائية في عام 1921. فبعد وفاة الشيخ سالم المبارك الصباح في 1921، أدركت الطبقة التجارية أن استمرار سياسة الحكم المنفرد ستؤدي إلى خسارتهم للأموال والأرواح، وبالتالي قاموا بإبلاغ الحاكم بأن يكون لهم دور وكلمة في شؤون البلد (مذكرات خالد العدساني). وهكذا جاء مجلس 1921، والذي تعين فيه على الحاكم استشارة اثني عشر شخصا يمثلون وجوه وتجار الكويت وأصحاب الرأي، ستة من منطقة الشرق ومن يماثلهم من منطقة القبلة، وجميعهم جاءوا إلى المجلس عن طريق الاختيار وليس الانتخاب. ولكن سرعان ما كثر الشجار بينهم، مما دعا الحاكم الى حل المجلس بعد شهرين. ثم جاء عام 1938، واشتدت مطالبة «الأطراف الوطنية»، وغالبيتهم من البيوتات التجارية، بضرورة مشاركة الحاكم في الحكم، وتنظيف الإدارة الحكومية من البطانة الفاسدة (مذكرات العدساني). وقد تعاطفت شخصيات مؤثرة داخل أسرة الحكم مع مطالب هؤلاء، وبالتالي كان لا بد من الإنصات إليهم. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com