قررت سلطة الانقلاب الدموي في مصر اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية! ولأنها تدرك جيداً خطورة هذا القرار وتبعاته على الأمن والاستقرار في مصر، أرادت أن «يضيع الدم بين القبائل»، فطلبت من الدول العربية أن تتبعها في قرارها وتتعامل مع الجماعة كجماعة إرهابية! ثم أصدرت قرارها الصارخ الآخر بالحكم بالسجن على كل من يشارك في التظاهرات لمدة خمس سنوات! ولاستكمال الصورة التسلطية الدموية اللاإنسانية قررت إعدام كل من يقود هذه التظاهرات!
لم أسمع أو أشاهد قراراً إرهابياً أشد من هذه القرارات الدموية. مجرد مشاركتك في تظاهرة سلمية تزج بالسجون خمس سنوات! هكذا تصدر التشريعات والقوانين في سلطة الانقلاب! وطبعاً القضاة المؤيدون لهذا الإرهاب جاهزون وعلى أتم استعداد لتطبيقه من اليوم الاول! أليسوا هم القضاة الذين كانوا يزوّرون النتائج لحسني مبارك وحزبه في كل انتخابات؟! أليسوا هم القضاة الذين سيعلنون نتيجة الاستفتاء على الدستور المصري المغتصب؟!
85 عاماً مرت على جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها، لم يطلقوا فيها رصاصة واحدة داخل مصر! فقط عام 1948 عندما غزا اليهود فلسطين شكلوا كتائب الجهاد وانتقلوا الى فلسطين وأبلوا بلاء حسناً لولا الخيانة المعروفة على الجبهة الشرقية، وعندما رجعوا إلى مصر كانوا يتوقعون أن تستقبلهم الدولة بالتكريم والتقدير لكنهم فوجئوا بأبواب القطارات تفتح داخل السجون! ثم اغتيل الإمام الشهيد حسن البنا، ثم حُلّت الجماعة! واستمرت الجماعة تمارس العمل الدعوي السلمي، وبدأ تأثر الناس بهم مع شدة التضييق عليهم من نظام عبدالناصر الذي لم يجد عذراً لضربهم بالقاضية من جديد، فاختلق قصة حادثة المنشية واتهم الجماعة بمحاولة الاغتيال واستأنف فيهم التعذيب والسجن والقتل، وبعد أن هلك عاد الإخوان يمارسون الدعوة بتوجيهات الإمام الشهيد نفسها لهم (النصح والارشاد وليس الخلع والابعاد)، ومع استمرار حظر الجماعة وحرمانهم من ابسط حقوقهم، الا ان دعوتهم دخلت قلوب المصريين لصدقهم وواقعيتهم وسلميتهم، ثم جاء عصر حسني مبارك وكان شديداً عليهم كذلك، واستمر في تقييد حرياتهم وتعذيبهم لدرجة أن بعضهم أصبح يعرف طريق السجن أكثر من معرفته لطريق بيته، ولن ننسى كلمة المرشد بالامس القريب عندما قال للقاضي إننا منذ ستين عاماً نعرف الظلم ومعاناته!
اليوم الوضع في مصر يرجع مقلوباً بعد أن كاد يعتدل.. الذي يقتل ويسحل ويسجن ويحرق الجثث ويجرفها بالجرافات ويغلق قنوات الرأي الآخر يسمى بطلاً ويدعم بالمليارات! بينما الذي يصل إلى الكرسي عن طريق صناديق الاقتراع ويمارس الاعتراض السلمي يوصف بالإرهاب!
الإخوان المسلمون جماعة وسطية معتدلة تفهم الإسلام وفقا للكتاب والسنة الصحيحة، كما بيّن ذلك الإمام الشهيد في رسالة التعاليم، وترفض التطرف في كل شيء. ولذلك، هم يحاربونها لأنهم يرون في هذا الاسلوب ما يقض مضاجعهم ويعطي الصورة الحقيقية للإسلام العظيم، هم يريدون ان يواجهوا جماعة متطرفة تمارس العنف حتى يجدوا ذريعة للقتل والسحل، ومع هذا لم يجدوا سبيلاً للانتظار، لأن نزعة الإرهاب تسري في عروقهم فبدأوا بفض رابعة والنهضة بهذه الطريقة الوحشية التي شاهدها العالم كله.
الانتماء للإخوان المسلمين اليوم أصبح مفخرة واعتزازاً للصورة الناصعة التي أظهروها للعالم أجمع، أثناء محنتهم وابتلائهم، هي كذلك عند كل شريف محب للخير والسلام والإسلام، كما أنها جريمة عند كل جاهل بالحقيقة حاقد على الدين وأهله.
الإخوان مدرسة تربوية، حفظ الله بها الجيل وتتلمذ فيها أجيال ولا ينكر فضلها إلا جاحد.
شكراً كبيرة لكل الدول العربية التي رفضت الهرولة وراء تهور حكومة الانقلاب ورعونتها، وشكراً كبيرة لكل الشرفاء من السياسيين والمفكرين غير المنتمين إلى الإخوان الذين استنكروا هذا التصرف الأحمق، وحفظ الله الكويت وأهلها من كل سوء.