اول التحديات غير المسبوقة التي ستواجهونها في اليوم التالي للرئاسة هي مشكلة المياه والطاقة كنتيجة لمشروع سد النهضة، والحل المطروح حاليا هو الاستعاضة عن مياه النيل القادمة من الحبشة بالمياه القادمة من نهر الكونغو ونخشى ان الاكتفاء بخيار كهذا سيبقي مصر رهينة ارادة انظمة دول اخرى وحاجات شعوب يتزايدون سكانيا بأكثر مما تتزايد الحبيبة مصر حسب الاحصاءات الدقيقة للجنة السكان في الامم المتحدة (كمثال عدد سكان مصر واثيوبيا حاليا يقارب 90 مليونا، في عام 2050 سيبلغ عدد سكان مصر 136 مليونا واثيوبيا 179 مليونا والحال كذلك مع دول المصب الأخرى).
****
تبلغ مساحة السعودية ضعف مساحة مصر، كما يقارب طلبها على المياه والكهرباء بسبب الحرارة الشديدة اغلب العام ما يقارب طلب مصر، ورغم ان المملكة لا انهار ولا امطار فيها الا انها تشتهر بالزراعة والصناعة ولا تعاني من انقطاع المياه او الكهرباء فيها وذلك بسبب محطات تقطير المياه التي تنتج كقيمة مضافة الكهرباء بأسهل وارخص السبل وقد يكون ذلك هو الخيار الافضل لمصر والمكمل لنهر النيل وحتى نهر الكونغو اضافة الى ضرورة خلق محطات طاقة نووية كي يصبح خيار مصر في يدها لا في يد الآخرين.
****
وجودة عمل الرئيس ـ أي رئيس او مسؤول ـ هي بجودة الفريق المحيط به، ومصر الولادة لا تخلو من العقول المبدعة التي تصلح لان تشكلوا منها مستودعات عقول Think tank، قادرة على التفكير خارج الصندوق ومن ذلك النظر في التحول من المقولة التاريخية الشائعة وغير الصائبة بأن مصر بلد زراعي (في الحقيقة مصر بلد صحراوي فــ98% من تربتها غير زراعية ولا امطار فيها ولا انهار تنبع منها) الى بلد صناعي، فالتقدم والثراء مرتبطان كما حدث في اوروبا وشرق آسيا بالتحول الى الصناعة، ويمكن لمصر ان تستثمر في بلدان زراعية حقيقية تصبح سلة غذاء لشعبها كحال جمهورية جنوب السودان بلد الانهار والامطار طوال العام.
****
وغني عن القول فإن مصر «الزراعية» لم تحل مشاكل مصر او تغنيها عندما كانت بمساحة 3.5 ملايين كم2 كونها تشمل السودان شماله وجنوبه، وبعدد سكان لا يزيد على 10 ملايين بداية القرن الماضي فكيف ستحل الاشكالات وعدد سكانها سيتجاوز لأول مرة المائة مليون على رقعة ارض خضراء تتقلص سريعا بسبب اشكالات التصحر والعشوائيات؟! خيار التحول الى مصر «الصناعية» سيحتاج الى انشاء آلاف المراكز التدريبية والمهنية التي تحول المزارع الى مصانع كما حدث في الصين خلال العقود القليلة الماضية وبذلك يتحول العدد البشري من اعاقة الى ..اضافة!
****
وبودنا يا سيادة الرئيس ان تختاروا رئيس حكومة غير تقليدي لإيجاد حلول غير تقليدية لمشاكل مصر المتعاظمة وغير المسبوقة في تاريخها الطويل، وقد يكون الافضل لذلك المنصب المهم شخصية سياسية واقتصادية واعلامية بارزة لها الصلات الواجبة مع المجتمع الدولي والمحيط الافريقي والعربي والخليجي، شخصية اقرب للرئيس اللبناني الشهيد رفيق الحريري الذي اوقف الخروقات الامنية وساهم في اعمار بلده وعزز علاقاته بدول العالم المؤثرة وحصل منها على استحقاقات النهضة والاعمار.
آخر محطة:
1ـ نرجو ان يتم اطلاق سراح كبار رجال الاعمال المصريين ممن اعتقلوا ابان ثورة العواطف وجل ذنبهم انهم استثمروا اموالهم في تعمير بلدهم فلن يأتي المستثمرون العرب والاجانب وهم يشهدون التنكيل بزملائهم من كبار رجال الاعمال المصريين.
2ـ وقبل حوالي 60 عاما وجه والدي باسم سمو امير الكويت الدعوة لــ60 شخصية كويتية بارزة في نهج اقرب لمستودعات العقول لمناقشة عرض الحكومة الملكية العراقية الصديقة عام 1955 بتزويد الكويت بمياه شط العرب، وقد قرر المجتمعون رفض العرض واللجوء لخيار تقطير المياه حفاظا على السيادة الوطنية وقد اثبتت الايام سريعا صحة وحكمة ذلك القرار فلم تمض سنوات قليلة الا وسقط النظام الملكي الصديق ووصل للحكم نظام عبدالكريم قاسم المعادي الذي طالب ومثله صدام بضم بلدنا، ولنا ان نتصور ما كان سيحدث لو كنا نعتمد في حياتنا وعيشنا على مياه شط العرب..!