سامي النصف

لو عاد ابن الأحمر للأندلس!

إحدى المآسي التاريخية التي يتحدث عنها الارث الانساني هي مغادرة الامير أبي عبدالله محمد الصغير آخر خلفاء دويلات الطوائف بالأندلس ورافع راية «لا غالب إلا الله»، ودمعة الحسرة التي ذرفها عندما نظر خلفه ليرى نهاية دولته التي تسمى باللاتينية «El ULTMO SUSPIRO DEL MORO»، وقول والدته عائشة الحرة، تميزا لها عن ضدتها الجارية ايسابلا او ثريا «ابك كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال».

***

والسنوات الأخيرة لحكم بني الأحمر ترسم خارطة زرقاء متكررة لسقوط الدول والممالك، فقد تفشى الخلاف والصراع بين أسر ملوك الطوائف، وطرد ابوعبدالله الصغير الذي اسماه اهل غرناطة بالزغابي (اي المشؤوم) والده ابا الحسن بعد معارك شرسة بينهما ثم استدار لحرب عمه حاكم مالقا الامير أبي عبدالله محمد الزغل (الزغل تعني الشجاع) ولم ينتبه ابان تلك الصراعات للمتغيرات على حدود بلاده عندما تحول الصراع التاريخي بين مملكتي قشتاله والارغون الى تفاهم وتحالف حرر الاندلس من اعدائهم.

***

والأكيد ان القدر لو اعاد ابا عبدالله الصغير الى مملكته لما كرر اخطاءه، وفي المقابل في عام 90-91 ضاع بلدنا كما ضاعت الاندلس عام 1492، وعدنا لوطننا في مصادفة تاريخية نادرة الحدوث، فهل استفدنا من دروس الضياع ام عدنا بنفس الاخطاء ومن ثم التحضير لضياع آخر؟! وهل نحن اكثر ترابطا في الداخل وقوة ومنعة في الخارج مما كنا عليه قبل صيف عام 90؟!

***

آخر محطة: (1) لمن استمتع بإجازة صيف 90 ربيع 91 نقول لو لم يتحرر بلدنا عبر مصادفة تاريخية غير قابلة للتكرار، لانتهى الدعم الحكومي الذي ابقى المهاجرين في فنادق 5 نجوم، ولضاق الضيف بضيوفه ولتحولنا لحالة «بدون» في تلك البلدان ولبتنا قضية منسية اخرى من قضايا عالمنا الواسع، وما القضية الفلسطينية عنا ببعيد.

 

 

 

 

 

 

احمد الصراف

شط العرب وهذا مو إنصاف منك

لا يوجد من هم في جيلي، وقبلي قليلا، من رواد البصرة، في عزها، من لا يعرف فندق وكازينو شط العرب، فقد كان «المكان»! عادت بي الذكريات لذلك المكان عندما ارسل لي صديق عزيز صورة إعلان يعود تاريخه لمارس 1954، اي قبل 60 عاما، يتضمن دعوة لحضور حفل «بالو» ساهر، ولا اعرف معنى «بالو»! وأن الحفل سيكون في يومه الأول للرجال فقط، وفي يومه الثاني للرجال حتى منتصف الليل، وللنساء بعدها حتى الرابعة فجرا! وأن الحفل سيتضمن رقصا غربيا وعرض أزياء باريسية تقوم به ملكات جمال العالم وجمال النرويج وجمال حوض البحر الأبيض، وجمال باريس. كما سيتضمن عزفا موسيقيا من قبل اوركسترا «ماريو أريكوني»، مع المغنية ربن ديديا، وأن سعر بطاقة الدخول ديناران، والعشاء 600 فلس والشاي 150 فلسا والمشروب 200 فلس! وقد أعادني الإعلان لذكريات قديمة، وقمت دون أن أشعر، أدندن بكلمات بأجمل اغنية عراقية سمعتها، وهي «هذا مو انصاف منك»، والتي اعتقد ان من وضع كلماتها هو الشاعر العراقي ضاري إبراهيم، وهي من ألحان الفنان الكبير صالح عزرا الشهير بصالح الكويتي، الذي ظلمه مجتمعه البغدادي، الذي رحل له من الكويت مع اسرته، عندما أجبرته أحداث «الفرهود» الجائر التي حصلت في بعض مناطق العراق، على الهرب بجلده إلى إسرائيل، وكان ذلك في بداية الخمسينات، لتفقد المنطقة فنانا كبيرا. ويذكر أن أغنية «هذا مو إنصاف منك» قد شدا بها الكثيرون، ومنهم يوسف عمر وبيدر البصري، وربما عزيز علي، وبلقيس فالح وغيرهم، ولكن البداية كانت مع المطربة سليمة مراد، التي سماها «الباشا» نوري السعيد، في لحظة تجلي، بسليمة باشا، التي سبق وان غنت كذلك «قلبك صخر جلمود» وغيرها. تقول كلمات أغنيتها الشهيرة: هذا مو انصاف منك غيبتك هالقد تطول الناس لو تسألني عنك شرد اجاوبهم شقول؟ ألف حيف وألف وسفه مثلك يخون ويه ولفه لا تظن قليبي يشفى والالم منه يزول الناس لو تسألني عنك شرد اجاوبهم شقول؟ قلبي خليته يتجوى بنار هجرانك تلوى هذي مو منك مروة لا ولا منك أصول الناس لو تسألني عنك شرد اجاوبهم شقول؟ واني في العادل بسرعة والوصل عني تمنعه هذا جم دوبات توسعه وغيرى عن الحاضر ينول الناس لو تسألني عنك شرد اجاوبهم شقول؟ اين ذهب العراق الذي كنا نعرف ونحب؟ لقد خربه الطغاة وسفاكو الدماء واجهز عليه المتخلفون، ولن تقوم له قائمة، فنحن نعيش في عصر لا يمكن أن تنهض فيه أمة سبق وأن تخلفت عن ركب العصر.

سعيد محمد سعيد

مصرع رجل في الرابعة والثلاثين من العمر

 

الحادث مؤلم فجيع مزلزل حقاً، إلا أن البعض يقول بأن الرجل البالغ من العمر 34 عاماً لقي مصرعه، فيما يقول بعض آخر بأن فيه رمقاً من حياة. فهو لا يزال ينازع بين الحياة والموت، لكن طرفاً ثالثاً يؤكد بأن هناك الكثير من الأمل لإنقاذه من الموت وإعادته إلى الحياة، فيما ذووه لا يلوون على شيء، ولا يدرون عن حقيقة حالته إلا القليل القليل وسط تلك الأنباء المتضاربة.

على أية حال، عاش ذلك الرجل منذ ولادته طموحاً في كنف أعمامه الستة، وكان أولئك الأعمام وذووهم قاطبةً، يحيطونه بالرعاية والاهتمام والمحبة، إلا أن فترة سنيه الأولى كانت صعبة. في تلك الحقبة، كان يعيش في منطقة مهمة للغاية هي محط أنظار كل الطامعين، وفجأة، نشب نزاع وخلاف كبيران بين اثنين من معارفه المقربين، الأول إيراني والآخر عراقي، وتحول ذلك الخلاف إلى حرب طاحنة ألقت بمخاطرها وتبعاتها على الجميع، وكان الأعمام الستة في غاية القلق، حتى أن الرجل أصبح وكأنه (حمال الأسى) بين الجميع، وطوال ثمانية أعوام مريرة قاسية، كان هو بمثابة حائط الصد الذي يتلقى كل الضربات، حتى وجد نفسه مضطراً لأن يلقي كل اللائمة والخطأ على جاره الإيراني، وبذل كل ما يملك من مال وجهد ومواقف ليساند جاره العراقي، لكنه لم يتوقع يوماً أن ذلك الجار العزيز الغالي الذي يحمي جنبه الشرقي، سيطعنه طعنة موجعة كادت تودي بحياته.

تألم كثيراً، تندم، غضب، هدّد، حاول.. تكلّم باللين تارةً وبالشدة تارةً أخرى، لكن ذلك الجار أراد اقتطاع مساحة من كيانه فلم يقبل، فلجأ إلى الأغراب الذين كانوا يتحينون الفرصة أصلاً لنهب خيرات وفيرة كان ذلك الرجل يمتلكها ويأمل كل أهله وأقاربه أن تكون لهم تلك الثروات والخيرات أملاً بمستقبل عامر زاهر بالتطور والخير والنماء، لكن هذا ما حدث، وخسر هو وأعمامه وأهله وأرضه الكثير مما أصابه بالوهن الشديد، لكنه بقي يعيش على الأمل، لطالما أن الأعمام باقون ويساندونه، فما عليه سوى أن يتسلح بالصبر والمثابرة والعمل لعل وعسى.

كبر ذلك الرجل، وفي كل عام جديد، يصيغ أحلام وطموحات أهله وذويه ويبث الأمل تارة، ويخفي مرارة الألم وغصة الخلاف والنزاع المستتر بين قومه تارة أخرى. أراد دائماً أن يتقدّم المشهد. لا ينقصه شيء، فها هو قد بلغ سن الرشد ويمتلك من الخبرات والمعارف والمال والأهم.. يحيط به أقارب متعلمون قادرون على تحقيق تلك الطموحات. المشكلة، أن جيرانه، كلما مر به وبهم العمر، يشتعلون خلافاً ونزاعاً وتصادماً يغذيه الأغراب الذين استعان بهم يوماً ليحموه، لا من جار واحد طعنه غدراً. بل منه ومن جار آخر تحول إلى عدو لدود يثير قلقه دائماً على الرغم من أنه حرص على أن يتبادل مع ذلك الجار العدو، في كل ظرف ومناسبة وأزمة، الكلام الشديد تارة، والكلام الجميل عن الجيرة والمحبة والدين تارات أخرى. وبقيت تلك العلاقة حتى يومنا هذا، لا تعرف فيها الصادق من الكاذب.

مر الزمن، وامتلك الرجل علاقات مع القاصي والداني، وكان بإمكانه أن يتجاوز كل المعوقات ليصبح أقوى وأقوى، لكنه وجد نفسه محصوراً في طموحات قومه التي لا يمكن أن تعيش إلا إذا رضي الأغراب! وإن لم يرضوا، فإن تلك الطموحات تتحطم على صخرة جاثمة تعيق حركته ولا يستطيع إزاحتها من طريقه.

جلس مراراً مع أعمامه وقومه لسنوات وسنوات، حيناً في السر وحيناً في العلن. أراد متمنياً ألا يمثل النفاق والطبطبة ويتحدث معهم بصراحة ليتجاوزوا كل سحابات الصيف، إلا أن تلك السحابات بدت هي الأخرى جاثمة! تنزاح يوماً وتعود يوماً آخر… ما العمل؟ كان ذلك هو السؤال الذي يضيق عليه الخناق. فمن جهة، هو يرغب صادقاً في ألا يتدمر قومه في محيط لا يقبل إلا الأقوياء، ومن جهة أخرى، تضيق عليه الحيرة في عدم رغبة قومه في أن يكونوا أقوياء فعليين وألا يكتفوا برضا وحماية وزعل وغضب الأغراب. ينجح مرة، على مضض، ويخفق مرات أخرى.

حالته اليوم في غاية الحرج، فلا أهله وأحبته يعلمون بكل تفاصيل ما جرى له، ولا هو بقادر على أن ينهض ليخبرهم! كل ما بلغهم من علم هو أنه لقي مصرعه من باب.. ومن باب آخر، علموا بأنه ينازع محتضراً بين الموت والحياة، لكن من الباب الثالث، قيل لهم أنه في غيبوبة، ومن الممكن إنقاذ حياته فيستعيد أنفاسه وينطلق من جديد.

لا يزال في عنفوانه، فهو في الرابعة والثلاثين من العمر. نتمنى أن ينهض بالسلامة وتقر أعين أهله به. ذلك الرجل اسمه «مجلس التعاون لدول الخليج العربي».

بشار الصايغ

#اسمعني … قصص نجاح مخفية

تابعت برنامج #اسمعني والذي بثته مساء يوم الجمعة قناة الوطن، حيث شدني لمشاهدته الأسماء التي ظهرت في “البروموشن” إذ أن كثير منهم من الأصدقاء العزيزين علي، كما تابعت ردود الفعل في “تويتر” ما بين مؤيد لما جاء في الحلقة، وآخر معارض، وكل مغرد كان لديه وجهة نظر تحترم فيما أبداه من رأي.

بالنسبة لي، فأعتقد أن حديث الإخوه والإخوات فيه الكثير من الواقع الذي يعيشه أي مواطن كويتي يريد أن يبدأ مشروعا صغيرا أو متوسطا، فتلك العقبات التي تحدث عنها الشباب هي واقع موجود منذ أن وجدت الوزارات الحكومية، وما تغير هو فقط نمط الحياة ما بين الشباب السريع في خطواته، واستمرار البطىء الذي يسيطر على الإدارات الحكومية. متابعة قراءة #اسمعني … قصص نجاح مخفية