مع إنهاء الحرب الكونية الثانية، سقطت دول شرق اوروبا تحت اقدام الدب السوفييتي، وتشكلت معها احزاب شيوعية قوية في فرنسا وايطاليا واليونان كانت قاب قوسين او ادنى من الوصول للحكم في تلك البلدان عن طريق الانتخابات، ومن ثم اختراق الناتو والمعسكر الغربي وخلق «حصان طروادة» بينهم تعمل لمصلحة السوفييت.
****
توازى مع ذلك التمدد الشيوعي ظهور مفاجئ لمنظمات ارهابية ماركسية جند قادتها عندما كانوا في السجون مثل بادر ماينهوف الالمانية والألوية الحمراء الايطالية، وقاموا بجرائم ارهابية كبرى كالقتل البارد لرئيس الوزراء الايطالي المعتدل الدو مورو، مما خلق ردود فعل شعبية ضد الاحزاب الشيوعية الكبرى، ولم ينفع انكارها واعتراضها على تلك التنظيمات الارهابية التي لا يعلم احد من يقف خلفها، فانحسر التأييد عن الاحزاب الشيوعية ولم تعد لها فرصة في تشكيل الحكومات في فرنسا وايطاليا، اما اليونان فقد تكفل انقلاب عسكري بمحاربة وتحجيم حزبها الشيوعي.
****
ومع هزيمة الجيوش العربية في حرب 1967، سادت على الساحة العربية والفلسطينية فكرة الحرب الشعبية لتحرير فلسطين، تشكلت العديد من المنظمات الفلسطينية «الشعبية» الداعية لتلك الحرب، وتم لاحقا تدمير تلك الفكرة عبر ظهور منظمات ارهابية كحال منظمة ابو نضال وابو العباس والجبهة العربية لتحرير فلسطين وغيرها ممن ادعوا تبني شعبية حرب التحرير، الا انهم تخصصوا في الأعمال الاجرامية التي نفرت العالم من نصرة القضية الفلسطينية واختفت تلك التنظيمات الغامضة كما ظهرت.
****
هذا الامر او الظاهرة تكررت مع الحركات الاسلامية وتنظيمات المجاهدين التي انتصرت على السوفييت في حرب افغانستان، حيث رأينا ظهور القاعدة والزرقاوي وداعش وجميعها تطبيقات مكررة ناجحة لمحاربة الارهاب بالارهاب والعمل من خلال خطة العدو وقد بدأ انحسار التأييد الشعبي لتلك التنظيمات التي ستختفي فجأة كما ظهرت، وما تنظيم فتح الاسلام وقائده شاكر العبسي ببعيد عنا وستلحقه قريبا داعش وسيختفي البغدادي كما ظهر.
****
آخر محطة: يتبقى تساؤل قائم هو من اين للتنظيمات المتطرفة في اليمن والصومال والعراق وسورية وليبيا الاسلحة والاموال اللازمة لمواصلة تدمير البلدان العربية حتى اصبحت تهزم الجيوش النظامية؟! واضح ان هناك خيطا متصلا يربط بين التنظيمات الارهابية الماركسية والفلسطينية بالامس والاسلامية المتشددة الحالية اليوم!