اليوم: 15 ديسمبر، 2013
عفوا.. لا مانديلا لدينا!
لم يكن مستغربا على الاطلاق الوداع العالمي غير المسبوق للرئيس نيلسون مانديلا الحائز جائزة نوبل للسلام و250 جائزة دولية اخرى والذي اجتمع لوداعه رؤساء اميركا وكوبا، وافغانستان وزيمبابوي، رغم التباينات والخلافات والصراعات القائمة بينهم، الا انهم و100 رئيس عالمي آخر اجتمعوا على توقيره وتمجيده وتخليده.
***
ولد نيلسون مانديلا العام 1928 منتميا لقبيلة كوسا (الكوسا والله عربنا) ومن الفرع الملكي الحاكم في القبيلة المسمى تيمبو، وحاز شهادة الحقوق ثم بدأ نشاطه السياسي، فحوكم بتهمة الخيانة العظمى اعوام 1956 ـ 1961 (الخيانة العظمى عند عربنا)، وفي العام 1962 زار الرئيس عبدالناصر في القاهرة ثم الرئيس ابورقيبة في تونس الذي منحه 5 آلاف جنيه استرليني تشجيعا له على النضال، ثم زار ثوار الجزائر وصور معهم في الصحراء قبل ان يعود لبلده ليحكم عليه بالسجن المؤبد، حيث امضى 27 عاما في السجون المرعبة لا الفنادق الفخمة كحال مناضلينا، ولم يتزوج شقراء اسمها سهى او ملكة جمال اسمها جورجينا وسيدة متزوجة تدعى سميرة شهبندر، ولم يملأ حساباته الشخصية بثروات شعبه.
***
في فبراير 1990 وبينما نحن مشغولون بالكويت بفعاليات دورة الخليج وعدم فهم مغزى انسحاب الفريق العراقي بعد تعديه المقزز على الفريق والجمهور الكويتي (لا يجرؤ على عملها الا بأوامر من عدي) ومعها عدم استيعاب رسائل التهديد التي حملها اكثر من مبعوث صدامي آنذاك، تم اطلاق سراح مانديلا، وفي العام 1994 انتخب رئيسا لجنوب افريقيا، وقرر التبرع بثلث دخله للاطفال المرضى، ثم قرر الا يترشح لولاية ثانية وان يتفرغ لنشر السلام في العالم والكتابة والقاء المحاضرات للساسة.
***
آخر محطة: 1 ـ في احدى خطب الرئيس جورج بوش الابن وردا على من طلب منه اطلاق سراح صدام حسين كما اطلق النظام الابيض سراح نيلسون مانديلا قبل ذلك، اجاب بانه يأسف كون صدام حسين اعدم جميع مانديلات العراق، لذا لم يبق احد في الشعب العراقي الا يريد الانتقام منه.
2 ـ احد الشخصيات التي شكلت فكر مانديلا في شبابه وجعلته لا يحمل كثيرا من الحقد على البيض كما اتى في كتاب ذكرياته المسمى «المسيرة الطويلة للحرية»، هو الشيوعي اليهودي الابيض نات بريغمان الذي فتح له كثيرا من آفاق العمل والدراسة والحوار مع الشيوعيين والليبراليين البيض.
3 ـ لا يوجد للاسف في مسيرة النضال العربي المعاصر شخصيات مؤثرة مثل نيلسون مانديلا في تضحياته واخلاصه وحبه لوطنه وتسامحه مع اعدائه.
من ينصت لكم؟
الآن.. أو لا أبداً!
قام طلاب من جامعة الكويت، تابعون لحزب الإخوان المسلمين، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان العالمي، بإيقاف فعالية غنائية في الجامعة، بحجة حرمة استخدام آلات موسيقية، علما بأن الفقرة الفنية موافق عليها ضمن أنشطة أسبوع «أنا إنسان» في الجامعة! وفي السياق نفسه، طلب غيرهم، ومن الحزب نفسه، من إدارة الجامعة منع طالبات من السفر في رحلة ثقافية لمركز الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لعدم وجود «محرم» معهن! ورضخت الجامعة لمطالبهم. وربما سيقوم زميل بالإشادة بـ«منجزات» هؤلاء الطلبة في مقال له، فهذه هي الانتصارات الوهمية الوحيدة التي برع فيها الإخوان في الثمانين سنة الماضية! ومن الطبيعي هنا الاستنتاج أن إدارة الجامعة التعبانة ما كان بإمكانها الوقوف في وجه بضعة طلبة، لو لم تكن تشعر بأن معظم مفاصل الدولة الأخرى هي بيد كبارهم، ومن الممكن أن يقلبوا الدنيا عليها! ومن الطبيعي كذلك الافتراض أن الحكومة الرشيدة عاجزة عن التصدي لما حدث، بسبب قوة الإخوان وتغلغلهم، أو أنها راضية بأفعالهم. وكان من الممكن القبول بذلك طالما أن هذا قرارها! ولكن في كلتا الحالتين يعتبر تصرفها مستغربا ومتعارضا مع ما قامت به تجاه مصر في الفترة الأخيرة، فقد وضعت الكويت كل «ثقلها» السياسي والمالي خلف السيسي، ودعمت انقلابه، أو ثورته، على الإخوان، الذين كانوا سيحولون مصر لعزبة خاصة بهم. وبذلت الكويت الكثير في سبيل ذلك، مما يعني أنها كانت ضد الإخوان بطريقة صارمة وواضحة لا لبس فيها، ولم تتدخل في الشأن المصري لولا شعورها بما كان يمثله استمرارهم في الحكم من خطر عليها بالذات، وعلى مستقبل مصر والمنطقة برمتها! فإن كان الوضع هكذا، وهو حتما كذلك، فما سبب سكوتها عن إخوان الكويت وهم الممولون الرئيسيون لإخوان مصر، وقوتهم المالية والسياسية الخطيرة هنا لا تقل عما كانت عليه في مصر. فأصابع وأيادي وخراطيم الإخوان المالية والسياسية امتدت، على مدى اربعين عاما تقريبا، وطالت كل مرفق ومفصل في الدولة، ويبدو هذا واضحا من شبكة ممتلكاتهم من المؤسسات المالية والجمعيات والمبرات، إضافة إلى سيطرة محازبيهم على أهم مناصب الدولة وأكثرها خطورة.
وإن كانت الكويت قد دفعت المليارات لمصر لكي تمكنها من التخلص من الإخوان، فلم لا تصرف أقل من ذلك بكثير للتخلص منهم هنا؟ علما بأنهم الآن المعارضون الأساسيون للسلطة؟.
أحمد الصراف
مجلس التعاون والثقة المعدومة
أفهم أن تراعي الحكومة الكويتية شقيقتها الكبرى المملكة العربية السعودية في بعض المواقف في السياسة الخارجية، وأتفهم الحرص على عدم إثارتها وتجنب التنافر معها في هذا المجال، وأستطيع أن استوعب التبعية لها في كل ما يتعلق بالموقف السياسي من العراق وايران، حتى الموقف من الانقلاب في مصر قد أتمكن من تفسيره مراعاة لخاطر الشقيقة الكبرى، لكن ما لا يمكن أن أستوعبه هو حرص الكويت على نجاح الانقلاب والتطبيع مع مؤسساته والدعم المادي المتواصل الذي تجاوز المعلن عنه من دون اي فائدة تذكر او اي مردود، ولو معنوياً على البلاد! زيارة الاخ شريدة المعوشرجي وزير الاوقاف الى الازهر وتبادل الهدايا التذكارية مع قياداته الذين افتى بعضهم للجيش بقتل المواطنين الابرياء وسحلهم، فقط لانهم اعترضوا على الانقلاب الدموي، هذه الزيارة استفزت مشاعر الكثير من الناس، كما ان محاولات التطبيع مع النظام العسكري التسلطي، وبالاخص في مجال الرياضة والاقتصاد والثقافة، اصبحنا نشاهدها بوضوح بين الطرفين، وإن كانت على استحياء!
أنا أعرف أن بعض المسؤولين في الكويت غير متحمسين لهذا الدعم او لهذا التطبيع، وانما مراعاة لتوجهات بعض الاشقاء في منظومة مجلس التعاون، وكنا نجد لحكومتنا عذرا من باب المحافظة على تماسك هذه المنظومة. لكن ما حدث في الايام السابقة لاجتماع مجلس التعاون في قمته بالكويت اثار لدينا استفسارات عدة عن صلابة هذا المجلس وامكانية المحافظة عليه! فهذه تهدد بالانسحاب من المجلس إن كان هناك سعي للتكامل المنشود! وثانية تهدد بتجميد عضوية دولة اخرى، إن استمرت في سياستها تجاه بعض القضايا، وثالثة تغرد خارج السرب، والكويت مهمتها ان تلملم الشتات الممتلئ بالجراح من هنا وهناك! وما دام انعدمت الثقة بين الاشقاء، فان فرض السيطرة على البعض لاتباع سياسات محددة امر لن يكون سهلاً، ولنا استكمال لهذه النقطة في المقال المقبل يوم الاربعاء بإذن الله!
* * *
أسئلة نثيرها هنا اليوم عل وعسى ان نلفت نظر الاجهزة الرقابية لمتابعتها:
– لماذا أُنشئ جسر اليرموك الجديد المطل على طريق الملك فيصل والموجود امام منزل وزير الداخلية السابق؟! ما الحكمة من انشائه؟! ولماذا ما زال مغلقاً حتى اليوم؟!
– أبراج الكويت.. معلم البلد الرئيسي، ما زالت مغلقة للصيانة منذ فترة طويلة! ما علتها؟!
هذه عينة قصيرة من قائمة طويلة من المشاريع المتعطلة بسبب فعل فاعل وليس بسبب الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة!
* * *
بعض المثقفين عندنا متحسر على البصرة ايام الخمسينات (يوم كان بطل العرق بمائتي فلس والنساء بالكازينو يسهرن للفجر) ويختم مقالته (ونحن نعيش في عصر لا يمكن فيه ان تنهض امة سبق أن تخلفت عن ركب العصر)!
بئس التقدم وبئس التخلف!