ما وقع منذ شهر في الضفة الغربية من خطف وقتل لثلاثة مستوطنين إسرائيليين ثم قيام مستوطنين بخطف محمد أبو خضير الفلسطيني ذي الـ١٦ عاماً وحرقه حياً حرك المياه الراكدة في فلسطين وفتح الباب لمواجهات جديدة. فقد قامت إسرائيل بحملة تفتيش ثم اعتقالات ومداهمات ضد الفلسطينيين، إضافة إلى اعتقال الكثيرين ممن أفرجت عنهم قبل ذلك في صفقة تبادل الأسرى مع «حماس». في ظل هذه الأجواء تمرد أهالي الضفة الغربية وتمرد فلسطينيو ١٩٤٨ وتوترت الأجواء. لكن إسرائيل اعتبرت غزة وحركة «حماس» فيها المسؤولة عن خطف الإسرائيليين الثلاثة، بينما أكدت «حماس» أنها لم تقم بالعملية. بالنسبة إلى إسرائيل: كل عملية ضد الاحتلال واستيطانه، بغض النظر عن الفاعل، لا بد من أن يكون لها عنوان: العنوان في السنوات الأخيرة: غزة وحركة «حماس». متابعة قراءة غزة في ميزان المقاومة
اليوم: 17 يوليو، 2014
عيب يا حكومة
بيان مجلس الوزراء الأخير المُهدِّد بسحب الجنسية عمن لا تتوافر فيهم "شروط ومتطلبات شرف المواطنة" هو سواد وجه، ولا يجوز أن يصدر عن السلطة العليا المهيمنة على شؤون الدولة وتزعم أنها تتمسك بالدستور والقانون، نظرياً على الأقل، مثل ذلك البيان المُخجِل.
فالخطاب الابتزازي المُستعمَل في البيان يمكن أن نتخيله من جماعات تعمل خارج أطر شرعية الدولة، ومن فرق "فتوة" وعضلات تبتز وتهدد الناس الذين لا ينصاعون لأوامرها، لا من سلطة تنفيذية لدولة ذات سيادة ترفع علماً، وهي عضو في المجتمع الدولي بكل مؤسساته.
ما هو "شرف المواطنة" الذي جاء بالبيان، وكيف يمكن تعريفه وضبطه، ومَن يحدد تخوم هذا الشرف غير مجلس الوزراء ذاته الذي هو الخصم والحكم في قضايا الجنسية بعد أن منعت قوانين الدولة المُخجِلة القضاء من النظر فيها باعتبار أنها من "مسائل السيادة"؟! والسيادة التي تخرق الدستور لا تعني غير الاستبداد ونفي للسيادة الشرعية بحد ذاتها.
ما مناسبة مثل هذا البيان الذي يفوِّض فيه مجلس الوزراء إلى وزارة "المطاعات الألمانية" بحث "توافر شروط ومتطلبات شرف المواطنة" لتسحب "صدقة" الجنسية الكويتية عمن تشاء وتهبها لمن تشاء، حسب الظروف وحسب امتثال المواطن لأوامر صاحب السلطان أو خروجه عن طوعه؟ وكأن الجنسية مكرمة وصدقة جارية من الدولة وليست حقاً للمواطن متى توافرت فيه شروط كسبها.
مجلس الوزراء يقر ويقطع، لننتبه لهذا، بأن السلطة تعلم أنها منحت الجنسية في السابق لبعض الناس الذين كسبوها بـ"الغش أو التزوير" مثلما يقول قانون الجنسية، لكن السلطة سكتت عنهم، "وصهينت" عن الأمر لغرض في نفسها إلى يومٍ معلومٍ كمثل هذا اليوم الذي تمارس فيه نهج الابتزار، أليس في سكوت السلطة وعلمها، كل تلك السنوات الطويلة، بواقع الذين كسبوها دون وجه حق يعد بحد ذاته اشتراكاً من السلطة في الجريمة أي "جريمة الغش والتزوير"؟! ألم تكن هي المساهم والشريك بالمساعدة في الجريمة؟ ثم تأتي اليوم لتقول لأبناء وأحفاد مَن كسبها في تاريخ قديم، إنكم مازلتم تحت رحمتنا، وظهوركم مكشوفة للجلد، وكأن السلطة ذاتها لم تشارك في الجرم سابقاً.
سحب الجنسية كعقوبة سياسية يخالف أبسط الأعراف والقوانين الدولية، وإذا كنا في الماضي، منذ ثمانينيات القرن الماضي، بعد حوادث مسجد شعبان أيام تجليات الثورة الإيرانية كمواطنين سكتنا، ولا أستثني نفسي، ببلادة حس وغياب وعي وطني ولجنوح في الهوى السياسي عن الذين سحبت جناسيهم في ذلك الوقت، أو الذين سُحِبت منهم فيما بعد مثل سليمان بوغيث بعد اتهامه بالاشتراك مع قيادة "القاعدة" في جرائم 11 سبتمبر، أو حتى في تاريخ قريب، حين سُحِبت جنسية مواطن لتعبيره عن رأي جانح أو مخالف للقانون، فنحن في كل تلك المناسبات المُخجِلة مُدانون بصمتنا وعدم اكتراثنا، مثلما هي الحكومة اليوم مُدانة ببيانها السيئ، حين ضربت بمبادئ حقوق الإنسان عرض الحائط… نقول لك عيب كبير يا حكومة.
موسوعة المستيري والإخوان
قررت في بداية رمضان التفرغ للبحث في تاريخ حركة الإخوان المسلمين، التي قام بتأسيسها حسن البنا، ولو أن بعض المؤرخين يشككون في ذلك. وكان غرضي الإحاطة، قدر الإمكان، بأهداف التنظيم وما اتبع من وسائل، على مدى ثلاثة أرباع القرن، للوصول لما وصل إليه من تغلغل في مختلف المجتمعات الغربية والعربية، وبالذات الخليجية. وكيف كونوا امبراطوريتهم المالية والاستثمارية، والتي حولت الكثير من أعضاء التنظيم شبه المعدمين إلى أصحاب ثروات طائلة، وسياسيين كبار. ثم تذكرت، وأنا غارق بين عشرات المجلدات والمراجع والمقالات السابقة التي كتبتها أو كتبها غيري عن تاريخ حركة الإخوان المسلمين الإجرامية، الجهد الهائل الذي بذله المفكر المصري الراحل عبدالوهاب المستيري في وضع الموسوعة اليهودية التي تعلقت بكل جوانب التاريخ العبراني، اليهودي، فى العالم القديم، وتاريخ الجماعات اليهودية على امتداد العالم، وتعدادهم وأماكن تواجدهم، وهياكلهم التنظيمية، وعلاقاتهم بالمجتمعات التي تواجدوا، ويتواجدون فيها، وما تعرضوا له، خلال تاريخهم الطويل الممتد لآلاف السنين، من كراهية واضطهاد وتشريد، إضافة إلى التطرق لفرقهم وكتبهم الدينية، وطقوسهم وشعائرهم وقياداتهم التاريخية، وأزماتهم مع مختلف الأنظمة الحاكمة، والدور التخريبي الذي كان لهم في أكثر من بلد ومجتمع! تذكرت ما بذله المستيري من جهد، على مدى ربع قرن، وبمساعدة فعالة من جهود عشرات المساعدين، وتبين لي، وأنا في خضم كل هذا البحر من المعلومات، ليس فقط مدى التشابه بين الحركتين، الصهيونية والإخوانية، وما استفادته الثانية من الأولى، وكيف نجحت في تحقيق نصف حلمها، من خلال اتباع الوسائل الصهيونية نفسها، في إيجاد دولتهم المزعومة، وهو الحلم الذي جر على العرب والمسلمين، طوال السنوات الخمسين الماضية، ويلات ومصائب وانقلابات عسكرية واغتيالات سياسية ومؤامرات لا تعد ولا تحصى، تبين لي أن الموضوع يحتاج الى عمل موسوعي لست بقادر عليه في وضعي الحالي، ويحتاج الى تفرغ كامل لسنوات طوال لا أعتقد انني سأعيشها، خصوصا ان الأخطبوط المالي للإخوان لم يكتف بالاستحواذ على آلاف المشاريع في الدول الخليجية وفي عشرات الدول الأوروبية والغربية، بل وقام بتسجيل تلك الاستثمارات باسماء شركات «أوف شور» او من المنتمين لها، ويصعب على فرد مثلي تتبع مصادر اموالهم، خصوصا أن عددا من كبار زعماء الإخوان، في الكويت على الأقل، يمتلكون حصصا مؤثرة في عدد كبير من الشركات التجارية والمصارف المسماة بالإسلامية، والمشاريع الاستثمارية الضخمة، وليس هناك خط يفصل بين ملكياتهم الخاصة وأموال التنظيم. كما أن أموال التنظيم المحلي والعالمي، التي تقدر بأكثر من 15 مليار دولار، تدر على من يديرها ارباحا طائلة. كما أن ما شجعني اكثر على وقف مشروع البحث في تاريخ الإخوان المظلم، وجرائم بعض أعضائه، ما صرحت به اخيرا وزيرة الشؤون، عن عدم وجود نية لدى الحكومة، لحل جمعيتهم، الذراع المحلية لحركة الإخوان المسلمين التابعة للتنظيم العالمي، بالرغم من كل ما عليها من مآخذ.
أحمد الصراف