يوماً بعد يوم يزداد يقيني ثباتاً ورسوخاً “العرق العربي هو الأرذل والأذل بين الأعراق كلها”. ستقول والإفريقي الأوسط؟ وسأجيبك: “أولاً هو ليس عرقاً واحداً، ثانياً لم يحصل أبناؤه على خيرات كخيرات العرب كي يحاربوا الجهل، فنحكم على مستوى عرقهم. مازال الجهل مسيطراً هناك”.
وبعد أن أصبحت الكرة الأرضية كلها تحت بلكونة بيتي، أشاهد شوارعها، وأسمع أحاديث سكانها وهمسهم، أجزم جزماً مبيناً أن كلمة “الأرذل” لا تفي العرب حقهم.
وكنت قد كتبت شيئاً قريباً لهذا، فثار في وجهي أبناء عدنان وقحطان، والعرب “بالتأسيس” والعرب “بالتجنيس”: “هل نسيت قادسية عمر؟ ونسيت فتح الأندلس وأمجاد الدولتين العباسية والأموية؟ ونسيت ونسيت ونسيت”. ولهم أقول التالي:
نحن نتحدث عما يدور اليوم وأمس، اتركوا عنكم كتب التاريخ، وحدثوني عن كتب الحاضر. حدثوني عن تأثير العرب اليوم، حدثوني عن قيمتهم وقيمهم، عن مبادئهم وكرامتهم وشرفهم (الشرف هنا ليس المقصود به ما يتعلق بجسد المرأة)، حدثوني عن إنسانية العربي، عن فزعته، عن إبائه، عن صدقه، عن وفائه، وعن وعن وعن…
حدثوني عن مكانة المواطن العربي في بلاده، ومكانته في أعين حكامه. حدثوني عن أي إنسان في الأرض يتمتع بإذلال نفسه أمام الحكام وأقربائهم، يقبل أياديهم وركبهم وأقدامهم، يستجديهم رغم شبعه، يتحول إلى “هزؤ” ليتضاحكوا عليه هم وأولادهم وأحفادهم، ثم يعود الى قومه ليصبح (كبيرهم)، ولا أدري ما هي التسمية لهؤلاء الذين كبيرهم (ألعوبة) يضحك عليها أحفاد الحكام.
حدثوني عن مكانة المرأة (العار) في المجتمع العربي. حدثوني عن الـ”لا” التي سقطت من اللغة العربية، في حين تتناثر في فضاءات الشعوب المحترمة. حدثوني عن بلدان ثرية وشعوبها فقيرة، أين تجد هذا؟ حدثوني عن ملايين تقاد كما يقاد الكفيف خلف رجل دين، هو في حقيقته رجل سلطة.
وما أطول الحديث، لكن اختصاره متابعة القنوات الفضائية الإخبارية الصادقة، ثم إخفاء الرأس بين اليدين، والخجل. وما لم نخجل فسنحافظ على صدارتنا في سباق “العرق الأرذل والأذل”.