الديموقراطية تفترض كمبدأ عام الإيجابية في المشاركة بالانتخابات مع اعطاء الحرية لمن لا يريد التصويت، ولو كان الأمر غير ذلك لفرضت الديموقراطيات المتقدمة نسبا ادنى للمشاركة الشعبية مثل 30% وتلغى او تعاد الانتخابات ان لم تتحقق هذه النسبة، واضح ان احدا لم يخلق مثل هذا التشريع المختص بالنسب، فالانتخابات تتم بمن حضر ويفوز من يحصل على الأغلبية من هؤلاء ومقياس صحتها هو النزاهة ولو جعلنا نسب المشاركة هي المقياس لأصبحت انتخابات الدول الاسكندنافية باطلة لقلة المشاركة فيها بسبب قلة المشاكل، ولباتت الانتخابات القدوة هي انتخابات جمهوريات الخوف التي يرغم فيها الناس على الخروج والتصويت، فقد حصل صدام في 16/10/2002 على 100% من أصوات من يحق لهم التصويت اي انه لم يمت احد في ذلك اليوم المبارك الا بعد ان ادلى بصوته وقبله حاز الرئيس الديكتاتوري السوري حسني الزعيم 103% من الأصوات التي جرت في 26/6/1949 اي اكثر ممن يحق لهم التصويت بـ 3%.
***
ولم يعرف في اي ديموقراطية محترمة ان يحسب مجموع نسبة من لم يصوت لجهة ما، فإن صوت 40% من الناخبين الاميركيين ادعى طرف ما انه يمثل 60% ممن قاطعوا ولم يصوتوا وهو منطق لا يقول به عاقل لوجود ملايين الاعذار المختلفة لمن لم يصوت اي بعدد المتخلفين، وفي هذا السياق هناك فارق كبير بين الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2012 التي كانت النتائج فيها متقاربة وغير محسومة مما يشجع الناخب على التصويت وبين الانتخابات الحالية التي تسبب الكشف المبكر عن نتائج التصويت في الخارج – وهو ما انتقدناه في مقال الخميس الماضي- في عزوف كثير من الناخبين عن التصويت في انتخابات حسمت سلفا فلم العناء؟!
***
يضاف الى ذلك حصر التصويت هذه المرة في «الموطن الانتخابي» الذي لم يأخذ في الحسبان وجود 13 مليون مصري يعملون بعيدا عن موطنهم كحال اهل الصعيد، ومحافظات الاطراف ممن يعملون في القاهرة والاسكندرية.. إلخ، ما استدعى مد الانتخابات يوما ثالثا لإتاحة الفرصة لهم للسفر والتصويت في مدنهم وقراهم، كما ان للطقس الحار او القارس او الممطر دورا كبيرا في عدد المشاركين في اي انتخابات رئاسية او برلمانية في العالم ومعها قرب الامتحانات النهائية للمدارس في مصر.
***
آخر محطة: في الكويت احد اقدم الديموقراطيات المستمرة في الوطن العربي، تقاطع كثير من التوجهات السياسية الرئيسية مثل التكتل الشعبي والإخوان والمسار المستقل الانتخابات التكميلية الحالية عبر عدم انزال مرشحين لها وهو امر يجب الا يمنعهم من التوصية بانتخاب الاكفاء والأمناء من المرشحين الحاليين بدلا من ترك كراسي البرلمان الخضراء للباحثين عن الثراء السريع.