احمد الصراف

الوزير والمواطن الفرنسي

قرر مواطن فرنسي ألا يأكل أو يشرب أو يستخدم أي مواد أو آلات من غير صنع فرنسي %100، اكتشف بعد فترة أنه من الاستحالة العيش بصورة طبيعية، أو حتى قريبة منها، إن أصر على رأيه، فقد وجد صعوبة في الحصول على سيارة أجرة فرنسية مثلا، وحتى إن وجدها فإن بعض قطع غيارها غير وطنية. وقد تسبب إصراره على استخدام مركبة أو طائرة فرنسية في تأخير وتأجيل الكثير من مواعيده، والانتظار في البرد، أو تحت المطر أحيانا ليجد سيارة حسب شروطه. مع تكرار مصاعبه قرر تعديل شروطه وتخفيض النسبة إلى %50، وهنا وجد الوضع أقل معاناة، ولكن المشاكل استمرت بعد ان اكتشف ان الدراجة الفرنسية التي اشتراها للتنقل بها، بدلا من الاستعانة بالتاكسي، %60 من قطعها مصنوع في الخارج. كما أن كل ما تقع عليه عيناه في البيت أو العمل أو حتى في الشارع فيه نسبة او أخرى من قطع غيار أو يد عاملة غير فرنسية، وهكذا اضطر مع الوقت للتخلي عن فكرته بعد أن تبين له استحالة التقيد بها بسبب التداخل الشديد في اقتصادات الدول، واستعانة كل دولة بمنتجات الدول الأخرى الغذائية والصناعية. يحدث هذا في دولة من بين الثماني الأعظم، صناعيا وزراعيا، في العالم، فكيف بدولنا الخليجية التي تخلت مع الوقت حتى عن خياطة النعل النجدية!
ما دفع فرنسا وغيرها، وإن بنسب متفاوتة، لأن تلجأ الى المنتج الأجنبي، دفع بنا وبغيرنا لفعل الشيء ذاته، وليس في ذلك ما يعيب، فاليابان تستورد غالبية احتياجاتها، ولكنها تصدر أكثر منها بكثير. ولكن قبولنا باستيراد كل شيء، من أغذية ومركبات وطائرات وكمبيوترات وأدوية وملايين السلع الأخرى من الخارج لم تدفع يوما اي مسؤول حكومي، وبالذات السيد وزير التربية والتعليم، للتساؤل عن سبب قدرة الدول الصناعية العظمى على أن ترسل لنا ملايين أطنان الأدوية والمواد الغذائية والأجهزة والمركبات، وعجزنا في الوقت نفسه عن أن نرسل لها اي شيء غير البترول الذي نستخرجه من أرضنا بمعداتهم وتقنياتهم؟ وما سر تقدم بضع دول صناعية وتأخر غيرها؟ الجواب يكمن في المنهج الدراسي! فأوروبا واميركا لم تتقدما لأن عضلات مواطنيهما أكبر، أو لأن ألوان عيونهم أفتح، أو لأن جبالهم أعلى أو لأن رقابهم اطول، بل لأن مناهجهم الدراسية أفضل. وحيث اننا قبلنا، طوعا أو جبرا، باستيراد الطحين ومعجون الأسنان وطلاء الأظافر منهم، فلم لا نستورد المناهج الدراسية أيضا التي عن طريقها تمكنوا من صنع وإنتاج كل شيء تقريبا؟ وإن كان السيد الوزير يعتقد ان «العقلية الكويتية» اقدر من غيرها على تعديل المناهج الدراسية، وحتى من خبراء التعليم في سنغافورة مثلا، فلم لم تتمكن تلك العقليات أن تفعل شيئا مع كل هذا التخلف الذي نعيشه؟
والسؤال الآخر: هل يفهم هؤلاء حقا ما نحاول توضيحه هنا؟

أحمد الصراف

د. أحمد الخطيب

«حكومة الأوقاف الكويتية»… خطوة غير موفقة وجهود عبثية

قرار «حكومة الأوقاف الكويتية»، بتوزيع أشرطة تؤكد فيها إنسانية وتسامح الدين الإسلامي للجموع التي ستحتشد للاستمتاع ببطولة كأس العالم لكرة القدم في البرازيل، هو اجتهاد غير موفق، لأن دعاية كهذه غير مقبولة أصلاً، ومرفوضة في أي نشاط رياضي عالمي، حتى لو كانت غايتها نبيلة. متابعة قراءة «حكومة الأوقاف الكويتية»… خطوة غير موفقة وجهود عبثية

مبارك الدويلة

كفى كذباً أيها الليبرال

عندما يكذب البعض ـــ حاشاكم ـــ فإن الامر لا يبدو غريباً أو استثنائياً، فهذه أخلاقه التي تربى عليها. لكن عندما تأتي الكذبة ممن يدعي الثقافة ويفتخر دائماً بليبراليته وتوجهه العلماني، فهنا يجب أن نتوقف قليلاً!

لقد هزت نتائج ثورات الربيع العربي والموقف منها مصداقية العلمانيين في جميع بقاع الأرض، حيث سقطت ورقة التوت التي كانت تستر عورة هذا الفكر المتخلف، فانكشف المستور، وظهرت للعيان حقيقة مدى إيمان العلمانيين بالمفاهيم الديموقراطية ومستلزمات الحريات العامة، عندما أيدوا الانقلابات العسكرية على الأنظمة المنتخبة، وصمتوا عن عمليات القتل الجماعي وإحراق جثث المدنيين العزل، وتخلوا عن شعارات قامت من أجلها الثورة، مثل شعار «لا لا لحكم العسكر»، فأيدوا عودة العسكر إلى الحكم، وقبلوا بإجراء انتخابات من طرف واحد وفي غياب المعارضة عن الساحة السياسية، وهكذا تخلوا عن جميع مبادئ فكرهم وليبراليتهم من أجل خصومتهم مع التيار الإسلامي، مطبقين مبدأ الغاية تبرر التنازل عن المبادئ! متابعة قراءة كفى كذباً أيها الليبرال

محمد الوشيحي

قلمات

هدية بدينار واحد لطفل فقير، تعادل هدية بعشرة آلاف دينار لطفل ثري. هذه ليست موعظة بل حقيقة. كلتاهما تزرع ابتسامة على وجه طفل. بل قد تتحول ابتسامة الطفل الفقير إلى ضحكة مجلجلة، بينما يكتفي الطفل الثري بابتسامة، يتكرم بها على من أهدى إليه.
وفي سنوات مضت قرأت لكاتب مصري (مشكلتي الكبرى في القراءة هي ضعف الذاكرة وعدم التدوين)، أقول قرأت لكاتب مصري يتحدث بانبهار عن “المرحاض في بيت الباشا فلان”، أجلكم الله. يدّعي أن مرحاض حمام الباشا مزود بـ “شطّاف” موصول بمواسير المياه، “فلا يحتاج إلى جردل ماء كما نفعل”، والشهود فلان وعلان وعلنتان! يقول ذلك ويقسم على صدقه.
وكان يكفي هذا الكاتب أن تهدي إليه “مرحاضاً بشطاف” ليودع الدنيا الفانية بسكتة قلبية في الحال. ولو كان يعيش بيننا اليوم وأهدى إليه صديقه مرحاضاً بشطاف “لا يحتاج معه إلى جردل ماء”، لكسر رأس صديقه بالمرحاض. فأي هدية سخيفة هذه.
وكما كان صاحبنا مبهوراً بحمّام الباشا، كان جلساء أحد حكام الخليج الراحلين، وهو أيضاً، مبهورين بـ”كريم الشعر” الذي تلقاه هدية من أحد المسؤولين الإنكليز. وفي اليمن سابقاً كان الحاكم مبهوراً بالتلفزيون الذي تلقاه هدية من الإنكليز (تخيل، دولة تهدي إلى حاكم تلفزيوناً)، ولشدة حماسة هذا الحاكم اليمني، وأثناء اندماجه في مشاهدة فيلم “كاوبوي”، رأى الخيل مقبلة، فنهض واستل خنجره! واليوم لو قدمت بريطانيا طيارة لحاكم ما قبلها لتواضعها.
هي الظروف والحاجة. أقول هذا بعد أن شاهدت صور التبرعات لنازحي الثورة السورية، وفرحة الأطفال المهجرين بألعاب رخيصة، لو اشتريناها لأبنائنا لتبرأوا منا… هي الظروف والحاجة.
* * *
قانون هيئة الاتصالات الذي أقر أخيراً تنقصه بعض المواد كي يكتمل فنفرح به..
ينقصه أن ينضم في “كل مجموعة أصدقاء” في برنامج الواتساب واحد من مباحث أمن الدولة. وأنا مشترك في أربع مجموعات؛ مجموعة العائلة، ومجموعة الأصدقاء، ومجموعة محرري الجريدة، ومجموعة المتهمين في إحدى القضايا. وكلها مجموعات “وردية”، ورجل المباحث الذي يراقبها سيرجع البصر إليه خاسئاً وهو حسير، باستثناء المجموعة الرابعة “الحمراء”، حمانا الله وإياكم… و”سد بوزك، أنت في بلد ديمقراطي”.

حسن العيسى

لماذا نقول الشيوخ «أبخص»؟

حين سألني صاحب دكان "البنجر" القريب من مكتبي ما إذا كانت هناك طريقة للحفاظ على حقوقه في الدكان، فهو سوري والرخصة التجارية، التي لا يعترف القانون بغيرها، باسم كويتي، تذكرت، من جديد، أمراض الريع، فمثلاً صاحب الرخصة الكويتي يتقاضى مبلغاً شهرياً ثابتاً مقابل استعمال اسمه في رخصة "البنجر" أو بالأصح استغلال جنسيته الكويتية، فتذكرت ما كتبته شالروت ليفانز عن تلك الأمراض في بحث "بالإنكليزية" بعنوان "الدولة الريعية وبقاء الأنظمة الملكية المطلقة".
 وهنا أترجم من هذا البحث بعض الفقرات، إذ تقول ليفانز إن من مخاطر العقلية الريعية التي عمادها أن الثروة تخصص لصاحبها من غير عمل، أن صاحب الريع يتوهم أن دخله أبدي والزيادة عليه لن تقف عند حد، وبذلك تصيبه حالة من الجمود والرضا بالحال، والرغبة في الإبقاء على الوضع القائم دون تغيير، لغياب الحوافز، وتسيطر على روحه عقلية الخمول والتواكل، وتضيف الكاتبة عن نمط الإنتاج أن تقسيم العمل الأساسي قوامه التفرقة بين فريقين هما الأجانب والمواطنون، فالأجانب يملأون فراغ الأعمال التي لا يقوم بها المواطنون، وهي معظم المهن والأعمال الحرفية (كحال جارنا البنجرجي، فهي أعمال شاقة فيها تعب ومعاناة)، بينما تكون عوائد الريع للمواطنين كأرباب عمل، وفي تلك الدولة الريعية هناك فئة قليلة تقوم بالإنتاج، بينما تقوم بقية الفئات بتوزيع الريع واستهلاكه.
في تلك الدولة الريعية، التي لا توجد فيها ضرائب، يتم إلحاق المؤسسات الدينية والقبلية بجهاز الدولة التي يهيمن فيها الحكام على كل أمورها، وبتراث تلك الدولة التاريخي القبلي يتم تأسيس الولاءات السياسية للنظام عبر العطايا المادية والمنح النقدية، فمثلاً، في اليمن، الذي يغيب عنه ثروة النفط، يصبح من الصعب السيطرة على القبائل والطوائف لغياب "العطايا" التي يمكن أن يمنحها النظام لأمراء تلك القبائل.
في الدولة الريعية التي يسود فيها القطاع العام يصبح من الصعب التحول للديمقراطية (تعد الكويت استثناءً تاريخياً، طبعاً هذا الاستثناء تقلص كثيراً في السنوات الأخيرة)، فتلك الدولة لم تستوعب الثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
 وتتساءل الكاتبة ما إذا كان يمكن تفكيك النظام الريعي، وتجيب أن هذا صعب جداً مع هيمنة السلطة الحاكمة على مصدر الثروة الوحيد وهو النفط، لهذا (لم تقله الباحثة) يردد الكثيرون هنا دائماً أن الشيوخ أبخص، السبب طبعاً هو "الريع" لا "البخاصة" (يعني العلم والمعرفة).

احمد الصراف

ثلاثية إخوانية

1 – وضعت بضع حكومات – ومنها الحكومة المصرية – تنظيم «الإخوان المسلمين» ضمن لائحة الإرهاب، علما بأن مصر هي مركز الإخوان وحاضنتهم، ومقرهم الرئيسي! ولكن الصحيح أن من وضعها، كما يقول ثروت الخرباوي، القيادي الإخواني السابق والخبير بمؤامراتهم، هو حسن البنا، مؤسس التنظيم، والذي وصمه به. وجاء من بعده سيد قطب وأكده ونفذه، ثم جاء بعدهما محمد بديع ومحمد مرسي وخيرت الشاطر ومحمود عزت وغيرهم من قيادات الإرهاب الإخواني، وتوسعوا في استخدام العنف وسيلة لغاية. وبالتالي فإن دماء آلاف الضحايا الذين سقطوا برصاص الإخوان أو بغيرهم، برقبتهم. وكل العنف الذي بدر ولا يزال يبدر منهم في الأشهر الأخيرة، على الأقل، لا يمكن أن يصنفهم بغير الإرهاب. ويكفي النظر لشعار التنظيم، المتمثل بالمصحف والسيفين، مع كلمة «وأعدوا»، وهي بداية آية: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل «ترهبون» به عدو الله وعدوكم»، لنعرف أهداف مؤسس التنظيم ومن جاء بعده، فالرسم والنص يدعوان لذلك، وهذا من صلب الدعوة، وليس فيهما ما يمكن إخفاؤه أو التنكر له. فحسن البنا، وكل من جاء قبله ومن بعده، آمنوا بأن الإسلام لا ينتشر الا بالسيف، ولا يواجه خصومه إلا بالسيف، والأنكى أنهم اعتبروا الإخوان هم الممثلون الحقيقيون للإسلام، كما هو منطق بقية الجماعات الإسلامية، أو الدينية الأخرى.
2 – يقول صاحبهم، الذي طالما أصابنا بالغثيان، وهو يكرر تبرئة نفسه وحزبه من «وصمة» الانتماء للإخوان، ثم الإصرار المرة تلو الأخرى على تكرار دفاعه المستميت عنهم، والذي اعتقد يوما أن ذاكرة البشر ضعيفة، وأنهم سريعا ما سينسون ما قام به وشريكه المصري في الإيقاع بمجموعة كبيرة من المستثمرين، ودفعهم للاستثمار في مشروع عقاري تبين لاحقا أنه زراعي ولا فائدة ترجى منه، يقول في مقال له انه يتحدى البشر والحجر في أن يثبتوا أنه أثرى يوما أو «تربح» من المناقصات الحكومية! ولا أعتقد أن الأمر يحتاج لكل هذا الغضب والتحدي، فالأمور أكثر من واضحة، ولو كان هناك قانون يتعلق بـ «من اين لك هذا» لعرفنا دربنا له!
3 – قامت جمعية الإصلاح، الفرع المحلي للإخوان المسلمين، التابع للتنظيم الدولي، بتزيين مقرها في الروضة بطريقة تختلف كثيرا عن السنوات السابقة، وبشكل مثير للانتباه، وسبب هذا «العجاف» والتملق معروف طبعا. الغريب أن الجمعية تخلت هذا العام، ولأول مرة، عن المناداة بـ «دولية» الحركة، وأصبح «الوطن» لديها، وفجأة: أكثر أهمية.

أحمد الصراف

سامي النصف

من هم بحق أعوان الاستعمار؟!

لم تدمر تهمة الأوطان العربية وتغير خارطة المنطقة السياسية للأسوأ مثل تهمة «العمالة للاستعمار» التي كانت تطنطن بها الإذاعات الثورية والتي أسقطت بسببها الأنظمة الملكية العربية ذات التوجهات الليبرالية، وحلت محلها الأنظمة الثورية القمعية التي أهلكت الزرع والضرع وأفقرت الأمة وتسببت في الهزائم المنكرة واحتلال الأراضي العربية، لذا من الواجب أن نعرف المستعمر الحقيقي كي نعرف أعوانه وعملاءه.

***

مع انتهاء الحرب العالمية الثانية قررت الحكومة العمالية البريطانية التي انتخبت عام 1945 ان استعمار الدول الأخرى قضية غير مجدية ومكلفة اقتصاديا بسبب التزايد السكاني الضخم للشعوب المستعمرة وبدء هجرتهم المعاكسة لبريطانيا، لذا تم الانسحاب من الهند جوهرة التاج البريطاني، ولم تعد هناك بالتبعية حاجة للتواجد العسكري في الشرق الأوسط الذي وجد لحماية الطريق إلى الهند، وعليه فقد تم سحب القوات من فلسطين وعقدت اتفاقيات جلاء عام 1946 مع العراق ومصر مع اشتراط حق العودة للمنطقة في حال محاولة الاتحاد السوفييتي احتلالها واستعمارها كما تم له احتلال دول شرق أوروبا تعلما من درس السماح لهتلر باحتلال الدول الأوروبية الصغيرة، وهو ما تسبب في إطالة زمن الحرب الكونية الثانية لست سنوات بسبب استخدام هتلر للموارد البشرية والطبيعية للدول التي احتلها، وقد حرك ستالين المظاهرات في مصر والعراق ضد معاهدتي بيفن ـ صدقي وبيفن ـ جبر رغم تضمنهما سحب القوات البريطانية منهما دون حرب أو ضرب.

***

ولم تكن الولايات المتحدة دولة استعمارية، ومن ثم لا صحة لأكذوبة «محاربة الاستعمار الغربي» التي راجت آنذاك والتي قيل إنها السبب في تحرر الشعوب، والمثال الواضح على زيف تلك الدعاوى، منح بريطانيا الكويت استقلالها عام 1961 والإمارات عام 1972 وجميعها دول نفطية وافرة الثراء قليلة السكان لم تطلق فيها رصاصة واحدة ضد الإنجليز، بل على العكس فقد تمت محاولة طلب تأجيل الانسحاب البريطاني من دول الإمارات المتصالحة خوفا من احتلالها بالكامل من قبل شاه إيران، إلا ان بريطانيا أصرت على الالتزام ببرنامج الانسحاب من شرق السويس.

***

في المقابل كان الاتحاد السوفييتي هو الدولة الاستعمارية الأولى في العالم، حيث كان يستعمر الجمهوريات الإسلامية وأوكرانيا وجمهوريات البلطيق ودول القوقاز بدلالة استقلالها اللاحق منه، إضافة الى احتلال واستعمار دول أوروبا الشرقية فور انتهاء الحرب الكونية وأفغانستان لاحقا، ومن ثم فقد كان حلفاؤه الثوريون بالمنطقة ممن منحوه القواعد العسكرية والمعاهدات الدفاعية التي كانت شروطها أسوأ بكثير من شروط حلف بغداد مع قيام الدب السوفييتي وسفرائه ممن كانوا بمثابة مندوبين ساميين بالتدخل الكامل في شؤون حلفائه بالمنطقة الداخلية والخارجية، هو من يصح أن يطلق عليه بحق لقب «الاستعمار» وعلى حلفائه «أعوان وعملاء الاستعمار» لا العكس.

***

آخر محطة:

(1) المنطق المعكوس الذي ساد آنذاك يتكرر هذه الأيام بالمنطقة، فمن يدعي بالعمالة على الأنظمة والتوجهات الليبرالية في مصر وليبيا وغيرهما هو.. للعمالة أقرب!

(2) من الأكاذيب الفاقعة لذلك العصر، دفع موسكو لعملائها في المنطقة وخارجها لخلق منظومة ادعوا انها غير منحازة للمعسكرين الشرقي أو الغربي، بينما هي في واقعها منحازة حتى النخاع للاتحاد السوفييتي ونظامه القمعي ومعادية حتى النخاع للمعسكر الليبرالي الغربي حتى انها سكتت عن نحر الشعب الهنغاري (عام 1956) والتشيكي (عام 1968) من قبل جيش الاحتلال السوفييتي!

احمد الصراف

حيدوهم

مع بدء انحسار نفوذ الجماعات والاحزاب الدينية، الذي ساد لأربعة عقود، تم فيها استغلال الدين لتحقيق منافع مادية ومعنوية وشخصية للقائمين على تلك الأحزاب ومؤيديهم، نقول ما إن بدأت بالانحسار حتى بدأت الفضائح بالظهور. فقد أعلنت وزارة الشؤون ـ القبس ـ عن حل مجلس إدارة جمعية الفروانية لوجود شبهة تجاوزات مالية فيها، وهذه آخر جمعية تحل الحكومة مجلس إدارتها، بسبب شبهات مالية، ومعروف أن غالبية الجمعيات التعاونية، وجزءا كبيرا من جمعيات النفع العام، والخيرية بالذات، كانت تحت سيطرة حزب الإخوان المسلمين، الفرع المحلي للتنظيم العالمي.
كما فاحت مؤخرا رائحة تجاوزات جمعية الضبابية، أو الشفافية، ووصلت الى مجلس الأمة، بعد أن بح صوتنا ونحن نكتب عن تلك التجاوزات. ويذكر أن الجمعية تعتبر، ضمنا، محسوبة بفكر القائمين عليها، على حزب الإخوان المسلمين.
ثم جاءت فضيحة مناقصة طباعة 250 ألف نسخة من القرآن من قبل هيئة القرآن التابعة لوزارة الأوقاف، وترجمتها وشحنها وتوزيعها على جماهير كرة القدم في البرازيل! ومعروف أن أمام الهيئة ثلاثة مستحيلات هنا: أولها يتعلق باستحالة طباعة كل هذه الكمية من القرآن في هذه الفترة القصيرة. ويستحيل ثانيا مراجعة صحة طباعتها وصحة ترجمتها لأربع لغات! ويستحيل ثالثا شحنها في الوقت المناسب وقبل بدء المباريات! وحتى لو حدثت المعجزة واستطاعت الوزارة وهيئتها من تحقيق المعجزات الثلاث، فإن قوانين الفيفا تمنع اصلا توزيع اي منشورات أو كتب دعائية او دينية بأي وسيلة كانت في المناسبات الرياضية الدولية.

***
تقدم وكيل بالأوقاف الموظف في الحكومة، بشكوى الى مخفر منطقته السكنية، ضد مجهول لقيام الأخير بإتلاف ممتلكات أمام منزله، ومنها 11 سيارة!
يقع بيتي في شارع فيه أربعة من اصحاب الملايين لا تقف أمام بيت اكثرهم غنى أكثر من 6 سيارات.

***
ورد على لسان وزير الداخلية المصري (القبس 5/23)، أنه لا يعرف سبب اختيار مرسي له ليكون وزيرا للداخلية، وان مرسي أرسل يطلب منه اعتقال شخصيات إعلامية وسياسية، ولكنه رفض تنفيذ القرار! كلام الوزير إبراهيم دليل على مدى تطرف وفساد نظام الإخوان، ورد على كل المفترين الذين طالما كتبوا واصفين فترة حكم مرسي بأنها كانت خالية من الاعتقالات، وكافلة للحريات!

أحمد الصراف

طارق العلوي

سمو.. المغلوب على أمره!

أيام جنكيز خان العظيم، والعهدة على الفنان إبراهيم الصلال، كانوا يطلقون على ملوكهم ألقاباً تليق بأعمالهم، مثل المعتصم بالله.. والمنتصر بالله.. والغالب بأمر الله. ولو كان سمو الشيخ جابر المبارك رئيسا لمجلس الوزراء في عهد التتار، لربما أطلقوا على سموه لقب.. «المغلوب على.. أمره»!
فسموه «حد يوشه» ان يشير الى المشكلة، وكثر الله ألف خيره..أما ان يجد لها حلا، فهذا أمر.. «خارج نطاق التغطية».
اجتمع بنا سموه في نوفمبر من عام 2012، وقال: «هل تعلمون السبب الرئيسي في تخلف البلد؟.. السبب هو أننا لم نحول أي واحد من القيادات الادارية في البلد للتحقيق أو النيابة.. وهل تعلمون ان جهازنا الاداري هو أساس المشكلة؟ فأغلبيته جاءت بالواسطة وليس بالكفاءة.. وهل تعلمون ان الحكومة الناجحة بحاجة لوزراء يكونون رجال دولة؟ لكني محاط بموظفين من درجة وزير»! متابعة قراءة سمو.. المغلوب على أمره!

محمد الوشيحي

مات الأصمعي أيها المتجيهلون

لم يعد لجاهلٍ عذر، ولم تعد كلمة “لا أعلم” مقبولة. ورحم الله الأصمعي، الراوية، الشاعر، الحافظ، عالم اللغة والتاريخ، وغير ذلك… رحمه الله، فقد كان في عصره هو وكالة الأنباء شبه اليتيمة، وكانت مهمته الطواف على القرى والمدن النائية، وزيارة البدو الرحل ومعاشرتهم، وحفظ قصائدهم وأخبارهم وعاداتهم وحكاياتهم ولهجاتهم، قبل أن يدوّن كل ذلك، ثم يرويه على مسامع الخلفاء بمقابل مجزٍ.
كان هو المصدر الوحيد، أو شبه الوحيد، للأخبار. كان هو المحرر، والمصحح، و”المدسّك”، أو المسؤول عن صياغة الأخبار، والمخرج، ونائب رئيس التحرير، ورئيس التحرير، وشركة التوزيع، وغير ذلك. ويكفي القول “قال الأصمعي” ليُعتبر الخبر موكوداً موثوقاً قابلاً للانتشار. متابعة قراءة مات الأصمعي أيها المتجيهلون