يذكر المفكر الأميركي د.صامويل هنتنغتون في كتابه الأخير عن النخبة الأميركية أن سبب انقراض شعب الهنود الحمر هو أنهم كانوا يمثلون «العدو المثالي»، أي العدو «الشرس الضعيف»، فشراسته تبرر العدوان عليه والتنصل من الالتزام الاخلاقي نحوه، وضعفه يتسبب في إبادته دون رحمة، والخوف من أن الإخوة الفلسطينيين باتوا ومنذ سنوات طوال يضعون أنفسهم في خانة «العدو المثالي»!
***
يقابل ذلك النهج السيئ المضر بمن يقوم به، النهج الناجح والصحيح الذي يمنع ممارسيه من أن يصبحوا في عداد «الأعداء المثاليين» ومن ثم يمنحهم في المقابل الصفة الإنسانية التي تُخجل أعداءهم وتمنعهم من الاساءة إليهم والعمل على إبادتهم، كما تجعل العالم بالتبعية يصطف مع قضاياهم فتنتهي كما حدث مرارا في الماضي بالانتصار والانتهاء منها.
***
ومن ذلك، هل قام أفارقة جنوب أفريقيا وروديسيا- وقضاياهم تتشابه في المطلق مع القضية الفلسطينية من حلول مهاجرين محل اصحاب الأرض الأصليين- باختطاف الطائرات والبواخر ومهاجمة الطائرات والسفارات… الخ؟ وهل اطلقوا الصواريخ على مساكن البيض؟ وهل تدخل الأفارقة في شؤون وحروب الدول الأفريقية الداعمة لقضيتهم فظهروا وكأنهم المتعدون؟
إن سر انتصار الأفارقة انهم اظهروا للعالم اجمع- وحتى لشعوب أعدائهم- انهم الطرف المجني عليه وليسوا طرفا منتصرا في حرب متكافئة مع العدو، كما حدث ويحدث في حروب «الفلسطينيين» مع إسرائيل.
***
آخر محطة: (1) نهج منع النقد الذاتي والمجاملة وخداع النفس جُرّب في عملية الإبادة الأخيرة لغزة عام 2009، وهو ما مهد الأرض وحرثها لعملية الإبادة الحالية، والواجب المصارحة هذه المرة، فما يُدفع هو أنهار من دماء الأبرياء من أهل غزة وليس ماء، والقبول بما يجري، بل وتحويله لانتصارات باهرة، يعني شيئا واحدا لا غيره، وهو تكراره بعد سنوات قليلة، ومن ثم دفع الشعب الفلسطيني لليأس.
(2) الانتصار الذي يقوم على مبدأ «نحن لا نمانع قتل الآلاف منا» بينما ينسحب العدو عند قتل عشرة او عشرين من جنوده حرصا منه على حياتهم، هو انتصار افضل منه ألف مرة.. الهزيمة!
(3) يقول الجنرال باتون لجنوده: «البطولة ليست في ان تموت لأجل وطنك ويضيع ما استثمره فيك من تعليم وتدريب وتصبح عائلتك عالة عليه، البطولة ان تقتل عدوك لأجل وطنك وبأعداد كبيرة كي يصبح هو وابناؤه عالة على وطنه».
(4) إسرائيل تحاول إلغاء الدور الإستراتيجي المفصلي لمصر في المنطقة، فهل يجوز للبعض مساعدتها عبر محاولة تحجيم الدور المصري؟!
(5) ليتكلم أهل فلسطين، وليصمت من يريد الحرب لآخر بشر وحجر في غزة!