سبحان مقلب القلوب وأولويات مجلس الأمة، من الإسكان والصحة والتعليم، إلى تنشيط الدورة الاقتصادية، وإحراق الدورة الدموية.
يبشرنا “مجلسهم” أن البرلمان على وشك إقرار المئة ألف دينار وزيادة علاوات الأطفال، وهي البشرى التي تقطعت حناجر نواب الحكومة التقليديين وهي تطالب بها، ولا أدري ما الفرق بين مطالب مجلسهم الحالي وبين نواب الحكومة التقليديين، باستثناء فرق واحد وبسيط، وهو أن مجلسهم الحالي لم يطالب بزيادة دعم العلف، وهو المطلب التقليدي لنواب الحكومة بعد كل استجواب وقبل كل طرح ثقة لتبرير مواقفهم.
وأتمنى على من يعرف رقم هاتف “مجلسهم” أن يرسل إليه رسالة نصية: “لا نريد زيادة القرض الإسكاني، لأنها تفاقم المشكلة وتصب في صالح تجار الأزمات. وإذا كنتم صادقين في البحث عن مصلحة البسطاء فادعموا المواد الإنشائية من دون زيادة القرض التي سيتبعها ارتفاع أسعار العقار”.
ولا أدري لماذا تخيلت منظر “مجلسهم” في نقاشه مع الحكومة حول “زيادة القرض الإسكاني” أنهم بعد اتفاقهم تبادلوا التواقيع والغمزات، ثلاثون ألف غمزة، متبوعة بضحكة كبقرة اليهود، صفراء فاقع لونها.
وليس أجمل من اقتراحات زيادة القرض الإسكاني وعلاوات الأطفال وما شابهها من الاقتراحات التي تدغدغ الجيوب وتخدر العقول، إلا مقترح النائب السلفي عبدالرحمن الجيران بتشريع قانون يحارب البيع في أوقات الصلاة، وهو اقتراح يرهب الرافضين لإقراره أو حتى رفض استعجاله، كي لا يُتهموا بمعاداة الإسلام… وإذا كانت المقترحات المالية تدغدغ الجيوب وتخدر العقول، فإن المقترحات الدينية الشكلية تدغدغ الحمية الإسلامية ويصعب رفضها، وستُقر مع غمزة عين وحك لحية!
وبالطبع سينجح هذا الاقتراح، فيتسابق النواب المدغدغون للبحث عن قوانين مشابهة تكسبهم أصوات البسطاء، ولا علاقة لها بمصالح العباد والبلاد، فيتقدم نائب باقتراح “توزيع المساويك على المواطنين مع التموين”، ويتقدم آخر باقتراح بوضع كاميرات على بوابات المرافق الحكومية لإلزام المواطنين الدخول بالرجل اليمنى”، وثالث يقترح “منع ارتداء العقال باعتباره بدعة”، ورابع وخامس وعاشر… وبالتأكيد لن يقترح أحدهم “منع اعتبار الإسلام سلماً للمتسلقين والدجالين والكذابين”. وألف خيبة يا بلد.