احمد الصراف

كرتون موز.. مع «مشمش»!

قصة خلطي، في مقال سابق، بين الخلال والكنار، ذكرتني بقصة طريفة أخرى، سبق أن تطرقت إليها في هذه الزاوية، ولا تضر إعادة ذكرها لطرافتها، ولدلالاتها الاجتماعية والسياسية العميقة، التي تبين كيف كانت، ولا تزال تدار، الأمور في أوطاننا، وقد أخبرتني بها الصديقة روينا إسحاق، التي كانت تعمل مساعدة تنفيذية لصديق كان يعمل في بنك الخليج، وكان ذلك في الثمانينات، وهي تعيش الآن منعمة في وطنها الغربي الجديد.
تقول روينا – نقلاً عن قريب لها كان يعمل سائق أجرة، وكان معروفاً بمهارته وإخلاصه في عمله – إن أحد محافظي العراق، في عهد صدام وبقية اللئام، اتصل بمحافظ، (قائمقام) آخر، وقال له إنه سيرسل إليه «كرتون» موز مع مشمش. كلّف المحافظ قريب السيدة روينا بتوصيل الهدية. وصل السائق إلى بيت المحافظ، وكان الوقت عصر يوم خميس. فتح له المحافظ الباب بنفسه، وسأله عما يريد فسلّمه هذا «كرتون» الموز، فسأله إن كان هناك شيء آخر، فنفى السائق ذلك. وهنا طلب منه الانتظار، ودخل بيته واتصل بالمخفر، وما هي إلا لحظات حتى حضرت سيارة شرطة اقتادت السائق الاشوري إلى الاعتقال من دون كلمة من أي طرف.
بعدها بعشرة أيام تقريباً اتصل المحافظ الأول بالثاني لأمر ما، وسأله، في سياق الحديث، إن كان استمتع بالموز، فشكره الثاني عليه، ولكنه أردف قائلاً إن الهدية وصلت ناقصة، حيث سرق السائق «البواق» كرتون المشمش، ولم يسلمه إلا الموز! فانفجر المحافظ الأول ضاحكاً، وقال إن «سوء فهم» قد حصل، وإنه لم يرسل إليه مشمشاً، بل كان يقصد أنه سيرسل له كرتون موز مع السائق.. أما «مشمش»، فهذا كان اسمه، وكان شهيراً به!
كان من الممكن أن يبقى مشمش المسكين في سجنه حتى اليوم، من دون أن يعرف لا هو ولا أحد غيره سبب سجنه، لولا تلك المكالمة التي تسببت في إطلاق سراحه.
ذكرتني هذه الطرفة بأخرى تتعلّق بزوجة دكتاتور عراقي – وما أكثرهم! – سمعت بمدرس لغة إنكليزية مميز، فطلبت من زوجها أن يفصله من عمله، ويلحقه بالقصر الرئاسي لتدريسها وأبنائها اللغة الإنكليزية! وهنا اتصل الدكتاتور بسكرتيره وقال له بلهجة آمرة: «ابحثوا عن مدرس اللغة الإنكليزية فلان، وافصلوه من عمله، وأحضروه لي»!
بعدها بأيام ذكّرت الزوجة الدكتاتور بأن المدرس لم يصل، فقام هذا بالاتصال، غاضباً، بسكرتيره وصاح به: وين هذا المدرس؟ فرد هذا قائلاً، بكل ثقة: لا تدير بالك يا سيدي، لقد وجدناه، وقمنا بالواجب، واعترف بأنه جاسوس، وتم إعدامه!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

قلمات

خدعونا فقالوا في الأفلام العربية وفي مجالس كبار السن: “المدينة تقتل القيم النبيلة، والتطور يقتل الأصالة”، وهي دعوة غير مباشرة إلى العودة إلى حياة الماضي.
وبنظرة سريعة على مجتمعات الدول المتطورة؛ اليابان، هولندا، نيوزيلندا، السويد، النرويج، وغيرها… نجد أن القيم النبيلة في حدها الأعلى، بينما في العالم العربي المتخلف، والإفريقي المهترئ، تكاد تنضم القيم إلى “الباندا” في قائمة “على وشك الانقراض”. متابعة قراءة قلمات

احمد الصراف

الأمم والفحم

“>هناك دول متقدمة في العالم تتمتع برخاء اقتصادي وصناعي وبحبوحة في العيش، وهناك شعوب تعيش عكس ذلك. وبالبحث في سبب تقدم هذه وتأخر تلك، تبين أن قدم الدولة وتجذرها التاريخي ليس لهما علاقة بالأمر، فالعراق وسوريا والهند وإيران ومصر دول تسمى بحاضنات الحضارات، ولكنها متخلفة في كل ميدان، والعكس نجده في دول حديثة، لا يعود تاريخ وجودها الى أكثر من ثلاثة أو أربعة قرون، ككندا واستراليا، وحتى إسرائيل.
كما لا يمكن نسبة الفضل في التقدم الى توافر الثروات الطبيعية، من غاز ونفط، ومعادن ثمينة اخرى، حيث نجد أن غالبية الدول النفطية مثلا، أو الغنية بثرواتها الطبيعية، كنيجيريا ودول أفريقية عدة، لا يشكل وجودها شيئا بالنسبة للعالم، بينما دول لا تمتلك نقطة بترول واحدة كاليابان وكوريا وسويسرا، الفقيرة بمواردها الطبيعية، ومع هذا تصنع سويسرا افضل أنواع الشوكولاتة، ولكنها لا تزرع حبة كاكاو واحدة، تصنع كل شيء تقريبا وتصدره للخارج، فسويسرا لديها أفضل أنواع القهوة ولا شجرة قهوة توجد فيها، والأمر نفسه ينطبق على فنلندا وجاراتها الاسكندنافية. وبالتالي فإن قدم الدولة أو وفرة مصادرها الطبيعية لا علاقة لها بتقدم الدولة أو تخلفها، وأهميتها لغيرها، وبالتالي لا بد أن تكون هناك عوامل اخرى تلعب دورا أساسيا في التقدم أو التخلف، ويأتي على رأس هذه العوامل نظم التعليم!
فالكويت، الدولة شبه النموذجية بقلة سكانها وانسجامهم الديني والعرقي، او هكذا يفترض، وشبه انعدام مشاكلها، ووفرة مواردها، لديها مشاكل أخلاقية ووظيفية وصحية وأمنية وغيرها، والتي كان من الممكن ألا تكون بهذه الحدة لو كان فيها نظام تعليمي أفضل. فتقدم الدولة ورقيها يصنعهما شعبها، ولكن هذا الشعب بحاجة لتعليم مميز، كما هو في كوريا واليابان وسنغافورة. والتعليم المميز يعلم المنطق والمنطق يأتي بالأخلاق، والأمم بأخلاقها، والأخلاق بالتربية المنزلية المدرسية، ولا تكتسب من الأقران ولا من الشارع، واحترام القانون يفرضه المنطق، والمنطق يكتسب على مقاعد الدراسة. كما أن حب العمل وأداء الوظيفة بطريقة مخلصة، وانجار المطلوب في وقته، كلها قيم لا يكتسبها شعب من «تاريخه العريق»، أو غنى موارده، بل بالتعليم المستمر والجاد، والشيء ذاته ينطبق على المحافظة على النظام واحترام أثمن ما في حياة أي إنسان وهو الوقت، الذي إن مضى لا يعود، والذي لا قيمة له بالذات لدى الشعوب الضاربة بجذورها في «عمق التاريخ»!
فهل يعرف وزير التربية (والتعليم) الكويتي، وقبل ذلك رئيس الحكومة هذا؟ اشك في ذلك، خاصة بعد طرد فريق خبراء التعليم السنغافوري!
* * *
• ملاحظة:
تردني مكالمات لا اعرف مصدرها، فلا أرد عليها، بسبب وجودي في الخارج منذ 29 أبريل وحتى أوائل الشهر الثامن، فالمعذرة. عند الضرورة يرجى الاستعانة بالرسائل النصية.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سامي النصف

لمنع تكرار خطأ انتخاب مرسي!

ابان انتخابات الرئاسة المصرية الماضية صيف 2012 كتبت في جريدة «المصري اليوم» مطالبا القوى العلمانية والليبرالية واليسارية والناصرية بأن تغير موقفها المعلن بالاصطفاف مع المرشح د. محمد مرسي، وأن تقوم بانتخاب المرشح أحمد شفيق، حيث انحصرت المنافسة بينهما وأحدهما يمثل مشروع الدولة الدينية والآخر مشروع الدولة المدنية، والخطأ الجسيم لما يروجونه من تحويل الصراع الى مشروع الثورة ومشروع الفلول، بل وحتى ضمن ذلك الطرح فالنظرة العاقلة تظهر أن مرسي هو مرشح مفهوم ما قبل الثورة (الفلول)، حيث سيحتكر حزبه لو فاز رئاسة الجمهورية والوزراء ومجلسي الشعب والشورى، بينما فوز شفيق سيمنحه الرئاسة فقط، ويتم اقتسام باقي السلطات مع الآخرين، وهو ما يفترض أن يكون النهج الجديد لما بعد الثورة.

***

وانقسمت تلك القوى المدنية وقام قطاع كبير من قياداتها وأتباعها بالتأييد العلني للمرشح محمد مرسي ففاز بأغلبية ضئيلة تظهر بشكل جلي وواضح أنه ما كان ليفوز لولا دعمهم ثم انقلب مرسي عليهم كما هو متوقع وأراد احتكار السلطة لحزبه، كما ظهرت أخطاء كبرى منه كونه وحزبه لا يملكون الخبرة اللازمة لإدارة بلد بحجم مصر بعكس ما كان يمثله رئيس الوزراء السابق ووزير الطيران الفريق أحمد شفيق الذي له سجل مبهر مازالت مصر تحصد خيره في مجال تطوير المطارات المصرية والارتقاء بصناعة النقل الجوي.

***

نخشى من تكرار تلك الغلطة من قبل نفس القوى في انتخابات هذا الشهر، حيث الفارق الذي لا يخفى بين ما يمثله الفريق السيسي من خبرة إدارية ناجحة طويلة وعمل يومي منتظم منذ الصباح الباكر، وقدرة على تعزيز الأمن وفرض الاستقرار الذي لا غنى لدوران عجلة الاقتصاد عنه، إضافة الى ثقة الدول الخليجية المانحة به بعكس المرارة التي تشعر بها تلك الدول تجاه المرشح حمدين صباحي صديق وحليف صدام والقذافي الذي هو أقرب للنسخة الليبرالية من محمد مرسي من حيث عدم الخبرة الكفاءة الإدارية وتناقض وعدم صدق أقواله من ادعاء بعدم نصرته للطغاة العرب وما يظهره «اليوتيوب»، من عكس ذلك وارتباط اسمه برشاوى النفط مقابل الغذاء الصدامية ومن يقبل بيع ذمته الشخصية بالمال لا يؤتمن قطعا على وطن.

***

آخر محطة: (1) نتائج انتخابات مجلسي الشعب والشورى لا تقل أهمية عن نتائج انتخابات الرئاسة، حيث لا يملك الرئيس السيسي غطاء برلمانيا لخططه ومشاريعه خاصة في ظل المادة 123 من الدستور الجديد التي تفرض على رئيس الجمهورية قبول القوانين حتى التي يردها متى ما حازت أغلبية ثلثي الأصوات في البرلمان.

(2) ومن الأهمية بمكان شخصية رئيس الوزراء المصري المقبل وقدرته على حصد دعم البرلمان للخطط المستقبلية.

(3) تنص المادة 29 من الدستور المصري الجديد على أن الزراعة مقوم أساسي للاقتصاد الوطني ومن ثم الاستمرار في ترسيخ مفهوم أن مصر بلد زراعي والواقع يثبت أن مصر بلد صحراوي (95% من أرضه صحراء ولا أمطار أو أنهار تنبع من أرضه) وما لم يتحول إلى بلد صناعي وخدماتي فسيبقى يدور في نفس المشاكل الاقتصادية التي تزيد الانفجارات السكانية من استفحالها.

@salnesf

احمد الصراف

على من تضحكون؟

“>الجميع تقريبا يشكو من تزايد اسعار العقارات، وخاصة بيوت السكن الخاص، التي وصل متوسط أسعارها الى ما يقارب الألف ومائة دينار، أو 4 آلاف دولار للمتر المربع، وفي أرض جلحة جرداء ملحة، لا ماء فيها ولا زرع!
وكثيرون في الوقت نفسه معنيون ومهمومون بالبحث وإيجاد الحلول للنقص الكبير في بيوت السكن لأكثر من مائة ألف طلب، تراكمت على مكاتب الحكومة على مدى السنوات القليلة الماضية، والتي لم تجد الحكومة لها حلا غير تخدير أصحابها بمختلف الوعود، التي يعرف الكل، إلا المعنيين بالأمر، استحالة تنفيذها. فكيف بإمكان الحكومة توزيع 34 ألف وحدة سكنية خلال السنوات الثلاث المقبلة، كما صرح وزير الإسكان فيها؟ والطريف، او المؤسف، أن الحكومة ووزيرها، وكل عاقل، يعرفون ظروف الكويت وكيف يتم تنفيذ المشاريع، وأن من المستحيل على أي جهاز حكومي بناء هذا العدد الهائل من الوحدات السكنية بهذه الفترة القصيرة.
العقل والمنطق يقولان ان أسعار العقار بارتفاع مستمر، حتى لو انخفضت أو تجمدت لفترة، فمآلها في النهاية الارتفاع، والأسباب بسيطة وهي، في عجالة، كالتالي:
أولا: صغر مساحة الدولة.
ثانيا: البيت لا يعني شيئا بغير الخدمات، وهذه بطيئة، وكلفة توفيرها عالية جدا.
ثالثا: من يمتلكون قطع الأراضي السكنية الكبيرة ليسوا على عجلة للتخلص مما لديهم. فقد أثبتت التجارب أن كل بائع عقار، خاصة إن كان متخما بالمال، سيندم على البيع في نهاية الأمر، فالأرض محدودة والمتوافر نادر والارتفاع في السعر لا مفر منه!
رابعا: استمرار سياسة دعم الحكومة للمواد وغيرها. والملاحظ أن قيمة الأراضي السكنية ومواد البناء ترتفع مع كل دعم يعلن عنه، وبنفس النسبة تقريبا، وهذا يعني أن كل ما سيكسبه المقبل على بناء البيت من دعم حكومي سيدفعه باليد الأخرى لصاحب الأرض أو لتاجر مواد البناء وغيرها من لوازم البيت، يعني تيتي تيتي.
خامسا: سوء مناهج التربية والتعليم التي فشلت في القضاء على ما ترسخ في ذهن المواطن من أن السكن في غير فيلا مستقلة، ولا تقل مساحتها عن 350 مترا مربعا، أمر معيب.
وعليه لا تبدو هناك في الأفق بوادر انفراج في أسعار الأراضي السكنية، أو حتى توقف ارتفاعها، للاسباب أعلاه، خاصة في ضوء عدم قدرة الحكومة على توفير كل ما وعدت به من وحدات سكنية.
والحل بالتالي، كما ورد على لسان أكثر من ناصح منصف، هو في اللجوء الى السكن العمودي، وفي عمارات عالية المواصفات، تقع في مناطق مميزة، وقتها سيتقاتل المواطنون للحصول عليها.
ملاحظة: من سخافات بعض المشرعين استماتتهم في جعل علاوة الأولاد عالية، وأن تشمل سبعة أطفال! وقيامهم في الوقت نفسه بمطالبة «الماما الحكومية» بتوفير السكن الخاص للمواطن، من دون إحساس بأن هذين الطلبين متضادان ومتناقضان! فتشجيع المواطن على الإنجاب يعني ذرية أكثر وطلبات سكن أكبر! فإذا كنا بهذه الحالة السيئة الآن، فما الذي سيصبح عليه الوضع عندما نقر علاوة الأولاد السبعة؟
يبدو أنه لا أحد يدري، ولا أحد يود ان يدري!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

د. أحمد الخطيب

حذار من اللعب مع أعداء الكرامة وعبيد المال ولابسي أثواب المذلة

يشهد مسرح التواصل الاجتماعي وخصوصاً «تويتر» حملة محمومة على أشخاص معينين بالتمجيد أو التجريح، وكأن هؤلاء هم السبب فيما نعانيه من علة في أوضاعنا العامة، مع أن ما نعانيه من تخلف قد بدأ منذ عام 1965، عندما تشكلت أغلبية في مجلس الأمة أقرت قوانين أحرقت بموجبها كل تراث الكويت الديمقراطي، وتوجته بتزوير انتخابات عام 1967، ومنذ ذلك الحين، شهد المسرح السياسي تحالف أعداء المشاركة في الحكم والمافيا المالية للقضاء على كل المكتسبات الديمقراطية. متابعة قراءة حذار من اللعب مع أعداء الكرامة وعبيد المال ولابسي أثواب المذلة

محمد الوشيحي

عباس الشعبي… قيس الكويت وأيقونة النقاء

العلّامة الذي سبق عصره وعصرنا الحالي، علي الوردي، يقول: “لا تُكثر الوعظ والنصائح، افعل وكن قدوة”. وعباس الشعبي، الشخصية الكويتية الشهيرة، فعلَ وكان القدوة. متابعة قراءة عباس الشعبي… قيس الكويت وأيقونة النقاء

سامي النصف

زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان

إحدى الاشكاليات التاريخية المزمنة القائمة على الأرض العربية هي قيام من لا يملك النفط بطلب قطعه عن الغرب، ومن لا يملك الحدود مع إسرائيل بطلب شن الحرب عليها حتى آخر جندي من جنود الدول المحيطة بها، تلك الإشكالية تمتد هذه الأيام لزيارة البطريرك بشارة الراعي المقبلة للقدس وقبلها الزوبعة التي أثيرت إبان زيارة مفتي الديار المصرية للقدس قبل عامين، فالمعترضون ليس منهم أحد من المقدسيين أو فلسطينيي الضفة بل أغلبهم من المترفين الجالسين على المقاهي البعيدة أو من الفلسطينيين المؤدلجين المسيسين الذين تفرض عليهم مثل تلك المواقف.

*** 

زرت القدس مرتين خلال الأعوام الماضية ضمن وفدين كويتيين، وفي المرتين كان دخول القدس خلسة ودون رضا السلطات الاسرائيلية وقد صلينا في مسجديها الأقصى والصخرة واستمعنا لشكوى أهلها من أن المقاطعة العربية والإسلامية والمسيحية هي مقاطعة لهم وليس للاسرائيليين ممن تمتلئ فنادقهم ومحلاتهم ومطاعمهم باليهود الزائرين من مختلف أنحاء العالم، وان استمرار المقاطعة هو إضعاف لهم ودفعهم لليأس.

*** 

ومن يعترض على زيارة القدس والضفة بحجة أنهما محتلتان ينس أن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم زار وصحابته مكة بعد صلح الحديبية وكان يسيطر عليها الكفار، كما أننا لم نسمع قط بفتوى تحرم زيارة مصر «وكثير من الدول العربية والإسلامية» إبان احتلالها واستعمارها من قبل الانجليز والايطاليين والفرنسيين، وآخر تلك الدول العراق عندما احتلت من قبل أميركا، ولم تصدر فتوى مماثلة للتي اختصصنا بها اخوتنا في القدس والضفة، وقد استمعت من الرئيس محمود عباس المقولة «إن زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان».

*** 

وتقف حماس لأسباب سياسية ضد مبدأ زيارة القدس والضفة وقد سألني د.خالد مشعل إبان لقائنا به وحديثنا معه حول هذا الموضوع: هل كنتم ترضون إبان احتلال صدام لبلدكم زيارة سائحين ومستثمرين لكم؟ وكانت اجابتي هي نعم كبيرة فقد كانت اشكالية الشعب الكويتي إبان الاحتلال أن جميع الزائرين من سياسيين وإعلاميين وغيرهم كانوا يتوجهون لبغداد بدلا من زيارة الكويت ورؤية الجرائم والفظائع التي كانت ترتكبها قوات الاحتلال الصدامية.

*** 

آخر محطة: (1) لا يمكن دون زيارة الضفة والقدس أن تفهم بشكل صحيح القضية الفلسطينية واشكالية المستوطنات التي باتت تغير جغرافية وديموغرافية الوضع هناك، وكلما مر الزمن وزاد المستوطنون صعب اخراجهم.

(2) مما سمعته من المقدسيين اشكالية اسراهم الذين لا يوضعون ضمن عمليات تبادل الأسرى بين المنظمات الفلسطينية واللبنانية واسرائيل، كون اسرائيل تصنفهم على أنهم من رعاياها، وبالتالي لا يجوز تسليمهم لطرف آخر.

@salnesf

حسن العيسى

علتنا في هذا الريع

في برنامج الإصلاح السياسي للمعارضة هناك فقرتان أو ثلاث تتحدث عن الاقتصاد، تبدأ بعبارة "إن اقتصادنا وحيد الجانب يعتمد أساساً على النفط وتصديره، إذ تشكل إيراداته ما يفوق 90 في المئة من ميزانية الدولة. ونظراً لكون الإنفاق الحكومي هو المصدر الرئيسي وشبه الوحيد لجميع النشاطات الاقتصادية أصبحت التنمية مرهونة بما يطرأ على الصناعة النفطية من تطورات" وختمت الفقرات السابقة بجمل عامة عن العدالة الاجتماعية وتفاوت الدخول وتركيز الثروات في أيدي قلة.
مربط الفرس ومنبع الشرور في حاضر الدولة لا ينحصران في كون النفط المصدر الوحيد للثروة، وإنما بمن يهيمن ويسيطر على الثروة النفطية. ثم يوزعها على المجتمع. وتقرر المادة 28 من الدستور أن "الثروات الطبيعية ملك الدولة تقوم على حفظها واستغلالها"،  لكن هذه الدولة التي تمتلك الثروة الطبيعية تدار بصفة مطلقة من حزب الأسرة الحاكمة بمشاركة هامشية من البرلمان، حتى ولو كان هذا البرلمان يحيا في أيام مجده الخوالي. حزب الأسرة هو الحزب الوحيد المصرح له بالعمل السياسي وهو المحتكر للثورة الطبيعية ويقوم "بتوزيعها" وفق دوائر الإنفاق المعروفة سواء تحددت بالقطاع العام وتوابعه، أو الدوائر غير المعروفة المتمثلة بجماعات المقربين لدائرة الحزب ومن يمكن شراء ولاءاته السياسية.
العلة ليست هي النفط كمصدر وحيد، وإنما "الريع" الناتج من هذا النفط. هنا دخل الدولة لا يأتي من عمل وجهد إنسانيين كما هي حال الدولة المنتجة التي تكون القيمة المضافة هي وليدة الضريبة المفروضة، وإنما من "أجرة" مالك صاحب العمارة (الأسرة الحاكمة ووجهها الرسمي الحكومة) ليوزع دخلها على الأفراد، عندها، كما يقرر الباحث غيامو لوشياني في بحث "النفط والاقتصاد السياسي في العلاقات الدولية لدول الشرق الأوسط" أن الدولة هنا منفصلة عن المجتمع، فليست بحاجة له لتستوفي الضريبة من الأفراد كمصدر دخل، في حالة الدولة الريعية التي يقوم نظامها السياسي على المناسبة التاريخية متمثلاً في النظام الأبوي (البطركي) القبلي وتحالفاته لا تعمل قواعد "لا ضريبة بدون تمثيل سياسي، كشعار قديم للثورة الأميركية، وبالتالي الدولة الريعية الأبوية القبلية ليس من شأنها أن يمثل الشعب سياسياً ويشارك في الحكم لأنه لا يدفع ضريبة المساهمة في الدخل العام".
في هذه الدولة الريعية لا مكان لمبدأ سيادة حكم القانون والعدالة، وتعم  فيها ممارسة الرشا والمحسوبيات والواسطة، وتكون سلطة توزيع منافع الثروة كما يقررها الحزب العائلي الحاكم حسب مصالحه، في مثل هذا النظام يؤسس الفساد رسمياً، فلا يوجد طبقة رأسمالية، مثلما لاحظ الباحث الأستاذ بجامعة الخليج فهد الزميعي "أبو فهاد" في ورقة بحثية لجامعة إنكليزية، وإنما يوجد "نوفو ريتش" (حديثو الثراء) يمتلكون ثروات خيالية، فمن منكم يعرف هذا أو ذاك من ملاك المولات والعقارات والأطيان العملاقة قبل بضع سنوات، لا نعرفهم في ذلك الوقت، ولكن بقدرة قادر، أصبحوا من أصحاب المليارات، ونفتح أفواهنا استغراباً وليس حسداً على ثرواتهم الفلكية، كيف جمعوا هذه المليارات، لم يؤسسوا "مايكروسوف" مثل بيل غيتس، ولم يقف أحدهم  أمام شاشة التلفزيون يشرح  عمل الـ"آيباد" مثل الراحل ستيف جوبز. ثرواتهم ناتجة من الفساد الريعي، ومن طبيعة وجودهم ودورانهم في فلك مراكز  القرار، التي هي منطقة الجذب المالي، والطاردة للغير، أي غير المحسوبين عليه. في تلك الدولة الريعية تقبر مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات نفع عام وغيرها ويتم إلحاقها بمؤسسة الحكم عبر العطايا والمنح المالية، فلا مؤسسات تتوسط بين السلطة والحكم، وتكاد "الديوانية" هي المظهر الوحيد لما تبقى من المجتمع المدني كما قرر الأستاذ الزميعي، الذي يؤكد أن الضحايا الحتميين للإنفاق الريعي ليسوا هم دافعي الضرائب، بل الأجيال القادمة الذين ترك مصيرهم للمجهول بسبب هذا التخبط والفوضى  والفساد الريعي. ماذا تركنا لهم… لا شيء غير أنه تم رهن أمرهم للقدر، أليس من حقنا أن نقلق على هؤلاء الأطفال المساكين ضحايا الغد؟ لنتفق أن علتنا اسمها الريع، فهو الفساد الأكبر.                                                          

احمد الصراف

سنغافورة والخصوصية والزبالة

“>تبلغ مساحة سنغافورة 710 كلم2، أكرر 710 كلم2 فقط، ومع هذا يبلغ ناتجها القومي 330 مليار دولار، وهذا يجعل دخل الفرد فيها الأعلى في العالم، واكبر من دخل الفرد في الكويت، التي تبلغ مساحتها 25 ضعف سنغافورة، وتحقق دخلا قدره 270 مليار دولار من مورد طبيعي سهل لم تكتشفه ولم تستخرجه، ولا تعرف حتى كيف تستفيد من عوائده بطريقة حكيمة.
سكان سنغافورة ينقسمون إلى ثلاث اقليات أكبرها الصينية، ولغتهم المندرين، وهم بوذيون، والمسلمون الماليز، ويتحدثون بها، والتاميل، ويدينون بالهندوسية، وتجمعهم جميعا اللغة الإنكليزية، إضافة الى لغاتهم. وليس لسنغافورة أية موارد طبيعية وتشكو من ندرة كل شيء وارضها بالكاد تكفي لإيواء سكانها البالغ عددهم 3.5 ملايين، ومع هذا تتمتع بأرفع مستوى معيشة وباقتصاد قوي وصناعة راسخة ووضع تجاري وملاحي مريح ومربح، وتعتبر الدولة الأنظف في العالم والأندر في الفساد الإداري، والسر وراء كل ذلك إيمان مؤسسها العظيم لي كوان يو، الذي سبق ان سعدت بلقائه وقراءة مذكراته، بالتعليم المميز الذي يمكن أن يخلق شعبا قادرا على تحقيق المستحيل، وهذا بالفعل ما حدث، حيث تعتبر سنغافورة اليوم رائدة في التعليم، خاصة في العلوم الحديثة والرياضيات. وقد قامت الكويت، كما فعلت عشرات الدول الأخرى، والمتقدمة في غالبيتها، بالاستعانة بالخبرات السنغافورية، واستقدمنا فريقا من خبراء التعليم قبل فترة لدراسة الوضع لدينا، وخرج الفريق بمجموعة توصيات تتعلق بضرورة تغيير محتويات المناهج بصورة جذرية، وبشكل جاد. وإعطاء التكنولوجيا دورا أكبر، كأداة ومادة، في النظام التعليمي. والتركيز على تدريس الإنكليزية كلغة ثانية إلى جانب اللغة الأم، والتخلي عن نظام تقييم المعلمين الحالي الذي يمنح الجميع تقريبا درجة الامتياز، عشوائيا. ولكن ما إن اطلع وزير التربية (والتعليم) الكويتي الهمام على هذه التوصيات حتى رفض حتى مجرد التفكير في دراسة إمكانية تطبيقها، مؤكدا أن الدراسات والأهداف يجب أن تنطلق من متخصصين من اهل الكويت لأنهم أدرى بخصوصية المجتمع الكويتي!
وهنا يثير رفض الوزير عدة تساؤلات: إذا كانت للكويت خصوصيتها، وفيها متخصصون من اهلها أعلم من غيرهم بها، فلم لم تتم الاستعانة بهم؟ وأين هم؟ ولماذا لا نطبق الأمر ذاته على الطب مثلا، على قاعدة خصوصية المجتمع الكويتي نفسها ومعرفة أهلها بتلك الخصوصية، ونتوقف عن الاستعانة بالأطباء غير الكويتيين، أو استخدام الأدوية والأجهزة الطبية الغربية واليابانية وحتى الصينية؟
وإذا كانت هذه الخصوصية هي التي تقف في طريق أن نصبح سنغافورة، فلم لا نرميها في سلال الزبالة، أو تحتها، كما اعتدنا؟!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com