ها هو أردوغان، يتنقل بين رئاسة الوزراء ورئاسة الدولة، كما يتنقل الواحد منا بين الصباحية والمنقف، لا يَعوقُه إلا “دوّار”، الأولوية فيه للقادم من اليسار.
ومن أردوغان نطل من الشرفة على حوش الأتراك، فنرى ما لديهم… وكنت في العسكرية المصرية، حيث لا كلمة تعلو على كلمة الأتراك “تمام أفندم”، وحيث كتب السعدني روايته “تمام يا أفندم”، وحيث تنتشر الكلمات “العصملية”، أو العثمانية… فهذه أجزخانة، وهذا صول، وأخوه باشكاتب، وذاك بيه، وذياك باشا، وهذه أبلة تتناول بوظة في الحرملك، دخل عليها عكروت (صفة بذيئة صارت تستخدم للتحبب)، معه صديقه الفنجري، يرتدي “قايش” وفي يده كرباج، في غفلة من النبطشي، ووو… كلها مفردات تركية. متابعة قراءة تمام أفندم
اليوم: 12 أغسطس، 2014
تحت ظلال دولة قانون أم ماذا؟!
المادة 33 من الدستور تقرر مبدأً قانونياً عاماً، وهو أن "العقوبة شخصية"، لكن المادة 13 من قانون الجنسية قررت جواز سحب الجنسية… "إذا استدعت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك، ويجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون كسبها معه بطريق التبعية…" وفي الكويت سُحِبت جنسية أحدهم، ودفعت ذريته أثماناً غالية من كرامتهم حين عدتهم السلطة أصفاراً على الشمال.
القانون الأبكم ينص على أنه "يجوز" سحب الجنسية بالتبعية، وهنا تم استغلال "الجواز" لإيقاع عقوبة لا إنسانية على ذرية المُدان وأهله- دون محاكمة- فهل تحقق هنا إعمال مبدأ "شخصية العقوبة" الدستوري حين أوقعت السلطة عقوبة النفي من الهوية الوطنية على أحمد وأولاده وبناته لأن "مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي" يستدعي ذلك؟! وهل بث برامج تلفزيونية أو نشر مقالات مخالفة لنهج السلطة يعد خطراً على "مصلحة الدولة العليا وأمنها الخارجي"؟! وإذا كان بعض "شيوخنا مختلفين ومتهاوشين" على السلطة مع بعضهم، فما شأن بقية خلق الله كي يدفعوا أثمان ذلك الصراع؟!
مثل تلك الفقرة من القانون "المصلحة العليا"، ونجد مثلها الكثير في نصوص قوانين الرعب بالكويت وشقيقاتها العربيات، مستوحاة من أنظمة تسلطية مستبدة، إذ استغلها ستالين لتصفية خصومه في ثورة أكتوبر 1917 بعد وفاة لينين، وكانت تهمة "التروتسكية" المحددة بمصلحة الدولة العليا المثال الفج للمحاكمات الصورية في ذلك الوقت (شو ترايلز)، وللأسف، عندنا لا توجد "محاكمة" ولو شكلية، بل سُحِبت الجنسية وأُسقِطت عن المدان وأهله (دون محاكمة) بمرسوم من السلطة دون أي رقابة قضائية لاحقة تتحقق من مشروعية أو عدم مشروعية مرسوم السحب أو الإسقاط، فهل مصطلح "المصلحة العليا" يعد متسقاً مع مبدأ "شخصية العقوبة"؟ وهل استفراد السلطة بقرارات سحب الجنسية وإسقاطها يتفق مع مبادئ المشروعية واستقلال سلطات الدولة الثلاث عن بعضها مع افتراض أن كل سلطة تحد من السلطة الأخرى؟! أين نحن؟ وأين موقعنا الزماني؟! هل نحن بدولة ومؤسسات يهيمن عليها سيادة القانون ومبدأ المساواة أم أننا نستظل بخيمة قبيلة ومزاج شيوخها المتقلب؟!
التناقض في المواقف
كتبت الصديقة إلهام الحلو تقول إننا لا يمكن أن نطلب من المضطهَد أن ينفعل ويستنكر اضطهاداً يتعرّض له آخرون، إن كان هو متبلّد المشاعر، بعد الخضوع الطويل للعنف والظلم. فشعوبنا تمرّ على المجازر والتصفيات والإذلال والإهانات، وتعبرها وكأنها أمور عادية من يوميّات لا تستحق أي ردّ فعل، أو حتى الاستنكار، وإن حصل الاستنكار فإنه يبقى «موسميّاً» وسريعاً، من باب «رفع العتب»، لا هو صادق ولا بجدي، ولا يستدعي أي معالجة. وبالتالي فإن العربي المسلم، وغير المسلم أيضاً، المقهور والمصادرة حقوقه وحريّاته وكرامته، لا يجد في الظلم، سواء تعرّض له هو أو غيره، أمراً غريباً! ألم تباد قرى كردية في زمن صدام؟ فماذا فعل بقية العراقيين؟ ألم تُطحَن مدينة حماة أكثر من مرة؟ فماذا فعل غالبية السوريين؟ وتقول الصديقة الأخرى وفاء سلطان إن إجازتها لم تنته. كما كانت تريد، فعويل النساء في غزّة قضَّ مضجعها، وزاد من غيظها على أمة منكوبة في عقلها وضميرها وأخلاقها. فحماس، باختصار شديد، إفراز ديني لا يرقى إلى مستوى حكومة بإمكانها أن تواجه مسؤولياتها تجاه شعبها بحكمة! وانها لا تقول ذلك دفاعا عن «اسرائيل»، علما بأن تاريخهم لم يعرف قائدا عسكريا يهوديا واحدا، أما المسلمون إن لم يجدوا عدوّاً يقاتلونه، صنعوا من أنفسهم ذلك العدو! وتتساءل: هل تستطيع أمة تقنع رجالها منذ نعومة أظافرهم بأن «يَقتل أو يُقتل» كي يكسبوا الآخرة؟ هل تستطيع أن تعلمهم في الوقت نفسه أن يؤمنوا بالحياة كقيمة وأن يقدّروا تلك القيمة؟ فبالرغم من أن ما يردها من رسائل تتضمن أسئلة عن قضايا مصيرية شتى، كرأيها في ما يحصل في غزة، فإنه لا أحد سألها مرة عن رأيها في ربع مليون جزائري قُتلوا على أيدي أبناء جلدتهم بأبشع الطرق الهمجية، وكيف كانت النساء العربيات المسلمات يتعرّضن للاغتصاب من قبل الجماعات الإسلامية على أصوات التكبير، فلماذا يسألونها الآن عن رأيها في أحداث غزة؟! وعندما قتل أكثر من 20 ألف مواطن سوري، بسبب أفعال الإخوان المسلمين، وردود فعل السلطات السورية عليهم، لم يتفضّل قارئ مسلم واحد بسؤالها عن رأيها حيال تلك الجرائم! وعندما حدثت التفجيرات في فنادق الأردن، وقتلت بشراً يحتفلون بعرس، فإن قارئا مسلما واحدا لم يحاول معرفة رأيها! وعندما هاجم إرهابيون قرية الكشح المصرية وقتلوا 21 فلاحاً قبطياً، لم تحرك الحكومة المصرية ساكناً ولم يسألها مسلم عن رأيها بتلك المجزرة. وعندما دفن صدّام حسين أكثر من 300 ألف عراقي أحياء، ناهيك عن الذين حرقهم بالسموم الكيماوية، لم يتجرّأ مسلم واحد على سؤالها، أو احتج الباقون على أفعال رئيسهم! وعندما قتلت حماس، قبل أشهر قليلة، أحد عشر شخصا من عائلة واحدة بحجة أنهم ينتمون إلى فتح، لم تتلقَّ سؤالاً من قارئ يشكّ في أخلاقية تلك الجريمة! وبالتالي تبين أنه لا قيمة للحياة عندنا، فنحن نولول على ضحايا غزة، ليس من منطلق الحزن، أو احتراماً لأرواح الضحايا، وإنّما من منطق استنكارنا فقط لهوية القاتل! فلو كان القاتل «حماس» أو «فتح» أو أي مسؤول مسلم، لكان الأمر لدى أيّ مسلم عاديّاً للغاية! وهذا صحيح، فنحن مثلا لا نتردد في انتقاد أوضاع دولنا، ولكن نشعر بالضيق إن فعل الآخرون ذلك! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com