محمد الوشيحي

حسبة بدو..

شوف.. مقاييس صلاح السلطة، أي سلطة في أي بلد، تستطيع أن تحسبها “حسبة بدو”، إذا استصعبت متابعة “مؤشر مدركات الفساد”، ومقاييس التنمية البشرية والإدارية، وعناصر الشفافية، وغير ذلك.. الحسبة سهلة و”هايلة” على رأي سيد مكاوي.
ما إن تهبط طائرتك في بلد، ابدأ بالتركيز على المطار، من حيث البناء، والنظافة، وتنظيم الناس، وصراخهم أو هدوؤهم، وطريقة تعامل سائقي التاكسي معك، وهل تصدمك صورة الحاكم في كل زاوية أم لا.. وفي المدينة، ركز على نظافة شوارعها، أكثر من تركيزك على هندسة الطرق وتصميمها، فإذا كانت الشوارع قذرة، فاحزم أمرك، وإن شئت أمتعتك، على أن سلطة هذا البلد فاسدة، لا ريب في ذلك ولا شيب. متابعة قراءة حسبة بدو..

حسن العيسى

هل هذا ما تريدون؟

قبل أيام نشرت "القبس" خبراً عن قيام جمعية طلبة كلية العلوم الاجتماعية "… التابعة لتيار الإخوان المسلمين في الجامعة… بإيقاف فعالية غنائية، بحجة وجود آلات موسيقية محرمة شرعاً…"، وورد في الخبر ذاته أيضاً اشتراط "… النادي السياسي التابع للاتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع الكويت (إخوان مسلمون) وجود محرم للطالبات من أجل قبولهن لزيارة مبنى الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل…". ولم تمض بضعة أيام من ذلك الخبر حتى نشرت الصحافة تحذير النائب السابق محمد هايف، ممثلاً عن جماعة ثوابت الأمة، "من وضع أصنام في أرض المعارض، التي يمكن عدها كفراً…"!
يمكن أن نغفل أهمية أي من هذين الخبرين، فجمعية طلبة كلية العلوم الاجتماعية هي جماعة منتخبة تمثل أغلبية الجسد الطلابي في الكلية، مثلما يمثل الاتحاد الوطني فرع الجامعة طلبة وطالبات الجامعة بانتخابات صحيحة، والنائب السابق كرئيس لتجمع ثوابت الأمة لم يفعل إلا أنه عبر عن رأيه في "الأصنام"، وربما دان كل عمل فني يبرز الإبداع الإنساني، خشية أن يتحول الناس عن عبادة الله ليعبدوا تمثالاً رملياً… لكن على الضفة الأخرى من التحريم والمنع للموسيقى البريئة أو حظر التماثيل الرملية، والتي لم يساهم فيهما لا بيتهوفن ولا مايكل أنجلو، يبرز هنا المأزق المحرج لنا حين نطالب بالحريات والديمقراطية على نحو كامل، وندين انفراد السلطة في الكويت بتقليص مساحة كل منهما بعد إجراءاتها الأخيرة بالصوت الواحد وإغراقها البلد في الملاحقات الأمنية والقضائية للمختلفين معها.
الاتحاد الوطني لطلبة الجامعة كممثل للإخوان يشغل حيزاً كبيراً ومهماً في المعارضة الكويتية للسلطة، وبدرجة أقل (ربما) يمثل الفكر السلفي الذي يتبناه محمد هايف حيزاً من هذه المعارضة، فما العمل، حين ندعو للحريات، فنجد أن من بين الداعين منا يعتقد وبغير خلاف أن الحرية محددة بتخوم رؤيته الدينية أو الطائفية أو العرقية، ولا حرية تتجاوزها، فالحرية عند هذا المذهب الفكري هي "محاربة الفساد" المالي والإداري في الدولة، ويزيد عليها حين يحشر الحريات الشخصية والاجتماعية التي مرجعها "الضمير الفردي" تحت بند "الفساد الأخلاقي"، وعند الفريقين الدينيين (ثوابت الأمة، والاتحاد الطلابي) يتم تفصيل فكرة الحرية على مقاسهم الخاص، وهو مقاس قهري متعنت قاتل للفكر لا يقل استبداداً عن انفراد السلطة بالحكم، إن لم يكن أسوأ، فهل أصبح وضعنا كالمستجير من الرمضاء بالنار! وهل يتعين أن نتقبل مرارة التسيب والفساد المالي في إدارة الدولة كثمن واجب دفعه كي لا يأتي من يعصف بوجودنا، ويحيلنا إلى آلات ميكانيكية تتحرك بالريموت كونترول لفقهاء السياسة الدينيين.
لابد، هنا، من وقفة مراجعة يفترض أن ينتبه لها الإخوان أو الحركات السلفية، فمثلاً الرئيس محمد مرسي المصري الإخواني المخلوع بالقوة العسكرية لم يطالب مثلاً بإزالة الأهرامات، أو تدمير التماثيل الفرعونية في مصر على طريقة "طالبان" وهدمها تمثال بوذا التاريخي في منتصف التسعينيات، ويستحيل على مرسي وغيره فيما لو قدر للإخوان الاستمرار في قيادة الشرعية مجرد التفكير في هذا، ولم يقم إخوان مصر بتحريم الموسيقى وقتل الفنون جملة وتفصيلاً، مع أنهم "إخوان" مثل حال "إخواننا" في الكويت والخليج، وطبعاً حين نذهب إلى تونس فهوامش الحرية تحت قيادة حزب النهضة (الإسلامي) أوسع بكثير من الحالة المصرية، إذاً لماذا الجماعة هنا، الذين يشكلون أحد أسس المعارضة يقفون ذلك الموقف المتصلب وهم خارج دائرة الحكم؟! فهل حجتهم أن الثقافة الخليجية هنا أكثر "محافظة"، وأكثر التصاقاً بالدين الإسلامي…؟! لهم أن يبرروا رؤيتهم كما يشاؤون، لكن في المقابل عليهم أن يحذروا من أن إطلاق مثل تلك الممارسات الاستبدادية سينهش من جسد المعارضة، ويبعد الكثيرين عنها، فهل هذا ما يريدون في النهاية؟

احمد الصراف

الزوجة.. ورأي البعيجان!

أقامت جمعية إنسانية – أبعد ما تكون عن حقوق المرأة – ندوة قبل ايام تعلق موضوعها باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة (25 نوفمبر من كل عام) وكان عنوانها «كيف نحقق للمرأة الأمان؟»، ووجهت المحاضرات دعوة للرجال، الذين ندر وجودهم في الندوة، لإقرار كل حقوق المرأة ومناهضة جميع اشكال التمييز ضدها! ودعون «الجهات المختصة»، الى وقف ممارسة أي عنف ضد المرأة، مع العلم أن هذه الجهات هي أصلا وراء تكريس هذا النوع من العنف! وأكدت المحاضرات أن المرأة تشكل نصف المجتمع، وعلى الجميع احترامها، وهذا ما لم نكن نعلم به! وكان أفضل ما قيل في الندوة، وأكثره إيلاما، ما جاء على لسان رئيسة برنامج المرأة والتنمية الاجتماعية التابع للأمم المتحدة، سحر الشوا، من ارتفاع قضايا الاعتداء والعنف ضد المرأة في الكويت، وفقا لاحصائيات رسمية صادرة من قبل «العدل»، حيث وصلت الى 345 قضية عام 2000 وارتفعت إلى 443 عام 2009! وهذه فقط أرقام النساء اللاتي تبرعن بتقديم شكاوى رسمية ضد من اعتدى عليهن، أما الغالبية العظمى فمن المؤكد أنهن فضلن البقاء صامتات، خوفاً من فضيحة أكبر وعقاب أشد! وقالت الشوا إن اكثر القضايا المسجلة هي هتك العرض والخطف والمواقعة بالإكراه او التهديد مع الضرب بمكان محسوس. وطبعاً انتهى المؤتمر بكلام عام، كما بدأ، من دون أن يتوقع أحد أن يتمخض عنه شيء، طالما بقيت المناهج الدراسية مكرسة لممارسة العنف ضد المرأة، وطالما كانت القوانين الحالية قاصرة عن حماية حقوقها.
وبعيدا عن قضايا العنف، يقول صديقنا البعيجان إن المرأة الكويتية بالذات أصبحت تعيش تحت هاجس الخوف من أن يتزوج زوجها عليها! بعد أن تبين أخيرا، عند توزيع تركات أشخاص متوفين، ظهور زوجات لهم لم يكن أحد يعرف بوجودهن. وقال إن ذلك شكل صدمة كبيرة للكثيرات. ويقول صديقنا «البعيجان» إنه طالما أن هناك لدى البنوك الكويتية «مركز مخاطر» يمكن لأي بنك الاستعانة به لمعرفة حجم مديونية أو قروض اي عميل، لدى أي بنك، قبل منح هذا العميل أي قرض جديد، فإنه يجب بالتالي إيجاد «مركز مخاطر» مماثل يمكن للتي تود الاقدام على الزواج اللجوء اليه لمعرفة ماضي وحاضر من يود التقدم للاقتران بها. وكما يمكن للزوجة مراجعته، متى شاءت، للتأكد من أن زوجها (الفحل) لم يتزوج عليها!
وعلى الرغم من معقولية ووجاهة اقتراح الصديق، فان تطبيقه، كما يعرف هو جيدا، أمر ليس بالهيّن، فالزواج الإسلامي الصحيح لا يتطلب تسجيلاً لدى أي جهة كانت، وما يجري الآن من توثيق لعقود الزواج ما هو إلا بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبئس القرار!

أحمد الصراف