وليش كل هذه اللفة الطويلة؟ تتغرب وتترك أهلك لتلتحق بإحدى جامعات العالم، أو تدرس في هذه الجامعة التي بلغت سن اليأس، وتتمدد عيناك لطول السهر، ويزداد طول حنكك لفرط التعب، وتعتزل العالم، كالأجرب، فترة الاختبارات، ووو… ثم تحصل على شهادتك الجامعية.
وتبدأ حياتك العملية بعد طول صبر، وترى الأعجَبَيْن من رئيسك في العمل، ومديرك، والوكيل، والوزير، وتخرج من اجتماع لتدخل إلى اجتماع، وتضع يداً على قلبك، والأخرى على بطنك، في انتظار تقريرك السنوي، وتقييمهم لأدائك… متابعة قراءة وهكذا… وهكذا
اليوم: 5 أغسطس، 2014
لو كنت من قادة «حماس»!
لو كنت من قادة «حماس» الأفاضل لما ارتضيت ان احول عملية «إبادة جماعية» كالحال القائمة في غزة حيث لا مقارنة بين جيش يعتبر أحد الأقوى في العالم باسلحته المتطورة واعداده الوافرة، وتنظيمات صغيرة افضل أسلحتها صواريخ محدودة الضرر، إلى ادعاء قيام «حرب» متكافئة الأطراف استعد لإعلان الانتصار فيها مما يخفي حقيقة ما يحدث وأنه إبادة للمدنيين وليس حربا بين عسكريين.
***
ولو كنت من قادة «حماس» لتعلمت من التجارب الكوارثية المتكررة التي نتجت من تدخل الفلسطينيين كاطراف في الشأن العربي كما حدث في الاردن 70 ولبنان 75 والكويت 90 ولرفضت التدخل في الشأن المصري الحالي ورفضت معها تغليب الايديولوجية الخاصة بي على المصلحة الوطنية الفلسطينية العامة ولقبلت بالمبادرة المصرية لحظة الإعلان عنها في اليوم الثالث للحرب ولم يكن عدد الضحايا يفوق 150 شهيدا بدلا من العرقلة عبر تقديم طلبات استحالة كالتعديلات التي قدمت والتي تمس سيادة الدول المعتادة على معابرها عبر نزعها منها وتقديمها لقوات دولية.
***
ولو كنت من قادة «حماس» ومنعا لتكرار الدمار وسفك الدم الفلسطيني لرفضت التعريف الفريد للانتصار الذي يمهد لتكرار تلك الإبادة تحت تسميتها بالحروب التي يعلن الانتصار فيها مع لحظة توقفها، ولعلمت ان «الانتصار الإعلامي» الحالي هو ذو نفس قصير وذاكرة اقصر حيث ما ان تحدث عملية ارهابية مستقبلية في اسرائيل «وهي قادمة لا محالة» حتى ينسى العالم تعاطفه الحالي وتحول الدعاية الاسرائيلية المعروفة بكفأتها الحدث الى تعاطف معاكس بينما تبقى الخسائر الفلسطينية في الأرواح والمباني قائمة ودائمة.
***
ولو كنت من قادة «حماس» لما سمحت بتحويل الغضب الفلسطيني من إسرائيل الى الدول العربية بقصد تثوير شعوبها وهي التي لم تسأل او تشاور في قرار الحرب حتى تلام عليه، وهو للعلم ثقافة ضارة متكررة منذ عام 48 حيث سادت بعدها مقولة «العرب ضيعوا فلسطين» والتي كانت الارضية التي قامت عليها الانقلابات العسكرية التي مهدت للهزائم وخسارة المزيد من الأراضي وكأن أهل فلسطين قادرون على تحرير بلدهم عام 48 لولا تدخل الجيوش العربية، ولا يتحدث أحد عن ان ميزان القوى المختل بشدة لصالح القوى الصهيونية، وان الانكسار بوجود الجيوش العربية يعني انكسارا اكبر في عدم وجودها، ومن ثم لا يجوز لوم العرب ان ارسلوا جيوشهم ولومهم لو لم يرسلوا.
***
آخر محطة: (1) جلست أكثر من مرة مع الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض ولم اسمع كلمة سوء واحدة بحق قادة حركة «حماس» وهو أمر ابلغتهم به، إلا أنني سمعت بالمقابل نقدا شديدا لقيادة السلطة بحجة ان من يديرهم هو الجنرال دايتون الأميركي وانه كحال الجنرال غلوب باشا في السابق، وهي تهمة تأكدت انها ليست حقيقية على الاطلاق ولم يقل بها أحد وتسمم الأجواء بين الطرفين وتضر بالتبعية بمصالح الشعب الفلسطيني!
(2) صرح قيادي وإعلامي إسلامي فلسطيني بأن بعض الدول الخليجية طلبت من إسرائيل هدم غزة بالكامل وتعهدت ببنائها!.. هل هذا كلام يصدق يا دكتور عزام؟ الآن اي تعمير متوقع للقطاع من قبل الدول الخليجية سيقابل بدلا من الامتنان للأشقاء بالقول ان ما يحدث يثبت مصداقية تلك المقولة القميئة!
@salnesf
«داعش» والفكر الأصولي
“>بعيداً عن كلمات الإدانة والتكفير والشتم، يجب أن نعترف بأن كل ما يشاع ويقال ويكتب ويصرح به من أن حركة أو دولة أو إمارة داعش لا تمثل الإسلام الأصولي، وبعيدة عنه، كلام مرسل وغير صحيح. فمن منطلق تاريخي تمثل داعش المنهج الأصولي إلى حد كبير. والأصولية، بكل أدبياتها، هي المنبع الذي تنهل منه داعش، وغيرها من الحركات الدينية الراديكالية، كالإخوان والنصرة والقاعدة، أفكارها، والطريف أن هذه الأفكار بالذات هي سبب تفرقها في المقام الأول، بسبب تعدد تأويلات نصوصها تبعا لتغير مزاج وخلفية الأطراف المتنفذة في هذه التنظيمات، وخلفياتهم الدينية والتعليمية، ومصالحهم الشخصية وارتباطاتهم الدولية.
فالعنف الذي يمارسه قادة «داعش»، والإرهاب الذي يسبقهم قبل فتح أي مدينة، والمتمثل في حرق كل شيء وقتل حتى الحيوانات، لإلقاء الرعب في النفوس، هو من صميم الفكر المتطرف. كما أن تخيير مسيحيي المناطق التي تسيطر عليها «داعش» وغيرها في سوريا والعراق بين دفع الجزية أو التحول للدين ليس بدعة ولا هو بالأمر الجديد، وليس جريمة، كما يصف الأمر بعض «الاعتذاريين»، فهو أيضا من نتاج المنهج الأصولي، وليس فيه أي تعارض مع تعاليمهم. ولا يجوز هنا التعلل بأن الزمن قد تغير، فإن قبلنا بذلك فعلينا بنسف كل شيء له علاقة بالمنهج القديم.
والدليل على صحة تصرفات «داعش»، من منطلقات دينية بحتة، أن أياً من التنظيمات بغطاء ديني لم تقم بإدانة أي من أعمالها وتصرفاتها بشكل واضح وصريح، والاختلاف، إن وجد بينها وبين «داعش»، فهو في «التكتيك والتوقيت»، وليس في صحة التصرف. أو قد يكون التنديد، إن صح وصدر، من منطلق الخوف أكثر من اعتراضها من سوء التصرف أو التطبيق.
وبالتالي لا معنى للقول ان «داعش» تعمل لهذه الدولة أو تلك المنظمة السرية أو جهاز الموساد، فالحقيقة أن ما تنادي به «داعش» هو ما سبق أن نادت به، وفرضت على مناهج بعض الدول الإسلامية، وعلى مدى عقود طويلة من الزمن. وإن ذهبت «داعش» اليوم فسيكون هناك آخرون ستداعب فكرة تطبيق الدولة الإسلامية مخيلتهم، وسيبذلون جهدا هائلا لأن ترى النور. فالقضاء على «داعش» لا يكون فقط باستخدام السلاح، فهي إلى فناء وزوال حتمي، ولكن يجب أن يصاحب ذلك تغيير في بعض المناهج وتعديل العقليات وتهذيب النفوس وتقبل الآخر وفكرة العيش معه بسلام، فلسنا افضل من غيرنا في شيء، إن لم يكن العكس أقرب للصحة!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com