سامي النصف

لقاء حول الأمن الفكري والإرهاب!

استضافتنا قناة العربية ضمن برنامج «بانوراما» الذي تقدمه السيدة منتهى الرمحي للحديث حول الأمن الفكري والإرهاب المنتشر بشكل لافت في المنطقة العربية هذه الأيام بشكل بات يهدد وحدة اراضيها، وقد رأينا ان الارهاب هو مرض خطير حاله كحال اي مرض آخر يساهم في استفحاله وانتشاره ثلاثة امور: اولها انكار الاصابة بالمرض، ثم التشخيص الخاطئ، والثالث تركه دون علاج.

***

وظاهرة الارهاب ليست امرا مستجدا على الساحة العربية حيث كانت بدايتها في الستينيات والسبعينيات عندما انفردنا كعرب دون الحركات التحررية والوطنية واليسارية الأخرى في العالم بعمليات الارهاب وترويع الابرياء من رجال ونساء عبر خطف الطائرات والبواخر السياحية وتفجير السفارات ومهاجمة المطارات والقيام بالاغتيالات واقتحام الدورات الأولمبية العالمية، ولم يدن احد تلك الممارسات الارهابية التي لم يقم بمثلها الفيتناميون او الافارقة خوفا من ان تمس الإدانة سمعة القضية الفلسطينية التي ارتكبت كل تلك الجرائم باسمها ومن ثم بالتبعية انكار الاصابة بالمرض تارة وتشخيصه بشكل خاطئ تارة اخرى عندما اعتبرت تلك الأعمال ضمن المقاومة الوطنية المشروعة ومن ثم استفحل وانتشر المرض.

***

وإبان الحرب العراقية ـ الايرانية فترة الثمانينيات تحول الارهاب اليساري الى ارهاب لقوى إسلامية شيعية قامت بخطف الطائرات وتفجير السفارات.. إلخ، والملاحظ ان الفاعلين آنذاك لم يكونوا من الشيعة غير العرب بل كانوا عربا من لبنان والعراق ودول الخليج مما يظهر ان الارهاب قضية تقبل بها ثقافتنا العربية التي تتقبله كوسيلة للوصول الى الغايات التي تراها نبيلة.

***

وبعد مرحلة غزو الكويت حتى اليوم انحسر الارهاب – الشيعي العربي كما انحسر قبله الارهاب اليساري – العربي بعد ان ثبتت عدم جدواه ليحل محله ارهاب سني – عربي كذلك، ممثل في تنظيم القاعدة وتوابعها ولم يلحظ احد وجود مشاركين في تلك الأعمال الارهابية من مسلمين إندونيسيين أو ماليزيين أو بنغال وأفارقة وباكستانيين وهنود.. إلخ رغم كثرتهم العددية وتنوع ثقافاتهم مما بات يهدد بتشطير وتفتيت بلداننا العربية ولو أننا لم نجامل لوأدنّا وحاربنا الارهاب منذ يومه الأول قبل خمسين عاما بدلا من التسلي بمقولة اننا ـ ودون امم الارض ـ لا نعرف تعريفا محددا للارهاب ولا الفارق بينه وبين حركات التحرر الوطني، لما استشرى سرطان الارهاب ولما وصلنا الى ما وصلنا إليه.

***

آخر محطة: (1) جميل ان يتبنى وزراء الداخلية العرب كما حدث مؤخرا قضية «الأمن الفكري» كوسيلة لتعزيز المواطنة ومحاربة الارهاب.

(2) كانت جماعة أبو نضال ابان النضال الارهابي اليساري هي الاكثر تشددا في الوطنية كحال تشدد تنظيمي القاعدة وداعش في دعاوى الاسلام هذه الأيام، فيما بعد كشف الباحث البريطاني المختص في شؤون المنطقة باتريك سيل في كتابه الشهير «أبونضال بندقية للإيجار» ان ابونضال الذي يدعي التشدد كان مرتزقا اجيرا لمن يدفع اكثر وانه استخدم كثيرا من اعداء الأمة.

(3) كانت اوروبا حتى النصف الاول من القرن العشرين تماما كحال الأمة العربية هذه الأيام تمتلئ ارضها بالحروب الخارجية والأهلية والفقر المدقع والدمار وقضايا النزوح واللاجئين والارهاب، حتى ان الحرب الكونية الأولى التي ذهب ضحيتها 15 مليون اوروبي تسبب فيها عمل ارهابي قامت به منظمة «الكف الأسود» الصربية ضد ولي عهد النمسا وزوجته، بعد النصف الأول من القرن العشرين توقفت الحروب في اوروبا واستقرت في منطقتنا العربية وستبقى وستستفحل ما لم نواجه مشاكلنا بصراحة وصدق.

 

حسن العيسى

بنج وليس «بينج»

محاضرة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السابق د. محمد الصباح في منتدى التنمية مهمة، لأنها خطاب صادر من شخص شغل منصب المسؤولية لسنوات طويلة في عدة تشكيلات حكومية، ولم تكن المحاضرة تنظيراً فكرياً فقط لأزمة العجز القادمة بتقدير المحاضر ومعظم المسؤولين الاقتصاديين.
أخطر ما جاء في المحاضرة هو استناد المحاضر إلى دراسة المجلس الأعلى للتخطيط عن التراجع المطلق والنسبي في مؤشرات الفساد بالدولة، ليقرر في ما بعد أن "معظم المتورطين في الفساد في القطاع العام هم شاغلو الوظائف العليا والقيادية"، ثم (وهنا مكمن العلة برأيي) ينتقل د. محمد ليقطع بـ"افتقار المجتمع الكويتي لنموذج القدوة في تطبيق القانون والعدالة…"، ويستمر الشيخ محمد الصباح في عرض حقائق اقتصادية، مثل أن نصيب الفرد هو الأكثر في الاستهلاك الحكومي من بين دول مجلس التعاون بعد قطر، وأن الحلول لإنقاذ الدولة من العجز المتراكم القادم لن يكون إلا بالخصخصة التي "… لا تعني شيئاً إذا انحصرت في نقل ملكية النشاط الاقتصادي من القطاع العام إلى الخاص، وإنما تكمن بديناميكية الخصخصة في تغيير أنماط الإنتاج القديمة لمصلحة أنماط أكثر إبداعاً…"، يمكن القول هنا كتعقيب على فكرة الخصخصة بالعبارات المنسوبة للزعيم الصيني الراحل "دينج هشياو بينج"، والذي نقل الاقتصاد الصيني من اقتصاد متخلف إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حين طرحت عليه فكرة خصخصة الاقتصاد قال "إنه لا يهم أن يكون الكلب أسود أو أبيض المهم أن ينبح…"، أيضاً يمكن القول، بعكس ذلك، بأن الخصخصة لو حدثت على الطريقة الكويتية بإدارتها السياسية القبلية والعائلية ودوائر النفوذ المهيمنة حول مركز القرار، فلن تكون الخصخصة كلباً ينبح محذراً إذا شاهد لصاً، وإنما فأر يقتسم ثروة البلاد مع بقية جرذان الدولة. فالمسألة تنحصر في مبادئ الشفافية والعدالة وسيادة حكم القانون، بمعنى المساواة حين نتحدث عن الخصخصة، فأنور السادات مثلاً خصخص الاقتصاد المصري عام 74 تحت باب قوانين الانفتاح، والسويد أيضاً خصخصت، ولنا أن نرى الفرق بين المثالين…!
أعود إلى النقطة المثيرة في محاضرة الدكتور محمد الصباح، والتي يقرر فيها "بغياب القدوة في تطبيق القانون". هنا العلة وبؤرة المرض، كما ذكرت في مقالات عدة، فيستحيل أن نطالب الناس بالعطاء والتضحية، بينما تعجز الإدارة السياسية عن تقديم القدوة والمثال، كي يحتذي بها الناس، ففاقد الشيء لا يعطيه… وهذه مصيبتنا في هذه الإدارة وما سبقها من إدارات سياسية التي هي عاجزة في كل شيء عدا "دهان سير المتردية والنطيحة". لنقر بأننا نلفظ اسم الزعيم الصيني "بنج" وليس بينج، وهذا يعني التخدير إلى ما شاء الله في مسيرة الدولة.

احمد الصراف

الخطر والمحبة

قامت وزارة الصحة، وبجهود مشكورة من وكيلها د. خالد السهلاوي، بافتتاح ثلاثة مراكز صحية لفحص الماموغرام. وتقع هذه المراكز في منطقة الزهراء الصحية، وخيطان الجنوبي، ومركز العقيلة الصحي، وجارٍ افتتاح مركز رابع في النعيم. ويمكن الاتصال برقم 24620989 لتحديد موعد للفحص في أي من هذه المراكز.
والماموغرام، هو الاسم المخفف للكشف عن سرطان الثدي الذي يصيب نسبة كبيرة من السيدات، وأعداد المصابات به حول العالم بازدياد. ولكن يمكن تلافي تبعاته الخطرة إن تم تشخيص المرض أو اكتشافه في سن مبكرة، لأنّ معالجة سرطان الثدي، عندما يكون الورم صغيراً جداً، وبحجم حبة الأرز، تعطي نتائج أفضل. وعند اكتشاف هذا السرطان في مرحلة مبكرة، غالبا ما تتعافى المصابات به سريعاً، ليعاودن ممارسة حياتهن بصورة طبيعية.
ويُذكر أن نسبة الإصابة بهذا المرض بين النساء هي واحد إلى كل 8 أو 9 نساء، حسب المنطقة الجغرافية، وليس هناك اي استثناءات، فلا الرياضة ولا نوعية الطعام لها علاقة بالأمر، كما هو معروف حتى الآن.
ويفضل جدا أن تقوم النساء بإجراء أوّل صورة شعاعية للثدي في سن الخمسين، ثمّ تكرار الفحص مرّة كل سنتين حتى سن التاسعة والستين. والفحص لا يتطلب موافقة طبية، فهو إجراء روتيني لا يستغرق القيام به أكثر من دقائق معدودة، وليس له أي اخطار جانبية أو إشعاعية.

***
غيابي المستمر في تقطعه، والمتغيّر في فتراته، عن الوطن أبعدني عن الكثير من المنغصات والتصرفات الخاطئة، والتفكير، ثم الكتابة عن فشل الحكومة المستمر في ولو قاطرة واحدة على السكة الصحيحة. هذا الغياب أفادني كثيرا من الناحية النفسية، ولكنه، في جانب آخر، تسبب في فقدي للصلة والتواصل بالكثير من الأحبة، وبالتالي شعرت بالحزن لقراءتي خبر مرض الزميلة دلع المفتي، ليس لما بيننا من محبة وزمالة وصداقة فحسب، بل ولما لهذه السيدة من نشاط اجتماعي بارز، وحضور جميل ويد خيّرة في مجالات عديدة. ولا يسعنا هنا غير تمني الشفاء العاجل لها، فهي من نوعية من البشر الذين يعطون أكثر مما يأخذون، وهؤلاء قلة، وأعدادهم في تناقص مستمر. نكتب ذلك وثقتنا كبيرة بقوة «دلع» وبقدرتها على التغلب على مرضها، مادام الأحبة، وعلى رأسهم، غسان، من حولها.
ملاحظة: ليس هناك علاقة أو رابط بين فقرتي المقال أعلاه.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

هيهات منا الذلة

منذ اتفاقية سايكس بيكو في مطلع القرن الماضي وتوزيع البلاد العربية تحت هيمنة النفوذ البريطاني والفرنسي والإيطالي، والأمة تعيش في ذلة ومهانة لم يسبق لهما مثيل، واكتملت المأساة في عام 1924، عندما أعلن أتاتورك سقوط الخلافة الإسلامية إلى غير رجعة! وبعد الحرب العالمية الثانية بدأت الشعوب العربية تتحرر من أغلال الاستعمار الغربي، باحثة عن الحرية الغائبة منذ عقود، لكنها وقعت في شراك استعمار من نوع آخر، حيث حكمتها أنظمة ليبرالية لا تقل سوءاً عن الحكم الغربي، فشاهدنا ظاهرة الحكم الفردي المستبد، من أمثال بورقيبة وعبدالناصر وغيرهما، وفتحت السجون للكفاءات من أبناء الوطن، وعقدت المحاكم الصورية، والتهم المعلبة، ونصبت المشانق لأصحاب الرأي المخالف، وتحول الشعب إلى مخابرات وأمن دولة، وأصبح الوطن سجناً كبيراً لكل من فيه! واستمرت هذه الحالة قرناً من الزمان أو يزيد، حتى وصل الفساد إلى جميع مرافق الدولة، ووصلت الحالة النفسية إلى وضع لم يعد يحتمل، فثارت الشعوب ثورة رجل واحد على الطغيان، وتبين أن هذه الأنظمة البوليسية ليست إلا أجساداً من كرتون لم تلبث أن تطايرت مع أول انتفاضة شعبية، فكانت ثورات الربيع العربي التي اقتلعت الدكتاتوريات إلى مزبلة التاريخ. متابعة قراءة هيهات منا الذلة

سامي النصف

إشكال مصر ليس بالقصر!

إن كنا ومثلنا الأغلبية المطلقة من الشعب المصري قد دعمنا المرشح عبدالفتاح السيسي، إلا أننا لا ندعي للحظة أن بيده مفتاحا سحريا لحل كل إشكالات مصر المتعاظمة والذاهبة إلى المزيد من التعقيد مع كل يوم يمر، فما نقوله هو أنه أفضل بكثير من منافسة على الرئاسة، وأفضل ممن سبقه والذي أساء لما يمثله بأكثر مما يستطيعه أعدى أعداء ذلك التوجه السياسي.

***

فمشكلة مصر مرتبطة بالشارع وليس بالقصر، وأولى تلك الإشكالات الكبرى هي «الانفجارات السكانية» على أرض محدودة الموارد يتم فيها توفير الخدمات التعليمية والصحية بالمجان، كما تتعهد الدولة بتوظيف الجميع، ويتم تقديم الخبز والكهرباء والماء بأسعار زهيدة تتحمل كلفتها الحقيقية ميزانية الدولة ذات العجوزات الضخمة، إضافة الى حقيقة أن الشرائح الأسرع تكاثرا هي الأقل اهتماما بالتربية والتعليم والتدريب مما ينتج عنه وجود أعداد بشرية وافرة غير منتجة وتشكل عبئا كبيرا على الدولة المصرية.

***

ويزيد الطين بلة مجموعة إشكالات غير مسبوقة في تاريخ مصر، منها تناقص مياه النيل بشكل كبير ومتوقع أن يبدأ أوائل عام 2016 كنتيجة لانتهاء أعمال سد النهضة الحبشي وتجميع المياه خلفه، مما يجعل مصر مهددة خلال عامين من تولي المشير السياسي الرئاسة بالعطش والتصحر والظلام، ومن الإشكالات انتشار العمليات الإرهابية المدعومة هذه المرة من جماعات سياسية رئيسية تضم أعدادا كبيرة من الأتباع، وتحظى بدعم دول كبرى بعكس العمليات الإرهابية السابقة التي كانت تقوم بها مجاميع صغيرة يمكن السيطرة عليها.

***

وبسبب الإرهاب ونقص الطاقة قد يحجم بعض المستثمرين والسائحين عن القدوم لمصر مما سيضاعف حجم المشاكل الاقتصادية ويشكل ضغطا على سعر صرف الجنيه في بلد يستورد كل شيء، يضاف الى ذلك موروثات العهد الاشتراكي من عدم اتقان الجموع لحرفها وعدم الرغبة في العمل لساعات طوال في ظل العولمة، حيث تتوافر البدائل الأكثر جودة والأرخص سعرا من دول العالم الأخرى وعلى رأسها الصين ودول شرق آسيا.

آخر محطة: (1) نرجو ألا تضطر أو ترغم مصر مستقبلا على التورط في حروب خارجية ضد اثيوبيا كنتيجة للضغط الشعبي وأخرى ضد بعض الجماعات المتطرفة في ليبيا تزامنا مع حرب ثالثة ضد الإرهاب بالداخل.

(2) الانخفاض المتوقع في الحقبة القادمة لأسعار النفط والغاز سيضر مصر بشكل مزدوج، فمن ناحية سيخفض من دخلها كونها دولة مصدرة للنفط والغاز وسيحد في الوقت ذاته من الدعم الخليجي.

(3) تعلمنا تجارب المنطقة أن إبقاء حالة الفوضى وعدم الاستقرار يقتضي تقوية الطرف الضعيف وإضعاف الطرف القوي، لذا لابد أن نشهد في المستقبل القريب عودة قوية للقوى المعادية للمشير السيسي بعد انتصاراته السياسية الساحقة الأخيرة.

 
@salnesf

 

 

سعيد محمد سعيد

وإن «تتركه»… يلهث!

 

يبدو أن هناك نماذج من الكتاب والإعلاميين والصحافيين والنواب والناشطين والخطباء وجوقة طويلة عريضة من الفاشلين في المجتمع، يُصابون بـ «اللهاث»، إن حملت عليهم أو تركتهم.

هؤلاء أصبحوا من حسن الحظ في غاية الانكشاف بالنسبة لأبناء المجتمع البحريني الذين لم تعمهم موجة الرمد الطائفي.

يصابون باللهاث والهلع والفزع إن وجدوا الأزمة في البلاد مشتعلة وفي أوار ولهيب متصاعد، فيظهرون وكأنهم حماة الوطن الذائدين عن حياضه! أيضاً، يُصابون باللهاث والهلع والفزع بدرجة أشد من الأولى إن تبادر إلى مسامعهم، ولو من باب الشائعات والتحليلات السياسية المجوفة، بأن هناك مساراً للحل! إن تحمل عليهم أو تتركهم فهم في حالة لهاث دائم.

قد يكون من البديهي القول أن حالة «التحليل العبقري» وطرح الآراء وتبادل المعلومات واللطائف السياسية بين الناس في ظل الأزمات، وخصوصاً الشعوب العربية والإسلامية، هي حالة طبيعية تدخل تحت عنوان «التنفيس»، لكن هناك نكتة سياسية محبوكة حبكة فكاهية لطيفة ذات معنى كبير وصائب، وقد يضحك بسببها حتى زعماء الدول والجمهوريات الذين يتعرضون للنقد بينهم وبين أنفسهم في السر. وهناك نكات وطرائف وخزعبلات وممارسات من نوع «السيلان اللاإرادي»، تكشف أن من كان يعتاش على الأزمات مدعياً حب الوطن، لا يمكن أن يعيش فكرة إيجاد حل لتلك الأزمات.

ومن السيء للغاية، أن يبقى المجتمع البحريني مصاباً بلوثات وهوس ذلك النوع من الكتاب والإعلاميين والصحافيين والنواب والناشطين والخطباء والجوقة العرجاء المضحكة، فتارةً تجعل الأتباع يصفقون مع الجوقة، وتارةً يبكون معها، وتارات يهددون ويتوعدون معها، مع أن الجوقة وأتباعها يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم مجرد (صفر) على الشمال، حتى ولو أقنعوا أنفسهم بأنهم رقم صعب في معادلة سياسية صعبة.

والمجتمع البحريني، حاله حال الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية، يستقبل الناس فيه التحليلات والمعلومات والأخبار، سواءً كانت حقيقة أم لا، وسواء وافقت الذوق السليم أم لم توافقه، فالأمر سيان بالنسبة لدى البعض الذي لا يرى فيها ما يسيء إلى شخصه الكريم، ولا يرى فيها إساءة إلى الشخص المرسل إليه، وسواءً كان المرسل أو المتلقي رجلاً أم إمرأة، مراهقاً أم رجلاً ناضجاً، تسقط حدود الأخلاق طالما هي: كذبة سياسية، هجمة طائفية، نكتة سياسية، فلا ضير من أن يضحك الناس!

لا بأس، بيد أن هناك تطوراً لافتاً في استخدام الوسائط الحديثة والرسائل الإلكترونية بأنواعها وتصاميم الجرافيك التي يعصر فيها (المبدع) رأسه وفنه لينتج عملاً مثيراً للضحك يرسله إلى آلاف الناس، ويقوم الآلاف بإرسالها إلى آلاف آخرين، وهكذا تكبر خانة ألوف الألوف، لكن قلة هم أولئك الذين تتوقف لديهم الرسالة فيتأملون فيها بالقراءة المتأنية أو الاستشارة المفيدة في معرفة ما ينفع.

بالنسبة للمصابين بالهلع والفزع الظاهري المصطنع في الأزمات بمواقفهم المزيفة، وهم ذاتهم المصابون بالفزع الحقيقي حين يستشعرون بصيص أمل لحل (ما)، هم ذاتهم كما حدث مع الحاشية في هذه القصة: يحكى أن حاكماً كان في رحلة صيد مع نفر من حاشيته، وبينما هم يبحثون عن الطرائد، رأى الحاكم أرنباً يركض فأخذ بندقيته ورماه لكنه أخطأ الهدف! فقال أحد أفراد الحاشية من المنافقين: «سبحان الله! لأول مرة أرى أرنباً يركض وهو ميت».

د. شفيق ناظم الغبرا

مشروع فلسطيني جديد يواجه المشروع الصهيوني

مر على النكبة ٦٦ عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من العودة تحولت الى أكبر صدمة عرفها العالم العربي منذ سقوط الدولة العثمانية ووقوعه تحت الاستعمار الغربي. لقد نتجت من النكبة تحولات مست العالم العربي من أقصاه الى أقصاه. فقد برزت الحركة القومية العربية بزخم في ظل الشخصية التاريخية لجمال عبد الناصر، ووقعت سلسلة الانقلابات العسكرية التي أتت بالجيوش الى عمق العملية السياسية العربية. وما أن واجهت القومية العربية التحدي الأكبر في هزيمة ١٩٦٧ في ظل فشلها في أبعاد اجتماعية وسياسية أخرى، إلا وورثتها شعبياً الحركة الإسلامية المعبرة عن قوى اجتماعية جديدة. ورغم تعقد مصادر القومية العربية والإسلام السياسي ورغم الأخطاء الجسيمة لكلا الحركتين إلا ان المسألة الفلسطينية مثلت مصدراً رئيسياً ومهماً من مصادر الزخم الذي أحاط بكل منهما. متابعة قراءة مشروع فلسطيني جديد يواجه المشروع الصهيوني

محمد الوشيحي

المزيونة

هي الأجمل على الإطلاق. هي الأغلى في طول العالم وعرضه. لشعرها كل يوم لون. ولمنظرها كل ليل بهاء. لا تبيت عادة إلا في أحضان الأوباش والفاسدين.
بصبابة تحدث أولياء أمرها: “يصعب تزويرها”، ثم سكتوا ولم يكملوا. لم يجرؤوا على قول “يصعب اختلاسها”، أو “تصعب سرقتها”. الناس أكملوا الجملة. متابعة قراءة المزيونة

سامي النصف

مصر بين آيزنهاور وريغان!

  حكم الولايات المتحدة في حقبة ما بعد الحرب الكونية الثانية رئيسان مشهوران احدها ذو خلفية عسكرية كحال المشير عبدالفتاح السيسي في مصر وهو الجنرال آيزنهاور الذي ارغم قوى العدوان الثلاثي عام 1956 على الانسحاب من ارض الكنانة، وكان قد اقترح آنذاك مشروعا عسكريا ـ اقتصاديا للشرق الاوسط هو حلف بغداد.

ومشروع آيزنهاور الاقتصادي الشبيه بمشروعين عسكريين ـ اقتصاديين تم تقديمهما وقبولهما دون مشاكل من قبل دول شرق آسيا وغرب اوروبا، مما ساهم في إثراء وتقدم شعوبهم.

***

وكانت تلك المشاريع الاميركية تتضمن اقامة احلاف عسكرية وانشاء مصانع متطورة ومزارع نموذجية في الدول المعنية وفتح ابواب الاسواق الاميركية لمنتجاتها الصناعية والزراعية، مما يضمن بالتالي اثراء الشعوب وابعادها عن الشيوعية ومنع الحروب بين دولها التي تدمر الاوطان وتفقر الناس.

***

إلا ان الأستاذ محمد حسنين هيكل، أطال الله في عمره وهو المستشار الاوحد ومنظر وعقل وراسم سياسات وكاتب خطابات الرئيس جمال عبدالناصر وصانعه، والباحث دائما ولاسباب غريبة وغير مفهومة عن اعداء لمصر وللامة العربية (تمت في احد الاوقات معاداة المعسكرين الغربي والشرقي في آن واحد)، افشل ذلك المشروع، وادخل المنطقة في سلسلة حروب لم تنته حتى يومنا هذا، ولم يكن عبدالناصر الا «دمية» خلقها وسوقها هيكل ثم دمرها ودمر الامة العربية معها.

***

وحكم الولايات المتحدة كذلك ممثل سينمائي فاشل هو الرئيس ريغان حاله حال المرشح حمدين صباحي الذي شارك كممثل كمبارس في بعض الافلام غير الناجحة، مما جعل البعض يتساءل: هل سينجز فيما لو انتخب كما انجز ريغان؟! الحقيقة ان ريغان لم يأت من التمثيل مباشرة للرئاسة، بل مر عبر العمل الاداري المنظم الذي مارسه لسنوات كحاكم لولاية كاليفورنيا، كما عرف عن ريغان توقفه ـ مع دخول المعترك السياسي ـ عن ممارسة التمثيل والخداع والكذب، ولا يعلم ان كان المرشح صباحي قد قام بالشيء ذاته؟!

***

آخر محطة: 1 ـ في الديموقراطيات الاخرى، التصويت في الخارج وان تم قبل انتخابات الداخل الا ان نتائجه لا تعلن الا عند اعلان النتائج النهائية لا قبلها.

2 ـ برنامج المشير عبدالفتاح السيسي الذي يطلب من خلاله ترشيد استخدام الكهرباء والماء والرغيف اكثر واقعية وفاعلية وصدقا بكثير من برنامج المرشح حمدين صباحي الذي يشتمل على وعود حالمة خادعة كتوزيع اراض زراعية وألوف الجنيهات لكل مصري، وهو امر يعجز عن انجازه حتى الجن والعفاريت!

 – @salnesf

حسن العيسى

من المسؤول؟

ليس للحكومة أن تتوقع غير اللامبالاة واللااكتراث من الجمهور عندما تتحدث عن العجز القادم الحتمي حين تتجاوز النفقات على الإيرادات، وحين تختزل قضية الفشل في إدارة الدولة اقتصادياً وسياسياً بتضخم الباب الأول (بند الرواتب والأجور) على حساب بقية أبواب الميزانية، ويتم تعليق الجرس على رقبة المواطن والاستهلاك الريعي، الذي يمارسه مع غياب قيم العمل عنده، وتصبح قضية فشل إدارة الدولة هي قضية الإنسان المحكوم بهذه الإدارة السياسية، مثلما يذهب زميلنا عبداللطيف الدعيج في كتاباته العديدة بإدانة المجتمع والبشر، أي الناس الذين لا حول لهم ولا قوة في إدارة الدولة، وفي الوقت ذاته يعلق صكوك البراءة على صدر السلطة الحاكمة، وكأن هذا قدرها وحظها إذ ابتليت بهذا الشعب وهذا السلوك الاستهلاكي وعجزه القدري عن الإنتاج…!
بهذا تصير المعادلة سهلة عند الزميل، أصلح أمرك يا شعب تصلح أمور البلد… أما "مساكين" السلطة ومن بيدهم أمور الحل والعقد فلا مسؤولية على عواتقهم ولا جناح عليهم، فهو فشل إداري وفشل بشر لا يعملون، أما القيادات السياسية التي نصبت تلك القيادات الإدارية الرديئة في موقع المسؤولية، وفتحت لها أبواب الفساد على مصاريعها، وتركت "القرعة ترعى" لعقود طويلة، فهذه لا مسؤولية عليها ولا يحزنون، في فقه الزميل.
بطبيعة الحال، لا أحد ينكر عدداً من أمراضنا الاجتماعية في مفهوم العمل والإنتاج، ولا أحد يجحد حالة التسيب لدى الكثيرين منا، وكلها أمراض متأصلة في الوطن بسبب الحال "الريعي"، ولن يكون الحل والعلاج لتلك الأمراض بالوصفات السريعة التي يكتبها القطاع الخاص، فهذا القطاع في النهاية يدور في فلك السلطة والحالة "الريعية" التي كرستها، وهو بمجمله قطاع استهلاكي غير منتج، ولا يرتجى منه أن يكون عوناً لحل مشكلة الباب الأول، طالما ظل هذا القطاع على حاله. الحلول لأزمتنا القادمة ستكون قاسية، وستتطلب تضحيات من الجميع، لكن من أين يبدأ تعديل هذا الوضع المائل؟ هل يبدأ من الناس فقط؟ أم يفترض أن يبدأ الإصلاح السياسي والاقتصادي من فوق ومن الأعلى؟ أين هي الإجابة عند منظري لوم وتعنيف الناس المحكومين وتبجيل الكبار الحاكمين الأبرياء…؟!