سعيد محمد سعيد

«ولدهم»… جوائز ترضية؟

 

إذا كانت دول الخليج ماضية بشكل حقيقي في معالجة مشكلة تدهور مستويات الإنتاج وتدني الأداء، فعليها أن تعيد النظر في التعيينات القائمة على معايير الولاء للعائلة أو للقبيلة، أو لدرجة القرب من أصحاب النفوذ… هذه ليست تعيينات، وإنما جوائز ترضية لا طائل من ورائها.

حتى جوائز الترضية، وإن كانت في الغالب، تُمنح لأطراف أو أشخاص أو مشاركين أو متنافسين تقديراً لأداء متميز، لكنه لم يصل إلى درجة التحكيم الأعلى، لا يمكن أن نلويها لتناسب أسلوب تعيين بعض المسئولين في المناصب القيادية والإدارية، ليس لأنهم أبناء الوطن الأكفاء المؤهلون، بل لأنهم من ذوي القربى والصفوة وممن يطلق على الواحد منهم شعبياً «ولدهم».

«ولدهم» هذا، إن كان مؤهلاً تأهيلاً علمياً جيداً ومحترفاً ومبدعاً وقادراً على العطاء فلا بأس، أما إذا كان تعيينه فقط من باب التمييز والطائفية والتقريب والترضيات، فستبقى المجتمعات التي تمارس هذا الأسلوب، ومن ضمنها دول الخليج، تعاني الكثير الكثير من التعقيدات وسوء الإدارة والتصادم الدائم بين المدخلات والمخرجات في كل المجالات التي يتبوأ فيها «ولدهم» غير المؤهل، منصباً لا يستحقه.

ومع أن هناك مشكلة، لكنها ليست كبيرة في بعض الدول الخليجية وظاهرة في دول أخرى، إلا أن بعض الكفاءات من هذه الدولة حظيت بالتقدير والأولوية لدى دولة أخرى في ذات المنظومة! حتى أن إحدى دول مجلس التعاون الخليجي أجرت مسحاً في قطاع العمل لمعرفة حجم الاحتياج الوظيفي لاستقطاب كوادر من أبناء المجلس بمميزات تصل إلى نسبة 90 في المئة مما يحصل عليها مواطنها!

مع وجود فرص عمل كثيرة تتصل باستراتيجية العمل العامة في تلك الدولة حتى العام 2016، وحتى في الاستعداد للرد على «الاتهامات المتوقعة» من أن تلك الدولة «تسرق» كوادر دولة أخرى جارة، كان الجواب المعد سلفاً: «استقطاب أو تقديم فرص عمل للكوادر الخليجية هو أحد الحلول للمساعدة في امتصاص أزمة البطالة».

في بريطانيا أيضاً، يُقال أن من «بين أبرز المبادرات الحكومية التي يمكن أن يستفيد منها رواد الأعمال الخليجيون، بمساندة الهيئة البريطانية للتجارة والاستثمار في برنامج (سيريوس)، وبرنامج رواد الأعمال العالمي، هي تأسيس مشاريع في بريطانيا، ولأن الإنجليز يعلمون بأن هناك كوادر خليجية في شتى القطاعات لا تحصل على فرص مناسبة لإثبات وجودها في بلدانها، فإنها تشجع رواد الأعمال الخليجيين الذين يرغبون في تأسيس مشاريع في بريطانيا، وستوفر لهم التدرب العالي والخبرة المتميزة».

إذاً، ومع وجود فرص قريبة وبعيدة للكوادر الخليجية المؤهلة والقادرة على التطوير والمشاركة في مشاريع التنمية، نتساءل: «أليس في مقدور منظومة دول مجلس التعاون الخليجي صياغة مشروع مشترك للاستفادة من الطاقات والعقول والكوادر الوطنية المؤهلة في المجالات التي تحتاج فيها إليهم بدلاً من استمرار تطبيق منهج «ولدهم»؟ أو استمرار استقطاب الخواجات وذوي العيون الزرقاء للعمل في قطاعات ومناصب يستطيع أبناء الخليج التميّز فيها؟».

من الصعب جداً أن تجد المتفوقين والمتميزين دراسياً يصبحون في الخطوط الثالثة والرابعة وربما قبل الأخيرة، في حين أن المتعثرين دراسياً وذوي المعدلات المتواضعة يتقدمون الصفوف لأنهم أًصحاب حظوة ونفوذ وأبوهم ربما كان «ولدهم»… فما يتوجب على الحكومات فعله هو اعتبار كل أبناء البلد الأكفاء والمجدين والواعدين «أولادها» بدون تمييز أو طائفية أو إقصاء أو تعمد بغيض لسلب حقوق هذا المواطن أو ذاك، بناءً على التقييم السخيف لدرجة الانتماء ونوعها وصبغتها وآلية تحديدها.

ربما لا تزال بعض الحكومات في الخليج لا تدرك التأثير السلبي لشغل المناصب الإدارية بنموذج «ولدهم» السيّء، لكن شيئاً فشيئاً، ومع تردي الكثير من الخدمات والمشاريع بسبب افتقار بعض المسئولين للكفاءة والتأهيل والإبداع، فإن على تلك الدول إعادة هدم وبناء تلك الفكرة من جديد.. اختاروا الكفاءات التي لها ولاء للوطن.. فقط.

حسن العيسى

نصيحة شيخ الشباب للشباب

المواعظ والنصائح المشيخية للناس مضحكة، وتذكّرني "بحزاوي" (حكايات شعبية) أمنا حبابة أيام زمان، فالشيخ سلمان الحمود وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب ينصح الشباب ويحذرهم "اقرأوا ما يحدث في الجوار"، ليمتنعوا عن التجمعات والتظاهر.
 والجوار الذي يقصده الشيخ سلمان هو دول "المأساة العربية"، بتعبير افتتاحية "الإيكونومست"، والتي من بينها دول تنحرها وتفتتها الحروب الأهلية مثل العراق وسورية، وأخرى فاشلة مثل ليبيا واليمن، وثالثة عاد إليها الحكم العسكري التسلطي مثل مصر، بعون ومباركة نعمة "البترو دولار"، والكويت أحد رموز العون التي قادت الثورة المضادة.
المهم أن شيخنا الوزير يريد من الشباب أن يتعظوا ويتعلموا من حالة الكرب في دول الجوار حتى لا نصبح في مثل وضعهم، الذي وصل إلى حالة اللادولة المأساوية وإلى الاقتتال الداخلي الذي يُغذَّى بعون الخارج، والتي ما كان لها أن تصل إلى تلك الحالة، لو أنها سمعت كلام حكامها "الديمقراطيين" البعيدين عن عوالم الفساد، والذين حكموا دولهم بمسطرة سيادة القانون، أي بالمساواة أمام حكم القانون!
نصيحة الوزير أسمعها كثيراً من "عجايز" مساكين "على نياتهم" وسذاجتهم السياسية، فكثيراً ما "يتحلطم" الأمهات والآباء والجدات على ممارسات الرفض الشبابية وتظاهراتهم بتعبيرات مثل: ماذا تريدون؟! شوفوا غيرنا، احنا بخير ونعمة وأمان…! وتختم رسالة التوبيخ العجائزية بالختمة التقليدية بأن "شيوخنا ما قصّروا"! صحيح أن عدداً من شيوخنا ما قصّروا حين استحوذوا على كل مفاصل الحكم في الدولة، وأخذوا يتنازعون فيما بينهم على كعكة الحكم.
أما دول الجوار التي يتعين على شباب الكويت المتذمرين أن يقرأوا حالها اليوم، كما يريد شيخنا الوزير، فهي وإن اختلفت تركيبتها السكانية عن الكويت إلا أن ما حدث ويحدث فيها اليوم، كان نتيجة حتمية لحكم عسكري أو تسلطي امتد عقوداً طويلة، واستبعد حكامُها كلَّ صور المشاركة الشعبية، وجلسوا على صدور الشعوب، وقتلوا "اللحظات الليبرالية" التي توهجت قليلاً بعد حقب الاستعمار، وأجهضوا كل محاولات بناء المجتمع المدني، وكرّسوا الفساد السياسي والإداري لجماعات "أم أحمد العجافة"… فإذا كان علينا أن نقرأ حالهم اليوم، فمن باب أولى أن نمد النظر إلى تاريخ تلك الدول المفككة المتناحرة اليوم، وأن نستوعب ماضيها الذي أوصلها إلى هذا الحاضر المزري، فهل هذا الدرس الذي يريد معالي وزير الشباب أن يتعلمه شبابنا اليوم ليسيروا على مسطرة الحكومة؟ وهل عليهم أن يغمضوا أعينهم عن المستقبل، وأن يكبحوا جماح قلقهم المشروع، ويسلموا أمرهم لشيوخنا بالكبيرة والصغيرة مرددين شعار "أنتم أبخص" و"يارب لا تغير علينا…" أم ماذا يا معالي الوزير؟!

احمد الصراف

حلم جهاد

ورد في مقال للكاتب الأردني جهاد علاونة، الحوار المتمدن 6/4، أنه طالما حلم بوجود مستوطنة أو قرية تكون فيها بيوت ذات أبواب مشرعة يسكنها طالبو السماح والغفران، يسكنها طالبو السلام مع الآخرين، سواء أكانوا يهودا أو مسلمين أو مسيحيين، وغيرهم. وتمنى في مقاله أن يرى كل هؤلاء جيراناً متحابين، عاشقين للسلام والغفران، متمنين أن يعم ذلك العالم كله، فلا أسوار عالية ولا أسلاك شائكة، ولا تدقيق هويات، ولا تحديد بصمات. وتساءل في مقاله: أين هم أولئك الذين يطلبون المحبة من الله ومن الناس؟ أين هم الودعاءُ والرحماءُ الذين يحبون أن يرحمهم الله؟ أين هي تلك البيوت المفتوحة أبوابها وأسقفها لأشعة الشمس؟ أين هي القلوب التي ترق لكلمة السلام؟ أين هي العيون التي تدمع لسماع تحية السلام؟ أين هم الباحثون عن الغفران والمحبة والتسامح؟ أين هم الناشطون في عملية السلام؟ لماذا لا يبنون لنا بيوتا يكون اسمها: بيوت الباحثين عن السلام؟ أين هي تلك البيوت التي تباركها أنشطة السلام؟ لماذا نبني مساجد للعبادة لا يذكر فيها اسم المحبة والسلام؟ لماذا لا ننفق الملايين لنبني قرى صغيرة يسكنها اليهود والمسلمون جنبا إلى جنب كجيران متحابين، يتوقون لسماع كلمة المحبة والسلام العالمي. نحن بحاجة الى أن نجرب، أن نعيش سوية في قرية واحدة أو حارة واحدة، نخاف على بعضنا، وتهفو قلوبنا إلى قلوب بعض، نحزن لحزن بعضنا بعضا، ونبكي لبكائهم ونتألم من أجلهم بعضنا.
ولكن الكاتب تناسى أن من بيدهم فعل ذلك سيكونون اكبر الخاسرين من مشروعه، فرجال الدين والسياسة تكمن فائدتهم، وتقوى شوكتهم، ويشتد الطلب عليهم بوجود الاختلافات بين المجتمعات والدول والشعوب والأمم. فشركات الإعلان العالمية مثلا ستبذل المستحيل لكي لا تتحد جهود كل شركات صنع السجائر أو منتجي المشروبات الروحية أو الغازية، فاتحاد هؤلاء وغيرهم من أصحاب العلامات العالمية يعني خسارة عملاء كبار، ففائدتهم الكبرى وقوتهم العظمى تكمنان في اختلافهم وليس في اتحادهم.
وهكذا رجال الدين والسياسة فإن عم السلام وانتشرت المحبة فإن دورهم سيقتصر على وظيفتهم الأولى والأصلية، وهي إدارة الدولة أو الدعوة للعبادة، وحل قضايا البشر الاجتماعية والشرعية وحضور زواجهم ومآتمهم، وتنفيذ المشاريع وتحصيل الضرائب وغيرها، وليس اللعب على مشاعر البشر والاستفادة من اختلافاتهم، وبث الخوف من هذه الفئة للحصول على أصوات غيرها، وتأجيج النفوس وشحن العواطف وبث كراهية الآخر، ونشر الضغينة، والتكسب الكبير من الاختلاف بين فئات المجتمع.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

«شالفكرة؟»

كتبت مقالاً طويلاً حول ما شهدته البلاد من أحداث خلال الأيام القليلة الماضية، ولكن لأول مرة أتردد بهذا الشكل العنيف في إرسال المقال لـ"الجريدة"، فقد خشيت أن تكون العاطفة وسوء تقدير الأمور هما ما يسيطران علي في لحظات الكتابة، خصوصاً في ظل الجنون الذي عشناه في الأيام الماضية؛ لذا وجدت أن الصمت في لحظات الجنون حكمة، فاخترت الصمت عن هذا الموضوع قليلاً. ولعلها فرصة لأكرر ما كتبته في رمضان الماضي عن مسألة لا أجد مبرراً مقنعاً لها طوال السنوات الماضية على أمل أن يفيد هذا التكرار في تغيير واقع غير مفهوم بالنسبة إلي على الأقل. فأنا ما زلت أجهل سبب إغلاق كل أماكن الطعام في فترة الصيام الرمضانية؟ فلماذا نختزل الدولة التي يقطنها أكثر من 3 ملايين شخص من مختلف الديانات والعقائد والأفكار بدين واحد فقط؟ قد يكون التساؤل أصلاً غير مقبول لدى البعض بحكم أن منع الطعام في الأماكن العامة في رمضان هو ما كبرنا وتأسسنا عليه في الكويت، ولكن إن تحملتم أخذ الموضوع بروية فقد تصلون إلى ما وصلت إليه من قناعة. فالصيام أحد أركان الإسلام كالصلاة والزكاة والحج، ويفترض على كل مسلم قادر أن يؤدي تلك الفرائض، ودولة الكويت كسائر البلدان الإسلامية تهيئ الظروف لكل هذه الواجبات الدينية فتنشئ المساجد وبيوت الزكاة، بل تراعي ساعات العمل أيضا في شهر رمضان، وكل هذه الأمور لا تؤثر في نمط معيشة غير المسلمين في الدول الإسلامية، وهذا هو الأمر الطبيعي والمقبول، إلا أن منع الطعام وإغلاق المقاهي والمطاعم أمر لا أفهمه بتاتاً، فلماذا يفرض على الجميع ما لا ينطبق إلا على فئة معينة وديانة معينة فقط؟ بل حتى إن أراد غير المسلم أن يشرب الماء في فترة الصيام يعاقب بالحبس لمدة شهر، والتهمة مجاهرة بالإفطار!! هناك ديانات وعقائد متنوعة، إحداها يصوم أتباعها عن أكل اللحم مثلا لمدة معينة من الزمن، فهل يقبل المسلم الذي يعيش في بلد أغلبيته تعتقد بذلك الدين أن يمنع من اللحم طوال مدة صوم بعض مواطني ذلك البلد عنه؟ كما أننا نقع في تناقض آخر غير مفهوم كذلك، فلماذا نمنع أماكن الطعام فقط في فترة الصيام ولا تغلق الأماكن العامة في فترات الصلاة طوال السنة؟ فالمنطق واحد وهو أن نفرض على الناس جميعا ما هو مفروض على المسلمين فقط. أعتقد أن مسألة منع بيع الطعام في الأماكن العامة ليست سوى عادات وتقاليد كانت مطبقة حينما كان المجتمع الكويتي محدود العدد جداً دون تنوع في الأديان؛ ليتحول الموضوع رغم التوسع وازدياد السكان إلى قانون دون تعمق في فهم الأمر. السماح لغير المسلم بممارسة حياته الطبيعية لا يمس المسلم بشيء، بل تلك هي طبيعة التعايش دون إضرار بالآخرين، فإن كان الأكل والشرب يجرحان مشاعر الصائمين، فيجب علينا أيضا أن نفرض الصيام على جميع ما يعرض على التلفزيونات قبل الإفطار كذلك مراعاة لمشاعر الصائمين. مجدداً قد لا يجد هذا الموضوع الترحيب، بل قد يقابل بالاستنكار، لكني لا أجد أن فرض دين واحد على الدولة يتسق مع العقل والمنطق.

سامي النصف

حرب سنية ـ شيعية تدمر الإسلام!

يرى بعض الساسة والمؤرخين ان ما يمر به الإسلام هذه الأيام في قرنه الخامس عشر يتشابه الى حد كبير مع ما مرت به المسيحية في عصورها الوسطى، والتي من ضمنها سلسلة من الحروب الطائفية بين البروتستانت والكاثوليك في الفترة ما بين اعوام 1524 و 1648 ومن ضمنها حرب الثلاثين عاما التي تعتبر الأكثر تدميرا في تاريخ أوروبا لطول امدها وكثرة الدول الأوروبية المشاركة فيها والتي تمخض عنها تقليل عدد سكان القارة بسبب القتل والامراض والمجاعات وتدمير الدول المشاركة فيها اقتصاديا وافقار الشعوب الأوروبية بشكل كبير.

***

وكان جزء من الصراع المذهبي الأوروبي ليس دينيا بقدر ما كان سياسيا واقتصاديا وطبقيا، فالمذهب البروتستانتي كان يمثل الثراء والانظمة الرسمية بينما كان المذهب الكاثوليكي هو مذهب الفقراء والثورة، وهو أمر بقي حتى الصراع الاخير بين المذهبين في ايرلندا الشمالية اي بين البروتستانتية ممثلة الثراء والدولة البريطانية، والكاثوليكية ممثلة العامة والثورة الايرلندية قبل ان يضم الاتحاد الأوروبي جميع المذاهب والاديان في القارة وهو ما يفترض ان تعمل وتسعى اليه الجامعة العربية التي ما زالت تغط في سبات عميق.

هناك من متطرفي مذاهب الاسلام بالمنطقة من يريد اعادة تجربة عصور المسيحية الوسطى عبر إشعال حروب طائفية بين مكونات الدين الاسلامي تستمر لعقود وقرون من الزمن لبديهية عدم قدرة طرف على القضاء على الطرف الآخر، وبنفس النتيجة النهائية أي شلالات من الدماء وهدم للبنيان وتهجير وافقار للشعوب وتدمير للاقتصاد، ونرجو الا يتهم احد الغرباء، فالحرب الطائفية ان استعرت هي من بنات افكار متطرفينا ومن صنع ايدي سذجنا التابعين وقد بانت رايات بدايات تلك الحرب ولن يعرف احد قط متى سنتهي.

***

آخر محطة: (1) سينتج عن اي حرب طائفية معين لا ينضب من الارهابيين وقطع الرقاب ممن سيتحولون الى ابطال وسيتخندق اثناءها حتى العقلاء والحكماء كل لفريقه، واسألوا من عاش حرب 15 عاما بين الطوائف اللبنانية وكيف انتهى الحال بحكمائها؟.

(2) بعد ان وصلت اخبار الزرقاوي لمشارق الأرض ومغاربها، ظهر اخيرا على وسائط الإعلام قبل اعوام وقد صاحب ظهوره فضيحة كبرى حيث تبين ان الطرف الذي يقود الحرب ضد اكبر قوة عسكرية في التاريخ لا يعرف ان يستخدم حتى ابسط الاسلحة.

(3) وفضيحة لحظتها صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية هذه الايام مع الظهور الاول لأمير المؤمنين ومحيي دول الخلاقة الزاهد ابوبكر البغدادي حيث تبين انه يرتدي ساعة يد من أغلى الساعات، وكان المتطرف الآخر المسمى أبو الدرع قد ظهر عليه شريط يفضحه ويكشف ستره، وكيف لأمة يقودها متطرفوها ان يصلح حالها؟!

مبارك الدويلة

لو كان مرسي فعلها..!

العنف الذي مارسته القوات الخاصة مساء الاحد لم يكن طبيعيا او معتادا، فقد تم استعمال غازات غريبة لم نتعود عليها في المسيرات السابقة، وكانت نفسية بعض رجال الامن عدائية وربما مشحونة بشكل غير مسبوق، وتعاملوا مع المسيرة السلمية باستفزاز وقوة مفرطة لم يكن لها ما يبررها!

اقول هذا الكلام، وانا متأكد من ان الحكمة كانت غائبة في تلك الليلة، وتفسيري لأسلوب التعامل العنيف انها تراكمات سنوات سابقة، وعقدة الخوف من ان يعيد التاريخ نفسه، حيث ان الفشل في الادارة قد يؤدي الى الجلوس في البيت، وما اثقل الجلوس في البيت! ذلك ان اخوانا في الجهاز الامني ــ غفر الله لهم ــ لو تركوا المسيرة تمر بهدوء ومن دون استفزازات، ولو عملوا كما تعمل الشرطة في المدن المتحضرة من حماية للمسيرات السلمية وتنظيم للسير، لو فعلوا ذلك لوصلت المسيرة بهدوء الى قصر العدل، وقال كم واحد كلمته وقدموا مطالبهم بورقة الى ضابط الشرطة المتواجد، وانصرفوا من حيث أتوا، ولا من شاف ولا من دري! لكن يبدو ان هناك من لا يريد للسفينة ان تركد وترسو على البر! متابعة قراءة لو كان مرسي فعلها..!

حسن العيسى

دعوهم يتنفسون

رد فعل السلطة بقمع تظاهرة مسجد الدولة يوم الأحد الماضي لا يمكن وصفه بغير كلمات مثل الحماقة والتشنج واستعراض القوة الوحشية وممارسة القمع، التظاهرة كانت سلمية ومنضبطة، لم يرد المتظاهرون القيام بأي عمل من أعمال العنف أو التخريب للممتلكات العامة، كما حدث على سبيل الاستثناء في أحداث حرق حاوية قمامة أو إطلاق الألعاب النارية على رجال الأمن أو إلقاء قنبلتي مولوتوف على السجن المركزي قبل أيام في ضاحية صباح الناصر، والتي تسمى الآن ضاحية مسلم البراك، من المتظاهرين الساخطين على الوضع السياسي العام، والناقمين على عجز السلطة عن وضع الأمور في نصابها بقضايا فساد تتنامى ككرة الثلج، وتلك كانت أعمال مراهقة صبيانية خرجت عن الطوع في وقتها، أيضاً ليست هي حكاية الحبس الاحتياطي للنائب السابق مسلم البراك رمز المعارضة سبب التظاهر، بل كان الحبس مجرد مناسبة لإطلاق بركان الغضب في نفوس الرافضين لهذا الواقع.
لم تكن هناك مناسبة ولا سبب كي يطلق قناص القوات الخاصة رصاصة مطاطية على رأس الناشط السياسي عبدالهادي الهاجري، ويدخل الضحية في وضع صحي خطير، وكأن هناك معركة دامية بين السلطة الشرعية وجماعات إرهابية أو غوغائيين "هيلق لفو"، كما يحلو لدوائر أهل المصالح المتحلقين حول السلطة وتوابعها أن يصفوهم، ولم يكن هناك أي مبرر، قبل ذلك كي يهشم ساق الشاعر أحمد سيار لمجرد أنه "شاعر" يهز وجدان المجتمعين بأهازيجه، ولماذا القنابل الدخانية والصوتية والقبض على العشرات من المتظاهرين لتفريق جماعات شباب متألمين من أوضاع الدولة أتوا كي يعبروا عن رأيهم، بعد أن سدت أمامهم قنوات التعبير، وأضحى الشباب على قناعة بعدم جدوى المطالبات الصوتية المتناثرة بالإصلاح السياسي، بعد أن وضعت السلطة أصبعيها في أذنيها كي لا تسمع ولا تكترث لصوت العقل.
الخيبة واليأس من تلك الأوضاع الرخوة قادت المتظاهرين للتظاهر، كي يقولوا كلمة "لا" كبيرة للسلطة، ويصرخوا بصوت عال بأنهم مواطنون يقلقون من القادم وواعون لقضايا تصيب مستقبلهم، وليسوا قطيعاً من الأغنام يقادون للمسالخ، ولا معنى كي يتذرع بعض مدعي "الحكمة" السياسية بأن ساحة الإرادة كانت مفتوحة للمتظاهرين كي يقولوا كلمتهم هناك "حسب القانون"، الذي صاغه هؤلاء الحكماء أنفسهم، أو أن يفسر "حكماء الاستقرار" بأن التظاهرات غير مرخصة (أيضاً حسب القانون)، فرسالة المتظاهرين بحد ذاتها هي تحد لتلك القوانين القامعة للحريات واللادستورية، ولا معنى لرسالة الغضب هذه متى قيدت بأغلال الامتثال لأوامر السلطة.
لا يهم أن نتفق أو لا نتفق على مطالب جماهير المتظاهرين، المهم أن تقتنع السلطة بحقهم في التعبير السلمي عن مطالبهم حسب المضامين الدستورية، لا حسب قوانين "حاضر يا أفندم" السارية.

احمد الصراف

داعش.. وأتباع قيم الإخوان

“>في عام 1960 قام المخرج الإيطالي فلييني بإنتاج فيلم La Dolce vita، تمثيل انيتا ايكبرغ ومارشيليو ماستروياني، والذي أصبح اسمه رمزا عالميا عن الاستمتاع بحياة اللهو والملذات. ثم جاءت الصحافية الإيطالية الراحلة أوريانا فيلاتشي بعدها بنصف قرن، والتي كانت تتعاطف مع قضايانا، لتصفنا، وبكل بدقة، وبعد أن كفرت بنا وبقضايانا، بأننا شعوب لا تعرف كيف تستمتع بـ «الدوتشي فيتا، أو الحياة الحلوة».. إلا بين القبور!
فما قامت به عصابات طالبان على مدى عقدين من الزمن وما تقوم به العصابات الإرهابية في مدن باكستان وقرى نيجيريا، وما اقترفته وتقترفه قوى الجهل والتخلف في سوريا والعراق واليمن وغيرها من همج داعش والقاعدة والتي خرجت جميعها من رحم الإخوان السيئ، وتغذت على «مبادئها»، خير دليل على أننا لا نعرف من الحياة شيئا غير القتل والحرق والتدمير، معتقدين أن هذا ما سيوقع الخوف والرعب في قلوب «أعدائنا»، وهذا ما حدث بالفعل، فقد «خاف» العالم منا وابتعد، وتركنا نقتل ونذبح ويجز بعضنا رقاب بعض بكل غباء، ونحرق بيوتنا ونخرب حقولنا وننسف ما تبقى من مصانعنا، ونهجر النخبة من مواطنينا، ونعيث في كل أرض عربية أو مسلمة تطأها اقدامنا فسادا لم يسبق له مثيل.
إن داعش ليست حركة صهيونية ولا طابورا استعماريا خامسا، بل هي منا وفينا، وهم ليسوا مرتزقة، فمن يعمل من أجل المال لا يفجر نفسه بين الآخرين، بل هم في غالبيتهم من «سابق» خيرة شباب هذه الأمة، الذين تركوا «الدولتشي فيتا» وراءهم، وزحفوا للتخلص من أعدائهم من أتباع الطوائف الأخرى، الذين شحن «علماؤهم» رؤوسهم بأنهم الأعداء الحقيقيون وليس إسرائيل أو بريطانيا أو أميركا، بل العدو هو الجار والصديق والصهر، خاصة إن كان يتبع مذهبا مختلفا!
ان داعش هي نتائج مناهجنا ونتاج تربيتنا ونتاج إعلامنا الذي طالما زين لهم القتل وسهل لهم الذبح وتكفير الجميع. فقيم داعش وغيرها مستمدة من أفكار متخلفة، سواء إخوانية أو سلفية، وليس فيها جديد، بل الجديد كان الحدة في التطبيق، وهو أمر كان متوقعا في ظل كل ذلك الشحن الطائفي، فكما خرجت طالبان من تحت عباءة آلاف المدارس الدينية في باكستان وزحف طلابها على بلادهم واحتلوها، بعد أن أوقعوا الرعب في قلوب مواطنيهم، فإن داعش أيضا خرجت من تحت عباءة عشرات آلاف المدارس الدينية، ومراكز التحفيظ، الحكومية والخاصة، التي يسيطر عليها الإخوان وعلماء دين متشددون، المنتشرة في طول وعرض جميع دول المنطقة. فاليوم داعش، وبسكوتنا وعدم فعل شيء جذري في ما يتعلق بمناهجنا، سيكون هناك غدا مئة داعش!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سامي النصف

العالم بين حربين عالميتين

مرت علينا قبل مدة الذكرى المائة لقيام الحرب العالمية الأولى التي ذهب ضحيتها ما يقارب 20 مليون انسان والتي زرع مؤتمر الصلح اللاحق لها بذور الحرب العالمية الثانية التي ذهب ضحيتها 50 مليون إنسان بسبب شروط الإذلال والإذعان التي فرضت على ألمانيا، وقد لا يعلم البعض ان دول العالم قد انقسمت في الحرب الأولى الى تحالف ضم روسيا وأميركا واليابان والصين وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا ومعهم أغلب الدول الأوروبية الصغيرة قابلهم محور ألماني ـ نمساوي ـ تركي، وكادت دول المحور ان تنتصر رغم الفارق العددي الكبير إلا ان دخول أميركا الحرب حسمها لصالح الحلفاء في الأولى ومرة أخرى في الثانية.

***

ويروج البعض خاطئا في منطقتنا ان تلك الحرب لم تقم إلا لإسقاط الدولة العثمانية واقتسام تركتها، والحقيقة كالعادة أبعد ما تكون عن تلك المقولة، فالدولة العثمانية سقطت قبل بداية الحرب بسنوات أي في عام 1908 لصالح حكومات الاتحاد والترقي التي عزلت السلطان عبدالحميد، كما اقتسمت الدول الكبرى وحتى الصغرى أملاك رجل أوروبا المريض قبل تلك الحرب الكونية، فقد خرجت مصر ودول شمال افريقيا من أملاك الدولة العثمانية لصالح فرنسا وبريطانيا وايطاليا، كما انتصرت جيوش اليونان وبلغاريا وصربيا والجبل الأسود على الجيوش التركية قبل الحرب، ونالت استقلالها وطرقت أبواب الأستانة، لذا لا يعقل الاعتقاد بأن الحرب الكونية الأولى لم تقم إلا للسيطرة على أرض الشام والعراق الساقطة لا محالة بسبب الضعف الشديد لجيوش الدولة التركية قبل ان يتولى قيادتها لاحقا الذئب الرمادي كمال أتاتورك.

***

والحقيقة ان أسباب نشوب الحرب العالمية الأولى شديدة التعقيد بعكس أسباب بدء الحرب العالمية الثانية السهلة نسبيا، فقد سبقت الحرب الأولى حروب عدة وتحالفات وأزمات وأخطاء جسام على رأسها رغبة النمسا في إذلال صربيا، ولولا ذلك لذهبت عملية اغتيال ولي عهد النمسا الذي كان في عداء شديد مع والده الامبراطور دون تبعيات، ومعروف ان من قام بالاغتيال الذي كان بمثابة الشرارة التي أشعلت الحرب هي منظمة الشباب البوسني (مالادا بوسنيا) وذراعها السرية، الكف الأسود، الذي ضم 7 شباب مؤمنين بمشروع صربيا الكبرى التي تضم البوسنة وكان من الشباب الذين أعدوا عملية الاغتيال محمد محميد والذي نفذها جافريل برينسب الذي لم يعدم لصغر سنه.

***

آخر محطة: 1 ـ من يعتقد ان دولنا هي التي قُسمت وتغيرت خرائطها بعد تلك الحرب فعليه ان يراجع نفسه، فقد تغيرت خرائط الدول الأوروبية بعد تلك الحرب ومرة ثانية بعد الحرب العالمية الثانية، وفي العدد الأخير لمجلة «الايكونومست» البريطانية تقرير خاص عن پولندا وضمنه كيف تغيرت خريطتها بشكل جذري خلال القرن الماضي.

2 ـ الفارق بين شعوبنا والشعوب الأخرى انهم يقبلون حقائق الحياة ويتعاملون بإيجاب مع «فقه الواقع» ويمضون قدما للامام بينما نبقى نحن نعيش في الماضي لندفع حاضرنا ومستقبلنا ثمنا له.

 

احمد الصراف

ونعتذر مع ابتهال.. ونساهم

كتبت الزميلة ابتهال الخطيب مقالا بعنوان «أعتذر مسبقا» قالت فيه إن العامل الاقتصادي هو الذي يحدد جوانب حياتنا، وما نعتنقه من فكر وما نعيشه من سلام أو حرب. وأن كارل ماركس الذي لم يستطع أصحاب العقول الصغيرة أن يصلوا إلى عمق فكره، واكتفوا بالتمسك بعدائه للدين، متغاضين عن عمق نظرياته، سبق ان قال إن «الإنسان أثمن رأسمال في الوجود»، وهذه الفكرة بالذات هي ما يحتاج أغنياء بلدنا وتجاره أن يستوعبوها ويستثمروا فيها.
فبينما يقف «داعش» على أطراف دولتنا، ينمو الخطر الأكبر بيننا، يتنامى داخل نفوس صغارنا ويتعاظم في طريقة تكوينهم الفكري، وكان هذا ما شغل بال فارعة السقاف منذ سنوات، وكأنها تتنبأ بما لا يحب أحدنا أن يتخيله، فقد أرعبتها المقامرة بمستقبل الأجيال، وأثخن قلبها إيمانها بأن الخطر الداهم داخلي لا خارجي، فعملت على تكوين «لوياك» هذه المؤسسة الشبابية التي من أهدافها منع الشباب من الفراغ، وإبعادهم عمن قد يستغل حماسة أعمارهم لتأجيج العنف وترسيخ التطرف. وهكذا نجحت لوياك في خلق فرص عمل مستمرة للشباب، ورسخت فيهم فكرة الكسب الحقيقي والاعتماد على النفس والتواضع واحترام الوظيفة مهما صغر شأنها، وفتحت أبواب العمل والفن ومختلف الهوايات الرائعة أمامهم، واستقطبت طاقاتهم الكامنة ومواهبهم المنسية، ولربما الأهم والأجمل في «لوياك» أنها جمعت الشباب وخلطتهم، بشيعتهم وسنتهم، بمتدينيهم ومتحرريهم، بكويتييهم وبدونهم في تشكيلة لم يسبق لها مثيل، وكل ذلك تحت السقف ذاته. وهذا هو الاستثمار الحقيقي في الإنسان، وهنا يجب أن يستثمر أغنياء الكويت وتجارها إذا ما أرادوا للبلد أن يستمر حقيقة، أي مستقبل للكويت خال من العنف والتطرف بصورتهما البشعة التي يجلبها «داعش» للمنطقة، فهؤلاء الأغنياء هم القادرون على فهم فكرة أن الاستثمار في الشباب بالإنفاق من أجل الحفاظ على عقولهم ليس هو الطريق إلى نجاح الدولة فقط، ولكن إلى نجاحهم هم كذلك. وإذا ما ترك الشباب للتطرف والعنصرية، وإذا ما أغلقت الأبواب، إلا من باب العنف والسلاح، في وجوههم، فإن المجتمع القادم سيخلو من البهجة، وسيرفض متع الحياة التي هي كل ما تقوم عليه تجارة الأغنياء، وسنتحول ببطء ولكن بثبات من دولة مدنية حديثة إلى أفغانستان أخرى، وليس ذلك ببعيد ولا حتى بطويل الأمد، الخطر قريب ويمكنه أن يقع في طرفة عين.
واستجابة لنداء الزميلة والصديقة ابتهال، وبالرغم من شعورنا بأن النداء لا يشملنا، فإننا سنقوم اليوم بتقديم ما بإمكاننا تقديمه للوياك، متمنين من الافراد والأسر الذين خاطبتهم الزميلة القيام فورا بدورهم المأمول.

أحمد الصراف