أعجبني رأي أحد كبار أبناء الأسرة عندما قال: «لقد ظلمنا مرزوق وحمّلناه فوق طاقته عندما جئنا به الى كرسي الرئاسة وألبسناه البشت.. مرزوق مكانه الطبيعي في المقاعد الخلفية.. هو يحسن ان يكون مع المشجعين ويرفع صوته بعبارات مثل: ليش ما يصعد.. اذا الاستجواب مو دستوري خل يصعد ويفند.. ما راح نسكت.. الاتحاد مو شرعي»!
٭٭٭
يميل علماء النفس الى تحليل النقص في شخصية الانسان من خلال العبارات التي يرددها باستمرار.ولعل أكثر عبارة يكررها مرزوق هي «آنا ما أخاف»، أو بالهندي «فكر انا خوف»؟! متابعة قراءة مرزوقيات
اليوم: 16 يونيو، 2014
العراق.. ثورة أم إرهاب؟
لا أحد يستطيع ان يجزم ما الذي حدث في العراق مؤخرا، هل هي ثورة شعبية ضد استبداد المالكي وظلمه، ام هي أمور لا تعدو كونها سلسلة من العمليات الارهابية يقوم بها تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام (داعش). لا أحد ينكر وجود تنظيم داعش في منطقة صحراء الانبار، بل سبق وأن حذرت الولايات المتحدة اكثر من مرة ـ من خطر اتساع نشاطه هناك، وكذلك اشتكى الاهالي من وجوده، ولكن لم يكترث المالكي وحكومته لهذا الامر، وربما أراد استخدام (داعش) كورقة ضغط على حلفائه الشيعة وخصومه السنة على السواء.
من المؤكد ان مقاتلين داعش هم من قاموا بمفاجأة الجيش العراقي وانزلوا به اشد الخسائر، وتبع ذلك مباشرة حركة تمرد شعبية واسعة النطاق – ولكن كيف حدث ذلك؟ مما لاشك فيه ـ ان تنظيم داعش يمتلك اشد وأعنف المقاتلين على وجه الارض ـ قال عنه ذات مرة احد الاسرى الذي استطاع الهرب منهم ـ إنهم ومن شدة رغبة المقاتلين بالعمليات الانتحارية ـ كانوا يقيمون مسابقات فيما بينهم والفائز يحظى بشرف القيام بالعملية.
وفي المقابل نجد ان الجيش الوطني تعصف فيه الطائفية والفساد، ولا يحظى بالقبول في بعض المناطق السنية ويعامل على انه جيش احتلال، وكذلك الجيش هو الآخر ينظر لبعض الأهالي على أنهم أجانب.
اكثر من عام والمناطق السنية تغلي غضبا من سياسية المالكي حتى ان الكثير من المواطنين ومن شدة يأسهم من الوضع السياسي في العراق، قاطعوا الانتخابات البرلمانية الاخيرة، وكان الاهالي فقط بحاجة الى من يفجر ثورتهم ـ ولذلك كانت عمليات داعش الاخيرة وهرب الجيش الحكومي بمنزلة المشجع على اعلان حالة التمرد على سلطة المالكي وطائفيته يحاول المالكي جاهدا ان يصبغ التمرد السني بصبغة الارهاب وتنظيم داعش، ليتمكن من رص صفوف الشيعة وتقوية مركزه السياسي بينهم، والسعي لتمديد ولاية حكومته المنتهية، والحصول على دعم أميركي وغربي للقضاء على خصومه من الطائفة السنية.
ختاما ـ الكل ضد المالكي ـ بقايا البعث والجماعات الاسلامية والعشائر ـ جنبا الى جنب يقاتلون جيش وحكومة المالكي الطائفية، وعلى المجتمع الدولي ان يميز بين ثوار العشائر وبين مقاتلي داعش، بين من يقاتل من اجل الحرية ، ومن يقاتل لأجل الارهاب ومن الممكن ايضا ـ ان المالكي قد ترك (داعش) تنتصر على قواته ـ ليحقق احد الامرين ـ اما ان تقضي داعش على قوات العشائر وتضعفها ـ الامر الثاني حتى لو انتصرت العشائر على داعش او انسحبت من نفسها ـ سيستخدمها المالكي كعذر لضرب التمرد الشعبي ضده.
ملاحظة: عندما كانت المعارضة السورية تحقق الانجازات في رمضان الماضي، تمت اكبر عملية تهريب للسجناء في العراق خرج فيها حوالي 2000 مقاتل من القاعدة، انشؤوا تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام، ودخلوا على خط القتال في سورية، وماذا حدث؟ شوهوا سمعة الثورة السورية، وقاتلوا الثوار كما تفعل قوات النظام.
الحقل أكثر اخضراراً!
كنت في منتصف الثمانينيات وصديق سوري في زيارة عمل لعاصمة دولة شمال أفريقية جميلة تم استعمارها لمدة طويلة، وبعد عدة مواقف للصديق السوري واجه فيها صعوبات بالتعامل في الفندق والمتاجر والمطاعم ووسائل النقل بسبب جفاف المعاملة الشديد، قال ساخرا: «كنا نترحم عليهم من الاستعمار وكيف تحملوه لقرن ونيف من الزمن، أما الآن فعجبي هو كيف تحملهم الاستعمار كل هذه المدة؟».
***
في كتاب الدكتور العراقي الشهير علي الوردي «لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث» يعدد بعض أسباب ثورة العشرين فيذكر ان العثمانين عندما حكموا العراق كان شعارهم اعطونا ما نريد عن طريق الرشاوى والفساد الاداري المنتشر عندهم، وافعلوا ما تريدون من فوضى وفساد، وعدم التزام بالنظام وعدم النظافة في الدوائر الحكومية، اضافة الى وقوف الادارة العثمانية مع زعماء ورؤساء القبائل والعشائر والشخصيات البارزة في المجتمع ضد خصومهم مما كان يرضيهم ويرضي بالتبعية اتباعهم.
***
ويسترسل الدكتور الوردي بالقول: ان الانجليز عندما احتلوا العراق في السنوات التي سبقت ثورة العشرين ارادوا ان يغيروا هذه المفاهيم إلى مفاهيم الدول المتحضرة كي يرتقوا بالعراق فتعاملوا بشدة مع الرشاوى والخروج على النظام والفوضى وعدم النظافة، ولم يقفوا كعادة العثمانيين مع الزعماء والرؤساء والمبرزين ان كانوا مخطئين بل وقفوا مع الناس العاديين ضدهم ان كانوا اصحاب حق وان تلك الأمور اضافة الى اسباب اخرى ساعدت على قيام ثورة العشرين الشهيرة في العراق.
***
يقول مثل أميركي «ان الحقل يبدو دائما اكثر اخضرارا من الجانب الآخر» اي ان الانسان يعتقد دائما أن ما لديه سيئ وما لدى الآخر جيد ومن ذلك فهناك فهم شائع بأن المستعمر كان مرتاحا ومتنعما في بلداننا عندما كان آباؤنا واجدادنا يقاسون الامرين وقد تكون الحقيقة الجلية غير ذلك فقد كان للمستعمرين ومن احضروهم معهم لادارة بلداننا الخارجة من عصور ظلام استمرت لقرون طويلة معاناتهم مع من يكرهون التغيير والنهوض بدلالة انهم انسحبوا لاحقا من الدول المُستعمرة فحسن حالهم وساء حال تلك الدول.
***
آخر محطة: قام أحد الدكاترة ببحث مفصل لمعرفة هل ساء حال اكبر دولة استعمارية في العالم ونعني بريطانيا بعد تركها المستعمرات ام تحولوا للأفضل؟ قام الباحث بالاستعانة بالأرقام الرسمية التي لا تكذب لقياس مستوى معيشة العائلة البريطانية أعوام 1947، 1977، 2007 اي معدل الدخل وعدد من يمتلك منزلا وعدد الأبناء الملتحقين بالجامعة وعدد السيارات ووسائل الترفيه بالمنزل.. الخ، وقد وجد ان احوال البريطانيين تحسنت كثيرا بعد تركهم الاستعمار عام 1947 وقد يكون أحد الأسباب التي لم يذكرها توقفهم عن الحروب المدمرة للدفاع عن تلك المستعمرات.
الوظيفة الأسهل في العالم..!
لطالما اعتقدت بأن اغلبية رجال الدين، ولأي دين انتموا، لم يختاروا هذا المجال، أو هذه الوظيفة، للأجر والثواب، بل لأن البعض اكتشف أن بإمكانه من خلالها تحقيق ما لا يمكن تحقيقه من العمل في أي مجال آخر، خاصة أن اغلبية الدراسات الأخرى يتطلب الانتهاء منها سنوات طويلة من الجهد والسهر، غير التحليل والتنظير، والتي لا تتطلبها الدراسة الدينية بالضرورة بسبب اعتمادها أساسا على حفظ مواد محددة، سبق أن تشرب بها منذ الطفولة، وما عليه غير حفظها وتكرارها لاحقا، بعكس العلوم الحديثة، كالطب والهندسة والفيزياء مثلا، والتي يبدأ الطالب بالتعرف عليها غالبا في ساعة اتخاذ قرار دراستها.
كما أن الحصول على «شهادة» رجل دين، إن تطلب الأمر شهادة، تعطي حاملها احتراما وتوقيرا في المجتمع، لا يلقاه عالم فضاء ولا جراح شهير. وتزداد درجة الاحترام مع زيادة تخلف المجتمع، ونجد هذه الظاهرة متجذرة حتى في مجتمع فيه نسبة عالية من المتعلمين كالكويت!
وأتذكر كيف هرع المئات لوداع رجل الدين (العراقي/الإيراني) محمد الفالي، عندما تم ترحيله، وكيف تنافس الكثير من مودعيه على تقبيل يده في المطار، على الرغم من كل ما نشره بينهم، وهم الذين لم يفكروا يوما في تقبيل يد طبيب خفف يوما آلامهم وآلام احبتهم، أو يد مخترع أو مكتشف.
كما تدر مهنة رجل الدين دخلا سهلا على شاغلها، وغالبا ما لا يخضع هذا الدخل، في دول كثيرة، للضريبة. كما لا تسأله أي جهة عن موارده ولا عن كيفية التصرف بها، ونجد ذلك واضحا في الأموال التي تجمع من تبرعات خيرية امام أغلب المساجد لأغراض الجهاد، أو ما تجمعه جمعيات معينة لطباعة كتب دينية أو الصرف على داعية، أو الادعاء بمساعدة المرضى، والعمل بدلا من ذلك في تجارة بيع الزهور وإدارة اجهزة بيع القهوة في المستشفيات. ويعتبر رجل الدين الأردني، البريطاني السابق أبو حمزة مثالا على ذلك، ولا ننسى في هذه العجالة رجل الدين السعودي الشهير الذي دين بسرقة مؤلفات غيره. فأبو حمزة، الذي بدأ حياته في بريطانيا كحارس ملهى ليلي Nightclub bouncer وتزوج بريطانية وحصل على الإقامة من خلالها. وقد سلمته بريطانيا قبل بضعة أشهر لأميركا، التي طالبت به لدوره في تشجيع الإرهاب وبث الكراهية، فلكي يتجنّب الحكم عليه باحكام قاسية أخبر القاضي الأميركي (2014/6/7) أنه كان دائم التعاون مع الشرطة والمخابرات البريطانية، وأنه ساعدها في حفظ شوارع لندن آمنة! فإن كان ادعاؤه صحيحا، فإنه سيشكل صدمة لكل الذين غرر بهم، وتسبب في موت اصدقائهم وأقربائهم في حروب عبثية. كما أن اعترافه دليل وصوليته. وإن كان ما ذكره غير صحيح، فهو كذاب آثم! علما بأن ادعاءه يتناقض مع ما تضمنه ملف الاتهام الذي سلمته بريطانيا لأميركا. فهذا الرجل البالغ من العمر 56 عاما، الذي نصّب نفسه إماما، متهم بالفعل بنشر الكراهية ضد الغرب والغربيين، وسبق أن برر وجوده في بريطانيا، كلاجئ سياسي.
الخلاصة في الموضوع أن من الأفضل إزالة الهالة عن رجال الدين، فهم أولا وأخيرا بشر مثلنا، ونزع الهالة سيخرج الدخلاء من المهنة، ويثبت المخلصين!
أحمد الصراف