في معرض تعليقه على استقالة بعض النواب من مجلس الأمة صرح أحمد السعدون بما يلي: "أنا قد أقدر بعض الاستقالات ممن كان لهم موقف من الإصلاح من الداخل، ولكن هذا الكلام لا ينسحب على استقالة الراشد وصفاء"، وقد سبقه مسلم البراك بتصريح أكثر حزماً عبر لقاء تلفزيوني قال فيه: "إطار معارضة إنت فيه يا علي الراشد لن يسعدنا أن نكون متواجدين فيه".
قد تكون هاتان العبارتان هما أكثر ما أتفق فيه مع الفاضلين أحمد السعدون ومسلم البراك في الآونة الأخيرة، فعدم ترحيبهما باستقالة علي الراشد وصفاء الهاشم بل عدم سعادة مسلم أن يكون في إطار معارضة يكون فيها علي الراشد، هو ما ينسحب بالنسبة إلى مسلم على صفاء الهاشم أيضاً على ما أعتقد.
سبب اتفاقي مع الفاضلين السعدون والبراك هو أنه ليس من المقبول أن يضم الإطار المعارض للنهج القائم من كان يقتات على هذا النهج، بل يحارب كل من يهاجمه، فالمعارضة الحقيقية للأوضاع السيئة القائمة لكي تنجح في الإصلاح يجب عليها أولاً أن تكون قائمة أساساً على استبعاد السيئين والمتمصلحين، ومن لا يؤمن بالدستور أصلاً من المراكز القيادية فيها.
نعم قد يكون مقبولاً بل لن يخلو أي حراك من الفاسدين تلك هي طبيعة الأشياء، ولكن أن يتصدر المفسدون ذلك الحراك فهو بمنزلة انتهاء أو انحراف له بلا أدنى شك.
لقد نادينا بهذا الأمر مراراً وطالبنا بعدم الترحيب بكل من "هبّ ودبّ" من أجل زيادة العدد، إلا أننا لم نلق أي أذن تسمع حينها، بل حوربنا واتهمنا بالسعي إلى ما يسمى بتفتيت الحراك، فكانت النتيجة زوال الحراك وبقاء من "هبّ ودبّ" في صدارة ما تبقى منه.
لقد رحبت المعارضة الحالية، إن جازت التسمية، بمن شتم الكويتيين، وشكك حتى في أنسابهم (بيان جمعية الإصلاح حول التعليم المشترك)، ورحبوا كذلك بمن جنّد قلمه وجهده للدفاع عن سراق المال العام، ورحبوا بالطائفيين وخريجي الفرعيات وغيرهم من المطالبين بأن تحول الكويت إلى النموذج الطالباني، وشككوا بكل من يعترض على هذا الترحيب، فكانت النتيجة الحتمية هي الفشل والإصرار على الاستمرار بنفس الأسلوب رغم ذلك.
أنا هنا لا أقول أبداً إنه يجب أن نتخذ موقفاً مخالفاً إن وجدنا السيئين يتخذون نفس الموقف، بل كل ما أقوله هو عدم العمل تحت مظلة واحدة معهم، فهناك مواقف ستتشابه بكل تأكيد كرغبة علي الراشد ومسلم البراك بزوال المجلس الحالي، ولكن هذا لا يعني القبول بعلي الراشد ضمن إطار واحد مع مسلم البراك، كما تفضل بذلك البراك نفسه.
قبل أي أوراق أو وثائق للإصلاح لابد أولاً من تصفية الأشخاص وإبعاد من لا يستحق كي يكون لأي ورقة معنى حقيقي ومفيد، تلك هي الحقيقة التي يتجنبها الكثيرون، وقد جاء أحمد السعدون ومعه مسلم البراك ليقولاها صراحة، فشكراً لهما، وكم أتمنى أن يستمر نهجهما الرافض للسيئين أو الأسوأ منهم داخل الحراك.
الشهر: مايو 2014
مصر بين المحاكمات الملكية والجمهورية
حرائق العواصم والمدن الكبرى تعتبر قضايا كبرى في تاريخ البشرية، وهي نادرة ولا تحدث إلا مرة واحدة كل عدة قرون، ومن ذلك حرق المعتوه نيرون لروما عام 68 بعد الميلاد وحريق لندن عام 1666، وحرق جند عرابي ومدافع القائد البريطاني سيمور لمدينة الاسكندرية عام 1882، وأخيرا حرق القاهرة إبان العهد الملكي في 26/1/1952 والذي أدى في النهاية الى انقلاب الجيش صيف 1952، كما ذكر عبدالناصر في إحدى خطبه اللاحقة.
***
وقد شكلت في فبراير 1952 إبان العهد الملكي محكمة «عسكرية» لمحاكمة المتهمين بحرق القاهرة وهم زعيم حزب مصر الفتاة الفاشي أحمد حسين وخمسة من رفقائه بعد أن تقدم بالشكوى والشهادة ضدهم العشرات من أصحاب المحلات، وقد تكونت المحكمة العسكرية من ثلاثة قضاة مدنيين واثنين من العسكريين الحقوقيين، ووفرت جميع الضمانات للمتهمين حتى أن المتهم الرئيسي أحمد حسين قام بمقاطعتها وعدم حضور جلساتها وطالب برد وعزل رئيسها المستشار المدني حسين خليل طنطاوي بحجة أنه قارب الستين وهو سن التقاعد ويمكن للحكومة أن تؤثر على قراراته عبر مد سن خدمته إلى 65، فتم عزله.
***
بالمقابل تظاهر عمال كفر الدوار في أوائل أغسطس 1952 فتم القبض على المئات منهم وبينهم أطفال لا يتعدون العاشرة من عمرهم ورأى محمد نجيب ووزير داخليته عبدالناصر وبتحريض ودعم ومؤازرة سيد قطب عبر سلسلة مقالات نشرها في الأخبار وروز اليوسف ومجلة الإذاعة ضرورة إظهار القوة والبطش، فشكلت محكمة عسكرية مكونة من الضباط أصدرت أحكام سجن وإعدام مستعجلة على الشابين خميس وبقري بعد أن أوكل للصحافي موسى صبري مهمة الدفاع عنهم فتسابق هو ورئيس المحكمة عبدالمنعم الأمين في كيل التهم لهم ونفذ حكم الإعدام بعد أيام قليلة من صدوره وأطلق بالمقابل سراح أحمد حسين وجماعته كي يمكن للنظام الجديد ان يتهم الملك وحزب الوفد بالمسؤولية عن الحريق المروع وضحاياه العديدين، فانتهى الأمر بذهاب ذلك الحريق دون فاعل وكرت سبحة المحاكمات العسكرية الهزلية التي لا ضمانات للمتهمين فيها (محكمتا الثورة 53 والشعب 54) والتي يصبح القاضي هو الخصم والحكم وقد قلدهم المهداوي في محاكماته الشهيرة عام 1959 في بغداد.
***
ولو دفع الإخوان الملايين لما حظوا بتعاطف ودعم كالذي توفره لهم أحكام إعدام المئات هذه الأيام في مصر، نعم من قتل رجال الجيش أو الأمن أو المواطنين يستحق الإعدام السريع ان ثبتت التهمة عليه، الآن الأمر يجب ألا يعمم، فالمتظاهر والمتواجد في مكان الجريمة يستحق أحكاما متفاوتة بالسجن لا الإعدام قطعا.
***
آخر محطة: 1 – أكثر الفرحين والمستفيدين من أحكام تعميم الإعدام هم مرتكبو جرائم القتل الشنيعة حيث يأملون أن تختفي جرائمهم وسط تلك الأحكام.
2 – نرجو أن يكون أول قرار للرئيس السيسي هو تخفيف أحكام الإعدام على من لم تتلطخ يده بالدماء.
@salnesf
غازاتنا وغازات اليابانيين
“>في عام 1993 وقعت 162 دولة على اتفاقية دولية ملزمة تمنع إنتاج، أو تخزين، غاز السارين Sarin القاتل، وغيره من الغازات السامة. كما نصت الاتفاقية على ضرورة قيام الموقعين عليها بالتخلص مما لديهم من مخزونهم مع نهاية عام 2007. ولم توقع بعض الدول، ومنها سوريا وكوريا، على الاتفاقية، ولم تلتزم أخرى بها.
يعتبر غاز السارين من الغازات القاتلة والسامة، وهو مخادع حيث لا لون له ولا رائحة، ويستخدم سائلا كسلاح كيماوي وتأثيره خطير على الأعصاب والجهاز التنفسي، وهو مصنف من أسلحة الدمار الشامل، التي طالب المجتمع الدولي مؤخرا سوريا، وبضغط أميركي، بالتخلص أو التخلي عن مخزونها الهائل منه، بعد أن راجت شكوك قوية بأنها استخدمته ضد المدنيين فيها!
اكتشف علماء ألمان غاز السارين عام 1938 بطريق الصدفة، وكان ذلك أثناء بحثهم عن مادة تستخدم كمبيد حشري قوي، ولكن ألمانيا النازية لم تتح لها فرصة استخدامه، قبل ان تهزم في الحرب العالمية الثانية. ولكنه استخدم أكثر من مرة في سوريا مؤخرا، كما سبق أن قام المجرم العراقي صدام حسين، باستخدامه في مارس 1988 ضد مواطنيه الأكراد العزل في قرية حلبجة، ولقي أكثر من خمسة آلاف بريء حتفهم من جراء ذلك، وعاد ذلك الحقير، بعدها بشهر، لاستخدام ذلك السلاح ضد القوات الإيرانية.
وفي مارس 1995 قامت مجموعة يابانية إرهابية، متشددة دينيا، بخمس هجمات متزامنة على مستخدمي قطارات الأنفاق في طوكيو، مستخدمة غاز السارين السام، ونتج عنها وفاة 13 شخصا وإصابة أكثر من ألف آخرين بإصابات خطيرة عدة. وقد استخدم الإرهابيون حاويات القمامة الصغيرة في محطات الأندركراوند لوضع قنابل الغاز قبل تفجيرها. وقد قامت السلطات اليابانية اثر ذلك، وكنوع من اجراءات الحيطة، بإزالة كل حاويات القمامة الصغيرة تلك من كل الأماكن العامة، وحتى من الشوارع الرئيسية والحمامات العمومية ودور المسرح والسينما، ودفعت الشعب الياباني، النظيف بطبيعته، للتأقلم مع الوضع والعيش من دونها. وهذا ما حصل بالفعل حيث أصبح الجميع تقريبا يحمل اية فضلات من علب البلاستيك أو الورق أو المحارم الورقية أو أية فضلات بسيطة أخرى، يحملها في جيبه أو في حقيبة اليد النسائية، والتخلص منها في البيت أو في اي مكان مناسب ومخصص لهذا الغرض. وعندما وجدت السلطات أن الملايين تأقلموا مع الوضع، وتعايشوا مع مدن لا وجود لسلال الزبالة فيها، قررت عدم إعادة استخدامها، وكان ذلك قبل 20 عاما، وبالتالي أصبحت اليابان الدولة الأكثر ندرة بحاويات القمامة، والأكثر نظافة. أما الوضع عندنا فإننا من الدول التي نجد لديها اكبر كم من الحاويات وسلال الزبالة ومع هذا تجدنا الأقل نظافة، فلا يخلو مكان، وخاصة الحمامات مثلا، من أوساخ وأوراق مرمية على الأرض، وسلال الزبالة قربها خالية، فاغرة فاها!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
سقوط الدولة في حزب الفساد
تكليف الديوان الأميري بتنفيذ المشاريع المهمة والمتعثرة منذ وقت طويل، بسبب استهتار قوى الفساد، وسيطرتها على مفاصل الدولة المالية، باستهتار ما بعده استهتار، حيث تتم ترسية المناقصات مرة بعد الأخرى على شركات فاشلة، على الرغم من عدم إنجازها أي مشروع بشكل معقول، إلا ما ندر، يُعد اعترافاً رسمياً بفشل مؤسسات الحكم، وسقوط الدولة فريسة لحزب الفساد، الذي يعمل من وراء «حجاب» بكل حرية. متابعة قراءة سقوط الدولة في حزب الفساد
كتاب استقالة
«المكرم سمو الشيخ جابر المبارك.. رئيس مجلس الوزراء الموقر؛
تحية طيبة وبعد،،،
لا أجد خيارا آخر سوى ان أضع بين يديكم كتاب استقالتي من حكومتكم التي حظيت بشرف العمل فيها خلال الفترة الماضية.
أذكر جيدا ذلك اليوم الذي عرضت علي حقيبة الوزارة، وكانت الصورة واضحة جلية أمامي، فالمناورات السياسية بين عدة أقطاب كانت على أشدها، ولم يخف علي ان أي حكومة تعمل في مثل هذه الأجواء ستكون حكومة تكتيكات سياسية وصراع من أجل البقاء، أكثر منها حكومة تنمية واستقرار سياسي.
لكني، كمواطن كويتي أولا، وكمسؤول في الدولة ثانيا، لم أستطع التغاضي عن المعلومات التي أملكها حول ما يتهدد الكويت من خطر وشيك. متابعة قراءة كتاب استقالة
ولا عزاء للطلبة
ما زلنا نذكر جيداً تصريح محمود غزلان، الناطق الإعلامي للإخوان المسلمين في مصر أيام حكم الدكتور محمد مرسي، والذي انتقد فيه سياسة دولة الإمارات الشقيقة تجاه حكومته، وكيف انبرت له جميع الأقلام الصحفية الليبرالية في الخليج تطالبه بالاعتذار حتى اضطر إلى ذلك، وتوضيح قصده من تصريحه. ولم نكن وقتها ندرك أن تلك الحملة لم تكن فزعة أو غيرة لدولة شقيقة بقدر ما كانت بداية تحرك إعلامي لإسقاط أول حكم مدني ديموقراطي واستبداله بعودة الحكم العسكري من جديد لمصر. لكن عندما صرح أحد أشهر الإعلاميين المصريين بتصريحات استفزازية لدول الخليج، وفيها إهانة لشعوبها أيام حكم العسكر، لم نسمع لهذه الأقلام صوتاً أو تعبيراً تستنكر فيه هذا الإسفاف في الخطاب الإعلامي النشاز! هنا أدركنا أن الفزعة للوطن والغيرة عليه شيء بينما الفزعة للهوى والرغبة شيء آخر! متابعة قراءة ولا عزاء للطلبة
إلى متى نقول «الشق عود»؟
الزميل بدر الديحاني كتب في مقاله بـ"الجريدة" أمس أن على الحكومة أن تكف عن إطلاق الدعوات المتكررة إلى إلغاء أو تخفيض الدعم عن الضرورات الأساسية للمواطن، فما يرهق الميزانية العامة ليس هذا الدعم بحد ذاته، بل دعم المؤسسات والشركات الثرية، فمن يستفيد من دعم الديزل الذي يهرّب ويسرق بصورة متكررة؟ وهل تحتاج تلك المؤسسات الكبيرة إلى دعم الكهرباء بتكلفة فلس واحد مقابل فلسين للمواطن؟ وهل ينقص تلك المؤسسات أن تحول مشاريع الـ"بي أو تي" من وضع الترخيص المؤقت كإيجار لأرض الدولة إلى ملكية تامة لعيال بطنها كما يدعو نحو هذا الاتجاه مجلس التابعين.
في مقابل هذا الرأي الوجيه للزميل بدر، أوردت "القبس" تحقيقاً عن أزمة طوابير الإسكان، ركزت فيه على أن الحل يكمن في البناء العمودي، بمعنى أن يتقبل المنتظرون للسكن نظام الشقق بدل الفلل، رغم فشل تجربتين لهذا النوع من الحلول، وأردت حالات يفضل فيها بعض المواطنين الفلل كي يبنوا أدواراً ثانية وملاحق غير مرخصة بغرض التأجير وزيادة الدخل، هنا تم تعليق الأزمة على رقبة المواطن لا على احتكار الأرض من القلة وارتفاع أسعار الأرض إلى أرقام خيالية يعجز عن دفع ثمنها المواطن العادي وليس المواطن "السوبر ديلوكس"، واستطراداً، وهذا ليس خارج الموضوع، يتم تذكير الناس دائماً بأن ميزانية الدولة ستواجه عجزاً حقيقياً مؤكَّداً بحلول عام 2017، من جملة أسبابه سياسة التوظيف في القطاع العام وزيادة الرواتب والمعاشات، وكلها من بركات مخرجات التعليم، وهو نظام تعليمي مخجل يقول عنه وزير التربية إنه لا غبار عليه وإن خبير التعليم السنغافوري الذي أكد سطحية التعليم في الدولة لا يفهم ظروفنا الخاصة!! وغير ذلك من أدبيات حزب التخصيص.
وهنا يظهر الرد جاهزاً من المعارضين وفحواه أن الفساد المالي والسرقات والتسيب الإداري هي السبب لا القطاع العام، أو الموظف المغلوب على أمره، ويرد دعاة الإصلاح من حزب مناصري القطاع الخاص بأن هذا القطاع العام غير منتج ومتكاسل، والوظيفة فيه مقابل الجنسية لا العمل، وتكفي زيارة بسيطة لدائرة حكومية ومشاهدة مناظر إفطار الفول والفلافل في غرف مغلقة حتى نعرف كيف يقدس هذا الموظف عمله، القطاع العام له شعار ثابت لا يتزحزح يقول بأن "المدير غائب في اجتماع مع الوكيل أو الوزير، تعال غداً أو الأسبوع المقبل، من أجل أن يباركلك بالتوقيع على المعاملة وتنهيها!".
أين الحلول في كل ذلك؟ أين الأزمة؟ هل هي أزمة قطاع عام مترهل لا ينجز وبخدمات سيئة تسير نحو الأسوأ، أم هي أزمة كبار متنفذين متحلقين حول دائرة الحكم، هم لا غيرهم، الذين يرددون عبارة "يا رب لا تغير علينا". أين هي الأزمة؟! هل هي أزمة صغار يتعيشون على الإنفاق الحكومي "المعروف" من غير عمل حقيقي منتج، أم أنها أزمة كبار، يراكمون الثروات، أيضاً، وبدورهم، من الإنفاق الحكومي "المجهول"؟! أين الجواب الصحيح عن أسباب هذه الأزمة وكل "بلاوي" الديرة من تعليم وإسكان ومرور وصحة؟ هل نجد الإجابة من دعاة الخصخصة ومن دعاة اليمين "التاتشريين الريغانيين" (نسبة لتاتشر وريغان)، أم نجد الجواب عند المعارضين الذين يرمون الجمل بما حمل على الفساد! أم نقول إنها أزمة إدارة دولة، تبدأ وتنتهي من فوق، عند من يملك منفرداً تلك السلطة، فلننظر إلى فوق علَّ وعسى أن نجد إجابة جديدة غير تلك العبارة المحبطة بأن "الشق عود"…
جامعات وشهادات
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
أجرى تلفزيون الوطن قبل فترة مقابلة مع النائب عبدالحميد دشتي ونائب مبطل العضوية، وتبين أثناء النقاش أن النائب دشتي يحمل شهادة دكتوراه، وهنا سأله النائب المبطل عن مصدر شهادته، فرد بأنه حصل عليها من جامعة فرنسية، وبعد إصرار السائل على معرفة اسم الجامعة قال دشتي، بتردد واضح، إنها من جامعة «الإبداع»! وبالرغم من حرص وإصرار مقدم البرنامج والنائب المبطل على معرفة اسم الجامعة باللغة الفرنسية، أو حتى بالإنكليزية، فإن دشتي رفض البوح بالسر، أو الاستطراد أكثر في الموضوع! ونحن لا نود التشكيك في مقدرة النائب على فهم الإنكليزية، ولكن شكوكنا ربما تتعلّق بلغته الفرنسية، دع عنك حصوله على شهادة دكتوراه فيها، ولكن هذا أمر نتركه للتاريخ، وليس موضوعنا هنا، علماً بأنني سبق أن قضيت، وأنا طالب، 3 سنوات في دراسة اللغة الفرنسية، واليوم لم يتبق لدي من مفرداتها غير 50 كلمة، بالكثير.
موضوع مقالنا يتعلّق بكل هذا العدد الغريب والمزعج من حملة شهادات الدكتوراه لدينا، بحيث أصبح ظاهرة فريدة، وهذا ربما يكون نتاج تخلف أغلب مكونات الدولة، وتدني ثقافة أغلبية أفراد المجتمع، والسكوت عن الخطأ. فعندما «تخرّج» أول من يحمل شهادة دكتوراه «مضروبة»، وكانت في التدليك، لم يكلف أحد بسؤاله عن صحتها، وتم توظيفه على أساسها. هذا السكوت شجّع غيره، وهكذا أصبح لدينا حالياً خلال فترة قصيرة جيش من حملة شهادات جامعية وشهادات دكتوراه «غير المعترف بها». وبطالتهم دفعتهم إلى تكوين اتحاد أو رابطة تجمعهم للضغط على الجهات الحكومية لتشغيلهم، بعد الاعتراف بشهاداتهم التي لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، ولا كلفة حبر أختامها! والغريب أنها بعد أن كانت هدف ضعيفي الحال والقدرة، أصبح الآن حتى «المشاهير»، من سياسيين وغيرهم، يسعون لشرائها، ومن بعدها بذل الجهد لمقابلة كبار المسؤولين بمناسبة حصولهم عليها، أو بالأحرى الانتهاء من شرائهم لها، وأخذ الصور التذكارية معهم، وهم يحملون شهاداتهم.. المضروبة في الغالب!
وحيث إن عدد حملة شهادات الدكتوراه أصبح على «قفا أو ظهر من يشيل»، فقد دفع ذلك بعض «الدكاترة» للنأي بأنفسهم عن حملتها، وذلك عن طريق إضافة حرف «أ» لحرف الـ«د» الذي يسبق أسماءهم، وليصبحوا بالتالي «الأستاذ الدكتور»، أو الدكتورة، هكذا دون أي مسوغ أكاديمي. وأعداد هؤلاء في تزايد مطرد، وتجد ألقابهم، غير الصحيحة غالباً، تسبق أسماءهم في الصحف والمجلات والمقابلات وبطاقات الزيارة، ولا أعتقد بأن بالإمكان التقليل من هذه الظاهرة بغير تسليط الضوء عليها، فربما يشعر هؤلاء بالحرج، وقد يدفع هذا بعضهم إلى التوقف عن انتحال ألقاب أكاديمية من دون وجه حق!
يقول الصديق «كمال يامولكي» إنه كان يشاهد يوماً برنامجاً تلفزيونياً يبث على الهواء، وإن المذيعة سألت «الأستاذ الدكتور» عن اسم مؤلف رواية «البؤساء» الشهير، فرد «أ.د» بأنه «هواري بومدين»!
وكاف كفوف الكاف!
يقال ان الكاف الثلاثية ترمز لمليشيات كوكلوكس كلان (ك.ك.ك) أي الميليشيات الأميركية الجنوبية التي خلقت لمحاربة جيش الاحتلال الشمالي ولطرد المستوطنين الشماليين والتي تحولت فيما بعد لمحاربة منح السود حقوقهم المدنية ومقاومة المد اليساري والشيوعي وانتهت بمحاربة الحكومة المركزية في واشنطن، ويعتقد آخرون ان حروف الكاف الثلاثة ترمز لآخر 3 دول شيوعية بقيت في العالم أي كوبا وكوريا الشمالية والكويت، بينما نرى انها أحد أسباب كوارث منطقتنا القائمة كونها ترمز لسياسة وفلسفة بدأت عام 1919 عندما ربط الكرملين بمنظومات الكومنترون ولاحقا بـ«الكومنفورم».
***
خلقت منظمتا الكومنترون والكومنفورم لاجل نشر فكر ايديولوجي معين هو الشيوعية في دول العالم المختلفة ومن ثم كانوا أول من أقر وشرع لعمليات الولاءات العابرة للقارات فقد حددوا آنذاك 21 مبدأ على التابعين في العالم اجمع الالتزام بها وعلى رأسها الولاء التام للكرملين لا لبلدانهم وضرورة إشعال الثورات في بلدانهم والسيطرة على النقابات وقيادة الجيوش وخلق تنظيمات سرية إلى جانب التنظيمات المعلنة واستخدام العنف والإرهاب والاغتيال واشعال الحروب الأهلية للوصول للأهداف المرسومة لهم.
***
ولا شك أن أغلب ما يجري في منطقتنا هو نتاج لمثل ذلك التفكير العدمي المدمر الذي استبدل شقه اليساري بالتوجه الديني المتطرف الذي طبق تماما مبادئ الكومنترون والكومنفورم واصبح لا يخجل من ابداء الولاء لتنظيمات أو عواصم بعينها لا لاوطانها التي يفترض الانتماء لها، كما كرروا استخدام نفس الوسائل من عنف وخلق تنظيمات سرية وميليشيات، لذا فلا جديد تحت شمس المنطقة عدا توقف الناس عن إطلاق لقب «خونة الأوطان» الذي كان كثيرون يصمون به الشيوعيين.
***
آخر محطة: نظم امرؤ القيس وانشد طلال مداح:
تعلق قلبي طفلة عربية
تنعّم في الديباج والحلي والحلل
وكاف وكفكاف وكفي بكفها
وكاف كفوف الودق من كفها انهمل
حجازية العينين مكية الحشى
عراقية الأطراف رومية الكفل
تهامية الابدان عبسية اللمى
خزاعية الاسنان درية القبَل
لم يبق لتلك الطفلة العربية بسبب الثورات العربية لا ديباج ولا حلي ولا حلل بل قتل وقمع وتهجير واغتصاب..!
– @salnesf
الشفاف عندما يصبح معتماً
“>يصبح الأمر مضحكاً عندما يقوم مدير شركة حراسة بسرقة خزانة الشركة، ومبكياً عندما تنقطع المياه عن مكتب مدير مركز تحلية مياه البحر، ويصبح الأمر بحكم الكارثة عندما تختفي الشفافية والوضوح من تصرفات معظم المسؤولين عن جمعية الشفافية! فمنذ استقالة عدد من ابرز أعضاء مجلس إدارة الجمعية، ورفض وزارة الشؤون طلب رئيسها عقد جمعيتها العمومية، وتأجيل الأمر لأجل غير محدد، والغموض والصمت المريبان يلفان الجمعية، فلا تصريح يتحلى بالشفافية يبين سبب استقالة الأعضاء، ولا بيان واضح، او حتى نصف مبهم، يشرح أسباب رفض «الشؤون» عقد الجمعية، فكيف بعد كل ذلك يمكن أن نصدق، وفي خضم كل هذه الفوضى وعدم الشفافية، استحقاق رئيس الجمعية لوسام «فخري» من فرنسا؟ ولماذا لم يقم رئيسها بالرد على ما ورد في مقال للزميل نبيل الفضل، وهو نائب في مجلس الأمة وشخص يفترض أنه مطلع وقريب من مراكز اتخاذ القرار بحكم منصبه، من اتهامات خطرة طالت الجمعية وخفايا تأسيسها؟ أو ما ذكره من أن «حدس» (الذراع المحلية لحركة الإخوان المسلمين في الكويت) هي وراء تأسيس الجمعية، فيما يسمى بمرحلة «التمكين»، التي تتمثل في تغلغل الإخوان في نسيج المجتمع الكويتي، وكيف كان صلاح الغزالي وناصر الصانع، حسبما، ورد في مقال الزميل والنائب الفضل، على رأس هذه الحركة؟ وأين الجمعية مما ورد في المقال نفسه من «إخوانية» الجمعية؟ وأن تمويلها يأتي من بعض جهات رسمية في الدولة.
فإذا كانت الجمعية، أو رئاستها الدائمة، عاجزة عن الرد على كل هذا السيل من الاتهامات، فهل لا تزال لمجلس الإدارة شرعية ووجود؟ وما سبب سكوت بقية أعضاء المجلس عن الرد على هذه الاتهامات، على الرغم من خطورتها، وتأثيرها السلبي على كل أنشطة الجمعية وخططها المستقبلية وتقاريرها، وحتى ما سبق أن منحته من جوائز «شفافية» لعشرات الجهات الحكومية؟
وعليه، وفي ضوء كل هذا اللبس والخراب، فإننا نتعهد بعدم السكوت عن تجاوزات هذه الجمعية ولا عن طريقة إدارتها، ونتمنى على بقية أعضاء مجلس الإدارة المبادرة الى تقديم استقالاتهم لوزارة الشؤون، مع السعي لقطع كل صلاتهم المالية وغير المالية بجميع الجهات الرسمية، وبأي حركات أو أحزاب دينية، هذا إن كانت تود الاحتفاظ بمصداقية تقاريرها مستقبلا.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com