علي محمود خاجه

سفرة العيد

بعد كل إجازة رسمية من الدولة قصيرة كانت أو طويلة تطالعنا الصحف بأعداد مغادري البلاد من مختلف المنافذ، وتتراوح أعدادهم في السنوات الأخيرة ما بين 150 إلى 200 ألف مواطن ومقيم، وهو العدد الذي أتوقعه في إجازة عيد الأضحى إن لم يكن أكثر.
ومع بحث بسيط عن أسعار تذاكر السفر لأكثر البلدان استقطاباً للسياح في الآونة الأخيرة أجد أن سعر تذكرة الشخص الواحد لا تقل عن الـ200 دينار كويتي، وتكلفة السكن في الفنادق لسبعة أيام لا تقل عن 500 دينار كويتي إضافة إلى مصروفات السفر التي لا تقل عن 300 دينار كويتي في أسبوع، فهذا يعني أن الحد الأدنى لما يصرفه قاطنو الكويت في إجازة العيد هو 1000 دينار للفرد الواحد.
بمعنى أنه لو افترضنا أن عدد المسافرين يقدر بـ150 ألفاً فقط فإن هذا يعني أن ما يقدر بـ150 مليون دينار كويتي من الأموال الكويتية صرفت في الخارج خلال أسبوع واحد فقط، وهو رقم أقوله بتحفظ جداً لأنني أتكلم عن الحد الأدنى من المبالغ خصوصاً بالنسبة إلى أسعار التذاكر والإقامة.
أنا هنا لا ألوم من يسافر على سفره بل له ألف عذر في ذلك، فهو لا يجد المتنفس المناسب له في الكويت وبكل المجالات فلا أنشطة ترويحية سياحية محفزة، إذ إن آخر مشروع سياحي قدمته الدولة هو متنزه الخيران في منتصف الثمانينيات، ولا مسرح يقدم فناً راقياً يبهج النفوس، فمسرح الكبار عبارة عن ديوانية تتسع لـ300 شخص يتفرج فيها الناس على سخرية ممثلين من بعضهم بعضاً، ومسرح الطفل عبارة عن ارتداء أزياء شخصيات مشهورة وقفز على المسرح، وسينما أرهقها مقص الرقيب، لم يعد هناك ترويح سوى المطاعم في الكويت، حتى إن قبل المواطن والمقيم بما هو موجود أرهقته الطرقات بزحمتها.
لو قارنا الوضع مع أي بلد محترم لوجدنا أن المواطن في تلك البلدان يتمكن من قضاء إجازته في بلده بالشكل الذي يريد أيا كانت ميوله، وسيجد أكثر من مئة حدث رياضي متنوع ليرضي ميوله والعديد من العروض الموسيقية أو الفنية ومدن الملاهي والأسواق، وهو ما يجعله يستمتع في قضاء إجازته دون تكاليف ترهقه، بل إن تلك الأنشطة ستستقطب الناس من البلدان المختلفة لزيارة هذا البلد فينتعش اقتصاده ويعود بالفائدة على المواطن هناك.
أنا هنا أتكلم فقط عن الأنشطة القابلة للتحقيق في البلدان المختلفة بغض النظر عن الظروف المناخية أو حتى ما لا يمكن عمله بسبب العادات والتقاليد أو الآداب العامة، وهي نفس الأنشطة التي تخلق فرص عمل ومشاريع متعددة ورخاء اقتصاديا ومكانة دولية مهمة، فمجرد فتح أبواب الترفيه المختلفة من شأنها صنع واقع أفضل وأقل تغيير ممكن أن يحققه فتح تلك الأبواب هو أن تصرف الـ150 مليون دينار داخل الكويت.

سامي النصف

عالم ثالث.. وعالم ثالث!

 استوردنا كعرب ومسلمين من دول أميركا اللاتينية منهاجية الأنظمة العسكرية القمعية، وأضفنا إليها كإبداع طاغوتي عربي فريد ظاهرة المقابر الجماعية والهزائم العسكرية وإشعال الحروب الأهلية بين مكونات الأوطان، ومسميات مضحكة مثل «القائد الضرورة» و«النكبة» واختها الشقيقة «النكسة» وأمهم «أم المعارك» وخالتهم «أم الحواسم»، وبقية عائلة «أم الهزائم» الشهيرة.

***

ما لم نستورده منهم العناية الشديدة بالبيئة والجبال والأنهار والبحيرات، وبالمدن التي هي أقرب للمدن الأوروبية في جمالها واتساع ونظافة شوارعها والعناية بمبانيها القديمة التي تلفت الأنظار بأصباغها الزاهية الجديدة، تماما كما تلفت الأنظار مباني عواصم حضارتنا العربية بوشاحها الغباري الأدعم ونقابها الكربوني الأسود.

ومواصلاتهم العامة غاية في النظام والنظافة فلا «شعبطة» ولا جري خلفها، ولا تحمل فوق سقفها ضعف ما تحمل داخلها، وتكاسيهم جديدة ومكيفة وبالعداد ولا يجعلك سائقها تلف لمدة ساعتين للوصول لمشوار الدقيقتين، كما يحدث في عواصم بلداننا المعطاءة، وما يحتل مساحات كبيرة من مدنهم هو الحدائق الغناء الخضراء لا تجمعات الذباب والقاذورات المسماة العشوائيات ولا يقل مستوى محلاتهم التجارية عن مثيلاتها في أوروبا والولايات المتحدة.

***

آخر محطة: (1) من الظلم بمكان أن تتساوى دول أميركا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين وتشيلي التي تسمى بدول العالم الثالث مع عواصم حواضرنا التي تصح تسميتها بدول العالم الثالث.. بعد المائة!

 

 

احمد الصراف

أيام قد لا تعود

كنا في بداية الستينات نذهب أحياناً، خصوصاً في مواسم العطل الصيفية الطويلة، إلى مقاهي الشارع الجديد، شارع عبدالله السالم لاحقاً، التي كان الجيد منها يقع على أسطح عمارات الشارع التي لم يكن يزيد ارتفاعها على طابقين.
كنا نستمتع هناك بتناول الأطعمة الشعبية، ولعب الورق والدامة، وغيرها من الألعاب الشعبية. وكان حضور هذه المقاهي خليطاً من مواطنين موسرين ورقيقي الحال ومقيمين، خصوصاً من اللبنانيين العاملين في الشارع نفسه، وبعض المصريين من مدرسين وغيرهم. وكان النقاش السياسي يحتدم أحياناً بين الحضور، خصوصاً مع «تحركات» وخطب عبدالناصر. كان الوضع حينها في العراق والأردن ملتهباً، والصراع بين المعسكرين، الغربي والشرقي، محتدماً، وكل طرف من الحضور يبدي وجهة نظره، وكانت الأصوات تتعالى أحياناً، ويزعل هذا ويرضيه آخر ويتفق ثالث معهم، ثم فجأة يتوقف الجدال، ويلقي كل محارب سيفه، ويعدل من جلسته، وينهي كل مشارك آخر كلمات حديثه، قبل أن يسود الهدوء مع صدور أولى النغمات من جهاز الراديو الكرونديك الكبير الموضوع في صدر المقهى، وتبدأ ضربات الدف بالارتفاع يصاحبها لعب رقيق على أوتار عود أو نقرات خفيفة على قانون، وتسمح نحنحة من عازف و«تسليك» زور من آخر، قبل أن يرتفع صوت التصفيق من الراديو مؤذناً بقدوم من أتينا لسماعها، وبعد مقدمة موسيقية رائعة يبدأ الشدو ويخرج صوت أم كلثوم الجميل شاكياً متسائلاً شاكياً:
هجرتك يمكن أنسى هواك.. وأودع قلبك القاسي
وقلت اقدر في يوم أسلاك.. وأفضي م الهوى كاسي
لقيت روحي في عز جفاك.. بافكر فيك وانا ناسي
غصبت روحي على الهجران.. وانت هواك يجري ف دمي
وفضلت أفكر في النسيان.. لما بقى النسيان همي
لو خطر حبك في بالي.. والا زار طيفك خيالي
حاولت أهرب م الأفكار.. اللي تشعلل نار حبي
وافضلت وانا بالي محتار.. في الحب بين عقلي وقلبي
وكان هجري عشان أنساك.. واودع قلبك القاسي
لقيت روحي في عز جفاك.. بافكر فيك وانا ناسي
صعبان عليّ جفاك.. بعد اللي شفته في حبك
مش قادر انسى رضاك.. أيام ودادك وقربك
لكن اعمل ليه.. وانا قلبي لسه صعبان عليه
صعبان عليه انه اتمنى.. قربك
ونال مراده واتهنى.. بنعيم حبك
ورجعت تسقيه من صدك.. كاس الهجران
وتفوت عليه أيام بعدك.. سهد وحرمان
وقلت أراضيه وأنسي هواك.. وأودع قلبك القاسي
وقلت اقدر في يوم أسلاك.. وأفضي م الهوى كاسي
لقيت روحي في عز جفاك.. بافكر فيك وانا ناسي
ياما حاولت أنساك.. وأنسى ليالي هواك
وأنسى الجمال اللي شفته.. في الوجود وياك
حرمت روحي من كل نسمة.. كانت بتسري بينك وبيني
وحرمت روحي من كل نعمة.. كانت بتحلى وياك ف عيني
وقلت أعيش من غير ذكرى.. تخلي قلبي يحن إليك
ما فضلش عندي ولا فكرة.. غير إني أنسى أفكر فيك
وصبحت بين عقلي وقلبي.. تايه حيران
أقول لروحي من غلبي.. أنسى النسيان
ما دام باهجر عشان أنساك.. وأودع قلبك القاسي
واشوف روحي في عز جفاك.. بافكر فيك وانا ناسي

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

بربسة وزارية

• وزارة الصحة
لا أعرف سبباً يجعل الشيخ محمد العبدالله يقبل بمنصب وزير الصحة الا تضحيته من اجل سمو رئيس مجلس الوزراء، الذي يبدو انه تورط في هذا المنصب فجاء العبدالله لينقذ الموقف..! لان وزارة الصحة هي الوزارة الوحيدة التي لا يمكن ان تجد كويتيا واحدا راضيا عنها مهما جدّ وزيرها واجتهد، مثل زوجة الاعمى تتزين له وما يشوف زينتها! لكن هذا لا يعني ان الامور فيها عال العال، فما حدث لمساعد مدير مركز صباح الاحمد للكلى والمسالك أمر يدل على ان الخلل في الادارة، حيث تقدم عدد من الموظفين بشكوى الى مساعد المدير، واحيلت الشكوى إلى اللجنة المعنية للتحقيق وبدأ التحقيق بشكل جدي، وفجأة ومن دون سابق إنذار أصدر الوكيل قراراً بإلغاء مسمى مساعد مدير من المذكور ونقله الى ديوان الوزارة، وكأن التهمة ثابتة عليه! والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم ينتظر الوكيل حتى نهاية التحقيق حتى يتبين له ان كانت الشكوى كيدية ام حقيقية؟! كان بامكان الوكيل نقل المشكو في حقه الى ديوان الوزارة او ايقافه عن العمل لحين الانتهاء من التحقيق وظهور الحقيقة حتى لا يتدخل في سير التحقيق ان كان هناك شك في ذلك! ماذا سيكون موقف الوكيل ان أثبت التحقيق ان الشكوى كيدية؟ كيف سيرد له اعتباره وسمعته؟! هذا مثال يتكرر كثيرا في وزارات الدولة بسبب ضعف بعض المسؤولين في مواجهة اطراف النزاع، خصوصاً اذا كان احدهم له علاقة بصاحب نفوذ!

• وزارة التربية
قام وزير التربية بإحالة عدد من الوكلاء المساعدين إلى التقاعد، والاحالة امر مشروع للوزير ان كان الهدف منها تجديد الدماء وفقا لمعايير محددة. لكننا فوجئنا ان الثلاثة ما زالت مراسيمهم قائمة وبعضهم بقي له اكثر من ثلاث سنوات لانتهاء مرسومه، وجميعهم لم يتموا اكثر من واحد وثلاثين سنة في الخدمة، بينما الوزير نفسه عيّن وكيلة الوزارة وعمرها تجاوز الستين عاما وخدمتها تجاوزت الثمانية والثلاثين سنة..!! الاغرب ان الاسماء المرشحة للاحلال محل هؤلاء قد تجاوزت خدماتهم الثلاثين سنة ايضا..!!
شكل من اشكال البربسة في وزاراتنا!

• وزارة الإسكان
وهنا حدث ولا حرج عن البربسة..! فجميع مساعدي المدير العام السبعة انتهت مراسيمهم منذ اكثر من عام من دون ان يتم تجديدها، ومع هذا لم يصدر بحقهم اي قرار، فلا هم من غادر ولا هم من تم تثبيته! طبعا هؤلاء السبعة كيف تتوقع منهم ان يمارسوا ادوارهم؟! اكيد من غير نفس ومن غير تحمل اي مسؤولية مستقبلية! ولهذا تجد مشكلة الاسكان تتدحرج الى الاسفل يوما بعد يوم!
الامل في الوزير ان يحسم موضوع تجديد المراسيم او عدم تجديدها، وان يعطي الوكيل بالانابة فرصة يعالج الامور برؤيته الجديدة لعله يجد فيها ما لم يجده في غيره، وبالمناسبة بما اننا نتحدث عن الاسكان اعتقد انه ما دام هناك قانون اسمه الشركات المساهمة فلن تجد مشكلة السكن في الكويت طريقا للحل! وللحديث بقية

• الإدارة العامة للجنسية
عندما تم تعيين مازن الجراح مديرا عاما لهذه الادارة الحساسة شعرت بان الامور ستسوء اكثر، خصوصاً انها ادارة تحتاج الى خبرة كبيرة بالناس ومشاربهم وتحتاج الى سنين طويلة لحسن ادارتها، ولكن ظني لم يكن في محله! فقد أثبت هذا الشاب الصغير انه يملك حسا وطنيا وذكاء مميزا ونظرة ثاقبة للمستقبل تعوض صغر سنه! لقد حدث ان حاورته في بعض القضايا المتعلقة بعمله وادركت انني امام شخص يُعقد عليه الامل في اصلاح ما افسده الدهر..!! اسأل الله ان يكفيه شر الناس وشر التدخلات (من فوق) حتى لا تحوس الادارة وتعرقل الانجاز!

د. أحمد الخطيب

لماذا الآن يا إسرائيل؟

لقد كان لافتاً للنظر كشف إسرائيل عن اتصالات رسمية بينها وبين بعض الأنظمة الخليجية.

هذه العلاقة والاتصالات جارية منذ سنوات عدة، حيث كانت إسرائيل حريصة على جعلها سرية، رغم معلومات تم تداولها من جهات عدة عن هذه الاتصالات، وكذلك عن زيارات للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية لبعض المسؤولين، كانت إسرائيل تحرص على التستر عليها، حتى ان جوازات السفر لا يؤشر عليها. متابعة قراءة لماذا الآن يا إسرائيل؟

حسن العيسى

بدون جنسية بدون ورق

عنونة أوضاع "البدون" القانونية لم تعد مهمة، وسواء اسمتهم الدولة "بالبدون" أو المقيمين بصورة غير قانونية أو غير ذلك من تسميات أرادت بها الدولة تلطيف وتزويق واقعهم اللاإنساني، فإن وضع هؤلاء الكويتيين المحرومين من حق الجنسية في جوهره لا يختلف عن المهاجرين غير المعترف بهم في الدول الأوروبية، في فرنسا يطلق عليهم sans papiers أي الأقليات التي لا تحمل أوراقا ثبوتية، فهم كما يتحدث عنهم الفيلسوف آلان بادو جماعات لا يتم اعتبارهم كـ "أشخاص" في الإدارات القانونية، وبهذا الوصف ليس لهم حقوق الانتخابات ولا الضمانات الاجتماعية، ولا يتم احتسابهم في أي مكان بإدارات الدولة، فهم مجرد أرقام لا ترتب أي آثار قانونية منتجة.
تكرمت الدولة "بحاتميتها" الورقية في الكويت على هؤلاء بتصنيفهم حسب البطاقات الملونة التي تمنحها إدارة صالح الفضالة، حسب موقعهم في الإقامة بالدولة وفي التأهل للجنسية الموعودة في تاريخ هو بعلم الغيب، "فكل حسب لون بطاقته، وكل حسب حلمه بالجنسية"، ويتم أحياناً صرف جوازات سفر خاصة أو وثائق لمغادرة الدولة بصفة وقتية لحالات معينة. لا أعرف على أي أساس يتم صرف مثل هذه الجوازات أو أذونات السفر للعمرة أو الحج مادامت الإدارة بحسب مزاجها الاستبدادي لها أن تنحي جانباً أي أثر ناتج عن منح ذلك الإذن بالسفر أو تلك الوثيقة المتصدق بها على البدون الكويتيين.
هذه الأيام تتجدد قضايا محزنة إنسانيا ومخجلة في الوقت ذاته لاسم الدولة –هذا إذا كانت غطرسة المسؤول الكبير تعرف معنى الخجل بدولة مشايخ البشوت السوداء- ففي أكثر من حالة سافر بعض البدون بتلك الوثائق للسعودية، وحين عودتهم منعوا من الدخول للكويت بحجة أن وثيقة سفرهم منتهية التاريخ! وبالتالي يتم احتجاز هؤلاء في فراغ ما بين الحدود، ويتم تعليقهم إلى أن تصل مسؤول الجوازات تعليمات من وزير الداخلية بمنزلة "صدقة جارية" من سعادته تسمح لهم بالدخول، كي يعودوا من جديد لوضع sans papiers، أو عالم بطاقات الأعراس الحزينة الملونة. السماح بدخول هؤلاء البدون الكويتيين الذين انتهت صلاحية وثائقهم في أيام العمرة للدولة لا يخضع لحكم القانون أو لتريب مؤسساتي، إنما هي سلطة تقديرية للوزير، هي سلطة استثناء من جملة سلطات استثنائية للجهاز التنفيذي، أي سلطة خاصة بالشيوخ، ولا أحد قبلهم ولا أحد بعدهم.
أعرف أنه قبل أربعة أيام، تم منع مواطنين بدون هما الشقيقان فيصل ومنصور العنزي من الدخول للدولة، ولم يشفع لهما نشر صورة والدهما على ظهر دبابة في حرب تحرير الكويت، فالمسألة حسب الفقه العنصري، يحكمها مزاج تقديري وسلطة استثناء لها أن تملأ الأوراق الرسمية كما تشاء، ولها أن ترميها في سلة القمامة كما تشاء، ومن سيحاسب من، وأين القانون العادل في دنيا الأشخاص الرقميين…؟ هذه الكويت صل على النبي.
احمد الصراف

دولة الجسر

يقول صديقنا يوسف ان الكويت اصبح لها رديف أو دولة موازية في الخارج، دولة يعيش فيها، بصفة دائمة او مؤقتة ومتقطعة، الكويتي المقتدر ماديا والمتنفذ سياسيا! فبالرغم من أن الخدمات الصحية العصرية عرفتها الكويت قبل أكثر من مائة عام، عندما جاء أطباء مستشفى الإرسالية الأميركية، وتاليا افتتاح الحكومة للمستشفى الأميري قبل 65 عاما، فإننا فشلنا كدولة وحكومة في أن نحقق شيئا مميزا في المجال الصحي يمكن ان نفتخر به، فلا نزال نتراكض للعلاج في الخارج، زرافات ووحدانا، طلبا لخدمة أفضل، والخلل ليس في الإدارة الصحية ولا الأطباء بقدر ما هو في الإدارة السياسية.
ولو نظرنا للتعليم لوجدنا أن خبراتنا الدراسية لا تقل عن الصحية عمقا، فأول مدرسة عصرية عرفتها كانت قبل اكثر من 100 عام، ومع هذا لا نزال نرسل جيوشا من الطلبة لتلقي العلم في الخارج، بعد ان اقتصرت «إبداعاتنا» التعليمية في الداخل على فصل كلية شريعة الصبيان لتكون في خيطان، وجعل كلية شريعة البنات في كيفان، والتميز في مسابقات حفظ القرآن والتعليم الديني!
ولو نظرنا للاستثمار، الذي كنا يوما ما رواده في المنطقة، لوجدنا أن البيئة الاستثمارية بائسة وطاردة، وهكذا غادرتنا جحافل المستثمرين للعمل في أسواق أخرى.
أما الفرح، الذي غاب عن وجوه كثيرة داخل الوطن، فقد أصبح الكثيرون يبحثون عنه في الخارج، في الوطن الموازي! فلا يكاد يمر اسبوع من دون أن نسمع خبر إقامة حفل زواج فلان في بيروت أو فلتان في إسطنبول أو دبي أو غيرها.
أما التائقون لسماع ومشاهدة الفنون العالمية الراقية، التي اصبحت كاللآلئ النادرة، فليس امامهم غير اوبرا مسقط، وما يقدم من فنون عالمية في صالات عرض فيينا ولندن ونيويورك، وحتى دبي الجميلة.
كل هذا مقبول للبعض، ولكن ما ذنب المواطن غير المقتدر، التائق للفن والمحب لمشاهدة أفضل العروض الفنية، والمشتاق لنسمة حرية، والباحث عن تعليم مميز وعلاج أفضل لابنته أو لأمه العليلة؟ هل عليه القبول بما يترك له من فتات العلم وقشور الصحة، وبسمات باهتة هنا وضحكات خافتة هناك؟
ألا يستحق شعب هذا الوطن، الثري بأمواله والغني بمبدعيه، أن يحصل على أفضل الخدمات في الكون؟ أليس مخجلا أن نرى كل هؤلاء الذين يضعون قدما داخل الكويت وأخرى خارجها؟ ألا نحزن جميعا عندما نرى جسرا لا بداية له ولا نهاية ومن غير منفعة، يقام ويغلق من جانبيه، ولا يحاسب أحد عليه؟ وهل من الإنصاف أن ندفع المواطن، الرقيق الحال، لأن يشعر بأنه أقل من غيره، وأنه مجبر لسماع ترهات البعض من مشرعينا، الذين يريدون أن يحرموه حتى من اقتناء تمثال صغير في بيته، لأن اقتناءه كفر، وكأن كل ما حرم منه وعليه لا يكفي لأنه يدفعه للكفر بكل القيم والمثل!

أحمد الصراف

سامي النصف

العالم الثاني والرابع!

في بداية الخمسينيات تم اختلاق مصطلح العالم الأول الذي أطلق على الولايات المتحدة وكندا ودول غرب اوروبا واستراليا، كما أطلق مصطلح العالم الثاني على دول المعسكر الشرقي الشيوعي، واستخدم مصطلح العالم الثالث ليشمل جميع دول العالم الاخرى وقد حان الوقت بعد 6 عقود وسقوط دول المعسكر الشرقي لاعادة النظر في تلك التقسيمات القديمة الجامدة وخلق تقسيمات مرنة جديدة تعكس حقيقة الاوضاع الاقتصادية والسياسية القائمة في الدول بداية القرن الـ 21.

***

فالعالم الاول الذي تتزعمه الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي يمكن ان يضم له اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وجمهورية التشيك وتخرج منه دول مثل اليونان ولربما اسبانيا والبرتغال اذا لم تنهض سريعا من كبوتها الاقتصادية لتنضم لدول العالم الثاني الذي تتزعمه الصين وروسيا الاتحادية ويشمل دول اوروبا الشرقية «عدا رومانيا وألبانيا اللتين يمكن ضمهما لدول العالم الثالث» وتركيا والبرازيل والارجنتين ودول مجلس التعاون وماليزيا وتايلند وجنوب افريقيا واسرائيل والجمهوريات المنفصلة من الاتحاد السوفييتي سابقا.

***

اما دول العالم الثالث الذي تتزعمه الهند واندونيسيا ويضم الدول العربية وباكستان وايران ونيجيريا ومعظم الدول الافريقية وباقي دول أميركا اللاتينية وبنغلاديش وتبقى دول العالم الرابع الذي يضم الصومال وافغانستان وزمبابوي وبنين وافريقيا الوسطى ومالي وهايتي وتيمور الشرقية وكوريا الشمالية وكوبا واوغندا ورواندا والسودان الشمالي والجنوبي ولاوس ودول اخرى لم يعد واقع حالها يسمح بتصنيفها كدول عالم ثالث كحال دول اخرى في ذلك التصنيف متوثبة ومتطورة وتستعد لدخول العالم الثاني.

***

آخر محطة: (1) يمكن لمنظومات اقتصادية وسياسية وبيئية وحقوقية دولية تابعة للامم المتحدة ان تصدر كل اربع سنوات جداول بالتصنيف الجديد للدول فتصعد البعض وتنزل البعض الآخر فليس من العدل في شيء ان تبقى دول او فرق في دوري المظاليم مهما أبدعت وأنجزت!

(2) ان طبق ذلك المقترح المنطق في يوم ما فسأهدي حقوق ملكيته الفكرية لبلدي ومعه مقترحنا الآخر بأن يختص خبراء من الامم المتحدة بتحديد عجائب الدنيا السبع بدلا من تركها كما هو الحال القائم للتصويت الالكتروني المعتمد على الغلبة العددية لا الاسس العلمية.

احمد الصراف

غازاتنا وغازاتهم

عادة ما لا تتعدى معرفة الشعوب المتخلفة بالغازات إلا بما يقوم أفرادها بإنتاجه ذاتيا، وهذا النوع من الغاز ليس موضوع مقالنا!
لفت موضوع الغاز انتباهي عندما وردتني هدية جميلة من قريب مرفق بها عدة بالونات. فرح الأطفال بها، ولكن ما إن فلتت من ايديهم حتى ارتفعت بسرعة ملحوظة في الهواء، لأنها كانت مملوءة بغاز الهيليوم. وحتى دقائق من كتابة هذا المقال لم أكن أعرف عن الهيليوم helium سوى أنه يستخدم، لخفته، في نفخ بالونات الهواء، وبالبحث تبين، من مقال نشر في «الإندبندنت» البريطانية، أن أمره أعقد من ذلك بكثير، فالهيليوم هو ثاني أخف مادة في الكون، ويصل للغليان عند ادنى درجات الحرارة، وبالتالي يستخدم في بالونات الأفراح والمناطيد، ولكنه غاز يأتي من مصدر نافد، ويتعرض العالم لخطر فقده، وبالتالي تقوم دول عدة بالاحتفاظ بكميات استراتيجية منه، وهذا ما فعلته اميركا في عام 1923. ولكن قانونا صدر عام 1996 الزم الحكومة بيع مخزونها منه بحلول عام 2015، بصرف النظر عن أي كانت أسعاره. وقد حذر خبراء كثيرون من أن المخزون العالمي من غاز الهيليوم سينتهي خلال فترة تتراوح بين 15 و30 عاما، وهذا يعني كارثة لجهات كثيرة جدا، فهو يستخدم في أجهزة الــ MRI والسكانرز الطبية المعقدة، والتي يتم تبريدها بهذا الغاز، بعد تحويله إلى سائل. كما يستخدم في اجهزة مكافحة الإرهاب وفي أجهزة الكشف عن التلوث الإشعاعي، هذا غير مئات ملايين بالونات حفلات الأطفال وغيرها. وينتج الهيليوم إما من عملية الانشطار النووي للشمس، أو من التآكل البطيء لصخور أرضية، وهو المصدر الوحيد لكل مخزون الهيليوم على الأرض، والذي لا يمكن إنتاجه بطريقة صناعية، وبالتالي هو منتج ثانوي مصاحب لإنتاج الغاز الطبيعي، ويتواجد هذا الغاز بشكل رئيسي في حقول الغاز الطبيعية الضخمة في المناطق الجنوبية الغربية من أميركا. وغاز الهيليوم حيوي في عملية تبريد المفاعلات النووية وفي تبريد آلات كشف الأشعة ما فوق الحمراء، وفي محركات اختبار تأثير الرياح على الأجسام الطائرة. كما يستخدم الهيليوم في أجزاء حساسة من الأقمار الاصطناعية ومركبات الفضاء، وتستخدم «ناسا» غاز الهيليوم بكثافة كبيرة جدا في الحد من، أو تطهير الوقود القابل للانفجار الخارج من صواريخها. كما للهيليوم استخدامات حيوية للحصول على وقود نظيف. ولهذا كله تشعر جهات عدة بالقلق من تضاؤل المخزون العالمي منه بشكل مخيف، مع عدم وجود بدائل أخرى، فالمخزون الحالي استغرق تكونه قرابة الخمسة مليارات سنة، وليس بوسع العالم انتظار مدة مماثلة للحصول على المزيد منه. ويعتقد العالم ريتشاردسون أن قانون 1996 والذي يجبر الحكومة الأميركية على بيع مخزونها الاستراتيجي من الهيليوم لتغطية ما صرف على إنتاجه، خطأ استراتيجي قاتل، فقد تأثرت اسعاره سلبا نتيجة عرضه بكميات كبيرة في السوق العالمي. كما أدى هذا العرض الرخيص لسوء استخدامه، وعدم التعامل معه كمادة استراتيجية مهمة! ويعتقد العالم ريتشاردسون أن أسعاره يجب ان تضاعف لعشرين او خمسين مرة، وأن تلزم الجهات التي تستخدمه بكثافة، كوكالة الفضاء «ناسا» بإعادة استخدامه.
والآن هذا عن غازهم، فماذا عن.. غازاتنا؟

أحمد الصراف

سامي النصف

لا تطعنوا جيوشنا بالظهر في يوم انتصارها!

ما يمنع تفتيت وطننا العربي من 40 الى 60 دويلة ولربما أكثر هو وجود جيوش عربية قوية قادرة تحترمها وتجلها وتفخر بها شعوبنا العربية، لذا نطلب من بعض التوجهات السياسية التوقف عن «شيطنة» جيوشنا العربية والحض على كراهيتها والتعامل معها على انها جيوش احتلال اجنبية تجب محاربتها والتحريض على قتل قياداتها وافرادها.

***

قبل اربعين عاما انطلق الجيشان العربيان المصري والسوري في هجوم كاسح استردوا خلاله كرامة الجيوش العربية التي سفحت وسفكت قبل ذلك بست سنوات وقد شاركهم في حرب الكرامة تلك الجيش المغربي والجزائري والعراقي، والجيش الكويتي الذي كان الوحيد الذي لم يكتف بالدعم المالي الذي اقرته قمة الخرطوم 67 بل كان الوحيد كذلك الذي حارب على الجبهتين المصرية والسورية معا.

***

ان النتيجة المنطقية لتدمير جيوشنا العربية كما تسعى لذلك بعض التوجهات السياسية العربية تعني نشر الفوضى وتدمير الاقتصاد وبدء الحروب الاهلية الدائمة «الصوملة» وما ينتج عنها من تفتيت وتشطير وانقسام وخلق «دويلات» على انقاض «الدول» وفتح شهية الامم الأخرى لاحتلال اراضينا، لذا فالوضع الامثل للمعارضة في مصر هو الانخراط في مشروع خارطة الطريق التي ستؤمن قريبا قيام انتخابات رئاسية ونيابية حرة نزيهة تحت اشراف قضائي ودولي بدلا من فرض شروط استحالة مثل اعادة مرسي للكرسي!

***

في سورية، كذلك على قوى المعارضة العاقلة والرشيدة لا المتشددة والمتطرفة والتكفيرية قاطعة الرقاب وسافكة الدماء التي يجب ان تحارب من قبل الجيشين النظامي والحر معا، ان تصل الى اتفاق مع الحكومة ينص على وقف اطلاق فوري للنار وبدء الاعداد لمفاوضات «جنيف 2» الذي يجب ان ينتهي بانتخابات رئاسية ونيابية حرة في سورية العام المقبل تحت اشراف قضائي ودولي وان يتوقف القتال بعد سقوط مائة ألف ضحية خير من ان يتوقف لاحقا بعد سقوط مليون شهيد وارتفاع حساب الدم بين شرائح السوريين مما يمنع بقاءهم ضمن دولة واحدة وتلك كارثة الكوارث التي يصغر امامها ما حدث خلال العامين الماضيين، والنظر للمستقبل خير من التحسر على الماضي.

***

آخر محطة: 1 – التهنئة للشعبين المصري والسوري خاصة ولشعوبنا العربية عامة بمناسبة مرور 40 عاما على حرب اكتوبر 73 المجيدة.

2 – (ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى) هل يجوز ومصر تحتفل بانتصارات 6 اكتوبر ان ينسى دور الرئيس الطيار محمد حسني مبارك فيها وان يتم ظلما وعدوانا نزع الاوسمة والنياشين التي حصل عليها عبر مشاركته في حروب 56 و67 و73 دفاعا عن مصر؟!