سامي النصف

حرب البشر والشجر والحجر في غزة!

لن نتكلم عما هو معروف بالضرورة من وحشية آلة الحرب الإسرائيلية في حربها على القطاع ولا يمكن تباعا القبول بمن يدعى أنه فوجئ بحجم الرد، ولكن هل يصح ان يبقى مصير الملايين في غزة رهنا بعمليات لا يعرف أحد من يقوم بها ولا الهدف منها كحادثة خطف وقتل الشبان الثلاثة التي اعطت المبرر والذريعة للحرب اللاحقة وحدت من التعاطف الدولي مع الضحايا.

****

وكالعادة نلحظ تكرار الظاهرة المميتة المتمثلة في تغييب صوت الحكمة والعقل والاستماع لمدغدغي العواطف من المتشددين بمختلف توجهاتهم ممن يبقون في منازلهم ووسط أبنائهم دافعين بالآخرين لمواصلة الحرب أو المجزرة غير المتكافئة في غزة لآخر بشر وشجر وحجر فلسطيني، ووصم من يطالب بالتعقل لحماية الأبرياء بأنه ينتمي للصهاينة العرب حسب قولهم وليت المتشددين جعلوا من أنفسهم قدوة في العطاء وبذلوا القليل من أموالهم لا أنفسهم الغالية بدلا من الصياح والصراخ وتخوين الآخرين.

****

وقد ظهر على احدى الفضائيات شاب فلسطيني ذكر أنهم تلقوا اتصالا إسرائيليا بإخلاء منزلهم خلال 5 دقائق كونه سيتعرض للقصف إلا أن اهله بقوا فيه كوسيلة لمنع هدمه الذي تم فقتل الساكنون، والحقيقة أن المباني التي تهدم في القطاع كالأرواح التي تزهق لا يمكن عودتها لضيق ذات اليد ولطبيعة الحصار الذي يمنع دخول مواد البناء حتى اننا في زيارتنا الأخيرة لغزة بعد سنوات من الحرب عليها عام 2007 وجدنا أن المصانع التي دمرت والمزارع التي جرفت مازالت على حالها لاستحالة البناء دون توافر مواد البناء من اسمنت وحديد وجرارات زراعية…إلخ.

****

آخر المحطة:

1 ـ استمعت ومعي جمع من الإسلاميين ورجال الخير الكويتيين للرئيس إسماعيل هنية في غزة وهو يشتكي مر الشكوى ممن لا يقدرون عواقب العمليات التي يقومون بها دون إذن ضد إسرائيل مما يعطيها المبررات التي تحتاجها لتدمير القطاع وزيادة الحصار عليها.

2 ـ نرجو ألا تكون صواريخ القسام كحال صواريخ صدام أي تكتفي بدغدغة المشاعر دون ضرر حقيقي إلا على مطلقيها ممن يصبحون في مرمى الأسلحة الحقيقية التي تطلق عليهم كرد فعل.

3 ـ في القطاع توجد 18 منظمة فلسطينية لا يعرف أحد من يقف خلفها إلا أن كثيرا منها مرتهن قراره وفعله بدول أخرى تأمره فـ… يطيع وهؤلاء هم سبب المشاكل المتكررة ومنها الإشكال الأخير.

حسن العيسى

تحية لحكم القانون

ليتك يا شيخ تنورنا وتضيء عقولنا البسيطة عن "المخطط الكبير الذي كان يحاك للكويت"، الخطاب موجه هنا للشيخ محمد خالد الصباح نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الذي تحدث في لقاء بهرجة و"تزهلق" إعلاميين لتلميع الذات "بغبقة" ممثلي القمع من أصحاب البدل الزرقاء المموهة والمطاعات الألمانية وهم القوات الخاصة! اشرح لنا يا شيخ عن "المخطط الكبير" الذي كان يهدد الدولة في تجمع المسجد الكبير حين تظاهر بعض الشباب من أبناء الوطن بتعبير سلمي هادئ مفصحين عن رفضهم للتعسف في ممارسة سلطة الاعتقال والحجز للنائب السابق مسلم البراك.
بوهم إعلامي ساذج لـ"المخطط الكبير" تم ضرب الشباب بلا رحمة، وتم تهشيم رأس الهاجري، وسالت دماء عدد من الأبرياء المتجمعين، وحدث أن وضع أحد ضباطكم الكبار حذاءه على رقبة أحد المتظاهرين، وضربه مع توجيه عبارات تحقير ماسة بكبريائه، طبعاً من غير قول آخر كان ضباطكم وشرطتكم ينفذون "حكم القانون" حين تجمع الشباب وتظاهروا دون الحصول على ترخيص مسبق! وبالتأكيد ان مثل تلك التجمعات تمثل "مخططاً كبيراً يحاك ضد الكويت" وينفذه مواطنون مشاغبون مثل عباس الشعبي أو محمد جاسر الجدعي وغيرهما من مواطنين تم اعتقالهم وحبسهم احتياطياً، ربما ليتعبدوا في العشر الأواخر في سجونكم، مثلما ينصح محمد خالد الصباح في غبقة حراس الأمن والعين الساهرة على تطبيق حكم القانون.
كم تغيظني عبارة "تطبيق حكم القانون" حين أسمعها منكم، من ناس طبقوا "الشرعية" وأعملوا نصوص الدستور عام 76 حين حل المجلس، ثم تمت إعادة توزيع الدوائر حسب قواعد التفتيت القبلي والطائفي، كنقيض أهوج ضد "الوحدة الوطنية" التي تتشدقون بالحديث عنها بالأمس واليوم، وبحكم العادة المتأصلة في خطابكم السياسي، ثم، مرة بعد مرات ومن غير حساب أعملتم حكم الشرعية الدستورية بحل مجلس 85، وحركتم بعدها جحافلكم الأمنية في تجمعات دواوين الاثنين عام 89، نعم كنتم تطبقون حكم القانون بالأمس، مثلما طبقتموه في قضايا استثمارات إسبانيا والناقلات بعد التحرير، وليمتد العمر بنا وبكم لقضايا الإيداعات المليونية وشيكات "كبت أمي"، ثم تفصيل المناقصات والعطايا على قد المقامات السامية ثم محسوبيات توزيع أراضي كبد، وبعدها اليوم نسمع إشاعات أم حقائق عن هبات مزارع الوفرة… نعم كنتم تطبقون حكم القانون، ولا أعرف أين أبدأ وأين انتهي حين نتحدث عن تاريخ الدولة ومبدأ المشروعية الدستورية وحكم القانون؟ ولن تكفي صفحات هذه الجريدة لنشره… كم هو مثير حكم القانون في وطني الذي تعجز عن حمله البعارين… فقد وصلنا إلى الكمال لله الحمد بفضل إدارتكم للدولة… شكراً لكم.

احمد الصراف

من يكلم من؟!

“>من الأفضل أن أسير منفردا، عن أن أكون مع جموع غفيرة تسير في الاتجاه الخاطئ!
***
نصح وزير الإعلام والشباب، نصح الشباب، بما يشبه التحذير، بقراءة ما يحدث في دول الجوار. وقال ذلك في سعيه لحثهم على الامتناع عن التظاهر والتجمع! وهذا جميل، ولكن لماذا لا يقوم معاليه، أو سعادته، وزملاؤه الوزراء وتاليا رئيس الحكومة بقراءة ما حدث في دول كثيرة في العالم، بما في ذلك دول الجوار، بدلا من الاكتفاء بمخاطبة الشباب؟ فمن الصعب جدا تجاهل أو التقليل من أهمية وخطورة الأسباب التي دفعت الامور لحالة الهيجان والغضب التي سادت شوارع الكويت مؤخرا، والتي لا تعود أسبابها إلى حبس النائب السابق مسلم البراك، بل لحالة التسيب وعدم الحزم في تطبيق القوانين، ورفض الاقتصاص ومحاسبة المفسدين وسراق المال العام! فعملية حبس النائب السابق لم تكن إلا القشة التي اشعلت نيران تلك العاصفة. ولو كانت الحكومة، أو السلطة جادة في محاسبة المفسدين لما كان هناك صوت مسلم، ولا غيره مرتفعا، ولا حتى كان هناك مسلم أو غيره، فهذا الرجل، بما كسبه ويكسبه من زخم سياسي لا يعود حتما لعدالة ما يطالب به، بل لما وفرته الحكومة، له ولغيره، من أسباب الخراب، هذا غير تردي أدائها، وانتشار الفساد السياسي الذي سمح بالتغاضي حتى عن شراء ذمم بعض نواب المجلس ومشرعي الأمة بملايين الدنانير المسروقة من المال العام، فأي فضيحة أو مصيبة اكبر من هذه؟
وبالتالي، نعتقد أن تحذير معالي وزير الشباب يجب ان يتجه لشخصه ولشخص زملائه، ورئيس الحكومة، قبل اتجاهه للحراك الشعبي الذي لسنا من مؤيديه حتما، ولكننا نتفهم الكثير من دوافعه، ولسنا بغافلين عن السيرة المشبوهة للبعض ممن يقفون وراء هذا الحراك. كما لا يفوتنا هنا التذكير بأن وزير الشباب لم يفعل شيئا للشباب، منذ ان تولى منصبه وأصبح وزيرا لهم. فحالة السئم التي يعيشونها، والفراغ الذي يعانونه، واليأس من اصلاح الأوضاع في تزايد مستمر، وليس في الأفق أي خطط لجعل حياتهم أكثر إشراقة وأكثر إبداعا، فالحكومة كما لو كانت ضد كل إبداع شبابي أو ثقافي، في غمرة انشغالها بكل ما يضيق الخلق ويسد النفس.
نعم الكويت ليست سوريا ولا العراق ولا اليمن أو ليبيا، ولكننا لسنا بعيدين عن أن نكون من السائرين نحو نفقها المظلم نفسه! وقد تكون أحوالنا اليوم، كما يقول البعض، في خير ونعمة، ولكن هذا الخير وتلك النعمة كانا يوما ما موجودين في مصر والعراق وسوريا وليبيا وحتى اليمن، ولكن بفضل السياسات الفاشلة، والنهج الديكتاتوري في تلك البلدان، فقدت تلك النعمة واضاعت تلك الرفاهية وغاب الخير من حياتها، فهل نتعظ ونعرف كيف نخاطب انفسنا ونعدل أوضاعنا قبل ان نخاطب الآخرين وننصحهم، ونطالبهم بضبط النفس.
ملاحظة: يقول الحكيم الإنكليزي: إنني لم اقتل إنسانا من قبل، ولكني قرأت، بسعادة بالغة، كثيرا من كلمات الرثاء.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سامي النصف

صديق العمر

يعرض هذه الايام مسلسل «صديق العمر» الذي يروي العلاقة بين الرئيس جمال عبدالناصر وصديق عمره المشير عبدالحكيم عامر، والاثنان للمعلومة من صعيد مصر، حيث حكمت القيم والثقافة السائدة هناك علاقتهما ببعض، كما حكمت علاقة مصر التي تولوا زمام امورها بالعالم الخارجي فطغت على سبيل المثال على علاقتهما الشخصية قضية «المرجلة» وعيب التخلي عن الآخر مهما أخطأ ودمر، وما اكثر ما دمر المشير وما اكثر ما غفر عبدالناصر.

***

اما مع العالم الخارجي فقد سادت سياسة «العند» الشديد والمكابرة حتى وصل الامر بمصر في بعض الحقب الى العداء للمعسكرين السوفييتي والاميركي على حد سواء، كما امتد العداء الى جميع الانظمة العربية والاسلامية في المنطقة، لا فرق في ذلك العداء بين دولة ثورية او ملكية، فقد تسبب العند وروح «الثأر» وعدم نسيان العداء السائدة جنوب مصر بالتأثير المباشر على سلوكيات وقرارات الاثنين، وقد استغل ذلك من قبل اعدائهما خير استغلال، فيكفي ان يعير الاثنان من راديو دمشق آنذاك بمرور العلم الاسرائيلي من مضائق تيران حتى يطلب المشير ويستجيب عبدالناصر لإغلاق المضائق وطرد القوات الدولية دون ان تملك مصر ذلك الحق كونها قد قبلت به ووقعت عليه كشرط لانسحاب اسرائيل من سيناء عقب حرب السويس 56.

***

وقد تسبب تفشي نظريات التآمر الدائمة على مصرـ وهي نظرية مدمرة تبناها ستالين وهتلر حيث توجد خلف كل شجرة مؤامرةـ الى تقديم عبدالناصر «اهل الثقة» كحال عامر على «اهل الكفاءة» مما تسبب في الاخفاقات والكوارث المتلاحقة، وما لم يقله مسلسل «صديق العمر» هو ان هناك سببين رئيسيين للانفصال، اولهما تسلط ضباط المشير وإذلالهم للضباط السوريين والثاني محاولة تطبيق القوانين الاشتراكية والتأميم على سورية.

***

وسبق للسودان ان انفصلت عن مصر منتصف الخمسينيات بسب تسليم ملفها لضابط متسلط يدعى صلاح سالم ورفع حكومة عبدالناصر لشعار «مد السيادة المصرية على السودان» بدلا من تعزيز فكرة «الاتحاد المصري – السوداني» سواء بسواء كما هو الحال ابان الملكية، وفيما بعد تسبب تسلط عسكر المشير في اليمن بعد عام 62 في مهازل لا يمكن ان تقبل بها اي دولة ذات سيادة، فقد ألقي مجلس قيادة الثورة اليمني الزائر لمصر بأكمله في سجون القاهرة، كما دخل ذات مرة د.عبدالرحمن البيضاني على الرئيس عبدالناصر وهو رئيس لوزراء اليمن فخرج وهو سفير لمصر في بيروت.

آخر محطة: (1) احدى الاكاذيب التي سوّق لها وزير الداخلية السوري آنذاك عبدالحميد السراج (لا يزال حيا يعيش في مصر) ان احد الملوك العرب قد دفع له الملايين لتخريب الوحدة المصرية – السورية، إلا ان الحقيقة تظهر الكذب التام لذلك الادعاء حيث شهد من حضر لقاء عبدالناصر بذلك الملك اعتزاره له عن تلك الكذبة الشنعاء.

(2) وفي تلك الحقبة خطط السراج (السلطان الاحمر) للقيام بثورة على نظام عبدالكريم قاسم عام 59 بقيادة الشواف لاستبداله بنظام يقبل الانضمام الى الوحدة المصرية – السورية كي تبدأ عملية تحرير فلسطين من قبل الدول الثلاث، الا ان مفتي فلسطين امين الحسيني علم من احد مصادره بذلك السر فباعه بمليون ليرة لسفارة قاسم في بيروت كما يروي السفير نجيب الصائغ في مذكراته وفشلت الثورة لعلم قاسم المسبق بها.

(3) وضمن تلك الحقبة اشعل السراج فتيل الحرب الاهلية في لبنان كي يضمها الى دولة الوحدة وارسل كمية اسلحة ضخمة محملة على ظهور الحمير للقوى «الوطنية» اللبنانية وكان في رفقتها ضباط سوريون والصحافي المصري جميل عارف فقامت الطائرات اللبنانية بضرب الحمير وتقديم شكوى للامم المتحدة اعطيت يومين لمناقشتها. يقول عارف ان الاسلحة استبدلت بشعير ومنتجات غذائية وتم تصويرها وإرسالها على الفور الى نيويورك، لذا ما ان تقدم مندوب لبنان بشكواه حتى قدم مندوب الجمهورية العربية المتحدة صور الحمير النافقة وحمولتها من الشعير وكانت ليلة ليلاء على المندوب اللبناني.

 

احمد الصراف

أتاتورك الأول ومحمد السادس

كتب الراحل عبدالله القصيمي قبل نصف قرن: كل الأمم عرضت تاريخها إلى النقد إلا بني يعرب. كل الأمم نزعت القداسة عن تراثها إلا بني يعرب. كل الأمم تتطلع إلى مستقبل يقطع مع مساوئ ماضيها إلا بني يعرب، فهم يرون مستقبلهم في عودة الماضي. كل الأمم ترى أن الدين لله والوطن للجميع إلا بني يعرب. كل الأمم تجاوزت الفصل بين السياسة والدين إلا بني يعرب. كل الأمم تعشق الفنون والثقافة وتحترم المرأة إلا بني يعرب، يؤسسون ثقافة القبور وغسل الموتى وتغليف المرأة.
كل الشعوب تلد أجيالا جديدة إلا نحن نلد آباءنا وأجدادنا.. إلخ.
أصدر ملك المغرب أمرا منع بموجبه أئمة المساجد وخطباءها، وجميع المشتغلين في المهام الدينية من ممارسة أي نشاط ديني أو سياسي، أو اتخاذ مواقف سياسية أو حتى نقابية، ومنعهم من القيام بكل ما يمكنه وقف أو عرقلة أداء الشعائر الدينية، لأن تدخلهم في هذه الأمور سيخلّ بالطمأنينة والسكينة والتسامح والإخاء الواجب في الأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين. كما منعهم من مزاولة أي نشاط مدر للمال في القطاع الحكومي أو الخاص، إلا بترخيص من الحكومة، مع استثناء الأعمال العلمية والفكرية والإبداعية، شريطة ألا تتعارض مع طبيعة مهامهم كرجال دين.
ولو نظرنا إلى حالنا في الكويت لرأينا أن الكثير من رجال الدين، وأئمة مساجد ودعاة ومتعصبين، أصبحوا نوابا في البرلمان والمجلس البلدي، وحتى وزراء، وحقق الكثير منهم، ومنهم صاحب «كبت أمه»، ثروات كبيرة، كما حقق ويحقق عدد من رجال الدين مبالغ كبيرة من مساهماتهم في «اللجان الشرعية» أو التبريرية، وكل هذا يمكن تجاوزه لولا الدور الشرير الذي لعبه الكثيرون منهم في إثارة مشاعر أتباعهم ضد الآخرين، واللعب على الخلافات الدينية والمذهبية والاستفادة منها. ولن نتجنى لو قلنا إن الكم الأكبر من مشاكلنا السياسية ومن خلافاتنا السياسية كانت نتيجة الجهل وعدم معرفة الآخر، وهذا ينطبق على غالبية رجال الدين، ولأي مذهب انتموا.
وقد قام الزعيم التركي الكبير مصطفى كمال أتاتورك في ثلاثينات القرن الماضي، بفرض استخدام الأحرف اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلا من الأحرف العربية، التي اعتاد الأتراك العثمانيون على استخدامها على مدى 600 عام، ونحن في الكويت لا نستطيع حتى اليوم تغيير حرف في المناهج المدرسية السيئة التي خرجت لنا، على مدى السنوات العشرين او الثلاثين الماضية، أسوأ مستوى تعليمي يمكن تخيله في دولة بدأت علمانية وانتهت دينية تقريبا، دون أن يشعر أحد بالتغيير أو التبديل.

أحمد الصراف

سامي النصف

الإنجاز الخليجي والإخفاق العربي!

 الخليجيون هم عرب أقحاح وجزء أساسي من الأمة العربية التي لا يجوز تقسيمها تعاليا وتكبرا، كما يقوم بذلك الأستاذ هيكل وحواريوه، إلى مراكز حضارة (عربية) ومراكز بداوة (خليجية)، أو التفرقة بين القلب (العربي) والأطراف (الخليجية لا المغاربية على سبيل المثال) بدلا من التواضع والتعلم من الإنجاز الخليجي العربي المبهر الذي بات يضاهي في كل مجالات الحياة أكثر الدول تقدما ورقيا بالعالم.

***

ووجود النفط ليس قطعا السبب في تقدم دول الخليج، فعراق صدام وليبيا القذافي وغيرهما كانا ومازالا يعومان فوق بحيرات من النفط، إضافة إلى الموارد الأخرى التي لا تملكها الدول الخليجية ودون إنجاز يذكر إلا الخراب والدمار، إن الإنجاز الخليجي سببه الأول والأهم هو «الحكمة والتعقل الخليجي» مقابل «الغوغائيات الثورية العربية»، فالدول الخليجية على سبيل المثال في مرحلة ما بعد الاستقلال لم تعادِ أكثر دول العالم رقيا وتحضرا وتقدما ممثلة بالمعسكر الليبرالي الغربي بل استفادت منه بينما صادقت الثوريات العربية معسكر القمع والتخلف وعدم الإنجاز ممثلا بدول المعسكر الشيوعي الشرقي.

***

وقد تفرغت أغلب الدول الخليجية في مرحلة ما بعد الاستقلال لقضايا التنمية الاقتصادية والحضارية والعلمية والحرص على رفاه شعوبها، بينما تفرغت عواصم الحضارة العربية إلى تبديد الموارد في المغامرات والهزائم العسكرية وتعويض الإنجاز الحضاري بالخطاب الغوغائي المدغدغ للمشاعر وإدخال نفسها كمخلب قط في حروب الوكالة ممثلة لمعسكر الاستعمار السوفييتي القمعي.

***

فكل ما حدث بالمنطقة العربية في فترة الإخفاقات الكبرى منذ بداية الخمسينيات حتى أعوام قليلة خلت لا علاقة له على الإطلاق بدعاوى الوطنية الزائفة ومحاربة الاستعمار الغربي الراحل اصلا باختياره، وغيرها من أكاذيب خدعت بها النخب المفكرة قبل الشعوب، بل كانت تلك الإخفاقات والهزائم نتيجة لأوامر أمليت من قبل السوفييت على الأنظمة الثورية التي كانت تدعي كذبا السيادة، والطريف أن القواعد العسكرية الغربية التي أخليت بمعاهدات الجلاء التي طبل لها قد استبدلت بقواعد عسكرية سوفييتية(!) مثلما استبدل حلف بغداد بمعاهدات مصرية ـ سورية ـ عراقية ـ يمنية ـ ليبية ـ جزائرية مع الاتحاد السوفييتي كانت أكثر إذلالا وضررا من ذلك الحلف المأسوف عليه.

***

آخر محطة:

1 ـ في قضايا السيادة الوطنية، استبدل الحاكم العام البريطاني أو الفرنسي بحاكم أشد سطوة وقوة منه هو السفير السوفييتي في عواصم الحضارة العربية الذي كان يأمر فيطاع في التو واللحظة حتى انه أمر القيادة الوطنية المصرية في يونيو 67 بعدم البدء بالحرب فسمعت وأطاعت و… هزمت، وبالطبع انتهى أمر عواصم الحضارة العربية بخلق نسخ طبق الأصل من الأسياد السوفييت، أي دول قمع وقتل وقهر ودمار اقتصادي وتخلف حضاري.

2 ـ وناصبت عواصم الحضارة العربية الدول المحيطة بها العداء تنفيذا لأوامر السوفييت وأفشلت مشروع حلف بغداد الذي كان يفترض ان يضم الدول العربية وتركيا وإيران وباكستان، ومازلنا ندفع إلى يومنا هذا تبعات تلك السياسة الخاطئة.

@salnesf

حسن العيسى

التحريض على المعارضة… أين ينتهي؟

أكثرية من النواب التابعين للسلطة ومعهم بعض جمعيات النفع العام، يرددون بلا خجل، الحديث عن المؤامرة التي تحاك ضد الدولة، ويذرفون الدموع الساخنة على الوحدة الوطنية، وكأن الكويت تقترب اليوم من هاوية حرب أهلية مدمرة..!
هذا الوهم الكاذب الذي يروجه هؤلاء له مقاصد خبيثة باختلاق الأسباب وتلفيق التهم الكاذبة كي تضرب السلطة جماعات المعارضة وتقصم ظهورهم بالوسائل البوليسية، وإذا لم تنفع الأخيرة (وهي تفعل ذلك الآن عبر القوات الخاصة والتعسف في قرارات السجن الاحتياطي)، فلتعلن السلطة الأحكام العرفية، مع تفويض كامل لها من هؤلاء النواب، وهنا يتم إسباغ ثوب الشرعية الدستورية "الكاذبة" على أعمال السلطة في قمع المعارضين.
 بهذا التسويغ وهذه الانتهازية السياسية تتم اللقاءات هذا الأيام بين هؤلاء المحرضين من نواب وسياسيين تجدهم دائما في ردهات قصور الحكم ومعهم كتاب الخيبة، بهدف بث مشاعر القلق وعدم الأمان عند الناس كي يعلّق الجرس على رقبة المعارضة، وكأن هؤلاء غير راضين عن درجة القمع التي تمارس حاليا، ويريدون زيادة الجرعة كي يصبح المسرح السياسي حكرا لهم ولـ "معازيبهم".
 مثل هذا الخطاب المحرض على معارضة سلمية أكدت في كل مناسبة لها أن هدفها الإصلاح السياسي ووضع حد لفوضى الفساد وإهدار الحدود الفاصلة بين السلطات إذا تحقق بأن جرت السلطة الحاكمة خلف ذلك الخطاب الانتهازي وضربت المعارضين بسند من شرعية الرياء عن الوحدة الوطنية والتآمر المزعوم عليها، فهذا يعني أن صندوق "بندورا للشرور" قد فتح في الدولة، ولن يغلقه أحد، وعندها ستحقق فعلا ما كان يروج له شلل المرجفين في السابق، فليتق هؤلاء الله في وطنهم.
 ملاحظة: هناك وحدة فكر انتهازي بين المحرضين على المعارضة والمتشفين وغير المكترثين من بؤس ومعاناة أهالي غزة بسبب العدوان الإسرائيلي… عيب عليهم…

احمد الصراف

خليفة القنوع

“>امتلك خليفة وأدار باقتدار شركة ناجحة مع شريك عربي، وبعد استقرار أعمال الشركة ورسوخ اقدامها، شعر بأن الوقت قد حان ليرتاح على طريقته، وهنا سافر إلى اميركا، واختار ولاية جميلة، اشترى فيها فندقا متوسط الحجم، يقع على منظر خليج خلاب، وشغل لنفسه الطابق الأخير منه، مستفيدا من خدمات الفندق في التنظيف والطعام وكي الملابس وغيرها.
كان خليفة يحن بين الوقت والآخر لوطنه واهله، فيعود لهم لفترة قصيرة، ولكن مع الوقت أصبح اقل شوقا لهم وأكثر تعلقا بأصدقاء طفولته الذين يأنس بهم، والذين لم تدفعه ظروف الغربة لنسيانهم وتعويضهم بأصدقاء أميركيين أو غيرهم، ولهذا كان يقوم بين الفترة والأخرى بدعوة البعض منهم، حيث يقيم، وغالبا ما كان يتكفل بتغطية كامل مصاريف حلهم وترحالهم. وفي أحد ايام الصيف الحارة والمغبرة في الكويت، تلقى جمع من اصدقائه دعوة جماعية للانضمام له في منتجعه، فلبوا الدعوة من دون تردد، وغادروا الكويت في طائرة واحدة، وما ان استقروا في سكنه الوثير حتى بادره أحدهم بالقول: يا خليفة، لقد أطلت المكوث في أميركا كثيرا، الا تنوي العودة لوطنك واهلك؟ فرد قائلا بأنه سعيد حيث هو، بعيدا عن اخبار الوطن و«المغثة»، وهو يشعر أنه أدى واجبه، وليس لأحد فضل عليه، وصحبه وأهله دائمو الزيارة له! فقال هذا: ولكن ماذا عن «حلالك»؟ اي أموالك وشركاتك، فقال ان كل شيء بخير ويعمل جيدا، وهنا بادره صديقه بمفاجأة لم يتوقعها، حيث قال له ان شريكه، الوافد العربي، يسرقه، وأن الكثيرين في الكويت يعلمون بأمره، فحياة البذخ التي يعيشها لا يمكن تفسيرها. وهنا نظر خليفة لصديقه، دون أن تتحرك عضلة في وجهه، وسأله بهدوء: هل أنت متأكد من ذلك؟ فرد صديقه بأنه متأكد وان ابنه، الذي يعمل مفتشا في جهة حكومية، أخبره بذلك! فأعاد السؤال عليه، إن كان على ثقة بأن اتهامه صحيح، فرد هذا بهزات قوية من رأسه، تكهرب الجو وسكت الجميع مبهورين من قيام أحدهم باتهام شريك مضيفهم بالسرقة، وكيف انه غافل بما يجري وراءه، هذا غير ما يعنيه ذلك من عدم اكتراث وقلة حرص على ماله. وهنا رفع خليفة سماعة الهاتف، وهو يقول بصوت حازم: سأريكم ما أنا فاعل به. أدار القرص على رقم شريكه في الكويت، وبعد لحظات جاء صوته على الطرف الآخر مُرحبا، وبعد السؤال وكلمات المجاملة، قال المضيف لشريكه: يا «أبو فلان» حوّل لحسابي في بنك أوف اميركا 250 الف دولار اليوم، شكرا مع السلامة!
وهنا بهت الجميع من الطريقة التي انهى بها خليفة المكالمة دون عتاب أو اتهام، أو حتى تلميح! فنظر لهم قائلا، وهم فاغرو الأفواه، انا هنا اعيش في مكان كالجنة وحولي كل ما احب واشتهي وارغب، والطقس جميل والرفقة رائعة والكدر معدوم، وشريكي يعمل ويعاني ويكد في درجة حرارة تقارب الستين والغبار من حوله والكدر بداخله، فمن الذي يسرق الآخر، هل هو الذي يسرق مالي، على افتراض أن الاتهام صحيح، أم انا الذي أسرق صحته وعافيته ووقته، لكي يمول راحتي ومتعتي؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

إهدار دم في الكويت..!

الكويت تمتلئ اشاعات هذه الايام.. ولانها دولة صغيرة والحركة فيها محدودة، فان معظم الاشاعات يكون لها اصل ونصيب من الحقيقة!

من هذه الاشاعات التي انتشرت بسرعة النية لاعلان الاحكام العرفية! وحل جمعية الاصلاح، وتجريم الانتماء للاخوان المسلمين، والتضييق على رموز التكتل الشعبي، ومنع التجمعات والمسيرات، وتشديد العقوبات على النشطاء السياسيين، وتقييد حرية الرأي، الا ما ينسجم مع شعار المرحلة «عاش الملك ومات الملك»!

هذا الوضع بدأت الآلة الاعلامية لبعض المتهمين في التحويلات وغسل الاموال والتخاطب مع الصهاينة تنشرها وتسوق لها بشكل ملحوظ، حتى تبعد الانتباه عن تهمتهم اللي ما تشيلها البعارين! متابعة قراءة إهدار دم في الكويت..!

سامي النصف

الفوضى نهاية التاريخ لمنطقتنا!

كانت الحرب العالمية الثانية التي حصدت 50 مليون ضحية اغلبهم من الشعوب الأوروبية بمثابة مباراة اعتزال وارتحال لإله الحرب مارس من محطة استقراره في اوروبا لقرون طوال الى منطقة الشرق الاوسط التي باتت منذ منتصف القرن الماضي محطة حروب الوكالة بين المعسكرين الشرقي والغربي، لذا شهدنا عدد حروب لا يعد ولا يحصى مثل حروب 48 و56 وحرب اليمن 62 و67 والاستنزاف والاردن 70 و73 ولبنان 75 و78 و82 والعراقية – الايرانية و90 و91 وحروب اليمنين و2003 و2006 وثورات وحروب الربيع العربي 2011 حتى اليوم وهذا غيض من فيض والقادم اعظم بكثير.

***

مع انتهاء الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي اوائل التسعينيات كتب المفكر د.فرانسيس فوكوياما كتابه الاشهر «نهاية التاريخ والانسان الاخير» عام 92 قال فيه ان الديموقراطية والليبرالية هما خيار الانسان الامثل والأخير معلنا انتهاء حقبة الصراع الايديولوجي الذي كان يتسبب في الحروب وهو ما كان سيفرض بالتبعية تصغير الجيوش والانفاق عليها لانتفاء الحاجة ولاختفاء الاعداء، الا ان المفكر د.صموئيل هانتغتون اتى في العام الذي يليه 93 بنظرية تبقي الصراع محتدما الى الابد لا على حدود الايديولوجيات التي يمكن سقوطها وتوقفها بل على خنادق الحضارات الباقية، فالحضارة الغربية في صراع دائم مع الحضارة الاسلامية التي ستستعين حسب كتابه «صراع الحضارات» بالارهاب كسلاح فاعل لها في حرب البقاء تلك، وبعدها هلت علينا تنظيمات القاعدة وبن لادن والزرقاوي والظواهري واحداث سبتمبر وداعش وفروخهم.

***

وتلا ذلك في منتصف التسعينيات صدور الكتاب الاشهر للمفكر د.زبيغنيو بريجنسكي المسمى «الفوضى على اعتاب القرن الواحد والعشرين» الذي تنبأ فيه قبل ما يقارب العقدين من الزمن بأن بدايات القرن الواحد والعشرين التي نعيشها حاليا ستشهد خلالها المنطقة الممتدة من غرب الصين الى شرق أوروبا، اي منطقتنا، فوضى عارمة وثورات شعبية وحروبا خارجية واهلية وانقسامات للدول قد تستخدم فيها حسب قوله الاسلحة النووية!

***

آخر محطة: (1) اذا كانت الديموقراطية السياسية والليبرالية الاقتصادية والرخاء والانماء نهاية التاريخ بالنسبة للشعوب الاخرى فالفوضى العارمة والانقسامات والحروب والثورات والخراب الاقتصادي وهدم المباني نهاية التاريخ لمنطقتنا لقرون قادمة.

(2) ورضينا أم أبينا سيبقى إله الحرب مارس ضيفا ثقيلا على منطقتنا الى أجل غير مسمى يشرب كل يوم الدماء ويتغذى على الاشلاء ما دمنا نحكم عواطفنا لا عقولنا فيما نفعل!