دخل الزعيم الكبير نيلسون مانديلا السجن عام 63 وكان شعاره «أفريقيا للأفريقيين فقط» أي ضرورة خروج البيض والآسيويين منها، حاله كحال شعار القوميين العرب والفلسطينيين «فلسطين للفلسطينيين من النهر إلى البحر»، إبان السجن الطويل غيّر مانديلا فكره ورفع شعار «أفريقيا لمن عاش على أرضها» أي راجع فكره وتقبل وجود الآخرين من بيض وآسيويين ممن يسمون «الأفريكانو» ضمن الدولة فأنجز وأبهر بينما بقي العرب على شعارهم المتعصب وغير المتسامح ففشلوا وأخفقوا.
***
في الكويت، أحد أكبر إشكالات الوضع السياسي الراهن هو الانسداد القائم بين الموالاة والمعارضة، الأزرق والبرتقالي وإصرار كل طرف على عدم التزحزح عن موقفه وهو اشكال وثقافة متوارثة منذ القدم والتي تسببت في أزمات تلد أزمات وصراع كسر عظم قائم، ولعبة صفرية هدفها أن فريقا يحصد كل شيء وفريقا لا يحصد شيئا ومعادلة كهذه ليست من السياسة العاقلة والحكيمة بشيء، بل بلغ السخف والحمق أن يعيب المتطرفون والمتشددون على المعتدلين اعتدالهم.
***
ولو عدنا للمحيط الإقليمي والعربي لوجدنا أن التشدد والتعصب والتطرف في الرأي هو مشكلة المشاكل وسبب الأزمات المدمرة القائمة في مصر وسورية والعراق وليبيا وتونس واليمن ولبنان وحتى مع إيران فالشعار المرفوع هو «رأيي صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ لا يحتمل الصواب» وكل مراجعة يفرضها المتغير وحكم الواقع وسياسة الممكن هو تهاون وتخاذل وخيانة، وذلك التعصب في الرأي هو للعلم ما اسقط الأنظمة القائمة عبر الثورات الشعبية بعد أن رفضت أن تتغير وأخذتها العزة بالإثم فقامت الشعوب بتغييرها.
***
آخر محطة: 1 ـ التزم المفكر والإعلامي والسياسي العراقي حسن العلوي بخط حزب البعث ثم انقلب عليه وكفر بفكره ولمّا لامه أحد الصحافيين ذات مرة على ذلك التغيير، أجابه: إن المخلوق الوحيد الذي يتصلب في موقفه ولا يتغير مهما تغيرت الظروف وتكشفت الحقائق هو.. الحمار!
2 – في لقاء لقناة CBC مع الأستاذ هيكل الأسبوع الماضي روى قصة لقائه مؤخرا مع أحد الملوك العرب الذي قال له إنه معجب بإخلاصه لفكر صاحبه أي عبدالناصر، يقول هيكل أجبته بأن مواقفي تغيرت وأن الوفاء دون تفكير هو صفة.. الكلب!
3 – في هذا السياق لا أعلم سبب اختيار الأستاذ هيكل لشخصية مثل لميس الحديدي بينما توجد شخصية مقتدرة مثل الإعلامي الكبير عماد الدين أديب (أخو زوجها) تعمل في نفس القناة.