لن يعود النشطاء المصريون الحقوقيون الثوريون عن حراكهم بعد أن ذاقوا طعم التغيير وطرق تحقيقه وبعد أن فقدوا أعز أصدقائهم في ثورة ٢٥ يناير والمواجهات التي وقعت بعدها. لقد كسر هذا الجيل حواجز الخوف والتردد وأصبحت بالنسبة اليه مواجهة القمع والفساد ومصادرة الحقوق وعليائية المؤسسة الحاكمة طريقة في الحياة. فمن دون دولة مصرية رحيمة وديموقراطية حديثة مساءلة أمام شعبها تتقبل الرقابة على سلوكها ومتصالحة مع فئات الشعب المتنوع (اسلامي وغير إسلامي، «اخواني» وغير «اخواني»، مع الرئيس وضده) ستبقى الأزمة تعيد إنتاج نفسها. متابعة قراءة الثوريون الجدد في مصر: جيل يزداد حضوراً
اليوم: 3 يوليو، 2014
وضع الدين في مواجهة العلم!
كلنا يعرف الحكاية التراثية حول الدب الذي قتل صاحبه الفلاح بحجة أنه يحبه، بعض علماء الاسلام يقومون بالشيء ذاته عندما يصرون على وضع الإسلام دون غيره من الأديان في موقف المتعارض مع حقائق العلوم الثابتة، ومن الضارين بالإسلام من يزايدون من العلماء والأطباء على رحمة رب العباد فيفتون على الشاشات والإذاعات دون فحص بضرورة صيام أصحاب الأمراض المزمنة الخطيرة التي يهدد عدم الالتزام الصارم بنظامها الغذائي والدوائي حياة المريض، وبالطبع لو أتاهم مريض في غير شهر رمضان وذكر لهم أنه لا يأكل ولا يشرب ولا يأخذ الدواء من الصباح حتى المساء لقالوا له إن ذلك انتحار وان الدين يطلب منه ألا يلقي بنفسه للتهلكة.
***
وكلنا يذكر العالم الجليل الذي أفتى بحرمة نقل الأعضاء كون الابتلاء بالمرض حسب قوله هو دعوة من رب العباد للمريض لملاقاته، فكيف يصح للعبد تعمد تأخير لقاء ربه عبر نقل الأعضاء لإطالة حياته؟!، إلا أن العالم ذاته، رحمه الله، ما إن أصابه المرض وهو في منتصف الثمانينيات من العمر حتى جزع، وأرسل بطائرة خاصة للعلاج في لندن متمسكا بالحياة التي يدعو الآخرين الى عدم التمسك بها كحال شيوخ «فتاوى الدم» الذين يدعون الآخرين للجهاد والاستشهاد وملاقاة الحور العين ويتخلفون ويزوجون أبناءهم بنساء الأرض لا حوريات السماء، وقبل ذلك أفتى شيوخ بتحريم اختراع الدش، وذكروا أن البيت الذي فوقه دش لا تدخله الملائكة (كيف عرفوا؟!) ثم أضحت أسطح منازلهم غابة من «الدشوش» كونهم باتوا يقدمون برامجهم على عدة فضائيات في وقت واحد، ولاحقا حرموا اختراع الانترنت ثم امتلأ فضاء الانترنت بمواقع إلكترونية لهم.
***
وأحد أشهر من وضع الدين في مواجهة الحقائق العلمية الثابتة هو عيد الورداني المحامي الذي رشحه البعض لرئاسة مصر، ففي كتاب من 600 صفحة أسماه «قصة الخلق» يستشهد في تفسيره بالآيات لإنكار كل شيء أتى به العلم، فالأرض مستوية لا كروية والشمس والقمر يدوران حولها ولا توجد جاذبية أرضية وعندما تغرب الشمس على كل بلدان الأرض المستوية في وقت واحد (أمر يمكن نقضه بمكالمة هاتفية بين بلد وبلد) فإنها تذهب لمكان في المحيط تبقى فيه حتى اليوم التالي، ولا علاقة بين شروق الشمس والنهار، حيث يمكن حسب قوله واستشهاداته أن تخرج الشمس بالليل ويبقى ليلا، ولله في خلقه شؤون وشجون.
آخر محطة: (1) يرفق الورداني مع كتابه شهادة من إدارة البحوث بالأزهر تقر طبع كتابه وتطلب منه 5 نسخ .
(2) ومم يظهر أن الورداني قد أتى بما لم يأت به الأولون والآخرون معرفته بالعنوان البريدي لـ «إبليس»، حيث ذكر في كتابه أنه يسكن في نقطة التقاء خط الاستواء بخط طول 140 درجة (مكان في المحيط الهادئ رغم أنه لم يحدد 140 درجة شرقا أو غربا) ولا نعلم لماذا لا يتم قصف منزله – منزل الشيطان بالطبع لا الورداني – بالقنابل الذرية كي نتخلص منه ومن شروره؟!
أسعد الشعوب
“>بيَّن استطلاع دولي أن م.ن أسعد الشعوب في العالم بضع دول فقيرة. فقد تربّعت كوستاريكا – للمرة الثانية – ضمن قائمة تضمن 151 دولة، في صدارة الشعوب السعيدة، بينما قبعت الدول الخليجية في الذيل، كأقل الشعوب سعادة، وهي قطر والكويت، والبحرين.
اعتمد مؤشر البحث الذي أجرته مؤسسة الاقتصاد الحديث، ومقرها لندن، على رفاه الفرد من حيث التمتع بحياة سعيدة وطويلة وذات مغزى، وأسرة مقتصدة وصديقة للبيئة.
وبيّن الاستطلاع أن مبعث سعادة الفرد وتمتعه بحياة مديدة ونمط معيشي مميز وعلاقة صداقة بالبيئة لا يقترنان البتة بموطن إقامته أو بمدى تقدّم او غنى دولته!
والسؤال هو: ما الذي دفع المواطن الكويتي الى أن يصبح الأكثر تعاسة في العالم، وهو الذي يفترض أنه الأقل همّاً والأكثر غنى، بشكل عام من مليارات البشر، وأشياء قليلة تقلقه في حياته، خصوصا أن العلاج والطبابة مؤمَّنان له ولأسرته، والتعليم حتى أعلى المستويات، مضمون له ولأسرته، وضمان الشيخوخة متوافر له ولأسرته؟! وبالتالي فما يشغله ويضجره لا بد أن يكون شيئا آخر غير هذه وتلك!
من المعروف أننا، لكي نستمتع بالحياة، فإننا بحاجة الى أن نشعر بالسعادة، وهذه لا يمكن أن تتحقق بالمال، بل بتوافر الحريات، حرية التصرف والقول والتنقل والعبادة وأماكن ووسائل الترفيه الضرورية. كما أن من الضروري، لكي نشعر بالسعادة، أن نؤمن بأننا متساوون أمام القانون، وأن الحكومة منصفة في احكامها ومواقفها، وتؤمن بالشفافية في عملها، وأن مستويات الفساد والرشوة في حدودها الدنيا! ولكن من المؤكد أن جميع هذه الأمور غير متوافرة في الكويت.
فحرية التصرف، ضمن القانون، وحرية القول وحرية النشر جميعها مقيدة، بطريقة أو بأخرى. كما أن الجميع – حتماً – لا يتساوون أمام القانون! أما الادعاء بأننا أفضل من غيرنا فلا معنى له، فنحن لا نشعر بالسعادة، لان غيرنا لا يشعر بها، بل نكون عادة سعداء لأسباب واضحة وإيجابية. كما أن للجرعة الدينية المبالغ فيها في رأيي، وما يتبعها من نفاق اجتماعي، دورها في زيادة الشعور بالضجر، ومن ثم بالتعاسة.
فالحياة بغير سعادة، مهما طالت لا تعني شيئا. والثروة مهما كبرت من دون ان تصحبها سعادة لا تعني شيئا، ومن ينظر الى كميات القمامة أمام كل بيت يعرف أن سعادة الفرد الكويتي أو المقيم قد اختُزلت في دقائق أو ساعات الأكل، ويبدو أنها المتعة الوحيدة المتاحة، وبوفرة، للغالبية.
كما أن من السهل ملاحظة أن الكويتيين لا يشعرون بأن حياتهم ذات مغزى، فلا دور لهم في أي أمر. ولكي نعرف بدقة سبب شعور المواطن بالتعاسة فإننا فقط نعطيه ملف معاملات ونطلب منه، تحت درجة حرارة تبلغ الخمسين وحركة مرور بائسة، ومواقف سيارات شحيحة، ونفوس مديرين ضيقة، مراجعة وزارات الشؤون والتجارة والداخلية لإنهاء المعاملات فيها، فهنا سيصاب المواطن بالاحباط وسيدفعه الفشل الى الشعور بالتعاسة، وسيشعر بحزن أكثر إن تساءل عن المكان الذي «تذهب» اليه، سنة بعد اخرى، ما تحققه الدولة، مع مطلع كل شمس، كل الملايين المتحققة من بيع البترول، ولماذا فشلت الإدارة الحكومية في أن توفر أو تشتري بها الحد الأدني من الخدمة الجيدة أو الكرامة؟ فشعب «يتبهدل» غالبيته كل يوم في المستشفى أو الوزارة أو المخفر، في سعيه لإنهاء معاملاته بطريقة حضارية وكريمة، لا يمكن أن يشعر بالسعادة!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com