أقر بأني مقل جدا في لقاء كبار المسؤولين في الدولة رغم الود الكبير الذي يربطني بهم، تفهما مني لمشاغلهم، عدا بالطبع ما تفرضه المصلحة العامة، لذا لم أكن قط من الواقفين على أبواب الكبار من المستفيدين من العطايا والمصالح والمناقصات المليونية أو المليارية، حيث لا أمارس التجارة، ولا اقبل بالفساد قط، ولا أرى في صفار الذهب أو أصفار الأموال ما يضيف للانسان أو يجعله يقبل بما لا يقبله الحر الأبي، لذا أكتب بحيدة تامة لإظهار حقائق حياة أعتقد انها احد اسباب الاستجواب الحالي بل سبب كثير من الاحقاد التي تبث، ويحصد بالتبعية كثير من شرائح المجتمع (ونحن منها) أضرارها من دون ذنب اقترفوه.
* * *
ولو بدأنا بالأسرة الحاكمة لما احتجنا لإيضاح ما يعرفه الجميع من تواضع جم يمتاز به قادتها واعمدتها امثال صاحب السمو الأمير وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء، واقطابها امثال سمو الشيخ سالم العلي والشيخ مشعل الأحمد والشيخ ناصر المحمد والشيخ أحمد الفهد والشيخ محمد صباح السالم ..الخ، ممن تجدهم مرحبين مهللين في اللقاء والوداع، ولو اتصلت بهم (وما أندر ما أتصل) لوجدت ردهم الفوري رغم وفرة مشاغلهم وأعمالهم.
هذا الأمر يمتد بحق الى كثير من الأسر الكويتية وكبار رجال الأعمال الذين لا يظهر تصرفهم ان اصولهم أو أموالهم تجعلهم يشعرون بأنهم من طينة مختلفة عن طينة البشر الآخرين، صغيرهم قبل كبيرهم، فقيرهم قبل ثريهم، متجنسهم قبل مؤسسهم ..الخ، فالجميع لديهم سيان لا فرق بينهم، وهؤلاء لا أحد لديه مشكلة معهم على الاطلاق، فتواضعهم ومرجلتهم وكرمهم وحسن معشرهم يحسب لهم لا عليهم فكلنا لآدم وآدم من تراب.
* * *
تتبقى شريحة عنصرية ثرية أقرب للطواويس ترى في قرارة نفسها انها انصاف آلهة نزلت الى الارض، يؤذي تكبرها وعنجهيتها القريب قبل الغريب، ويستعدي تصرفها عداء كل من يصادفها فيقوم هؤلاء للاسف الشديد بتعميم العداء، ومقابلة اخطاء تلك الشريحة الظالمة بأخطاء مماثلة يقومون بها بحق الآخرين انتقاما لما يرونه من مظالم تمت بحقهم، بل يتم تحضير وتحوير أحداث التاريخ لتبرير ما يفعلونه من تعسف بحق الآخرين.
* * *
آخر محطة: لأفراد تلك الشريحة المتعالية، وهم لله الحمد أعداد قليلة، نقول تواضعوا لله يرفعكم، وتأكدوا أنكم لو عادلتم ما تملكونه من ثروات وأسماء بما هو موجود لدى اناس بسطاء فقراء لا أسماء رنانة لهم ولكنهم يمتلكون المرجلة والنخوة والفزعة والكرم لوجدتم أنهم يسبقونكم بـ«سنوات ضوئية» عديدة في مقاييس الدين والانسانية.