سعيد محمد سعيد

صوت «الحسين»… المزلزل

 

كثيرة هي الحوارات التي تدور بيني وبين العديد من الاخوة الأعزاء سنوياً، لاسيما في موسم عاشوراء، ولا سيما أكثر، مع من اعتنق فكرة قديمة تليدة! وهي أن موسم عاشوراء هو موسم للتناحر والبغضاء ونشر العداء والتطاحن والطائفية بين المسلمين، والنيل من رموز دينية تاريخية لها مكانتها، وتأليب الطوائف ضد بعضها البعض وقائمة طويلة من المشاهد والصور والأفكار السوداء، فيما تغيب عن عقول أولئك وعيونهم أي صورة إسلامية اجتماعية إنسانية رائعة هي الأكثر بروزاً في موسم عاشوراء.

ولعلني أتساءل: «لماذا حقاً، يتم تغييب صور الإحياء العاشورائي بدلالاتها الدينية والعقائدية والفكرية والإنسانية، وتتصدر، عمداً، أنشطة التصيد المقصود للإساءة إلى هذه الذكرى الإسلامية العظيمة؟ ومن يقوم بهذا الفعل؟». ولابد أولاً من الاتفاق مع الآراء التي تقول بأن هناك ممارسات يقوم بها البعض في عاشوراء كل عام، فيها من الإساءة والتشويه للمذهب وللذكرى، وهذه الممارسات التي عادةً ما تكون محدودة ويتصدى لها العلماء والخطباء والرواديد ويحذرون منها، إلا أنه من غير الإنصاف أن يبقى البعض على مسلكه في التصيد السيئ الهادف إلى تأجيج الفتنة، ويتناسى، عامداً أيضاً، كل الممارسات ذات الطابع الإسلامي والاجتماعي والإنساني والثقافي الرفيع؟

إن بضع ممارسات متكررة تصدر من فئة محدودة من خطباء المنبر الحسيني غير المؤهلين ممن يثيرون مواضيع الصدام المذهبي التاريخي أو ممن يبتعدون عن البحث العلمي والفقهي الأصيل، ويعتمدون في خطبهم على الماورائيات والخزعبلات والخرافات، أو بضع ممارسات من جانب فئة من المشاركين في مواكب العزاء أو المتفرجين بما فيها عروض الأزياء والمعاكسات التي تصدر من بعض الشباب من الجنسين، لا يمكن أن تكون هي الصورة الرئيسية لهذه الذكرى الإسلامية العظيمة بكل مبادئها وأبعادها، إلا بالنسبة لمن سخر نفسه في الفضائيات والمواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي والمنشورات والكتب والمحاضرات التكفيرية الطائفية الخبيثة. فهو بالطبع، يتعمد عن قصد، تصيد تلك الممارسات المرفوضة، خصوصاً في موسم يشارك فيه الملايين حول العالم، وليس من صالحه قطعاً أن يكون منصفاً.

وعندما أقول أن (ليس من صالحه أن يكون منصفاً)، وأقصد جوقة العداء المذهبي في الفضائيات والإعلام الإلكتروني وبعض الصحف، فإنه، على سبيل المثال لا الحصر، حين يصوّر المعزين على أنهم دمويون يفعلون ما لا علاقة له بالإسلام، يغمض العين عن حملات التبرع بالدم سنوياً، ذات الارتباط الوثيق بالإسلام. وحين يقتطع مشاهد لبعض الخطباء ويتفنن في القطع واللصق لنيل الإساءة في صورة قبلها ذوي العقول الطائفية المريضة، يتعمد الابتعاد تماماً عن العلماء والخطباء والمثقفين الذين يقدمون محاضرات وكتابات قمة في الرقي من ناحية تناولها لمعاني وأهداف النهضة الحسينية العظيمة التي لا يمكن أن تموت أبداً، كونها تمثل مبادئ الإسلام ذاته. وحينما يتعمد ملاحقة المظاهر الدخيلة على إحياء موسم عاشوراء في بعض الدول وخصوصاً الآسيوية كالطقوس الغريبة التي لا علاقة لها بالمذهب الشيعي، لا من قريب ولا من بعيد، تجده يهرب بعيداً عن الندوات والمؤتمرات التي تجمع علماء الطائفتين الكريمتين، ويشارك فيها رجال دين ومفكرون من مختلف الأديان، وتبرز ذلك «الصوت الحسيني المزلزل» الذي يدعو إلى الإصلاح والسلام والمحبة والمساواة والفداء والتضحية ورفع راية الإسلام، ويحارب الجور والطغيان والفساد والاستبداد والظلم. ليس في صالحه أبداً إلا أن يكون جرثومةً تعيش حيث يمكن أن تكون أفكاره الخبيثة حاضرةً نشطة.

ولأن أولئك (الجرثوميين) يستمدون أيضاً بقاءهم من ممارسات التناحر الآثمة التي يتبعهم فيها من رضي باعتناق الأفكار المنحرفة، فإن نتاج ذلك الشحن لا يظهر فقط في صور البيانات الإجرامية الجبانة التي تدعو إلى الدموية والقتل والانتقام من «الكفار» وحسب، بل يتبعها إعلان استعداد «فصيل من الجرثوميين» لأن يلبسوا الأحزمة الناسفة ويفخّخوا السيارات ويفجرونها في المآتم والحسينيات ومواكب العزاء كما هو الحال في العراق وباكستان، لكي يضمنوا دخول الجنة مع من أوصاهم بهذا الفعل.

«فلا عجب، بعد مرور 1374 عاماً على نهضة الإمام الحسين عليه السلام في محرم من العام 61 للهجرة، أن يجد أحرار الدنيا اليوم هويتهم في الحسين (ع)، ويبحث الأراذل عن صلة قرابة بيزيد، فالصوت الحسيني المزلزل هو صوت جده المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولأنه صوت جده النبي الأكرم، فإنه صوت الحق الإسلامي، ومهما فعل التكفيريون والمفجّرون والمفخخون للبطون والكروش والعقول الشيطانية، فلن يتمكنوا أبداً من محو ذلك الصوت المزلزل: وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً… إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر». لقد سبقتهم في ذلك دول وسلاطين وأساطين وأباليس ذهبوا إلى مزابل التاريخ، وبقيت مبادئ الحسين (ع)، تتألق باسم الدين الإسلامي، لا عاماً بعد عام، بل يوماً بعد يوم.

عادل عبدالله المطيري

الاستجوابات الناجحة

يتمسك الكثير بمقولة «ان الاستجواب هو أداة دستورية، وأنه سؤال مغلظ يوجه للوزير او حتى رئيس الحكومة» ليبرر فيها أي استجواب على انه حق، وينسى أن ما سبق مجرد تعريف دستوري جامدة للاستجواب، وأن الأهم من التعريف هو تلك المعاني السياسية المتعددة التي تقف وراء الاستجواب، والتي منها ما هو إيجابي وما هو سلبي.

من الاستجوابات ذات المغزى السياسي السلبي، أن يكون الهدف من الاستجواب هو الحماية، حماية المسؤول الموجه له الاستجواب من ان يقدم له استجواب أقوى من الذي تقدم بالفعل، أو أن يكون الهدف من إقدام النائب على استجواب وزير هو حماية وزير آخر من المساءلة.

وهناك استجوابات ذات نتائج سلبية، وهي أن تضع قضية مهمة وحساسة لدى الشعب كعنوان عريض لاستجواب وانت تعلم جيدا انه سيفشل وان الوزير سيحتفظ بالثقة وسيمارس نفس السياسة السلبية تجاه تلك القضية الشعبية وهو محصن سياسيا ودستوريا، وتكون بذلك قد خذلت قضيتك، هذا إذا أخذنا بالاعتبار حسن الظن بالنائب وألا يبحث عن الشهرة أو المساومة على تلك القضايا الشعبية.

من الاستجوابات السيئة سياسيا عندما يكون الاستجواب مستحقا من حيث المضمون ولكن لا يتواءم مع الزمان، كما هو الحال في الاستجواب الموجه لسمو رئيس الوزراء والاستجواب الآخر الموجه لوزير الصحة، فمن حيث المضمون كلنا نعلم أن الإسكان والصحة ليسا على ما يرام، ولكن الحكومة والبرلمان للتو قد بدآ العمل معا، ويجب انتظار خطط الحكومة وقرارتها على الأقل خلال الثلاثة أشهر الأولى، ولا يمنع من المحاسبة بعد ذلك، أما الآن فدستوريا الحكومة الحالية ورغم أن رئيسها واغلب وزرائها من حكومات سابقة إلا أنها حكومة جديدة ولا تحاسب على أعمالها وخططها السابقة.

نأتي إلى الاستجوابات ذي المغزى السياسي الإيجابي، فهي لا يشترط أن تنتهي بطرح الثقة بالوزير المستجوب أو عدم التعاون مع الحكومة ولكنها تجبرهم أدبيا وسياسيا أمام المجتمع على اتخاذ إجراءات لحل القضية التي تم تداولها بالاستجواب، بل إن الاستجواب النجاح أحيانا يحقق أهدافه حتى قبل مناقشته وذلك عبر المفاوضات السياسية والتي عادة ما تنتهي بسحب الاستجواب بعد تحقيق أهداف الاستجواب المعلنة (حالة استجواب الوسمي للرئيس المبارك).

ختاما: أتمنى من النائبين الفاضلين رياض العدساني ود.حسين قويعان أن يسحبا استجوابيهما مؤقتا وان يعطيا الحكومة مهلة 3 أشهر لمعالجة ما ورد في محاور الاستجوابين وإلا أعادا الكرة وعندها سيكسبا معركتهما شعبيا وبرلمانيا ودستوريا.

محمد الوشيحي

الساعي… لا يوصل البريد!

لا شيء جديد… وزير صحة يريد أن يحمي كرسيه على حساب صحة الآخرين – والحديث للأجيال القادمة التي ستقرأ مقالاتنا بعد سنين – فجامل نائباً في البرلمان، فكشفه شاب من المعارضة اسمه صقر الحشاش، فاهتزت الدنيا، وزمجرت، وكشرت بأنيابها في وجه الوزير.
والعلاج هنا، لا شك، بالبتر المبين، والحديث الآن موجه للأطباء والسياسيين والإعلاميين وكل الرافضين لهذا النهج… والموت كل الموت من المقولة التخديرية "الرسالة وصلت"، فيكتفي المعتصمون باعتصامهم، ويعودون إلى بيوتهم، ويتراجع المهددون بالاستقالة عن استقالاتهم، وتبدأ التهدئة على اعتبار أن "الرسالة وصلت".
سيداتي سادتي… يؤسفني، أو كما قال عدنان المطوع، يعسفني أن أبلغكم أن ساعي البريد في الكويت قد توفي، وصلى الناس عليه صلاة لا ركوع فيها ولا سجود، فما عادت الرسائل تصل إلا باليد من أصحاب الشأن أنفسهم.
وأجزم أن الوزير إن لم يتم إسقاطه شعبياً ودستورياً… سيعيد تجميع قواته، وسيشن هجمات مرتدة، مستخدماً أسلوب القناصة في قنص خصومه، الواحد تلو الآخر، كما فعلت الحكومات المتعاقبة مع معارضيها الذين رددوا شعار "الرسالة وصلت"… وسنقرأ قريباً عن إحالة طبيب إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد لمريض، وإحالة طبيب آخر بتهمة اختلاس مالي، وثالث بتهمة شق الوحدة الوطنية، ورابع وخامس وعاشر…
أوصلوا الرسالة إلى منتهاها، سيداتي سادتي الطبيبات والأطباء، أو فليبلل كلّ منكم ذقنه، ولتبلل كلّ منكن شعرها.

حسن العيسى

الغائب الكبير

حكم القانون هو الغائب الكبير عن دول الشرق الأوسط، فالكاتب بورزو دراغاهي في "فايننشال تايمز" (عدد ٣١ أكتوبر) ينقل لنا هذه الصورة القاتمة عن خرافة استقلال القضاء، وسيادة حكم القانون في دول الشرق الأوسط، فمن مناطق صغيرة في المغرب، إلى مصر، ثم إلى معظم الدول العربية يذكر الكاتب عدة حوادث عن مهزلة غياب حكم القانون.
امرأة مطلقة في مدينة مغربية حكم لها القاضي بأقل من 5% مما تستحق من نفقة العدة والمتعة وأجرة الحضانة، لأن القاضي يعرف أن طليقها ذو مكانة عالية في جهاز الشرطة، ويضرب الكاتب أمثلة عدة غيرها، ففي مصر التي يحاكم بها اليوم مرسي في محاكمة سياسية، بينما للمفارقة التاريخية هو الرئيس المخلوع ذاته الذي عزل المدعي العام، وحاول تحصين قراراته من سلطة القضاء قبل عام، في محاولته لإصلاح السلطة القضائية، محاولة لم تكتمل حسب رأي الكاتب، يخبرنا هذا الأخير ويصف قذارة المباني التي تجرى فيها المحاكمات بصورة عامة، وينقل شكاوى محامين عدة، أحدهم يشكو أن الحراس يرفضون إحضار السجناء للمحاكمة في الموعد المقرر حتى يقبضوا "المقسوم" من المحامي، وأتصور أن أكثر من محام أيضاً يشكو في مصر وغير مصر من مثل حالات الفساد هذه، كأن يتراخى مندوبو الإعلان عن القيام بواجباتهم في المواعيد ما لم "تكيش" جيوبهم مقدماً، وقضايا غيرها يمكن تصورها تحكي لنا عن فساد السلطة الثالثة في دول الشرق الأوسط.
هل هناك صحيح سلطة قضائية مستقلة لا تتأثر بالحاكم السياسي للبلاد، كما تنطق معظم دساتير دول الشرق الأوسط العربية؟ الإجابة بالنفي، فتلك السلطة عادة يتم استتباعها للحكومة أو السلطة التنفيذية (لاحظوا أن كلمة حكومة في الولايات المتحدة تعني السلطات الثلاث)، وينقل عن نيثان براون مؤلف كتاب دساتير من ورق أن القضاة لا يملكون سلطة اعمال حكم القانون، فهم تابعون بحكم الواقع للجهاز التنفيذي بالدولة يأتمرون بأوامر الحكام أو أصحاب السلطة من النافذين، وعندها يصبح الحياد المفترض في تطبيق حكم القانون غائباً تماماً عن عوالمنا المستبدة.
يكرر الكثيرون عبارة رئيس الوزراء البريطاني وبطل الحرب الثانية تشرشل، حين شكا إليه البعض رداءة الوضع في بريطانيا، فكان رده، كما ينسبون إليه، "انه ما دام القضاء والتعليم بخير فليس هناك ما يخشى منه على بريطانيا". لا يمكن أن نتصور أن يكون رد تشرشل بغير ذلك، فقد كان يدير أعرق بلد بالحكم الديمقراطي، ولولا هذا "التراث" الديمقراطي المتجذر في بريطانيا، الذي يعني أول ما يعني مساءلة الحكام، لما تصورنا أن يكون القضاء البريطاني بخير، فاستقلال القضاء وسلطانه ينبعان من قوة التقاليد الديمقراطية في أي بلد.
في دول الاستبداد المتخلفة، لا يمكن الحديث عن استقلال القضاء، مهما تم حشو الدساتير بنصوص مستوردة من بيئات ديمقراطية، فتراث دولنا يطلق كلمة "الحاكم" على كل صاحب سلطان دون تفرقة بين الحاكم السياسي والحاكم القضائي، والواقع المعيش يختلف تماماً عن النصوص الورقية، فالحاكم في تراثنا هو من يحكم في السياسة وفي القضاء معاً. ففيه "الخصام وهو الخصم والحكم"، فأي عدالة نتحدث عنها؟ وأي حكم قانون نتشدق به؟!

احمد الصراف

حزب أفَّاق وقيادة وصولية

قامت الإذاعة، بعد تحرير الكويت من حكم صدام بفترة، بإجراء مقابلة مع رجل الدين عجيل النشمي، الذي له انتماءات مع الإخوان المسلمين، وقد استمعت له بنفسي، وهو يرد على سؤال يتعلق بمدى حرمة خروج المرأة من بيتها لكي تقاوم الاحتلال، فقال بكل وضوح، انه يحرم على المرأة الخروج للقتال وحمل السلاح ومقاومة المحتل، فمكانها بيتها، مع زوجها واطفالها! وهنا يجب الاعتراف بأن إجابته كانت منسجمة مع فهمه الأقرب للصحة لما يقوله الشرع في هذه المسألة! والمشكلة بالتالي ليست معه، بل مع جماعته الآخرين، من إخوان مصر وغيرهم، الذين طالما شاركوه في المناداة بـ «احترام كرامة» بسترها، وتغطية شعرها خوفا من الفتنة، وإبقائها في البيت، والذود عن كرامتها بمنعها من الاختلاء بالغير، وتحريم اختلاطها، أو العمل مع المحرمين عليها في مكاتب مغلقة أو حتى مفتوحة، وتعريض سمعتها، وسمعة أهلها للسوء، فهي «عورة»، صوتا وشكلا ومظهرا وتصرفا، ويجب أن تبقى كذلك!
كل هذا كان مقبولا من البعض لانسجامه مع نصوص دينية محددة! ولكن فجأة ظهر فهم جديد للموقف من المرأة، ومن مسألة مشاركتها في القتال والكفاح والتظاهر والغناء والكذب والتهريب، بعد أن وجد «إخوان مصر» أن الموقف الجديد من المرأة، ولو مرحليا، سينفعهم سياسيا ويغنيهم تجاريا، فخروج المرأة من البيت أصبح فجأة مباحا، ومشاركتها في التظاهرات، دفاعا عن «شرعية مرسي» حلالا وواجبا مستحقا عليها أداءه، ويأتي حتى قبل واجبها نحو الزوج والعناية بالأبناء و إكمال الدراسة أو حتى عملها الذي تتقاضى راتبا عنه! وتوقف حكم صوت المرأة عورة، فالحاجة لصوتها في التظاهرات أصبح واجبا، ولو لعلعت نبراته في السموات السبع! كما اصبح وجهها السافر، وهي تتقدم الصفوف، حاملة راية الإخوان، امرا مرحبا به، وحملها السلاح زينة لها وواجب مقدس، وتعرضها للضرب بهراوات رجال الأمن مقبولا، لأنها تخدم قضية حزبها ولعودة رجاله لكرسي الحكم ليعيدوها بعدها الى بيتها صاغرة ذليلة!
كل هذا التغيير الجذري حدث لأن الحزب الخائب فشل في الاحتفاظ بكرسي حكم مصر، ويريد العودة له بأي ثمن، ولو كان على حساب كل «المبادئ» التي سبق أن طوشوا آذاننا بها! آه، يا له من حزب أفاق وقيادة وصولية فاشلة.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

قبسيات

مع كل صباح أتصفح جريدة القبس واكتفي بتصفح بقية الصحف عن طريق الانترنت، وقد لفت انتباهي بعض العبارات التي وردت إما في مقالة كتبها احد الزملاء واما محلل القبس اثناء نقله لحدث سياسي، ووجدت انه لابد من التعليق على البعض المعبّر منها والذي يوحي بفكرة لا ارى صوابها!
«اصبح الرئيس المصري محمد مرسي ثاني رئيس يحاكم بعد الثورة اذ سبقه حسني مبارك بقضايا مشابهة» سبحان الله… مرسي، الذي حكم اثني عشر شهرا، ينعت بانه قام بالجرائم نفسها التي فعلها حسني مبارك في اربعين عاما!
مرسي، الذي لم يقبض غير راتبه الشهري ولم يجدوا عليه تهمة واحدة صحيحة، يشبه بمن أجرم في حق شعب كامل عشرات السنين! واذا ارادوا ان يلبسوه تهمة قتل متظاهرين بالاتحادية شاهدهم العالم كله وهم يرمون قنابل المولوتوف على قصر الحكم، لماذا لا يحاكم من قتل آلاف المعتصمين المسالمين في رابعة والنهضة؟؟
كيري: «لن نفعل شيئاً يغير او يربك علاقتنا بالرياض»، وماذا عن التقارب المشبوه والمفاجئ مع ايران؟!
نحن لا نريد منكم ان تحاربوا ايران، فهي تظل جارة ومسلمة، كما لا نريد منكم ان تقاطعوها او تهددوها، ففي ذلك ارباك للمنطقة يزيد من توترها، كل الذي نتمناه الا يكون ثمن هذا التقارب هو امن دول الخليج واستقرارها!! لاننا نعرف ان طموح الايرانيين ليس له حدود في الخليج!
كاتب عمود يصف نفسه دائما بانه من الطبقة المثقفة، يطالب بان ننكر ان القرآن منزل من السماء، ان اردنا ان نوقف الحروب الطائفية بين السنة والشيعة لاننا بذلك يسهل لنا ان نغير من نصوصه الجامدة!
المذكور لا يستغرب منه مثل هذه الافكار الغريبة لانه متيم بالعلمانية الغربية، وقد طالب في مقال سابق بان تكتفي كل دولة بذبح خروف واحد عن حجاجها في موسم الحج بدلا من كل حاج يذبح الهدي الذي فرضه الاسلام على الحجاج!
محمد العبدالله: «نقل الطبيبة للامراض السارية جاء للاستفادة من كفاءتها»، بوعبدالله… الديرة صغيرة والناس عرفوا التفاصيل «اللي انت ما عرفتها، وانصحك كأخ لا تكابر وتركب راسك، وراح يجيلك من يقول لك ان التراجع مو زين في حقك وكسر لقرارك، وهذا اللي راح يضيعك كما ضيع غيرك»، والعودة للحق فضيلة وليست منقصة!
عكاشة: «الخليجيون لولا البترول لاصبح الواحد فيهم ما يغير ملابسه الداخلية الا مرة بالسنة!!»، لو ان الذي قال هذا الكلام احد الاعلاميين المحسوبين على التيار الاسلامي لقامت الدنيا ولم تقعد عند ماكينة الاعلام الخليجية العلمانية، ولكنه عكاشة الذي ساهم مع باسم يوسف في اسقاط مرسي، ويستاهل غض النظر!
* * *
دائما ننتقد ما نعتقد انه سلبي ونادرا ما نمدح ما نراه ايجابياً، خوفا من ان نتهم بالمحاباة، لكن لوحظ ان وزير الدفاع اصدر عدة قرارات شعبية لمصلحة البدون وابناء الشهداء والعسكريين الجنود الغلابة، ويرجع الفضل لصاحب السمو وتوجيهاته، فشكراً كبيرا لك يا صاحب السمو جعلها الله في ميزان حسناتك والشكر موصول للاخ وزير الدفاع.

بشار الصايغ

زايد الزيد .. والكذب البواح

يبدو أن هناك مشكلة لدى زايد الزيد مع العوائل الكويتية التجارية، وأكاد أجزم أن المشكلة نفسية واجتماعية، ولا علاقة لها بالدفاع عن المال العام، ليقيني أن آخر شخص ممكن يدافع عن خزينة الدولة هو زايد، ولكن في كل الأحوال ما يقوله عن العوائل الكويتية التجارية “حرية رأي”، وعلى المتضرر اللجوء الى القضاء وعلى زايد اثبات ما وصفه بهم.

ولكن، المشكلة بالنسبة لي ليست حديثه عن العوائل الكريمة (الصقر والغانم والخرافي)، المشكلة بالنسبة لي أن هذا الشخص تحديدا ليس قليل الذكاء فقط كما كنت أعتقد! ولكنه بالفعل فاقد للذكاء بشكل غير معقول، ولا تحتاج الى البحث خلفه حتى يكشف بنفسه مستوى فهمه المحدود لمجريات الأمور، والأهم من كل هذه التدليس الذي يمارسه بصورة تدل على المرض الذي يعانيه.

يوم أمس، شارك زايد في ندوة لتجمع نهج وقال الكثير من الخزعبلات التي يجب أن توقف عندها قليلا، ليس لتكذيبه بل لكشف ممارساته المستمرة في التدليس على الآخرين، وإعتقاده أنه الفاهم والمطلع والمترجم .. باختصار لكشف ما يدعيه بأنه خليفة ابن خلدون.

يقول – والنقل هنا حرفي – زايد بن خلدون في ندوة نهج أمس “ما قالته السفيرة الأمريكية مو جاي من فراغ .. هذا كلام مسؤول ووثيقة سرية ابعثتها الى الخارجية الأمريكية … قالت أن الكويت في حلول 2020 ستختفي لأن القائمين عليها وأعيانها يسرقونها لأن بالنسبة لها كسفيرة للولايات المتحدة الأمريكية قدامها خريطة المشاريع وتعرف كيف تدور هذه المليارات وكيف يباع النفط وكيف تذهب موارد الدولة وخزائنها” .. انتهى الاقتباس والنقل!

اتمنى قراءة الفقرة السابقة مرة ومرتين وثلاث .. بحسب زايد فإن السفيرة الأمريكية قالت في وثيقة ويكيليكس أن الكويت ستختفي لأن القائمين عليها وأعيانها يسرقونها!! ولكن هل هذا ما قالته السفيرة فعلا؟؟ أم أن زايد الزيد نسج قصة من خياله الواسع حول السفيره وقولها أمرا لم تقله!!

أضع بين يديكم تلك الوثيقة التي يتحدث عنها زايد حول الكويت 2020 .. وهذه الوثيقة الأصلية من موقع ويكيليكس وليس من صحيفة الآن الالكترونية ..

ويكيليكس وماقالتة السفيرة الأمريكية في الكويت 2020

 

تقول السفيرة في برقيتها – والترجمة مني – “والجدير بالملاحظة أن أحد الشباب (مدون) رسم صورة قاتمة بقوله حين تكون محاصر بين دول كبيرة وقويه كايران والعراق والسعودية، ليس السؤال يجب أن يكون ما هو مستقبل الكويت عام 2020 بل هل سيكون هناك مستقبل للكويت كدولة مستقلة؟”

لا أعلم من أين أتى زايد بكلامه!! وعلى لسان السفيرة!! ألا يكفي تدليس وكذب؟ على الأقل كان يفترض به احترام عقول الحاضرين ومن سيشاهد اللقاء .. ولكن لا اتوقع ذلك لأنه ببساط زايد الزيد!!

المصيبة الأخرى، والتي فعلا تجعل الشخص يشعر بالغثيان، حديث زايد عن الشيخ ناصر صباح الأحمد!! وعن مجموعته الأثرية الموجودة في المجلس الوطني للثقافة والآداب، ويلمز ويهمز زايد عن المجموعة وأن “الصرف والتأمين على هذه التحف وجيش من الموظفين .. من حساب المال العام كلها لخدمة مقتنات شخصية وقطع أثرية للشيخ ناصر صباح الأحمد”!!

السؤال .. طالما أن زايد يعلم بشأن هذا “الصرف من المال العام” لصالح ناصر صباح الأحمد لشخصه، لماذا كان ملتزم الصمت طوال هذه المدة حين كان موظفا في المجلس الوطني للثقافة ومستشارا!! ولماذا لم يكشف عن هذا التنفيع من قبل؟ وين الشعارات والمبادئ والوطنية والدستور .. الخ!! أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس!! ولماذا تحدث عن مجموعة ناصر الصباح بعد فصله من العمل وليس قبلها؟

ببساطة وباختصار شديد .. الفاسد يعلم من أين تؤكل الكتف

د. شفيق ناظم الغبرا

الإستبداد وجيل التحول العربي

يمثل الإستبداد في واقعنا الأصل لكل الجروح والمعضلات. فمن خلاله تم حد تطور الظواهر العربية الإيجابية بكل أشكالها ومنع بروز حياة سياسية حزبية متزنة وإضاعة فرص بناء إقتصاد منافس شريف ومؤسسات تعليمية مرموقة، وبسبب الإستبداد إضطهد شرفاء البلاد العربية المعبرون عن آرائهم بحرية في ظل إضعاف حس العدالة والإنسانية بين العرب. وقد ساهم هذا الوضع في الطائفية والروح الضيقة والراديكالية ومدراس العنف، إذ لم تكن أساليب الاستبداد والتفرقة بعيدة عن هذا التردي. متابعة قراءة الإستبداد وجيل التحول العربي

علي محمود خاجه

«ما راح يتغير شي»

«Insanity: doing the same thing over and over again and expecting different results. . Albert Einstein الجنون: تكرار نفس الفعل مرات ومرات وتوقع نتائج مختلفة». «ألبرت أينشتاين». سلسلة استجوابات قدمت وستقدم في الأيام القليلة المقبلة، بغض النظر عن محتواها أو دستوريتها أو حتى صدق نوايا الإصلاح لدى مقدميها فإنها بالتأكيد ستحمل في طيات معظمها قضايا مستحقة وفساداً مستشرياً في أي قطاع من قطاعات الدولة، فمن الممكن استجواب وزير التربية على عدم قبول خريجي الثانوية بالجامعة، ووزير الأشغال على تعطل كل المشاريع، ووزير الإسكان على عدم قدرته على الإسكان، ووزير التنمية على اختفاء التنمية… إلخ. ولن تتغير الحال بصوت أو عشرة بحدس أو سلف أو شعبي أو منبر أو تحالف، سيستمر الوضع على ما هو عليه، ولن يتحقق طموح الحكومة في الهدوء المنشود ما داموا يقومون بالجنون نفسه حسب وصف أينشتاين، فأن يكون المعيار الأساسي للحكومة هو اسم العائلة أو الكوتا القبلية أو الطائفية أو حتى المبنية على الجنس، لن يحقق طموحهم في الهدوء، وفكرتهم بالاستقرار الذي ينشده الشعب لا تتمثل بالهدوء، بل كل ما ينشده الشعب حياة كريمة خصوصا في ظل ما يراه من وفرة مالية مهدرة وتقدم دول الجوار أمام ناظريهم. كي تتضح الصورة أكثر لحكومتنا برئيسها ووزرائها، حتى لو ألغيت الديمقراطية في الكويت بمعنى عدم وجود مجلس يراقب أعمالكم ويلوح باستجوابكم أو يستجوبكم فلن تتقدموا ولن تنجزوا شيئاً؛ لأنكم باختصار تمارسون نفس الفعل في تكوين الحكومة وتتوقعون نتائج مختلفة. فحكومة فيها عقلية وزير كوزير الصحة، وما قام به مع الدكتورة كفاية عبدالملك لا يمكن، لا يمكن، لا يمكن أن تتطور، أو حكومة تلغي عقداً مع شركة أجنبية خوفاً من استجواب وندفع 600 مليون دينار من جراء ذلك لا يمكن، لا يمكن، لا يمكن أن تنجز، أو حكومة يكون فيها وزراء أول ما يقومون به تعيين الأشقاء والمقربين لا يمكن، لا يمكن، لا يمكن أن تحقق الإصلاح. نموذج محمد بن راشد ودبي هو ما يتابعه الكويتيون بإعجاب، ويتمنون تحقيقه في الكويت، وهو نموذج لمن يتفحصه لا علاقة له بتشكيل الحكومات في الكويت، فهو يحرص على الكفاءة، وهي السبيل الوحيد للاستقرار الذي يبحث عنه الكويتيون. باختصار إن وضع حكوماتنا يشبه إلى حد كبير طريقة إدارة رئيسي النادي العربي ونادي كاظمة لنادييهما، فهما يغيران اللاعبين والمدربين والفشل مستمر، مع أن الخلل واضح وهو طريقة الإدارة وهو الأمر الذي لا يغيرانه أبدا. قد يتجاوز الوزراء استجواباتهم اليوم، وإن كانت مستحقة ولكن لن يصلوا أبداً، وأكرر أبدا إلى الاستقرار إلا بالإنجاز، والإنجاز لن يتحقق وأنتم تقومون بالفشل نفسه وتتوقعون النجاح. خارج نطاق التغطية: نادي الكويت هو أكثر الأندية تحقيقا للإنجازات في كل اللعبات في السنوات العشر الماضية، ومع هذا يستبعد من عضوية مجالس إدارات الاتحادات الرياضية لأنه ببساطة لا يخضع لسطوة شيوخ الرياضة… عيب.

احمد الصراف

الغباء النافع

«.. الغباء ليس ضارا دائما، فله منافعه»! حكيم
• • •
لا أؤمن بالحظ، ولكني سأكتب عنه هنا وكأنه حقيقة!
في الثاني من أغسطس مظلم من عام 1990، أرسل صدام كتائب حرسه الجمهوري لتحتل الكويت، وأمعن في عروس الخليج اغتصاباً، بعد إلحاقها بأمها، العراق! ولا أدري لم القتل والاغتصاب إن كان الفرع قد عاد للأصل، أو للأم، كما ادعى في حينه؟ وقد تحولت الكويت خلال ايام قليلة من الاحتلال لتصبح بالفعل المحافظة رقم 19، بعد أن غاب عنها وهجها وأصبحت كئيبة كأي مدينة عراقية مظلمة تفتقد الأمن والرفاهية ورغد العيش!
لم يستمر الاحتلال أكثر من سبعة أشهر وبضعة ايام قبل أن تشن قوات 34 بلدا، بقيادة أميركا، حربا سريعة أنهت حكم صدام للكويت، وكان خروجه، او هروبه المذل، بداية سقوط حكمه وحكم أسرته الفاسدة والمجرمة.
خلال تلك الفترة اختفت صحافة الكويت، الأقرب للصحافة الحرة، وتوقف صدورها وسرقت مطابعها، وزال الرخاء الذي كان ينعم به الكويتي والمقيم، بمن فيهم عراقيون اخوة وشرفاء، وعمت السرقات، وتبعتها محاكمات صورية لأفراد المقاومة وإعدامات ميدانية لهم، والتمثيل بجثثهم، والإصرار على رميها أمام بيوت أهاليهم ومنعهم من دفنها لأيام، إمعانا في تعذيبهم! وكان بإمكان صدام الاستفادة لأقصى ما يمكن، سياسيا وعسكريا وماديا من احتلال الكويت، والانسحاب منها في الوقت المناسب، وكسب احترام الدول، غير مليارات الدولارات التي كانت ستصب في حساباته وأهله ورفاقه. كما كان بإمكانه الانسحاب، ومن بعدها ابتزاز الكويت بعدها المرة تلو الأخرى، لولا أن….!
في مصر وصل حزب الإخوان المسلمين، بعد انتظار طال لــ83 عاما، وصل لتحقيق حلمه، وكان بإمكان الحزب البقاء للأبد على كرسي الحكم، وكتم انفاس الشعب المصري، وجعل مصر قاعدة لانطلاق حكم الحزب لدول أخرى، وتحويل مصر تدريجيا الى دولة ملتحية ومحجبة ومنتقبة، بعد إغلاق مصانعها، واستبدالها بدور عبادة لفئة واحدة فقط، وتفريغها من «كفارها»، لولا أن…!
لولا أن ما انقذ الكويت من بلوى «بعث صدام»، وانقذ مصر من شر «مرسي الإخوان» هو غباء الاثنين! فغباء صدام، على الرغم من كل ما أشيع عن دهائه. وغباء مرسي علىالرغم من كل ما قيل عن «منجزاته العلمية»، التي لم تكن إلا ادعاءات فارغة، فالرجل كان بالكاد يتكلم الإنكليزية بطلاقة، إلا أن طبعهما غلب تطبعهما، وهذا أنقذ الكويت ومصر من شر الطرفين! وهكذا نرى أن للغباء، أحيانا، فوائد عظمى!

أحمد الصراف