لدينا مشكلة، نحن الشعب الكويتي، وها نحن نعرضها أمام أسرة آل الصباح الكرام حتى يتفهموا موقفنا.
عند اختيار أي رئيس مجلس وزراء جديد للكويت، فإننا كمواطنين نفترض أنه كانت هناك عدة شخصيات قيادية من الأسرة مرشحة لهذا المنصب، وأن مشاورات مكثفة قد جرت داخل الأسرة حول كل مرشح، وأن الاختيار وقع في النهاية على.. الأكثر كفاءة.
وتتعزز القناعة عندنا بأن رئيس مجلس الوزراء، الذي تم اختياره، هو «أفضل الموجود» من وجهة نظر الأسرة، عندما يستمر في تشكيل سبع حكومات متتالية، دون أن تلوح في الأفق رغبة في تغييره. متابعة قراءة آل الصباح.. النداء الأخير
الشهر: مايو 2014
حاميها حراميها
أعلن عضو مجلس بوصوت أن بعض الأعضاء يستغل عضويته في لجان التحقيق البرلمانية، لابتزاز بعض المسؤولين في الجهات الخاضعة للتحقيق، حيث يعرض عليهم سكوته عن تجاوزاتهم التي كشفتها لجان التحقيق مقابل مبلغ من المال! ولعل هذا ما يبرر كثرة لجان التحقيق في هذا المجلس، والتي يحرص الكثير من الأعضاء على عضويتها! وإن كان ما ذكره هذا العضو صحيحا، فهذا يعني أن الهبش الكبير سيكون في آخر لجنة تحقيق تم تشكيلها، وهي التحقيق في الاستثمارات التي يديرها مكتب لندن، حيث تبلغ الاستثمارات عشرات المليارات! ولعل هذا ما يفسر الجدل الذي حصل أثناء الحديث عن تشكيل اللجنة وشدة التنافس على عضويتها، والذي لم يحسم إلا بالتصويت! متابعة قراءة حاميها حراميها
الوحدويون العرب الحقيقيون والزائفون!
الشعور الوحدوي العربي ليس جديدا وقد حركه نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الظلم والاضطهاد الذي تعرضت له الشعوب العربية من الاستعمار العثماني والانجليزي والفرنسي والايطالي، مما خلق شعورا طاغيا لدى كثيرين بأن الوحدة العربية هي الحل وهو مسار كان بإمكانه بالفعل ان ينجح لو بقيت الفكرة محتضنة من الوحدويين الحقيقيين امثال الملك عبدالعزيز بن آل سعود، طيب الله ثراه، وبعده الشيخ زايد آل نهيان، رحمه الله، الا ان ما حدث هو ان شعارات الوحدة اضحت مختطفة من حكام الانقلابات العسكرية ممن كانوا يعملون تماما بعكس ما يدعون.
***
فقد تسلم قادة انقلاب 1952 الحكم وكانت السودان في حالة وحدة اندماجية مع مصر، وبدأ قادة الانقلاب منذ اليوم الاول وبشكل ممنهج ومنظم في قطع الوشائج التي تربط البلدين الشقيقين الواحدة تلو الاخرى مبتدئين بتصعيد حالة العداء مع الانجليز التي تكفلت اتفاقية صدقي بيفن العام 1946 بجلائهم عن مصر والذين لهم تأثير قوي بالسودان، مما جعلهم يعملون على فصله، ثم تسببت محاكمات عمال كفر الدوار في اغسطس 1952 واتهامهم بالشيوعية واعدام البعض منهم في خسارة تأييد الحزب الشيوعي السوداني القوي، وفي العام 1953 بدأت محاكمات قيادات احزاب العهد الملكي (الوفد، السعديين، إلخ) مما خسر الوحدة امتداده السوداني، وتم استفزاز الحركة المهدية كما اخبرني د.الصادق المهدي عندما رفعت حركة الجيش شعار «بسط السيادة المصرية على السودان» بدلا من الاتحاد وتلاها التعسف في محاكمات الاخوان المسلمين بعد محاولة اغتيال عبدالناصر ومن ثم قطع وشائج اخرى تربط البلدين.
***
وسلم عبدالناصر ملف السودان بناء على نصيحة الانجليز لضابط أخرق يدعى صلاح سالم بقصد احراجه حتى ولو على حساب انفصال السودان، واعتمد سالم على منهاجية الرشاوى فلم يجرؤ حتى الحزب الاتحادي السوداني برئاسة اسماعيل الازهري الذي فاز بالانتخابات على معطى استمرار الوحدة ان يجاهر بدعم الوحدة كي لا يتهم بالارتشاء، واتت القشة التي قصمت ظهر بعير الوحدة عندما عزل وضرب الرئيس محمد نجيب الذي عاش ودرس في السودان، فلم يبق احد من السودانيين مع الوحدة كما تم لاحقا تكرار الفعل مع السوريين (1958 ـ 1961) وحتى اليمنيين حيث ما ان وصل الامير الوحدوي البدر للحكم حتى طبخت القاهرة انقلابا ضده.
***
والوحدة القومية تقوم على وحدة العرق وتتبناها في مختلف بلدان العالم الاحزاب «اليمينية» وتعارضها بالعادة الاحزاب «اليسارية» التي تؤمن بوحدة الطبقة العاملة، اي كانت اعراض منضويها، في منطقتنا ثم بشكل غريب وفريد مزج الماء والزيت فرفعت الاحزاب اليسارية كالناصرية والبعثية والقوميين العرب الذين تحولوا للماركسية شعارات الوحدة العربية وقاموا في المقابل بتقسيم شعوبهم على معطيات طائفية وعرقية، ما تسبب في تشرذم وتفتيت البلدان العربية بدلا من وحدتها.
***
آخر محطة: تعاطفت شعوب الخليج مبكرا مع قضايا العرب وشركائهم في الاوطان حتى ان الشاعر عبداللطيف النصف ارسل اوائل عشرينيات القرن الماضي من ضفاف الخليج قصائد نصرة لثورة الريف المغاربي بقيادة الامير عبدالكريم الخطابي الذي حقق انتصارات مذهلة على الاسبان ولم يقدروا عليه الا عندما ارسلت فرنسا مئات الآلاف من جندها واستخدم الاسبان الغازات السامة ضده، ومما جاء في القصيدة:
طلعت فظنوا في ثيابك طارقا
وذكرتهم ايام طارق فيهم
صدمتهم وسط الملاحم صدمة
فكم بعدها ثكلى ترن وترزم
اذا سددت فهي القضاء مسددا
وان اطلقت فهي البلاء المحتم
تدك الجبال الشم وهي منيعة
وتحصد جمع الجيش وهو عرمرم
لعبة «ساتاتونق» الحقيرة
من الصعب أن تجد أحداً يعرف معنى كلمة «ساتاتونق»! حتى قائلها لا يعرف معناها! فهو أطلقها بحرقة تلازم خفة دم إخواننا المصريين وهو يصف الإعلام العربي المتهاوي إلى أسفل سافلين.
ذلك الزميل الإعلامي المصري خفيف الظل، كان يعقب في مداخلة له ضمن ندوة إعلامية حضرتها في إحدى الدول العربية، خصص الزملاء جزءًا منها لتقييم أداء الإعلام العربي والإسلامي منذ انطلاق حركة المطالبة بالحقوق على مدى السنوات الثلاث الماضية، أو ما يفضل البعض تسميتها بـ «الربيع العربي».
على أية حال، لا تهمنا تلك الكلمة الفكاهية بقدر ما يلزم كل مواطن عربي أن يعرفه وهو يتابع اللعب الخطير للكثير من المؤسسات الإعلامية، صحافة، فضائيات، مواقع إلكترونية، حسابات تواصل اجتماعي وكل ما يدخل تحت عنوان «الإعلام الإلكتروني الجديد».
دعونا نتأمل بضع نماذج من سموم ذلك الإعلام الذي استطاع، مع شديد الأسف، أن يلقي بضاعته الرخيصة في عقول الكثير من الناس فاقدي الوعي، أو ذوي القابلية لتصديق كل شيء بدوافع طائفية، سياسية، تآمرية، عنصرية. سمها ما شئت، فمن بين ما كشفه أحد الزملاء، هو أن فضائية عربية شهيرة جداً جداً، أشعلت على شاشتها حرباً طائفيةً ضروساً انعكست نيرانها، كما هو مخطط لها، على شريحة كبيرة جداً جداً من الناس الـ «ساتاتونق»، عندما كثفت نشر الرسائل النصية التناحرية على شاشتها. فهذه الطائفة تكفر تلك الطائفة، والأخرى تتوعد بقطع الرؤوس وأخرى تهدد باستخدام السلاح في تصفية النصارى والروافض والكفار، وآخر يدعو أهل طائفة في تلك البلاد لاستهداف الكنائس، وواحد يوظف الآيات القرآنية الكريمة لمآرب شيطانية محشداً الأتباع والأنصار للدفاع عن أفكارهم بقتل المخالفين.
ذلك الزميل الذي كان يعمل في تلك الفضائية، كشف أن وراء تلك الحرب المخيفة والمدمرة للمجتمعات العربية والإسلامية كان وراءها شخص واحد… واحد فقط! موظف (كونترول الـ sms) المؤهل الخطير والمحترف بلا نظير يكسب رزقه من خداع الناس والضحك على ذقونهم وتأجيج ذوي العقول الصغيرة التي تتمتع بقابلية كبيرة لتصديق كل ما يرميه ذلك الإعلام من زبالات أعز الله السامع.
خطاب الكراهية… البطولة للثور الهائج: في أغلب الأحيان، يُمنح دور البطولة في اللقاءات الحوارية الطائفية، عبر الهاتف في أغلب الأحيان، للثور الهائج الذي يكون في العادة نكرة. يمثل انتسابه لهذه الطائفة ليضرب ويهاجم ويشتم الطائفة الأخرى والعكس. وفي بعض الأحيان، يكون ذلك الثور الهائج (شاهد عيان) تم تفصيل النص الذي سيتحدث فيه تفصيلاً لا يخلو من الهفوات والأكاذيب المفضوحة، ليهرج على خلق الله مؤججاً تارةً ومستغيثاً تارةً، وباكياً تارةً أخرى، ولربما بكى معه العشرات من خلف الشاشة وهم يتمايلون جزعاً ولوعةً وغضباً دون أن يكلفوا أنفسهم عناء تشغيل «عقولهم» ليركزوا في بطولة الثور الهائج.
بالطبع، تدعم مجموعات من «الثيران» بطلهم عبر نشر مذهل لروابط الكترونية عبر شبكات التواصل الاجتماعي منها ما هو متصل باليوتيوب ومنها ما هو متصل بمواقع مجهولة وكل شيء بحسابه. أما الفعل الرخيص في أوضح صوره يظهر عندما يتم إعداد الثور للتسلح بعبارات الاستغفار والآيات القرآنية الكريمة وتكرار بعض الأذكار بين حين وآخر، ليضفي حالة «أيديولوجية دينية» أفيونية، بإمكانها اختراق مشاعر من لديه القابلية أصلاً لقبول الفاحش من القول، والوضيع من الافتراءات والاتهامات.
والأرخص من كل ذلك، أن يظهر بعض الداعمين من «مشايخ الطين» أو ممن يطلقون على أنفسهم «باحثون في التاريخ الإسلامي» أو «ناشطون في الدفاع عن قيم الأمة»، ولا بأس إن ظهر بين هؤلاء أيضاً، من الجنسين، الأسود والفرسان والأبطال والقامات! كل أولئك لا يمكن أن يقوموا بذلك العمل الخبيث دون أن يستلموا – مقدماً – الأعطيات القذرة التي تملأ كروشهم.
بالطبع، كان الكثيرون يرفضون تصديق مثل هذه الممارسات العفنة، حتى انكشفت هذه الفضائية في مقطع مسرب قبل أو بين الحلقة بين المقدم الشهير والضيف السياسي الكبير وهما يتحدثان عن إجادة الدور. وانكشفت تلك الصحيفة بفضيحة ردود النفي، وأزيح الستار عن أولئك الشيوخ الذين يدعون أولاد الناس للموت، فيما هم يصيّفون في بعض العواصم الباردة المنعشة.
أمام ذلك الإعلام الحقير في خطابه وأتباعه، هناك مفكرون وإعلاميون وناشطون وكتاب وعلماء دين معتدلون يفضحون تلك الممارسات. لقد أجاد المفكر البحريني علي محمد فخرو لدى مداخلته في منتدى الدوحة الرابع عشر المنعقد في الفترة من 12 حتى 14 مايو/ آيار 2014 تحت شعار: «إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط»، حيث حذّر من فضائيات الطائفية والفتنة والتناحر كسبب من أسباب الأزمات بالتساوي مع الفكر المحارب للديمقراطية والأنظمة المستبدة.
كل الحكومات في استطاعتها لجم وإيقاف خطاب الكراهية المدمر لو أرادت، لكن حتى لو كانت هي ذاتها معجبة بذلك الخطاب، يلزم على المتلقي أن يحترم عقله ويرفض من يعبث به ويضع لنفسه مصفاة (فلتراً)، لكي لا يصبح مكباً للنفايات.
الحكومة الحارقة
لا يمكننا أن نتصور ان كل البرلمانات السابقة كانت على خطأ بينما وحدها الحكومة هي التي على حق منذ مجلس الأمة المبطل الأول حيث كانت المعارضة تسيطر على أغلبية مقاعد البرلمان وكانت متعاونة إلى أقصى مدى مع الحكومة بل منسجمة تماما معها ـ حيث كانت الأغلبية توفر الحماية للحكومة وخصوصا رئيسها مقابل تحقيق برنامج عمل الأغلبية الإصلاحي على حد وصفهم. ماذا حدث للأغلبية بعد بضعة اشهر؟ تم ابطال البرلمان وتغير قانون الانتخابات وخسرت الحكومة الأغلبية البرلمانية التي تحولت إلى معارضة شرسة خارج البرلمان بعد مقاطعتها للانتخابات.
جاء المجلس المبطل الثاني بعد الانتخابات الجديدة التي جرت على أساس الصوت الواحد ـ نجحت كتلة شيعية كبيرة مكونة من 17 نائبا بعد مقاطعة أغلب الكتلة السياسية والاجتماعية للانتخابات ـ وكانت الكتلة الشيعية سعيدة بهذا العدد الهائل من النواب، ودعمت الحكومة من أجل بقاء البرلمان مدة طويلة لتحقيق مكاسب للكتلة ـ وكذلك فعل النائب علي الراشد حين دافع عن الحكومة في أضعف حالتها عندما واجه معارضة شعبية هائلة لقانون الصوت الواحد، ماذا فعلت الحكومة بحلفائها الجدد ـ تم حل البرلمان الجديد ايضا بعد بضعة اشهر وتقلصت الكتلة الشيعية بشكل كبير جدا ـ وخسر النائب علي الراشد مقعد رئاسة مجلس الأمة التي كافأته الحكومة فيه مؤقتا.
من الواضح جدا أن الحكومة وبسياساتها المتغيرة جدا ـ سرعان ما تنقلب على حلفائها وبدون أسباب مقنعة، حتى في مجلس الأمة الحالي خسرت الحكومة فيه مجموعة كانت إلى وقت قريب تدافع عنها ـ مثل النائب صفاء الهاشم التي فضلت هي ورهط من النواب الاستقالة من البرلمان وربما يستمر مسلسل الاستقالات النيابية.
ختاما ـ من الصعب جدا على أي حكومة في العالم أن تتحمل نتائج 3 انتخابات برلمانية في عام واحد ـ نتج عنها 3 مجالس مختلفة من حيث التركيبة السياسية ـ مما اظهر الحكومة بتعاملها مع البرلمانات الثلاثة بمظهر المتناقض ـ فلكل برلمان تحالفاته وظروفه ولكل انتخابات ضحاياها ـ كما ان قصر عمر البرلمانات لم يعط مجالا للحكومة لتوطيد علاقاتها مع النواب ـ كل ما سبق أنتج حالة من عدم الاستقرار السياسي بدت فيه الحكومة وكأنها «الشمس» تحرق كل من يقترب منها دون تمييز بين موال او معارض.
الخلاصة: الخطأ ليس من الحكومة الحالية ولا من المعارضة وحتما ليس من الموالاة، فالجميع وضعوا في مأزق لا يستطيعون ان ينجحوا فيه.
أخطاء المعارضة
مازالت الأسئلة التي اعتدت سماعها، في كثير من الديوانيات، “هيّه هيّه”، والأجوبة “هيّه هيّه”: “لماذا لا تنتقد المعارضة؟ لماذا تتعامل معها كأنها معصومة من الخطأ ومصونة عن النقد؟”… هذه الأسئلة، مع بعض التفصيل، أحياها مغرد في “تويتر”، وإجابتي عنها كالتالي: متابعة قراءة أخطاء المعارضة
الذات القلقة الغاضبة
بينما تقود سيارتك رابطاً حزام الأمان وتسير بالسرعة التي حددها القانون، يلتف عليك فجأة شاب مهووس بالسرعة قاطعاً الطريق عليك، تغضب، "تحرق دمك"، لكن ماذا يمكنك أن تفعل غير صب اللعنات على هكذا حال. تذهب إلى دائرة حكومية لإنجاز معاملة ما فلا تستطيع إنهاءها، فالأوراق المطلوبة ناقصة أو المسؤول متغيب أو مشغول، ولا نهاية للأعذار. تعود للمنزل تجالس الوحدة والملل، فشريك حياتك كتلة من لحم وعظام شكلها الجهل لا يعرف غير أن يسكب الزيت على نار وحدتك، وتسحبك ذكريات إلى عالم ضيق داكن يضج بالأسى تطرق نواقيس الذكرى لحظات جميلة طويت عن أصدقاء أو أقرباء رحلوا إلى عالم الموت، لن يعودوا ولن يعود ذلك الزمن الجميل، هو الزمن الآن الذي يحرق بكل لحظة صفحات حزينة من عمرك… قلق، ملل، أسى غضب حزن ما العمل…؟! لا شيء.
في بداية السبعينيات من القرن الماضي، وقبل أن تغرق الأسواق في أدبيات كتب "العون الذاتي" أو "سلف هلب". وضعت الطبيبة الأسترالية د. كلير ويكس كتابها بعنوان "نهاية المعاناة النفسية" (ترجمتي للعنوان)، قرأت، قبل هذا الكتاب وبعده، كتباً كثيرة في هذا الموضوع، إلا أن كتاب د. كلير يظل الأعمق والأفضل برأيي، رغم أن مؤلفته ليست مختصة بعلم النفس والأعصاب. عند د. كلير، عندما يضيق صدرك، لأي سبب مما سبق، لا تصارعها وتخنق روحك بلوم القدر ومن رمى بك لهذا الحظ التعس، اركب الموجة، اطف فوقها، ودع الزمن العكر للزمن ذاته، فستمضي تلك اللحظات التعسة مثلما مضت غيرها. عند د. كلير هناك خوف من القادم، نسميه "القلق"، وهو أمر طبيعي، غير الطبيعي أن تخاف من الخوف، أي تقلق من القلق، فتصاب بالوسواس، تتملكك فكرة سوداء مرعبة، لا تستطيع الفكاك منها، يحدث هذا لسبب خارج عن إرادتك، أو لعلك شديد الحساسية لأي حدث، هناك هشاشة روحية في الذات، هل تهرب للمسكنات أو المخدرات؟ هذا هروب لحظي مؤقت، وستعود لما كنت عليه بحالة أسوأ، خذ حذرك كي لا تقع في مصيدة الدوران في تلك الحلقة المفرغة من التردد والحيرة، دع الأمور على حالها، لا تصارعها، تعلم أن تتقبل هذه الحياة بمرها وحلوها، تعلم فلسفة القبول، قبول القلق والحزن، وتذكر أن العناد هنا سيحيلك إلى "سيزيف" آخر الذي يدفع الصخرة إلى أعلى الجبل لتتدحرج من جديد للأسفل، درب ذاتك على السمو فوق الحدث، فالذي يقلقك ويؤذي روحك الشقية هو "العادة"، فدرب ذاتك على عادة جديدة بالمران والتكرار.
يطل علينا الزميل ساجد العبدلي من نافذة مشابهة للدكتورة كلير، في كتابه الجديد "بصحبة كوب من الشاي"، ساجد طبيب صحة مهنية، مثلما هي كلير طبيبة، وليسا عالمين نفسيين، لكنه يجتهد في البحث ويمد يد العون للنفوس القلقة بمجموعة مقالات، أولها تلخص نظرته إلى الكتابة الصحافية حين يضع الفاصل الدقيق بين الكاتب الذي يبحث عن التألق والزهو، وهذا أمر طبيعي في النفس البشرية، وبين الكاتب الذي همه من الكتابة مجرد ملء فراغ بكلمات من غير معنى في الصحيفة، لإشباع ذات نرجسية وأنا متغطرسة، وهذا غير المقبول. ثم ينتقل ساجد في مقالات لاحقة ليلامس النفس القلقة، فأنت عندما تطفو فوق سبب الغضب أو الهم يعني أن "… يمارس الفرد فنون التطويف والتطنيش، وأن يتغاضى كثيراً ويتغابى أكثر مما يمر حوله، وليس هذا ضعفاً أو قلة حيلة؟.. بل هو قوة وتسيد للموقف…" مقالات عديدة في كتاب د. ساجد يلتقي فيها مع د. كلير في النصيحة الواعية للذات القلقة، ويجد لها أساساً علاجياً في حديث نبوي أو آية قرآنية، ولا يفوت الكاتب نقد التدين الملوث الذي يقتصر على ممارسة الطقوس الدينية المظهرية والمزايدة عليها مع غياب البعد الروحي للدين، فالدين عند ساجد "حالة روحانية داخلية في المقام الأول، وبعد ذلك حالة أخلاقية سلوكية. وأخيراً ملامح مظهرية…" عدد وافر من لمحات خاطفة في كتاب "كوب من الشاي" علها تكون عوناً للروح القلقة. يبقى هناك الكثير للكلام في معنى القلق، والفرق بين القلق الإنساني الفلسفي، والقلق العادي الذي يصاحبنا في أمورنا اليومية، وليس هذا موضوع المقال الآن.
العائلة النووية وأبناؤها
يعود استخدام تعبير أو وصف «العائلة النووية»
The nuclear family للربع الأول من القرن الماضي، ويقصد به الأسرة المكونة من أب وام، وابناء يتحدرون من صلبهم المشترك، وهي الحالة السائدة في العالم أجمع، باعتبارها الوضع الأكثر مثالية.
تقابل العائلة النووية النموذجية أوضاع أخرى أقل انتشاراً، وهي العائلة ذات الأب فقط أو الأم مع أبناء أي طرف منهما، إن نتيجة زواج سابق أو وفاة أحد الوالدين. وهناك العائلة التي يتزوج فيها الرجل بأكثر من زوجة، أو تكون للزوجين، المرأة أو الرجل، أو لأحدهما، ابناء من زواج سابق. ولبعض علماء الاجتماع آراء أخرى فيما يتعلق بتحديد ما «العائلة النووية». ويعتقد أن للكنيسة والحكومات الأوتوقراطية في القرن السابع عشر دوراً في ترسيخ مفهوم العائلة النووية. كما ساعدت الثورة الصناعية والرأسمالية الحديثة في تقوية مفهوم العائلة النووية باعتبارها الأكثر فائدة للاقتصاد، وللتضامن الاجتماعي.
والحديث عن العائلة يجرنا للحديث عن الأبناء، حيث أصبح الكثيرون يبدون قلقا متزايدا على مصير أبنائهم، مع تزايد مخاطر الحياة وزيادة التحديات أمامهم. ولكن من الأفضل ألا نقلق كثيرا على ابنائنا، لكي لا يستحوذ ذلك القلق علينا ويتعبنا، فدورنا كوالدين هو أن نحب أبناءنا ونعتني بصحتهم النفسية والجسدية والعقلية من دون أن نفني انفسنا بهم.
كما يجب ألا نتوقع الكثير من ابنائنا، وأنا شخصيا أؤمن بذلك، وسيقرأ ابنائي هذا الكلام. فعلينا تربيتهم بأفضل ما يمكن ونستوعب، وأن نبين لهم ما يعنيه الإنسان الصالح بالتصرف وليس بالكلام فقط. وبالتالي من الخطأ، عندما نكبر، أن نغضب لعدم وجودهم بجانبنا لكي يعتنوا بنا، أو أن نصف غيابهم عنا بالجحود، فالحقيقة أنه لم يكن بيننا يوما اتفاق مكتوب أو ضمني ينص على قيام طرف بالاعتناء بالطرف الآخر وهو صغير، ليقوم هذا بالاعتناء بالطرف الأول في كبره، فمثل هذه المحبة والعناية لا تأتي عنوة، فليس أثقل على القلب من أن يجد الواحد منا ابنه او ابنته تقف في كبره بجانبه لترعاه ويعلم يقينا أنها مجبرة، وليس لأنها تحب القيام بذلك من تلقاء نفسها. ولو كان الوالدان يحبان أبناءهما بالفعل، ومن دون غرض، كما يدعي الجميع تقريبا، لما توقعا مقابل محبتهما شيئا! كما عليهما تقدير ظروف ابنائهم، فهم أيضا لهم حياتهم والتزاماتهم الوظيفية والاجتماعية التي تدفعهم للبعد عنا.
كما أنني شخصيا أؤمن بأن علينا كوالدين واجب الاعتناء ماديا، وفق إمكاناتنا، بأبنائنا، ونحن على قيد الحياة ومعاملتهم بصورة متساوية، بصرف النظر عن الجنس أو العمر، ومحاولة توزيع ما لدينا من ثروات عليهم قبل أن نغادر الحياة، وذلك لكي يستمتعوا بما كسبنا ونحن أحياء معهم، وهم في عز شبابهم، وليس بعد أن نموت ويكبروا هم، فليس هناك ما هو أكثر مدعاة للحسرة من الشعور بأن الابناء ينتظرون موت الآباء ليستمتعوا بثرواتهم. وقد قمت شخصيا بتوريث ابنائي الكثير، وجار العمل بما تبقى، مع تقدمي في العمر.
أحمد الصراف
مجددا… أزمتنا أخلاقية
كثيراً ما كنت أكتب في الماضي عن الإصلاحات السياسية معتقداً أنها هي المخرج من تردي الحال، إلا أني في كل يوم يمر تزداد قناعتي بأن الحلول السياسية وتقويم الوضع السياسي ما هو إلا تفصيل صغير يسبّب الحال السيئة، فأزمتنا أخلاقية وليست سياسية، وقد كتبت فيما مضى حول هذا الأمر، واليوم أعيد ما كتبت محاولا إثبات رأيي خصوصا في ظل تكرار المحاولات بأن الإصلاحات السياسية ستجعلنا في جنة، إليكم بعض ما كتبت:
– نقبل بأن يكون لنا رأيان في قضية واحدة تتغير بتغير الأشخاص أو المواقع فقط، ونسمي ذلك مواءمة، ونتحجج بالظروف والمعطيات، وعندما يمارس الآخر أسلوبنا ذاته نعتبره نفاقاً ونردد الآيات والأحاديث في نقده.
– لا نبالي أن يعيش بيننا بشر بلا هوية ولا تعليم ولا صحة ولا سكن ولا وظيفة لمدة خمسين عاماً، ونكتفي بقول "خل يطلعون جناسيهم" وكأن الإنسانية مقرونة بجنسية وهوية، وفي نفس الوقت نطالب بإسقاط القروض عن المواطنين، ونستنزف أموال الدولة كي لا نثقل كاهل المواطنين مادياً، حتى إن كانت قروضهم من أجل سيارة فارهة وإجازة سياحية.
– نردد "ملّينا" من الفساد وتراجع الأحوال في البلد، وتفشي "الواسطة" والمحسوبية في كل القطاعات، ثم نعتبر من يخلص لنا معاملة أو يزوّر لنا عذراً طبياً أو يستثنينا من طابور، أو يعيننا في وظيفة يوجد من يستحقها أكثر منا بأنه "راعي نخوة وما قصّر".
– نرحب بكل شكل من أشكال القانون في الخارج، ونلتزم به أكثر من أهل البلد أنفسهم، وعندما يطبق علينا القانون في بلدنا نردد "شمعنى إحنا".
– نطالب بتعيين الكفاءات ونذهب إلى شراء الشهادات الجامعية من الخارج.
تلاشي الأخلاق مشكلتنا وأزمتنا، وما سبق مجرد شواهد على ما أقول، مشكلتنا أخلاقية بائسة لن تستقيم معها الحال، والأخلاق في تردٍّ وانحدار مستمرين، ولا نحرك ساكناً لتقويمها بل نعزز تلاشيها حتى نكمل تكوين الغابة قريبا.
كل السلوكيات التي نعانيها هي مجرد تفاصيل لأزمة حقيقية عنوانها الأخلاق، وتقويمها الأساسي هو التعليم والتربية، فالدولة تمتلك فرصة مقدارها الـ14 سنة الأولى من عمر الإنسان من رياض الأطفال إلى التعليم الثانوي نستطيع من خلالها أن نرسم، بل ننحت الهوية والأخلاقيات التي نريد على أبنائنا، فنشكّلهم كما نريد، لنقدم للدولة هوية أخلاقية حميدة لكننا لا نفعل، وكما هو واضح لن نفعل للأسف.
تصويت الناصريين للسيسي وانسحاب صباحي!
كي لا تكرر القوى الناصرية خطأها الجسيم الذي ارتكبته في انتخابات الرئاسة السابقة عندما تحالفت بعض قياداتها كحال حمدين صباحي وحمدي قنديل وغيرهما مع الاخوان فنجح د.محمد مرسي بالرئاسة بأصواتهم ثم تنصلوا من ذلك الموقف وانقلبوا على مرسي كما انقلب عليهم، لذا نرجو الاتعاظ من تلك التجربة المرة ومنح أصواتهم هذه المرة للفريق السيسي.
***
ولا حكمة في ان يدعي احد انه ملكي اكثر من الملك أو ناصري أكثر من عائلة عبدالناصر التي اعلنت وقوفها مع الفريق السيسي، ان نجاح صباحي في انتخابات الرئاسة وهو من يدعي تمثيل الناصريين سيعيد تجربة أو مأساة د.محمد مرسي والإخوان المسلمين حيث ان الاخفاق اللاحق المتوقع لصباحي حال نجاحه في الانتخابات بسبب عدم خبرته او كفاءته الإدارية سينعكس بشكل سالب على الحركة الناصرية واسعة الانتشار هذه الايام في مصر، اما اخفاق الفريق السيسي الأقل احتمالا بسبب خبرته الطويلة في الادارة فلن ينعكس او يؤثر على الحركة الناصرية بل على المؤسسة العسكرية ان تم.
***
في هذا السياق ما صرح به الفريق السيسي حول اعتزامه الاعتزال فيها لو خرجت المظاهرات ضده كان الافضل الا يقال كونه سيعطي الاخوان المبرر لإبقاء حالة الفوضى واخراج المظاهرات المدفوعة اثمان البعض منها طوال فترة حكمه، اما وقد خرج التصريح فالواجب ايضاح حقيقة ان المظاهرات لا تسقط الانظمة في الديموقراطيات الغربية كقاعدة وعرف متوارث، فكل يوم تخرج مظاهرات ضد الرئيس أوباما وغيره من قيادات غربية دون ان يدفعهم ذلك إلى تقديم استقالاتهم، ان ما حدث في 25 يناير و30 يونيو بمصر هو استثناء تاريخي والاستثناءات لا يعمل بها كل يوم وإلا لأصبحت.. قاعدة!
***
آخر محطة: (1) الافضل للناصريين ان يعلنوا بشكل لا لبس فيه اصطفافهم مع السيسي وابتعادهم عن صباحي كي لا يتحملوا وزر اخطائه السابقة واللاحقة وعلاقاته التي ستتردى مع اغلب دول الخليج والعالم في حال انتخابه.
(2) بدأت بعض الاخبار تتواتر عن احتمال انسحاب مفاجئ للمرشح حمدين صباحي في القادم من الأيام وهو قرار تدفع الملايين ولربما المليارات لحدوثه كوسيلة لضرب الاستقرار ونشر الفوضى في مصر وسيرى كثيرون فيما لو حدث ان الترشح لم يكن منذ اليوم الاول إلا لإعلان هذا الانسحاب، لذا نرجو كذب تلك الاقاويل التي ستظهر حقيقتها الايام المقبلة والتاريخ يرقب ويكتب!
@salnesf