الله يذكره بالخير، المعلق الرياضي السعودي في إحدى دورات الخليج لكرة القدم في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان منتخب الكويت قنبلة نووية تعصف بكل ما في طريقها من منتخبات.
وكانت المباراة بين منتخبي الكويت والسعودية، وكان أن انفجرت القنبلة النووية الكويتية في وجه المنتخب السعودي، وانتهت المباراة بفوز الكويت… لكن اللافت للنظر، والممتع والطريف، هو ما قاله المعلق السعودي وقتذاك، عندما اشتكى من كل شيء في هذا الكون، بدءاً من اتجاه الريح، وليس انتهاء بتحيز الحكم: “الهواء ضدنا، وأرضية الملعب ضدنا، والجمهور ضدنا، والحَكَم ضدنا، والحظ ضدنا”… قالها بلهجته الرائعة، وطريقته المميزة. متابعة قراءة الهواء ضدنا والحَكَم ضدنا
الشهر: أغسطس 2014
هل وصلنا للقاع؟
لم يكن، في يوم من الأيام، احترام الدولة الكويتية وثقلها في المجتمع الدولي راجعاً لثرائها ولا لحجم إنتاجها النفطي أو غير ذلك من الأسباب، فلم تكن هناك أي ميزة لهذه الدولة عن غيرها من دول الجوار بالمنطقة، سوى دستورها وما يقرره هذا الدستور من مبادئ الحريات وما يفرضه من الحدود الدنيا لديمقراطية مقيدة بسلطات أسرة الحكم، ديمقراطية تخلو من معيار تداول السلطة وتحرم الأحزاب وتفوض السلطة التنفيذية التي كانت دائماً تحت هيمنة الأسرة الحاكمة بسلطات "واقع" ممارس بعيد عن نصوص الدستور.
أياً كان الوضع السياسي بالكويت في سالف الأيام، من محدودية هذا الواقع الديمقراطي إلا أنه تصدق عليه مقولة "مفتّح بين عميان".
هذا الاستثناء الكويتي لم يعد قائماً اليوم، وأصبحت الدولة "عمياء بين عميان" ليست من أفضل من شقيقاتها الخليجيات، ولا تتميز عنها بأمر ما، وإن تميزت عنها في مضمار التنمية الاقتصادية ونوعية الخدمات التي تقدمها تلك الدول لمواطنيها، أصاب الدولة هذا "العمى" منذ لحظة حل مجلس 2012 الأول، وما أعقبه من فوضى انفراد أسرة الحكم بتسيير مقادير الدولة دون رقيب. بطبيعة الحال، لا يعني ما سبق الحل الأول لمجلس 2012 أن الدولة، كانت تحيا "يوتوبيا" الديمقراطية، وكانت واحة للحريات، فقد كان الوضع العام، وبالتحديد، مع عمر ذلك المجلس القصير، صورة من "شعبوية" الأكثرية، وجهدت تلك الأكثرية لفرض رؤيتها المتزمتة من خلال بعض مشاريع القوانين التي تناقض الحد الأدنى لحرية التعبير، إلا أنه يحسب لذلك المجلس بعمره القصير، وقوفه بصلابة لقضايا الفساد المالي وجرائم استغلال النفوذ في الدولة، ومحاولاته للحد منها، ويدفع، في هذا الوقت، رموز ذلك المجلس المنحل ثمناً غالياً لتك المواقف الصادقة.
الآن، تحيا الدولة بعتمة قاتمة لحريات الضمير، فقد أصبح أمراً عادياً أن نطالع خبراً، بين يوم وآخر، عن حبس مغرد حبساً احتياطياً وحجز حريته، وتمديد فترات الحبس دون حكم القانون، حين "يتناسى" أصحاب السلطة الضبطية إحضار المتهم بجرائم الرأي في الوقت المحدد أمام المحكمة للنظر في أمر حبسه الاحتياطي.
وتحت ذرائع واهية مثل "الأمن الوطني، المصلحة العليا للدولة، النظام العام، المساس بالثوابت الدينية"، وغيرها من عبارات "الغموض الاستبدادي" التي تحفل بها قوانين الدولة، وهي قوانين "دراكونية" لا أكثر، خلقتها السلطة بداية، وتعذرت بها لمصادرة الحريات السياسية للمعارضين، أضحينا في هذا الزمن الكئيب في جحيم الشك واللايقين من كل كلمة تسطر على شاشة تلفون أو آيباد أو كمبيوتر، وما يترتب عليها من احتمال ترويع أصحابها وفق مزاج أهل السلطان.
قضية اليوم لا توجز في احتجاز كاتب ساخر من مرارة الوضع بالدولة، كأن يكون مغرداً له "كاريزما" (تعبير محطة بي بي سي عنه) قوية في عالم "تويتر"، مثل محمد العجمي (بوعسم)، بعد أن وجدت السلطة ضالتها في اتهامه بازدراء الدين، حين أصبحت هي أكبر مشايخ السلفية والمدافع الأعظم عن الأحاديث النبوية، أيا كانت قوة إسنادها أو تعارضها مع مقاصد الشرع، فالكثيرون يدركون أن جريمة "بوعسم" هي نقده لفقهاء السلطان لا أكثر، لكن ليس بيت القصيد "بوعسم" ولا غيره من الشباب القابعين في السجون، لمجرد أنهم عبّروا عن فكرهم بجمل بسيطة محدودة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وليست القضية الآن محدودة بسحب جناسي مواطنين معارضين، تحت بند النصوص الاستبدادية الغامضة، محور الألم اليوم والقضية هي البحث عن إجابات عن أسئلة من شاكلة ما إذا كنا قد وصلنا للقاع في قضايا حقوق وحريات الإنسان، أو مازالت ممرات الغرق أسفلنا عميقة! وماذا بقي من رصيد الكويت وسمعتها في المجتمع الدولي!
وهل نحيا اليوم في دنيا رواية أورويل 1984 بشعارها المخيف "الأخ الأكبر يراقبك"، بعد أن أضحت دولتنا "ليست استثناء للحال العربي والخليجي"، بل تجسيداً لهذه الحال المزرية، يا خسارة..
أوهام السلام
يقول أحد الدعاة، والذي لا يستحق حتى ذكر اسمه، بعد كل ما أحدثه وأمثاله من خراب في عقول الشباب ودفعهم الى الموت في معارك عبثية، يقول إن تعلق النفس بالجهاد ورغبتها في سفك الدم وسحق الجماجم وتقطيع الأجزاء هو جهاد في سبيل الله وشرف للمؤمن. ويكرر الكلام ذاته دعاة آخرون، في الكويت وغيرها، مؤكدين – بقوة – على قضية إزهاق روح الآخر المختلف، ضرباً بالسيف، وتقطيع أوصاله، خصوصاً إن كان يهوديا. وعليه، فإن أي تصور بإمكانية تحقيق صلح أو سلام يوما ما بين العرب (المسلمين بالذات)، وبين الإسرائيليين (اليهود الصهاينة بالذات)، هو أمر أكثر من خيالي في ظل المعطيات أعلاه. هذا من جانب، ومن جانب آخر يبين الواقع العسكري والميداني والتقني، أن بإمكان إسرائيل القضاء على كامل الشعب الفلسطيني، في غزة على الأقل، خلال ايام قليلة. ولا يمنعها من ذلك غير خوفها من إثارة المجتمع الدولي وفقد احترامه، وخسارة أصدقائها. وبالتالي فدوافعها وراء أي عمل عسكري تقوم به هو أمني بحت، فليس هناك نص تلمودي أو توراتي يطالب بــ «ضرورة» القضاء على المسلمين وإفنائهم. ولكن في الجانب الآخر هناك عجز عسكري وتقني ومعيشي وتعليمي تام لدى الجانب الفلسطيني، وفي غزة بالذات، في إحداث أي تغيير في عقلية أو موقف القيادة الإسرائيلية من السلام أو القضاء على إسرائيل، وهذه الصواريخ التي تطلقها «حماس» تعتبر مزعجة جدا لإسرائيل، ولكن ليس بإمكانها، حتى الآن، إحداث التغيير المطلوب، وضرر ما ترد به إسرائيل على إطلاقها اكبر بكثير مما تحدثه من أذى، وكأننا نشبعها يوميا شتائم مقذعة فتشبعنا ضربا مبرحا وتزيد من الأيتام بيننا! المهم من كل ذلك أن معضلة السلام بين الشعبين غير قابلة للتحقيق، فهناك عقلية ترسّخت على مدى قرون، وبحكم التاريخ والجغرافيا، فكرة القضاء على، ليس فقط الكيان الصهيوني، بل ربما الجنس اليهودي برمته. وبالتالي كيف يمكن توقع سلام بين طرف يعرف جيدا أنه الأقوى ولديه القدرة والإرادة لأن يبقى قويا، في الوقت الذي يعتقد فيه ذلك الطرف، أي نحن، بأن من واجبنا القضاء على الآخر وإنهاء وجوده، فهل هناك سلام متوقع، في ظل مثل هذه المفاهيم؟ لا أعتقد ذلك، ولن أراه في أحلامي، ولا في ما تبقى لي من عمر، وانتو كيفكم! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
القضية الفلسطينية بعد مائة عام!
في زمن الدغدغة والزيف والخداع، يحاول البعض بيع حكايات تاريخية مشوهة على الفلسطينيين عبر محاولة اقناعهم بان الحاضر لا يهم، فالغد لكم لا محالة وسيبعث يوما صلاح الدين جديد يطرد اعداءكم ويحرر ارضكم ويسلم القدس لكم، فهذا ما حدث ايام الصليبيين، وهو امر قادم لا محالة بعد عام او مائة عام، فانتظروا فقط!
****
التاريخ لا يعيد نفسه حقيقة ثابتة، والصليبيون لم يكونوا مستوطنين كحال الاسرائيليين، كما ان احدا لا يروي الحكاية كاملة، فالقدس والمدن التي حررها الناصر صلاح الدين من ايدي الصليبيين اعادها من اتى بعده لهم دون حرب، الا انهم فضلوا مدن الساحل عليها للاستفادة الاقتصادية منها، ولم يعرف عن الصليبيين تأثيرهم على القرار في الدول العظمى في العالم آنذاك، او حيازتهم لاسلحة الدمار الشامل كحال اسرائيل هذه الايام.
****
ومقابل تلك الحكاية التاريخية المشوشة، هناك عشرات الدول التي سادت ثم بادت شعوبها الى الابد، كحال اهل الاندلس والهنود الحمر وغيرهم، ان اراضي الضفة الغربية تتغير ديموغرافيا مع كل يوم يمر عبر المستعمرات التي تبنى وتملأ بالمستوطنين القادمين من بلدان العالم المختلفة، واهمها روسيا التي يعتقد ان اغلب مهاجريها الى فلسطين ليسوا يهودا بالضرورة بل هم روس من مختلف الديانات، وحتى الملحدون يبحثون عن الدفء والعمل والسكن وجواز السفر المريح الذي يسهل لهم الحصول على فيزا الدول الاوروبية والاميركية كحال الجواز الاسرائيلي بعكس الروسي.
****
وفي لقاء لي مع المرحوم فيصل الحسيني الذي اشتهر بالحكمة والتعقل، سألته كيف يصح الحديث عن الصراع الحضاري طويل الامد بينكم وبين اسرائيل وابناؤهم يتلقون العلم في اجل صوره، وابناؤكم في الشوارع يرمون الحجارة؟ اجابني الحسيني ان هذا هو المسكوت عنه الذي لا نستطيع الحديث عنه كي لا نتهم في وطنيتنا، فمازلنا ـ حسب قوله ـ نعاني من تبعيات ثورة الحجارة الاولى، حيث بقيت اعداد كبيرة من الاحداث والشباب في الشوارع وتحول البعض منهم للسلب والنهب، وآخرون للادمان والاتجار بالمخدرات والفريق الثالث تم تجنيده من قبل العدو، ان للحروب وحرب غزة منها زوايا مظلمة كثيرة، فكل رجل يستشهد يخلف بعده ابناء لا معيل لهم يضطرون لترك مقاعد الدراسة للعيش ليصبحوا بعد ذلك اعدادا تضاف لارقام الجهل والبطالة المدمرة.
****
آخر محطة: ما لم يسلم ملف القضية الفلسطينية لقيادة عاقلة حكيمة تمنع الحروب المدمرة غير المتكافئة التي سيتسبب تكرارها في يأس الفلسطينيين وكفرهم بقضيتهم، فقد تختفي مع الزمن تلك القضية الى الابد كحال عشرات القضايا المماثلة في العالم.
غزة: تحرير الإرادة من قيود الانتظار
راكمت الحرب على غزة، والتي بدأتها إسرائيل، المزيد من الظلم ضد ضحاياها وجعلت فرص بقاء إسرائيل بالشكل الذي نعرفه حتى الآن أكثر عسراً. يقع هذا على رغم عقود السلام وأشكال التطبيع. حرب غزة أكدت أن إسرائيل تدفع ثمناً سياسياً وعسكرياً وأمنياً من جراء صدامها مع قوى الشعوب: «حماس» و»الجهاد الإسلامي» الآن، وقبل ذلك «حزب الله» في جنوب لبنان وحركة «فتح» والمقاومة والانتفاضتان الفلسطينيتان الأولى والثانية. في الزمن القادم ستواجه إسرائيل مزيداً من المقاومة ذات البعد الشعبي. فالحركة الصهيونية لم تستوعب، حتى الآن، أن الآلام والمظالم التي يتعرض لها الشعب العربي الفلسطيني والمحيط العربي الإسلامي ستزيد من صلابة المقاومة بكل أبعادها الشعبية. متابعة قراءة غزة: تحرير الإرادة من قيود الانتظار
كلما كبرت ازدادت إثارة
هي إحدى هواياتي الغريبة، وإن سميتها “حماقاتي الغريبة” لم أكذب… ساعة وصولي إلى دولة ما، للسياحة طبعاً، أبحث عما يميزها عن غيرها من الدول، من ناحية الخدمات، والبنى التحتية، والحالة الاقتصادية للناس (أرصدها من خلال مظاهرهم الخارجية ومحلاتهم وسياراتهم ومأكولاتهم ووو…)، ومدى شعور الناس بالراحة أو بالغضب (من خلال وجوههم، وتعاملهم مع الآخرين، وتبادل الحديث معهم).
في إسطنبول، أو إسلامبول، أو الآستانة، أو القسطنطينية، سمها كما تشاء… تبادلت مع صديقي التركي الأحاديث. هو حاصل على شهادتي البكالوريوس والماستر من الولايات المتحدة، حيث كان يقيم وأهله، قبل أن يعودوا إلى تركيا ليقطفوا الفرص التجارية التي أثمرت بعد النهضة الأخيرة، أو “بعد أن تولى أردوغان وفريقه مهمة القيادة” كما ذكر حرفياً. متابعة قراءة كلما كبرت ازدادت إثارة
رجل الألفية
في أوائل رحلات «القطرية» من الكويت إلى الدوحة، قدّمت لي المضيفة الفلبينية صينية عليها عدد من كاسات العصير، فاعتذرت عن قبولها بحجة أنها تتعارض وديانتي، فتراجعت المضيفة مرتبكة وخجلة، وانسحبت من دون أن تنطق بكلمة! ويبدو أنها حكت لزميلتها الإنكليزية الموقف الغريب الذي تعرّضت له، فقامت هذه وأخذت الصينية منها، وتقدّمت نحوي عارضة عليّ أنواع العصير، فرفعت رأسي واعتذرت لها بكل لطف، قائلا إن ما تقدّمه يتعارض وعقيدتي الدينية، وهنا أصيبت المضيفة بالقدر نفسه من الدهشة، وتراجعت متلعثمة! لم تنته. القصة هنا، ولكن تكملتها ليست مهمة. بعدها بأسابيع كنت في رحلة داخلية في الهند، وكان معي صديق، فرويت له ما جرى معي على «القطرية»، وقلت له إنني سأجرب الأمر ذاته مع المضيفة الهندية، وراهنته بأنها ستتصرف بطريقة طبيعية، ولن تدهش لردي أو تتحرك عضلة استغراب في وجهها، وهذا ما حدث بالفعل، فلم تستنكر أو حتى تبتسم لقولي بأن تناول العصير يخالف عقيدتي، والسبب أن عقائد وديانات شعوب جنوب شرق آسيا عموماً والهند بالذات، تحرم الغريب من الأمور والطريف من التصرفات، وبالتالي لم يكن هناك ما يدهش أو يثير استنكار المضيفة الهندية في إجابتي، فغالبية سكان الهند وتايلند واليابان وغيرها يؤمنون بمئات أو بآلاف الآلهة، فلا إله يتميز عن غيره، أو على الأقل يستحق الموت في سبيله، بل هو مصدر سعادة وراحة نفسية، وخاصة في الخطوب والملمات! اعتدنا، وفي المجتمعات النفطية، والمتخمة بالأموال، التي لا يعرف أصحابها كيفية التصرف بها أو إنفاقها في المفيد من المشاريع، اعتدنا على اعتبار أنفسنا «كرماء»، والحقيقة ليست كذلك بصورة دقيقة، فالغالبية تنفق على المشاريع والأعمال الخيرية بغية اكتساب الأجر والثواب الأخروي، والأمر ليس كذلك في المجتمعات الأخرى، فلا أعتقد أن بيل غيتس أو وارن بافيت مثلا، واللذين وهبا مليارات الدولارات للأعمال الخيرية والأبحاث الطبية يسعيان للحصول على أجر. وورد في الأنباء مؤخرا أن مواطنا هنديا يدعى كالاياناسوندرام Mr.Kalayanasundaram يعمل بوظيفة بسيطة في مكتبة منذ 30 عاماً، كان يتبرع بكامل راتبه، طوال فترة عمله، للمحتاجين. وكان يعيش على ما كان يكسبه من العمل مساء كخادم في فندق صغير. وعند تقاعده قام بتوزيع نهاية خدمته على الفقراء. واعتبرته الحكومة الأميركية شخصاً فريداً من نوعه، وتقديراً لمواقفه قامت بمنحه لقب «رجل الألفية»، ومبلغاً كبيراً من المال، والذي لم يتردد في توزيع كل روبية منه على المعوزين! وقام ممثل هندي شهير «بتبنيه»، كوالد له، حيث إن كالاياناسودرام لم يسبق له أن تزوج، ولم يكن بالتالي لديه أبناء! فهل لدينا مثل كرمه؟ أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
«كان رفيجي»
سعدت كثيراً بخبر إنتاج فيلم كويتي من تأليف العزيز المبدع يعرب بورحمة وإخراج صديقه المميز أحمد الخلف، وما أسعدني بشكل أكبر هو أن يعرض هذا الفيلم في السينما الكويتية في مختلف دور العرض ولمدة شهر حتى الآن، بل إنني قمت بمشاهدة الفيلم قبل يومين في إحدى دور السينما، وفوجئت بأن معظم تذاكر الفيلم محجوزة قبل العرض بمدة طويلة، وهو ما يعني، على الرغم من مرور أكثر من شهر على عرضه، أن الناس ما زالت تسعى إلى مشاهدة هذا الفيلم الكويتي المميز، خصوصا أن توقيت عرضه تزامن بعد شهر رمضان مباشرة، وهو توقيت يعتبر ضاراً لأي عمل درامي كويتي، لأن الناس تكون مشبعة بالأعمال والدراما الكويتية طوال شهر رمضان، إلا أن هذا التشبع لم يقف عائقا أمام النجاح الجماهيري سينمائيا للفيلم، وهو ما يثبت جودة العمل وتميزه. سأتحدث عن انطباعي عن هذا الفيلم دون مجاملة أو تزيين، فالفيلم الذي يتحدث عن قصة أساسية واحدة بعنوان واضح ومباشر (فضيحته ولا حياته) قدم مضمون تلك الرسالة بشكل سلس جداً، سواء عن طريق النص أو الصورة، إلا أني أعتقد أن الفيلم كان بحاجة لأكثر من "حدوتة" واحدة رئيسية عن طريق تطعيمه بقصص جانبية خصوصا أن مدته 100 دقيقة؛ مما جعل إيقاعه بطيئاً نوعاً ما لالتزامه بقصة رئيسية واحدة فقط. أما الممثلون فلا أعتقد أن هناك من سيتقن الدور أكثر منهم، فقد تميز خالد البريكي بمعية فاطمة الصفي في تجسيد دور الزوجين وتعاطيهما مع بعضهما بشكل واقعي يعكس الطبيعة الكويتية دون تكلف، أما فيصل العميري هذا النجم الموهوب فأعتقد شخصيا أنه أفضل من جسّد دور الشاب التائه دون مبالغة جعلتنا نتعاطف معه دون أن ينجر خلف الصورة النمطية في الدراما الكويتية لهذه النوعية من الشباب، كما تميزت زينب خان رغم صغر مساحة الدور في تقديم نوعية من الفتيات في مكان لم يطرق من قبل بهذا الشكل، أما عبدالمحسن القفاص فهو حكاية بحد ذاته، فنحن لم نشاهده من قبل بهذه الصورة الخفيفة المميزة الخالية تماما من أي تصنع، بل إن أداءه جعلني على المستوى الشخصي أقتنع أنه لم يكن يمثل، بل قدم شخصيته الفعلية في إطار الدور المكتوب، وهو ما جعل كل من في القاعة ينتظر المشاهد التي يشارك فيها القفاص ليرسم البسمة في وسط تراجيديا النص. إخراجيا تفنن أحمد الخلف بتقديم الصور، وإن بالغ في أحيان قليلة بالتصوير العمودي، إلا أنه قدم صورة لم نرها من قبل للكويت كتصوير المقبرة من الأعلى مثلا، وأعتقد أنها المرة الأولى لتصوير كهذا في الكويت، كما أني أعتقد أن أغنية الفنانة نوال، وموسيقى مشعل العروج ظلمتا جداً؛ لأنهما لم تجدا مكاناً في الفيلم سوى في "تتر" النهاية. بشكل عام قدم الفيلم بعض مشكلات الكويت بشكل واضح كـ"الواسطة" أو مشاكل العمالة الوافدة، أو التقاعس في العمل، وهو أمر جميل لفيلم جيد جداً بالمجمل، ويستحق فعلا أن يكون جزءاً مهماً في صناعة السينما الكويتية الفقيرة، فشكراً لكل العاملين والقائمين على هذا الفيلم، وكلي أمل أن يكون خطوة حقيقية تجاه صناعة سينمائية دائمة في الكويت. ضمن نطاق التغطية: قد لا يستحسن البعض كتابة مقال عن أمر فني كهذا، ولكني أعتقد أن هذه الأعمال تحتاج فعلا إلى التركيز عليها ومناقشتها لتعزيزها واستمرارها.
غزة.. ولكن!
ما تتعرض له غزة جريمة، وخاصة أن وقودها الأبرياء الذين لا ذنب لهم في هذه الحرب العبثية، التي لا يبدو أن لها نهاية. ولكني في حيرة من الموقف من حركة حماس التي تدير القطاع منذ عشر سنوات تقريبا بيد من حديد، فكيف يمكن أن اقبل خطفها لشبان إسرائيليين ثلاثة، ونكران ذلك، ثم الاعتراف بأنها قتلتهم، وهي التي كان بوسعها مقايضتهم بالكثير؟ وكيف يمكن أن أقبل قيامها، منذ أن استولت على القطاع، بإعدام عشرات الفلسطينيين، بين الفترة والأخرى، من دون محاكمة، حتى ولو صورية، بحجة أنهم خونة؟ وكيف يمكن أن اقتنع أن الخونة قد انتهوا بإعدام 18فلسطينياً في يوم واحد؟ فهل تساءل أحد عن السبب في وجود كل هذا العدد الكبير من «الخونة» في القطاع، على افتراض صحة الاتهام؟ وما الذي تتوقعه حماس، والحرب العبثية بينها وبين إسرائيل تلقي في كل مرة بمئات الأيتام الذين قتلت تلك الحروب آباءهم ومعيليهم، واصبحوا عاجزين عن كسب لقمة العيش بطريقة شريفة؟ فهل الخائن من لم يجد لقمة عيش، أم من تسبب في قتل والده وامه واخيه ورماه، من دون بيت ولا عمل ولا طعام، في الشارع، ثم يأتي بعدها ويتهمه بالخيانة ويقوم بإعدامه من دون محاكمة؟ المفارقة المؤلمة كانت في تزامن العدوان الإسرائيلي على غزة، أو بالأحرى عدوان حماس عليها، مع عدوان «داعش» البربري على مسيحيي وايزيديي الموصل وسنجار. فقد عرى الموقف من الجريمتين «أقفية» الكثيرين من المتشدقين بالليبرالية والإنسانية، دعك من غيرهم، وهي ليست المرة الأولى. فقد وقف غالبية هؤلاء مع مأساة أهالي غزة، التي بدأت مع عملية الاختطاف، ولكن مأساة مسيحيي العراق وايزيدييه، الأشد وطأة والأقسى نتائج وغير المبررة تماما، لم تلق من هؤلاء أي إدانة فعالة تذكر، وكأن الإنسان الفلسطيني هو غير الإنسان العراقي! وبالتالي طالت معلقاتنا، وكثرت مانشيتات صحفنا، في الحديث عن المجازر الإسرائيلية في حق أهالي غزة، ولكنها سكتت، أو اكتفت بالتلميح إلى مجازر أكثر فظاعة والأقسى في التاريخ الحديث، وهي التي تعرضت لها الأقليات في العراق. أعلم جيدا انني لا استطيع ان أكون إنسانا، وبمستوى الحدث تجاه ما يحدث في غزة، إن عجزت أن أكون إنسانا بالدرجة نفسها مع ما حدث لمسيحيي العراق وايزيدييه. فالقتلة مجرمون في غزة، كما هم مجرمون في العراق، ولكن هل الأخيرون حقا مجرمون؟ أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
قلمات
أمور عدة استعصت على فهمي:
• يقاتل ثوار سورية سنواتٍ، فيفشلون في حلحلة جيش السفاح بشار عن محافظة الرقة، ثم يأتي تنظيم داعش فيطرد جيش بشار، في أقل من “غلوة قهوة”، ويحتل محافظة الرقة عن بكرة أهلها، وبمساحتها التي تعادل ضعف مساحة لبنان! هاي شلون؟ متابعة قراءة قلمات