احمد الصراف

الإعلان العجيب الغريب

تعتبر صحيفة نيويورك تايمز اليومية الصحيفة الأكثر أهمية وتأثيرا في مراكز اتخاذ القرار في أميركا، والعالم بالتالي. ولم تتوقف يوما عن الصدور منذ سبتمبر 1851، وأهلتها تقاريرها ونجاحاتها للفوز بأكثر من 150 جائزة صحافية وادبية مرموقة. ويزور موقعها شهريا عشرات الملايين. وتمتلك اسرة سالبرغر الصحيفة وتديرها منذ 120 عاما.
ولأهميتها وانتشارها اختارت الحكومة الكويتية نشر إعلانها التالي فيها:
مطلوب للعمل في وظيفة حكومية مرموقة من تتوافر فيه المواصفات التالية:
مؤهل دراسي معترف به، ويفضل أن يكون طبيبا نفسيا.
صبور على العمل، أحيانا لعشرين ساعة في اليوم.
على استعداد لزيارة مكاتب كبار المسؤولين، وخاصة وزير الصحة، والسلام عليه في حله وترحاله، والتواجد في الوقت نفسه في مكتبه.
قبول مبدأ زيارة المتنفذين، من غير المسؤولين، في دواوينهم، والسلام عليهم، وان يكون في الوقت نفسه في وظيفته.
أن تكون لديه القدرة على الرد على خمس مكالمات هاتفية في وقت واحد، وان يردد طوال الوقت: حاضر عمي. ما يصير خاطرك إلا طيب، ويكرر: اعتمد، و: اعتبر الموضوع منتهي، سيدي.
ألا ينام الليل وهاتفه مغلق. ان يعمل في المساء في أشهر الصيف
أن يكون حليما لا يعرف الغضب، وصبورا لا يعرف رفض أي طلب.
أن يكون متسامحا مع نواب المجلس والوزراء ولا يرفض طلباتهم.
ان يتحلى بالمرونة بحيث يوافق على كل طلبات الكبار.
وأن يتحلى بنفس المرونة بحيث لا يرفض طلبات من هم أدنى منهم.
أن تكون لديه قدرة إرضاء الجميع، وتلبية أوامرهم.
أن يكون ساحرا بحيث يضع عشرة أشخاص في مكان خمسة.
أن يكون خلاقا بحيث يصرف دينارا ويحصل على عشرة.
أن يتصرف، عندما لا يجد مخرجا للتصرف.
أن يتحلى بالصبر عندما لا يكون للصبر مكان.
أن يكون أمينا، ولا يحاول استغلال منصبه، فهو تحت المراقبة الدائمة.
أن يعرف أن وظيفته «خلقت» ليس لتقديم خدمة طبية او اجتماعية، بل لترضية الكبار وتلبية طلباتهم في كسب الولاء.
أن يعرف جيدا، ويتصرف على أساس أنه «وضع» في منصبه لتقديم خدمة لمن اتصل وطلب، وليس لصاحب الحاجة الذي قد يموت، وهو ينتظر من غير واسطة.
أن يعرف أن الجميع في الكويت «سوبر ديلوكس»، سواء كانوا مسؤولين كبارا او متنفذين صغارا، أو حتى نوابا مرتشين أو وزراء خربين!
الراتب حسب الكادر الوظيفي، دون اي مزايا إضافية.
الوظيفة: رئيس مكتب العلاج في الخارج.

أحمد الصراف

www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

حالة وطن

نتائج دوري "فيفا" لكرة القدم لهذا الموسم جاءت على الترتيب التالي: القادسية أولا، والكويت ثانيا، والجهراء ثالثا، وكاظمة رابعا، والعربي خامسا، والسالمية سادسا، والتضامن سابعا، والنصر ثامنا، وخيطان تاسعا، واليرموك عاشرا، والصليبيخات في المركز الحادي عشر، والساحل في المركز الثاني عشر، والشباب في المركز الثالث عشر، وأخيرا الفحيحيل في المركز الرابع عشر.
وهو ذات الترتيب بتغيير طفيف أحيانا في المراكز في السنوات العشر الأخيرة على الأقل بمعنى أن يتنافس على الصدارة القادسية والكويت وتحل أندية كاظمة والجهراء والعربي والسالمية في المنتصف، والبقية في آخر القائمة عدا بعض الحالات الاستثنائية.
عموما فإن هذه المقدمة هي لإثبات حالة فقط، وللتعرف على سلوكياتنا كمجتمع بعيدا عن سوء أداء الحكومة، فقد انتهت انتخابات الاتحاد الكويتي لكرة القدم وهو الاتحاد الذي تنتخبه الأندية الرياضية عبر مجالس إدارات تلك الأندية، وهي المجالس المنتخبة أيضا من الجمعيات العمومية لتلك الأندية، وعدد أعضاء الجمعيات العمومية في الأندية الرياضية هو 120 ألف ناخب تقريبا.
وإليكم نتائج انتخاب مجلس إدارة اتحاد القدم لاستيعاب ما أهدف إلى الوصول إليه بشكل أكبر، فقد تم اختيار 13 عضواً في مجلس إدارة الاتحاد الجديد بعد مقاطعة النادي العربي (ثاني أكبر ناد في الكويت بعدد البطولات الكروية) للانتخابات احتجاجاً على أسلوب إدارة اتحاد القدم، وتم اختيار ممثل عن نادي الكويت الرياضي (الحاصل على 4 بطولات للدوري في السنوات العشر الأخيرة) بخلاف المرشح المفضل لمجلس إدارة النادي، والأمر نفسه مع ناديي كاظمة والفحيحيل.
ووزعت المناصب في هذا الاتحاد بحيث يتولى طلال فهد الصباح الرئاسة، وهايف المطيري ممثل نادي النصر منصب نائب الرئيس (لم يحصل النصر على أي بطولة كروية رسمية منذ تأسيسه عدا دوري الدرجة الثانية)، أما المكتب التنفيذي للاتحاد وهو عصب هذا الاتحاد فقد تمثل بكل من الرئيس ونائبه وممثل لنادي السالمية وممثل لناديي الصليبيخات وخيطان (كلاهما لم يتحصلا على أي بطولة كروية رسمية منذ تأسيسهما).
في حين تولى ممثل نادي التضامن رئاسة لجنة المسابقات (لم يحصل النادي على بطولة رسمية منذ تأسيسه)، وممثل نادي اليرموك ترأس لجنة الحكام (لم يحصل نادي اليرموك إلا على بطولتين في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات)، وممثل نادي الجهراء رئيس للجنة التطوير (حصل الجهراء على بطولة واحدة في تاريخه).
هكذا ندير الأمور في كل المجالات، وهكذا يكون اختيارنا ونتوقع الأفضل، فأي عقل وأي منطق يجعلنا نختار بهذا الأسلوب؟ لقد دللت على قطاع الرياضة تحديداً لوضوح ترديه رغم أن الشعب هو من يدير الأمور في هذا القطاع، أو هكذا يفترض ما دامت الجمعيات العمومية (الشعب) هي من تشكل إدارة الجزء الأكبر من هذا القطاع، علتنا لا تكمن في حكومة معينة بل في نفوسنا التي لم تعد تقدم سوى النماذج السيئة أملا في تحقيق نتائج أفضل.

خارج نطاق التغطية:
كنت أتمنى أن توضع صورة استاد جابر الرياضي على العملة الجديدة لتستفيد الدولة من الـ100 مليون دينار التي صرفت على ذلك الاستاد دون استخدامه.

سامي النصف

فلاتر السيسي وخطب عبدالناصر!

أعجبني لقاء للمشير عبدالفتاح السيسي ذكر خلاله انه قليل الكلام وان احد اسباب ذلك انه يمرر ما سيقوله على فلاتر للصدق والأمانة والحق ومرضاة الرحمن، وفي المقابل رأينا شريطا مسجلا لمنافسه المرشح حمدين صباحي وهو يلقي خطبة عصماء مطولة امام صدام حسين يقول فيها: «عندما نقف امام حضرتك ايها القائد العربي الشجاع النبيل فاننا نؤكد قدرتك على الانتصار» ثم لقاء متلفزا حديثا للمرشح صباحي وهو يقول بطلاقة ودون المرور على اي فلاتر للصدق وغيره« أما صدام والقذافي فلم اكن ابدا من المعجبين بهما او المؤيدين لنظامهما».

***

تظهر حقائق التاريخ الحديث ان اكبر المخربين والمدمرين والقتلة والقمعيين من الحكام هم سادة الكلام من الخطباء المفوهين الذين يتكلمون لساعات فيسحرون عقول وقلوب المستمعين من الشعوب ليقودوهم بعد ذلك للحروب والهزائم والنكبات والنكسات والقمع ومصادرة الحريات وما صدام والقذافي وقبلهما هتلر وموسوليني عنا ببعيدين حيث اشتهروا بالاقوال العذبة والافعال المدمرة.

*** 

يقابل ذلك حكام قليلو الكلام كثيرو الانجاز كحال الكثير من حكام الخليج والملكيات العربية الحاضرة وملكيات ما قبل هوجة الانقلابات، لذا نتمنى فوز السيسي ونعتبر قلة كلامه امرا يحسب له ودلالة صحة وعافية، وليجعل السيسي بعد فوزه الافعال تتكلم بدلا من الاقوال وهذا هو المهم لمصر وللامة العربية.

***

آخر محطة: (1) في خطاب الرئيس عبدالناصر الشهير الذي اسر الألباب والمسمى خطاب «حنحارب» مر على المسحورين من المستمعين قوله: انه امر الجيش المصري بالانسحاب من سيناء ومن ثم تسليمها للاسرائيليين «دون حرب»، وهو امر فريد ان يصفق المستمعون لرايات الانكسار بدلا من اخبار الانتصار.

(2) وفي خطاب ناصر الساحر الشهير عن تأميم قناة السويس فات المسحورين والهتيفة والمصفقين ما جاء فيه من ان البنك الدولي رفض اقراض مصر 100 مليون دولار اي حسب قوله

36 مليون جنيه اي ان الجنيه المصري في اوائل عهده كان يساوي 3.3 دولارات ولم يحاسبه المسحورون على ما فعله بعد ذلك بالجنيه والاقتصاد المصري.

(3) وفي خطاب حماسي ثالث شهير أطرب الاذان المصرية والعربية طلب من الاميركان ان يشربوا من البحر الأبيض وان

لم يكفهم فليشربوا من البحر الاحمر، وكان رد الرئيس جونسون ان اعدت خطة ضرب المطارات المصرية عام 67 في البنتاغون وسمعت بـ«الأبيض والأحمر».

(4) وفيما يخص خطاب التنحي الشهير الذي أسال الدموع وأخرج المظاهرات من المحيط الى الخليج يخبرني الاستاذ وجدي الحكيم مدير اذاعة صوت العرب انذاك انه في اليوم الثاني للنكسة وقبل يومين من خطاب التنحي ناداه وزير الاعلام انذاك محمد فايق وطلب منه تحضير اغان وطنية تطالب بعودة الرئيس للحكم ما يعني ان التنحي والمظاهرات في مصر جرى إعدادهما سلفا.. وامجاد يا عرب امجاد!

احمد الصراف

عش دبابير الشوارع

لقي مقال كتبته قبل فترة عن أسماء الشوارع، ما لم يلقَ غيره من اهتمام، قدحا ومدحا، وكان بعنوان «بسطة الخضار والقطامي». ذكرت فيه الفوضى العارمة في تسميات الشوارع، حيث حظي بعض ممن لا يستحقون بشوارع لم يحلموا يوما بالمرور فيها، فكيف بوضع أسمائهم عليها، أو في من اعتقد أنه سيكرّم بعد مماته بإطلاق اسمه على طريق واسع أو شارع، كما تبين من الردود الشفهية والكتابية حدة التباين والاستقطاب في المجتمع، التي طالت كل الفئات وأثارت عصبياتهم الدفينة، وكان الاتفاق الوحيد بينهم هو عدم رضائهم جميعا عن التسميات بمجملها، قديمة وجديدة، أو حتى ما سيتمخض عنه فأر جبل البلدية. فمن مرحّ.ب بتسمية شارع باسم فلان، ومن رافض للتسمية نفسها، واقتراح غيرها. حتى الشاعر «بن لعبون» لم يسلم من النقد بسبب تسمية شارع صغير باسمه في النزهة، وسعدت لأنني لست مسؤولا عن تسمية الشوارع، لكان غضب الجميع قد نزل على رأسي، الخالي من الشعر!
سبب المشكلة، كما اتضح لي، وكما أخبرني صاحب قرار سابق، إن صح كلامه، أن الحكومة أصرّت، منذ سنوات خمس تقريبا، على ألا تضع أي معايير، مكتوبة أو حتى شفهية، تتعلق بالطريقة الواجب اتباعها في اختيار أسماء الشوارع والطرق. كما رفضت تصنيف الأسماء لفئات مثلا، أي مَن يحصل على ماذا، على الرغم من أن الجميع موتى! بل كل ما فعلته الحكومة هو الإيعاز للمسؤولين ولأعضاء المجلس البلدي بما يشبه النص التالي: «روحوا يا مجلس بلدي وقرروا واختاروا واختلفوا بين بعضكم مع بعض، كأعضاء، واختلفوا مع وزير البلدية، وبعدين هاتوا لنا مقترحاتكم، وبعدها نحن نقرر!».
الطريف في الردود على المقال أن الغالبية أرادت معرفة الاسم «الحقيقي» لصاحب «بسطة الخضرة»! وكنت سأجد رداً على تساؤلاتهم لو لم يقرنوها باتفاقهم معي على أن هناك المئات من الذين أُطلقت أسماؤهم على الشوارع ممن تنطبق عليهم مواصفات «صاحب البسطة»، والاختلاف فقط في الحروف الأولى للأسماء، فما الفرق بين «س. م. ك» و «ك. م. س»؟
أنا شخصياً، على اعتبار أنني مواطن كويتي، ولي صيتي وسمعتي وجاهي وثروتي، وكتاباتي التي استمرت لعشرين عاما، وستستمر لعشرين عاما أخرى، وبالوتيرة نفسها، وأيضا من دون مقابل مادي، أعلن هنا تنازلي عن «حقي الطبيعي» في إطلاق اسمي على أي شارع وطريق وسكة! وهكذا أرحت الحكومة من «حنة أهلي»، بعد مماتي.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الشوق إلى القذافي!

يبدو أن البعض ما زال رافضاً لمشاهدة الشعوب العربية الكادحة وهي تنتفض على حكامها المستبدين الذين ساموها سوء العذاب على مدى نصف قرن من الزمان. ويبدو أن هذا البعض قد حنّ إلى الماضي المستبد، واشتاق إلى مشاهدة صور الزعيم الأوحد تنتشر في كل زاوية شارع، وقد كتب عليها «لا أمل للأمة إلا بالقائد».. «لا مستقبل لليبيا إلا بالأخ العقيد»! لذلك، عزّ عليه أن يشاهد في القنوات الفضائية الشعوب وهي تنتخب برلماناً يمثل الأمة ورئيساً للبرلمان منتخباً انتخاباً حراً مباشراً، والأمور تسير في اتجاه المزيد من الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة. متابعة قراءة الشوق إلى القذافي!

احمد الصراف

الطائفية.. والطوفان

من الواضح أن هناك مشكلة طائفية في كثير من الدول العربية والإسلامية، ومصدر ذلك يعود بصورة أساسية لغموض النصوص الدينية من جهة، ولجهل أطراف الصراع بمصالحهم، ومن جهة أخرى لوجود مصلحة للحكومات والأنظمة الحاكمة في بقاء الخلاف والاختلاف قائما، لتسهل السيطرة على شعوبها، ولكي تلعب دور الحكم، أو الأب، إن تطلب الأمر ذلك.
بدأ الإصلاح الديني في أوروبا على يد القس المجدد مارتن لوثر، وكان الحدث الأبرز في تاريخ أوروبا في القرن السادس عشر، وعصر النهضة بالتالي. وتعتبر إصلاحاته، أو ثورته، الحدث الذي شكل – بنظر الكثير من المؤرخين – هوية أوروبا الحديثة، وذلك عندما نجحت تلك الثورة في القضاء على التسلط الكنسي، الأمر الذي فجر النزعات القومية لدى كبريات الدول الأوروبية بعد أن كانت مسحوقة في ظل الكنيسة المتسلطة، عندما كانت دول مثل فرنسا والمانيا وإنكلترا تصبغ نفسها بصبغتها الدينية وليس بصبغتها القومية، وكان الدين هوية، وبالتالي من لم يكن مسيحيا كان معرّضا بصورة تلقائية للاضطهاد، وهذا لم يقتصر على غير المسيحيين، بل امتد حتى للمسيحيين المنتمين لغير الكاثوليكية، أو كل من اتهم بالزندقة. وقد قضى موتا عشرات الآلاف على يد «جنود الله» البابويين، بحجج واهية، وخاصة في مذبحة «سانت بارثلميو» الشهيرة. وقد دفعت كل هذه الأحداث الرهيبة بمارتن لوثر، القس الألماني، ليعلن معارضته الشديدة لتصرفات البابا، التي غالبا ما تكون – حسب وصفه – مدفوعة برغبات انتقام شخصية. وقد أدى موقفه الى إيقاظ الشعوب الأوروبية من سباتها، بعد أن كشف لوثر حياة البذخ التي يعيشها رجال الإكليروس وفسادهم، وما كانوا يستولون عليه من أموال الفقراء ببيعهم «صكوك الغفران» التي ستدخلهم الجنة، والتي تشبهها في أيامنا هذه مفاتيح الجنة التي وجدت معلقة في رقاب كثير من الجنود الذين ماتوا في الحروب المذهبية في المنطقة، أو الأحلام والأماني التي «باعوها» للانتحاريين، لدفعهم الى قتل انفسهم للفوز بالجنة وبالحور العين! ففي القرون الوسطى كانت الجنة تشترى بصك، فأصبحت الآن تشترى بحزام ناسف!
ومن اقوى ما قاله لوثر، مخاطبا الألمان انهم بغير حاجة لرجال الدين لفهم الكتاب المقدس، وانهم وهبوا العقول لكي يشغلوها لا لكي يلغوها، وان المؤمن علاقته مباشرة بربه وليس بحاجة لمن يفسر له الدين. ثم ضرب لوثر ضربته، كاسرا احتكار الكنيسة لشرح الكتاب المقدس، من خلال قيامه بترجمته للالمانية، بعد أن كانت نسخه لا تكتب بغير اللاتينية، التي لم يكن يفهمها أحد غير رجال الكنيسة! وهذا فتح آفاق معرفة الدين، من غير وسيط كنسي، امام المواطن العادي، وبالتالي تضاءلت أهمية رجل الدين. وقد كرس التاريخ مارتن لوثر تاليا كأبرز مصلح ديني وكأب روحي للغة الألمانية الحديثة.
ما نحن بحاجة ماسة له في مجتمعاتنا هو زيادة الوعي، وحصر خلافاتنا المذهبية ضمن أضيق الحدود، وهذا لا يمكن الوصول اليه بغير «تحييد» دور رجل الدين، وحصره في المعاملات الرسمية. فالواقع أن اي تقارب مذهبي ليس في مصلحة غالبية رجال الدين المتكسبين من اختلافات المجتمع المذهبية أو الدينية.

أحمد الصراف

سامي النصف

ما لا يجوز الاختلاف حوله!

يمكن لمن يريد أن يختلف سياسيا حول ما جرى ويجرى في سورية وان يتخذ هذا الموقف أو ذاك، ومع هذه الجماعة أو تلك إلا أن ما لا يجوز الاختلاف حوله إنسانيا وإسلاميا هو الحاجة لأن تتوحد الجهود لتوفير الدعم المعيشي واللوجستي للاجئين السوريين وأغلبهم من النساء والأطفال الموجودين في لبنان والأردن لإيصالهم للحدود الدنيا من استحقاقات العيش الكريم كالسكن والإعاشة والتعليم والصحة.

***

ذهبنا بالأمس إلى الأردن الشقيق للمساهمة في إيصال الدعم للاجئين السوريين في فعالية أصبحت معتادة من أهل الكويت والخليج وكنا برفقة سفيرنا النشط والمتميز بالأردن د.حمد الدعيج، وسفير الأعمال الإنسانية في المشرق والمغرب عبدالعزيز البابطين وسفير الخير د.عصام الفليج إضافة إلى القائمين على الأنشطة الإغاثية والمتكفلين بإيصال الدعم إلى مستحقيه.

***

وقد التقينا في مستشفى المقاصد الذي يعج بالجرحى السوريين بجمع من الأطباء والجراحين الكويتيين الشباب من رجال ونساء وهم يقومون بعملهم التطوعي بهمة وجد وقد أحضروا معهم عبر المعرفة الشخصية والتواصل مع المنظمات الدولية المختصة كبار المختصين من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا ممن تركوا أعمالهم وعياداتهم في بلدانهم وقدموا من منظور إنساني للمساهمة في التخفيف عن المصابين الأبرياء مع غياب مؤسف لا يعرف سببه للأطباء العرب، ما نرجوه أن يزداد الدعم فالأردن الشقيق بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لا يألو جهدا في الدعم والمساندة إلا أن هناك محدودية في القدرات مع تكاثر طردي لأعداد اللاجئين مع استمرار الحرب.

***

آخر محطة: 1 – التقيت ليلا بجراح كويتي شاب كان قد انتهى للتو من علاج طفل سوري عمره سبع سنوات قام بقتل والده بالخطأ عندما أوصل إليه قنبلة عنقودية انفجرت فقتلت الأب وقطعت يدي الابن.

2 – «يزن» طفل سوري اضطر لترك الدراسة مع قدومه للأردن كي يعيل عائلته، وقد تم خلق «مركز يزن» لتعليم أطفال اللاجئين السوريين وهي قضية مهمة لمستقبل سورية فالجهل لا ينتج عنه إلا التطرف والتشدد والإرهاب، واشكالات الإجرام والإدمان، وأجيال سورية قلب العروبة النابض تستحق أفضل من ذلك.

  

 

احمد الصراف

وجهة نظر الشيخ محمد

ورد في أواخر ابريل في القبس، على لسان الشيخ محمد سالم الصباح، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق، الذي أكنّ له تقديرا خاصا، ان الخلافات بين دول مجلس التعاون، في ظل وجود ملفات خطيرة مثل خلل التركيبة السكانية، تمثل تهديدا لوجودها. وأن لا حل أمامها بغير التضامن. وقال في مؤتمر «الأمن الوطني والإقليمي لدول مجلس التعاون» إن هذه الدول تواجه «رغبات» قوى إقليمية في أن تكون راعية وحامية لطائفة معينة، واعتبارها من رعاياها، بغض النظر عن انتماءاتها الوطنية! وهو هنا يشير الى إيران ورغبتها في بسط «حمايتها» على شيعة دول المجلس. وحذر الشيخ في كلمته من أن ثمة درسا يجب ان نستخلصه (أو يستخلصه شيعة الخليج) من الحرب العالمية الثانية، وهو أن الاحتماء بالأجنبي والاستقواء به، والبحث عن قوى خارجية لدعم موقف محلي هو خطر ونتائجه كارثية، ويشكل تحديا!
كلام الأكاديمي المعروف الشيخ محمد الصباح واقعي ومنطقي، وهو موجه لكل الأطراف داخل منظومة دول مجلس التعاون، وبالذات لأقلياتها! ولكن السؤال: ما الذي يدفع مواطني اي دولة لأن يستقووا بقوى خارجية، أو يطلبوا حمايتها؟ والجواب: جهتان، جهة ترغب في كسب سياسي أو انتخابي، من خلال الاستقواء بالقوى الكبرى، وهذا ما نجده متبعا في أكثر من دولة صغيرة تعتمد في وجودها على قوى خارجية أقوى منها ولها تأثيرها السياسي أو الاقتصادي عليها، كوضع لبنان وغيره. والجهة الأخرى الباحثة عن حماية خارجية لها لشعورها بالغبن في أوطانها، وأن حقوقها منقوصة، ولا تعامل بعدالة، وبالتالي تكون أكثر ميلا من غيرها الى الانحراف، او حتى لخيانة أوطانها التي لم تعاملها كالآخرين. وبالتالي لكي تضمن اية دولة ولاء مواطنيها لها، وعدم لجوئهم للاحتماء أو الاستقواء بالقوى الخارجية، فإن عليها معاملة الجميع على القدر نفسه من المساواة، وأن تعطي الجميع الحقوق نفسها وتفرض عليهم الالتزامات نفسها، وسؤالنا، الذي يتطلب قدرا من الشجاعة من السيد النائب السابق لرئيس الوزراء، الشيخ محمد الصباح، والذي لا نعتقد أنها تنقصه ابدا: هل يعامل جميع مواطني دول مجلس التعاون، والكويت بالذات، بالقدر نفسه من المساواة والعدالة؟
يقول المثل الإنكليزي: It takes two to Tango أي أن رقصة التانغو يتطلب أداؤها وجود اثنين، أو بمعنى آخر فإن الخيانة تتطلب جهتين، الدولة الراغبة في بسط الحماية، والمواطن الذي يشعر بالغبن! وفهمكم كاف!.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

تزوير هوية رجل محترم

تذكرت مشهداً في فيلم أجنبي، عندما مات قائد المجموعة، المحبوب المحترم، فتولاها قائد لا تحترمه المجموعة ولا تحبه. فحاول فرض احترامه بالقوة، فلم ينجح، فقرر شراء ودهم بالمال، ولم يوفق، فحاول وحاول وحاول، إلى أن نصحه صديقه: “يجب أن ترتدي ثياب البطل الميت وتعتمر قبعته، كي لا يشعر الناس بالفرق”.
فعل ما نصحه به صديقه، ولا فائدة. تتبع تفاصيل البطل الميت، مشى مشيته، وتحدث بطريقة كلامه ونبرة صوته وحركة يديه (بعد تمرين طويل مضنٍ)، تصنّع التسامح مثله، تغاضى عن انفلات البعض ليرسم صورة “القائد الأب”، ولا جدوى.
وبعد أن فاض سيله، وفقد سيطرته على أعصابه، راح يسعى إلى استعادة هيبته بالقوة والبطش العشوائي، لكن الأوان قد فات. فلا هو المحترم المحبوب، ولا هو المَهيب.
المشهد يتكرر اليوم على الأرض… بعد أن ارتدى “مجلس الصوت الواحد” ملابس برلمان المعارضة المُبطل، واعتمر قبعته، وقلّد مشيته، ونبرة صوته، وطريقته في الحديث، لكن الناس لم تستسغه، ولم تتقبله، ولم تصدقه… فعل الأعاجيب لإقناع الناس بأنه برلمان بهيبة؛ مشى في الشوارع بـ”الساطور”، صرخ في وجوه المارة، أطلق النار عشوائياً… لكن أحداً لم يلتفت إليه ولم يعره جزءاً من الانتباه، ولم يقتنع بـ”فتوّته”! فما زال الناس، سامحهم الله، على يقين بأنه برلمان “ديمو” أو دمية تشبه البشر، وليست منهم.
وجاءت الكارثة الكبرى؛ “استقال خمسة من أعضائه احتجاجاً على ضعفه”. فاهتزت أقدامه، وفكر ثم قرر: “تُجرى انتخابات تكميلية لسد النقص”. ومن المتوقع أن يزداد المشهد كارثية بنجاح مجموعة تجعل الناس تترحم على من فيه حالياً.
وأقسم أنه لو قرر (فرضية من الخيال) أحد من المعارضة خوض الانتخابات، لهرول هذا المجلس إلى حيث يسكن المرشح المعارض، ولقبّل رأسه، وبكى على حجره، وتكفل بحملته الانتخابية، وبتفصيل “بشته”، ولتولى تنظيف كرسيه ومكتبه في مبنى البرلمان.
إنه البحث عن الاحترام أيها السادة.
أما في حال نجاح بعض المشبوهين، كما هو متوقع، فلا فائدة ولا حل إلا أن يقوم هذا المجلس بتزوير هوية رجل محترم، ويضع صورته على اسم الرجل المحترم. ويدعو ربه ألا يكشف أمره أحد.

احمد الصراف

لا خصوصية بعد اليوم

في عالم اليوم، عالم الإنترنت والأقمار الاصطناعية، عالم أحلام الحرية والمخابرات والإرهاب وتبييض الأموال، والعصابات والطغاة المتشبثين بالحكم، لا توجد في الحقيقة خصوصية شخصية أو عامة، وكل ما يردده الجهلة من وجود خصوصية لمنطقة أو شخص أو مجتمع لا يزيد عن كونه هراء في هراء، فلكي تكون لك خصوصيتك فليس أمامك غير أن تنعزل عن العالم كليا، لا هاتف لا إنترنت لا تلفزيون حتى ولا خروج من البيت، وربما الانتقال للسكن في خيمة في وسط الصحراء، حيث لا أعمدة تحمل كاميرات مراقبة ولا أجهزة تنصت، ولا ارتباطات ولا علاقات بأفراد أو دول، الأهم من ذلك لا شيء لديك يستحق المراقبة والملاحقة، حينها فقط «ستحل» أجهزة التنصت والمراقبة عن ظهرك!
قمت قبل فترة باستبدال هاتفي النقال، وفوجئت بأن مئات الرسائل والصور، بكل خصوصيتها، والتي سبق أن وردتني على الإنترنت، هاتفيا أو على جهاز الكمبيوتر، من فايبر أو واتس آب أو انستغرام أو فيسبوك وغيرها من صور ورسائل نصية او افلام، لا تزال مخزنة في ذلك الهاتف اللعين، بالرغم من أنها ليست في صندوق البريد، وتطلب الأمر بالتالي قضائي ساعات وأنا ازيل تلك الصور والرسائل واحدة واحدة، وحتى الآن، لست على ثقة بأنني تخلصت من كل شيء، فمن الصعوبة بمكان إزالة كل شيء، بشكل مطلق، من «فضاء الإنترنت». والإزالة صالحة لتلك اللحظة فقط، فتخزين المشطوب سيبدأ بعدها مباشرة وهكذا!
ليس هذا مهما بالنسبة لي شخصيا، فليس لدي اسرار أخاف أن تنكشف، ولكني أكتب لمن يعتقد أن مجرد شطب صورة أو رسالة من الهاتف الذكي أو الكمبيوتر يعني أنها محيت تماما، فالحقيقة غير ذلك، وهواتفنا ذكية لأن جهلنا بكيفية استخدامها ومعرفة مدى خطورتها يجعلنا غير أذكياء، فول ستوب!

أحمد الصراف